الرئيسية > عيون الصحافة > أطفال اليمن يشتاقون إلى اللعب والمدرسة

أطفال اليمن يشتاقون إلى اللعب والمدرسة

	 أطفال اليمن يشتاقون إلى اللعب والمدرسة

أتمنى أن تنتهي هذه الحرب كي أعود إلى اللعب مجددا مع أصدقائي، وأتمكن من مواصلة دراستي لأحقق أمنيتي بأن أصبح طبيبا مشهورا في المستقبل”، هكذا يلخص الطفل أيمن محمد أمنياته بعد اندلاع الصراع في اليمن بين مسلحي جماعة الحوثي، مسنودين بالقوات العسكرية الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، والمقاومة الشعبية الموالية للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي.

ومع دخول الصراع العام الثاني، يعتبر الأطفال في العديد من مناطق الصراع أكثر المتضررين، حيث يعانون من أضرار نفسية وتعليمية وصحية جراء الدمار الذي يلحق بالبنية التحتية.

انقلبت حياة أيمن، صاحب الإثني عشر ربيعا، رأسا على عقب منذ بدء الصراع في نهاية مارس من العام الماضي، حيث اضطر للنزوح مع أسرته من مدينة تعز، التي تشهد اشتباكات مسلحة عنيفة، إلى العاصمة صنعاء الهادئة نسبيا.

منذ قدومه إلى صنعاء، توقف أيمن عن الدراسة ليتحمل مسؤولية أسرته المكونة من ثلاثة أشقاء أصغر منه إلى جانب والديه، واتجه للعمل بميزانه الصغير الذي يكسب منه قوت يومه.

ويقول أيمن “توقف والدي عن العمل بعد أن تم إغلاق المصنع الذي كان يعمل فيه جراء الحرب، وهو الآن متعب ولم يعد قادرا على العمل، لذلك تركت دراستي أنا وإخوتي وبدأت أعمل برفقة شقيقي الأصغر بهذا الميزان الذي يقيس وزن الأشخاص لنحصل على ما يسد جوعنا”.

طالما تمنى أيمن أن يصبح طبيبا في المستقبل كي يداوي وجع كل الأطفال، حسب قوله، ويضيف “أنا أكره الحرب لأنها تسببت في مقتل وإصابة الكثير من أصدقائي في مدينة تعز التي أتوق إلى العودة إليها كثيرا”.

وإلى جانب أيمن، هناك الآلاف من الأطفال الذين حُرموا من حقوق الطفولة بسبب الصراع، وأهمها الأمان والتعليم، ولم يعد هناك أي مكان آمن لهم، فقد أصبحت حياتهم محفوفة بالمخاطر.

وفاء علي، البالغة من العمر 8 سنوات، نزحت هي الأخرى مع أسرتها إلى العاصمة صنعاء بعد اشتداد المعارك في مدينة تعز بين مسلحي الحوثي وعلي عبدالله صالح من جهة، والمقاومة الشعبية من جهة أخرى، وتعرض منزلهم في تعز للدمار.

مكثت وفاء وأفراد أسرتها لدى بعض أقاربهم في صنعاء، ولكنهم لم يجدوا الراحة هناك فقرروا الانتقال إلى منزل صغير مكون من غرفة واحدة وحمام في منطقة حزيز.

وتقول والدة وفاء “حُرم أطفالي من التعليم والعيش الكريم بسبب الصراع في اليمن. بعت مجوهراتي حتى أستطيع تأمين مبلغ السفر من تعز إلى صنعاء، وحاليا لجأت إلى صناعة البخور وبيعه كي أحصل على بعض المال لأشتري الطعام لأطفالي. كنا آمنين في منزلنا وها نحن اليوم نواجه الجوع، وأصبح الموت يلاحق الصغار قبل الكبار”.

وتشير التقارير إلى أن الأطفال هم أكثر الفئات تضررا من الحرب الجارية في اليمن. وبحسب تقرير صادر عن منظمة اليونسيف في مارس من العام الجاري، ازدادت حدة النزاع في معظم أنحاء اليمن، ونتيجة لذلك يواجه عشرة ملايين طفل عاما آخر من الخوف والألم والحرمان، فيما يحتاج حوالي 9.9 مليون طفل إلى مساعدات إنسانية.

وأشار التقرير إلى أن “العنف أجبر الناس على الفرار، والذي يكون أحيانا بين ليلة وضحاها، مما أدى إلى حدوث ارتفاع كبير في مستويات النزوح من 334 ألفا في نهاية عام 2014 إلى 2.4 مليون في فبراير 2016، نصفهم من الأطفال. ويعيش غالبية النازحين في مجتمعات مضيفة تعاني أعباء كبيرة، أو يتشاركون المنازل مع أقاربهم أو يعيشون في المباني العامة أو خيم مؤقتة في العراء”.

تضرر البنية التحتية لقطاع التعليم

لم تقتصر أضرار الصراع المسلح الدائر في اليمن على مقتل وإصابة ونزوح الأطفال فقط، بل امتدت لتحرم هؤلاء الأطفال من حقهم في التعليم جراء تدمير المئات من المدارس التي يتلقى فيها هؤلاء الأطفال تعليمهم في كافة أنحاء اليمن.

ويقول عبدالله الوزير، نائب مدير التربية والتعليم بأمانة العاصمة صنعاء، إن حوالي 1600 مدرسة على مستوى الجمهورية اليمنية تعرضت للتدمير.

ويضيف الوزير “هناك أطفال خارج المدارس، وأطفال تمت إعادتهم إلى المدارس في مناطق بعيدة عن منازلهم بسبب النزوح. هناك أطفال حُرموا من الالتحاق بالمدارس نظرا لاستمرار الصراع وتدمير المدارس كليا، إضافة إلى الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب اليمني بسبب الصراع″.

وأشار إلى أن وزارة التربية والتعليم، بالشراكة مع المنظمات العالمية العاملة في مجال التعليم، تنفذ برامج طارئة خلال الحروب تعتمد على الموارد المتاحة، إلى جانب برامج الدعم النفسي للأطفال والتي تنفذ داخل المدارس.

عبدالله نعمان (13 عاما) يقول إن الأطفال يذهبون إلى المدارس رغم استمرار الصراع، وعندما يسمعون أصوات تحليق الطائرات والانفجارات يختبئون تحت الطاولات.

ويضيف “عندما يسألوني ماذا تريد أن تصبح في المستقبل، أستغرب عن أي مستقبل يسألون!! نحن الأطفال نطلب من الجميع إيقاف الحرب في اليمن ليكون لنا مستقبل نحلم به”.

انعدام الرعاية الصحية

إلى جانب كونهم عرضة للقتل والإصابة بشكل مستمر، يعاني أطفال اليمن من انعدام الرعاية الصحية اللازمة، في ظل الدمار الواسع الذي تعرض له القطاع الصحي في البلاد.

في مستشفى الجمهوري بمحافظة صعدة شمال اليمن، يقبع العشرات من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد جراء الصراع المسلح في البلاد.

تجلس أم صالح علي بجانب طفلتها البالغة من العمر 5 سنوات، والتي تعاني من سوء التغذية بسبب نقص الغذاء.

وتقول “طفلتي تواجه الموت بسبب نقص الغذاء جراء الصراع المسلح والحصار الذي فرضته قوات التحالف العربي على اليمن، وعلى مدينة صعدة بالتحديد. ما ذنب هؤلاء الأطفال؟”.

وتضيف “منذ بدء الحرب التي افتعلها الحوثيون وعلي عبدالله صالح فرض علينا الحصار وساءت أحوالنا. لا نملك غذاء، أو ماء، أو حليبا، أو خدمات صحية. لا يوجد شيء هنا إلا الموت”.

واستنادا إلى تقرير اليونسيف، أصبح 14.1 مليون شخص، منهم 7.4 مليون طفل، بحاجة إلى الرعاية الصحية جراء احتدام النزاع في اليمن، وتوقف ما يقارب 6 آلاف مرفق صحي عن العمل بسبب التدمير، وقلة التجهيزات، وانعدام الكهرباء والوقود ونقص الكوادر الطبية.

وبحسب تقديرات اليونسيف، لقي 10 آلاف طفل دون سن الخامسة حتفهم في السنة الماضية بسبب أمراض يمكن الوقاية منها ومعالجتها مثل الإسهال والالتهابات الرئوية، إضافة إلى أن “2.5 مليون طفل يواجهون خطر الإصابة بالإسهال وأكثر من 320 ألفا يواجهون خطر الإصابة بسوء التغذية الحاد، هذا بالإضافة إلى أن 1.3 مليون يواجهون خطر الإصابة بالتهابات القصبة الهوائية، إلى جانب 2.6 مليون تحت سن الـ15 يواجهون خطر الإصابة بالحصبة”.

ويقول الدكتور عبدالناصر الرباعي، مسؤول التحصين في منظمة الصحة العالمية، “انتشرت أمراض الحصبة والسعال الديكي والكزاز والحمى الشوكية وشلل الأطفال والالتهاب الرئوي والإسهال الفيروسي خلال مدة الحرب بسبب الصعوبات التي تواجهنا ومنع فرق التحصين من الوصول إلى الأطفال المحتاجين للقاح، خاصة في الأماكن التي تدور فيها النزاعات”.

ويشير الرباعي إلى أنه في حال استمرار النزاع المسلح، ستتوسع أمراض سوء التغذية بشكل أكبر بين الأطفال جراء الحصار.

ومن جانبه قال محمد الأسعدي، المسؤول الإعلامي في منظمة اليونسيف “هناك 200 ألف طفل تحت سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد والوخيم”.

ويضيف أن “استمرار النزاع المسلح في اليمن، سيزيد من تدهور المنظومة الصحية التي ستعرض الأطفال للكثير من الأمراض، كما قد لا يمكن استمرار النزاع من الوصول إلى تطعيم الأطفال مما يعرضهم للمزيد من المخاطر وسيحرم المزيد من الأطفال من التعليم ويعرض الأسر والأطفال للنزوح بشكل أكبر، وأيضا سيكلف الدولة ثمنا باهظا لسنوات قادمة لن تستطيع تحمله لوحدها”.

ويشير الأسعدي إلى أنه ينبغي أن تتوقف هذه الحرب وينبغي القيام بالتدخلات التنموية لإخراج اليمن إلى مرحلة أفضل يتمكن فيها أطفال اليمن من الحصول على الخدمات الأساسية.

تأثيرات نفسية

تخلف الحروب والصراعات آثارا نفسية عميقة على الأطفال في اليمن جراء تعرض أقاربهم للقتل أو للإصابة، إضافة إلى معايشتهم للقصف والمواجهات المسلحة بشكل يومي، ففقدت الطفلة علياء المطري (11 سنة) أحد ساقيها في صنعاء العام الماضي.

تقول والدة علياء “حتى اليوم لم أتجاوز أنا وابنتي هذه الصدمة، ولكن أحاول دائما إخفاء حزني أمامها، خصوصا وأنها لم تتأقلم بعد مع وضعها الجديد بساق واحدة. نفسيتها أصبحت سيئة لا تتقبل أي شيء ولا تريد اللعب أو الالتحاق بالمدرسة، كما أنها أصبحت تخاف بشدة وتنخرط في موجة بكاء في كل مرة”.

المطري هي واحدة من بين ما يقارب 1.356 طفلا أصيبوا جراء النزاع المسلح، إضافة إلى مقتل 934 آخرين، بحسب تقرير اليونسيف.

أماني القادري، أخصائية نفسية واجتماعية، تقول “إن الصدمات النفسية التي يتعرض لها الأطفال نتيجة الصراعات والحروب تكون قاسية جدا وأكثر رسوخا في الذاكرة، وكلما تكررت الصدمات على الأطفال كلما كانت أكثر حدة وتأثيرا”.

وتشير إلى أن الأطفال في اليمن عانوا نفسيا جراء النزاع المسلح خلال العام الماضي والذي لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا، مضيفة “من بين أسباب المشكلات النفسية، الإصابات والجروح، والإعاقة الكلية والجزئية والدائمة، إلى جانب التجنيد والمشاركة في الحروب، ولا ننسى الجوع والنزوح”. وترى القادري أن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال في هذا الوقت يلعب دورا أساسيا في مساعدة الطفل على اجتياز هذه الازمات.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
شريط الأخبار