الرئيسية > ثقافة وفنون > فنانون يمنيون يتمردون على التقاليد ويستعيدون الفضاء العام

فنانون يمنيون يتمردون على التقاليد ويستعيدون الفضاء العام

فنانون يمنيون يتمردون على التقاليد ويستعيدون الفضاء العام

معرضان فوتوغرافيان الأول في شارع المطاعم وسط العاصمة صنعاء والثاني في حديقة الملكة فيكتوريا في محافظة عدن ( جنوب). معرضان متباعدان في المكان والموضوع لكنهما يلتقيان في اتخاذ المكان العام فضاء للعرض والتواصل مع الجمهور، فمنذ اندلاع ثورات الربيع العربي برز فنانون شباب يتسم نشاطهم بالتمرد على التقاليد الفنية وبالنزوع إلى كسر التابوات.


وتعد ساحات الاحتجاج التي تشكلت في 2011 للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح النواة الأبرز في بلورة وعي جديد عكس نفسه على مختلف النشاطات الاجتماعية والثقافية. ومنذ ذلك الحين شهدت النشاطات الفنية، تحولاً جذرياً في الأساليب وطرق العرض خصوصاً لجهة التحرر من شرنقة النخبوية والصالات المغلقة والانفتاح على الشارع وجمهور الناس العاديين.

 

ونظم المصور الفوتوغرافي الشاب رحمان طه معرضاً في شارع المطاعم وسط صنعاء وهي ساحة شعبية للقاء الأصدقاء وشرب الشاي والقهوة. المعرض الذي جاء بعنوان «شاهي بمذاق الدهشة» ضم 15 صورة دارت كلها حول طقوس شرب الشاي في المكان نفسه.

 

واللافت في العروض الفنية الشبابية خروجها على الأنماط التقليدية ومحاولتها كسر التابوات. ويقول طه لـ «الحياة» إن ثورات الربيع العربي أعادت اكتشاف الفضاءات العامة وأبرزت الدور المهم الذي تلعبه هذه الفضاءات، مؤكداً وجود تأثير غير مباشر لثورات الربيع العربي في جيل الشباب.

 

وخلال السنوات القليلة الماضية قدّم فنانون شباب عروضاً موسيقية وراقصة في الشوارع والساحات مثل «باب اليمن»، إحدى أكثر الساحات الشعبية ازدحاماً، اضافة الى 20 عرضاً سينمائياً نظمتها مؤسسة «صوت للتنمية والثقافة» في «كوفي شوب» في صنعاء، بمعدل عرض واحد في الأسبوع. وكان عام 2012 شهد انطلاق فن الغرافيتي على يد الرسام الشاب مراد سبيع.

 

وعلى رغم اجواء الحرب الأهلية التي تشهدها البلاد والقبضة الشمولية التقليدية التي تفرضها ميليشيا الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الانقلابية فإن هذا لم يمنع شباناً يمنيين كثراً من التعبير عن تطلعهم للحرية.

 

وكان المكان العام موضوعاً لمحظورات سلطوية واجتماعية، فالسلطة الحاكمة ترى في التجمع خطراً عليها، فيما تنظر الثقافة الاجتماعية التراتبية الى الشارع والمقهى بوصفهما مكاناً مرذولاً. وبدا أن هذا التصــــور التقليدي سيطر على اجيال من الفنـــانين الذين لجأ بعضهم الى المراكز الثقافية الأجنبية لعرض اعمالهم بسبب عدم توافر الصالات المناسبة، وفق قولهم.

 

وعلى عكس ذلك «لا يطيق الفنانون الشباب العروض النخبوية ويشعرون بأن عرض أعمالهم في صالات مغلقة لن يصل إلى الناس»، وفق قول طه الذي أرجع عرضاً صوّره في الشارع إلى كون «الشارع مكاناً للتعلم والاكتشاف وعروضه أكثر تأثيراً في الجمهور».

 

وتتهم النخب الفنية بالتقوقع والتعالي عن جمهور الناس العاديين. فالنخبة وفق طه «مجموعة أشخاص لهم الاهتمامات نفسها، تعرض وتكتب وتنتقد أعمال بعضها بعضاً».

 

وتوصف ثورات الربيع العربي بأنها ثورة صورة بامتياز، وهي حوّلت الساحات مراسم مفتوحة ومنصّات حرة للغناء والرقص. كما كانت موضوعاً للتصوير التلفزيوني والفوتوغرافي الذي تحوّل إلى ممارسة يومية لشبان الساحات الذين راحوا يوثّقون بالصورة والصوت نشاطاتهم الاحتجاجية السلمية ونظّموا معارض مفتوحة جسّدت صمودهم وتضحياتهم.

 

وفي مقابل الطابع المجرّد والمحافظ لنشاطات النخبة الفنية، يشتغل الفنانون الشباب على الجزئي والمعاش وما هو غفلٌ وعاديٌّ ومسكوتٌ عنه ويبدون انفتاحاً وتسامحاً مع الآخر المختلف عنهم.

 

وينظر إلى معرض «التواهي بين الماضي والحاضر» الذي نظّم في حديقة الملكة فيكتوريا في مديرية التواهي محافظة عدن باعتباره محاولة لكسر التابو السياسي والإيديولوجي على المكان الذي ظلّ يعدّ رمزاً استعمارياً إلى درجة أن تمثال الملكة فيكتوريا الذي يتوسط الحديقة بقي لأكثر من 3 عقود ممنوعاً من العرض ولم يعد إلى مكانه سوى في 2002 عقب التحوّلات التي شهدها النظام الاشتراكي على المستوى العالمي.

 

ويؤكد الكاتب والناشط الشبابي عاد نعمان لـ «الحياة «وجود تحول في نظرة وأساليب الفنانين الشباب إزاء المكان العام. ويقول إنه وباستثناء الجماعات الإسلامية المتطرّفة التي تستهدف بالتدمير المعالم التاريخية لمدينة عدن يبدي الشباب تسامحاً أكبر مع الآخر ومع الماضي ورموزه.

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)