الرئيسية > تحقيقات وحوارات > قابلة المكلا

قابلة المكلا

قابلة المكلا

انتصار سعيد بامومين، اسم معروف هنا في منطقة الروقيب في مدينة المكلا التي تقع على الميناء، حيث تراها تجوب الشوارع حاملة حقيبتها الطبية المميزة.

 

السيدة بامومين قابلة تهرع دائما لمساعدة الأطفال والنساء، حيث أنقذت هذه المرأة وحقيبتها عددا لا يحصى من الأرواح في هذه المنطقة الصغيرة في جنوب شرق اليمن.

 

ربع قرن من التواصل مع المجتمع المحلي

 تقدم القابلة بامومين خدماتها التي تشمل توفير اللقاحات ورعاية ما بعد الولادة وتثقيف النساء بكيفية تأمين الرعاية الصحية للأطفال ووقايتهم من الأمراض منذ 25 عاما.

وفي منزلها، تجدها ترعى أبناءها الثلاثة، إضافة إلى ستة أطفال أنجبهم زوجها من زوجته الأولى الراحلة. تعمل السيدة بامومين من الساعة 8 صباحا وحتى 1 ظهرا في مركز الروقيب الطبي، وفي الأوقات التي يكون فيها المركز مزدحما، في أوقات حملات التلقيح أو انتشار أمراض معينة كحمى الضنك على سبيل المثال، فتعمل هناك حتى الساعة 6 بعد الظهر. بني المركز في ستينات القرن الماضي، ولكن انتصار تعمل هناك منذ 6 سنوات. وتتضمن الخدمات التي يقدمها المركز: التنظيم الأسري، رعاية ما قبل وبعد الولادة، الفحوصات المخبرية، التلقيح، وصور الأشعة.

وإضافة لساعات عملها المنتظمة في العيادة، تتجول بامومين بين المنازل حاملة حقيبتها لزيارة النساء الحوامل، وتسارع لمساعدة النساء في حالات الولادة في منتصف الليل عندما لا يكون الوصول للطبيب ممكنا، حيث تقول مبتسمة: "أجيب أي نداء للمساعدة، بغض النظر عن الوقت أو صاحب النداء".

 

بطلة في مجال التلقيح

في حملات التلقيح الخارجية، تعتبر القابلة بامومين بطلة التلقيح، فهي تشارك على سبيل المثال في حملات التلقيح المستمرة، التي ساهمت اليونيسف في تنظيمها، ضد شلل الأطفال، والحصبة والحصبة الألمانية، حيث تقول: أٌلقح حوالي 375 طفل خلال هذه الحملات كل يوم". وعند سؤالها عن اختلاف أيام حملات التلقيح عن الأيام العادية، تقول: "ألقح في الأيام العادية حوالي 40 طفلا يأتون للمركز أيام الاثنين والجمعة".

وللتأكد من أن جميع الأطفال يحصلون على اللقاحات اللازمة، تتحدث بامومين عن أهمية التحصين بالنسبة للنساء الحوامل. فهي تعمل على التوعية بأهمية اللقاحات في غرفة مليئة بالأمهات – وكذلك وقت الولادة في بعض الأحيان. حيث توضح قائلة: "بمجرد ولادة الطفل أقوم بزيارة أمه للاطمئنان على صحتها وصحة المولود. وفي العادة ما أجد النساء مجتمعات في نفس الغرفة، لذا أنتهز الفرصة لأحدثهن عن اللقاحات والرعاية الصحية قبل الولادة، وأعراض بعض الأمراض كحمى الضنك".

وهي تؤمن أن هذه الحملات عندما تصحبها ورشات العمل والملصقات تحقق نتائج عظيمة، فلقد ازدادت أعداد الرجاء والنساء الذين يأتون للمركز من أجل اللقاح والحصول على معلومات حول الوقاية من الأمراض. حيث تقول: "خلال الأيام الأولى من هذه الحملة، قمنا بتلقيح حوالي 70% من أطفال الفئة المستهدفة".

 

جلب الرعاية للمنزل

في نيسان من سنة 2015، تصاعد النزاع في المكلا، وتم إغلاق معظم العنابر النسائية في المستشفيات، ولذا لجأت النساء الحوامل من الروقيب والمناطق المحيطة للقابلة من أجل الحصول على المساعدة. وهي تؤدي عملها على أحسن ما يكون، حيث تقول: "كنت في بعض الأحيان أستقبل الحالات في منزلي، وأتابع وضعها بعد عودتها للمنزل".

 حيانا تتعاظم المشاكل أمام أشخاص كالقابلة بامومين، ولكنها تقوم بكل ما بوسعها لتؤدي عملها. فخلال الشهور الأخيرة الماضية، اجتاحت موجة من حمى الضنك المكلا والمناطق المحيطة بها، بعد إعصار ضرب البلاد في شهر تشرين الثاني الماضي. فتقول: "زودتنا الجمعيات الخيرية والسلطات المحلية ببعض الأدوية لعلاج حمى الضنك، ولكنها نفذت بسرعة، بسبب الارتفاع السريع في عدد الحالات". ويزيد النقص في اللوازم من صعوبة توفير الدعم للأعداد المتزايدة من المرضى الذين يحتاجون للحصول على الدواء فورا.

 وبالتأكيد فإن محاربة الأمراض في أوقات النزاع كما في أوقات السلام، تحتاج لترسانة من الأدوية، إضافة للتمويل والنقل، والتي أصبح الحصول عليها بالنسبة للفاعلين الاجتماعيين، كالقابلة بامومين، أمرا في غاية الصعوبة. ولكن بالنسبة لأهل المكلا، فإن السيدة بامومين هي استجابة من السماء لدعواتهم، فهي تتواصل مع المجتمع المحلي بطريقة فريدة من نوعها، حيث تباشر نشاطها كل صباح حاملة حقيبتها التي تستخدمها لتحقيق المعجزات.

 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
شريط الأخبار