الرئيسية > اخبار وتقارير > اليمن يتشّح بالسواد على ضحايا صالة العزاء في صنعاء والغموض يكتنف مرتكبيها

اليمن يتشّح بالسواد على ضحايا صالة العزاء في صنعاء والغموض يكتنف مرتكبيها

 أكدت العديد من المصادر أن الحزن خيّم على اليمن عموما وتوشّح السواد بشكل غير مسبوق منذ عدة عقود، إثر سقوط مئات الضحايا بين قتيل وجريح من نخبة المجتمع بشكل صادم، في مجزرة قصف القاعة الكبرى بصنعاء مساء السبت التي كانت تحتضن مراسم عزاء لآل الرويشان. 
وقال سياسيون يمنيون لـ(القدس العربي) «ان عملية القصف التي طالت مراسم العزاء في القاعة الكبري بصنعاء، لم يكن حدثا عاديا، فقد روّع المجتمع اليمني عموما، وأدانه المجتمع الدولي بشدة، ولم يحظ أي حدث بالاهتمام الانساني والتفاعل السياسي من كافة الأطراف في اليمن مثلما حظي به هذا الحدث المؤلم والصادم».
وأوضحوا أن «اليمنيين قد يختلفوا على إجندات سياسية لكنهم يجتمعوا على القضايا الإنسانية ولذا كان حضور مراسم العزاء في القاعة الكبرى من كل الأطراف والأطياف السياسية اليمنية، جمعهم عمل إنساني اجتماعي، وبالتالي حظيت عملية قصف القاعة الكبرى بردود فعل غاضبة من كافة الأطراف المتحاربة والتي جزم الجميع بأنه ليس لأحدهم مصلحة في ارتكاب مثل هذه الجريمة التي اهتز لها المجتمع اليمني برمته».
ووجهت جماعة الحوثي الانقلابية التهمة مباشرة نحو قوات التحالف العربي بارتكاب هذه المجزرة في حق مدنيين وقالت انه سقط جراءها نحو 140 قتيلا وأكثر من 500 جريح، إصابة بعضهم خطيرة، بينهم مسؤولون سياسيون وقادة عسكريون وأمنيون موالون لجماعة الحوثي والرئيس السابق علي صالح، غير أن قوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية نفت توجيه أي غارة جوية على منطقة مجلس العزاء بصنعاء وطالبت بتحقيق عاجل وشفاف.
وأكدت قيادة قوات التحالف في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية أن لدى قواتها تعليمات واضحة وصريحة بعدم استهداف المواقع المدنية وبذل كافة ما يمكن بذله من جهد لتجنيب المدنيين المخاطر. 
وقالت «سوف يتم إجراء تحقيق بشكل فوري من قيادة قوات التحالف وبمشاركة خبراء من الولايات المتحدة الأمريكية والذين تم الاستعانة بهم في تحقيقات سابقة وسوف يتم تزويد فريق التحقيق بما لدى قوات التحالف من بيانات ومعلومات تتعلق بالعمليات العسكرية المنفذة في ذلك اليوم وفي منطقة الحادث والمناطق المحيطة بها، وستعلن النتائج فور انتهاء التحقيق».
الى ذلك طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإجراء «تحقيق سريع ومستقل» في هذه العملية التي استهدفت مراسم العزاء في صنعاء. وقال في بيان رسمي نشره مكتبه أمس الأحد «ان الأمين العام للأمم المتحدة يدين الهجوم على القاعة»، حيث كانت تجري مراسم العزاء. مشددا على أن «أي هجوم متعمد ضد المدنيين غير مقبول إطلاقا». 
من جانبه طالب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد بضرورة بانهاء الحرب في اليمن في أسرع وقت ممكن، وذلك على خلفية قصف صالة عزاء آل الرويشان في القاعة الكبرى بالعاصمة صنعاء.
وعلى الصعيد المحلي المناهض للانقلابيين، أدان وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي عملية استهداف قاعة مجلس العزاء في صنعاء ووصفها بـ»الجريمة»، لأول مرة منذ اندلاع الحرب بين القوات الحكومية وميليشيا الانقلابيين مطلع العام 2015.
وقال وزير الخارجية، في تغريدة له في صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) إن «جريمة القاعة الكبرى بصنعاء مدانة مثل جرائم قتل المدنيين في كل اليمن. الحل الحقيقي لمآسي الحرب هو السلام الذي يجب أن نعمل من أجله ونسعى إليه».
وبعث نائب رئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن الأحمر برقية عزاء للرئيس عبدربه منصور هادي وأسر وأقارب ضحايا حادثة الصالة الكبرى بصنعاء.
وقال «ببالغ الأسى والحزن تلقينا نبأ استشهاد عدد من أتباع وأنصار الشرعية في حادثة الصالة الكبرى في صنعاء، ونحن إذ نترحم على أرواحهم لنعزي أنفسنا ونعزي أسر وأقارب الضحايا فردا فردا. كما نعزي فخامة رئيس الجمهورية على فقدان كوكبة من أتباع الشرعية والمؤتمر في تلك الحادثة».
وفي ذات الوقت أعلن حزب التجمع اليمني للإصلاح إدانته لحادثة قاعة مجلس العزاء في صنعاء وقال في بيان رسمي «إذ يستنكر الاصلاح تلك الحادثة الإجرامية ويدينها بأشد العبارات، يقدم خالص العزاء والمواساة لأسر الضحايا ويتمنى الشفاء العاجل للجرحى».
وطالب حزب الإصلاح المناهض لجماعة الحوثي المسلحة بـ»إجراء تحقيق شفاف وعاجل للكشف عن مرتكبي الجريمة وإعلان ذلك للرأي العام ومحاكمة مرتكبيها». 
وعلمت (القدس العربي) من شهود عيان أن هذه الحادثة خلّفت خرابا كبيرا في القاعة الكبرى في صنعاء، بل ودمّرتها بالكامل وحوّلتها إلى ركام، لكنهم أكدوا أنهم لم يشاهدوا أي حفر في الأرض، كتلك التي تخلّفها غالبا الصواريخ الجوية.
وذكروا أن «الدمار الذي حلّ بالقاعة الكبرى كان كبيرا جدا، ودائرة الخراب الذي خلّفه واسعة للغاية». 
وفي ظل هذا الغموض أعرب خبير عسكري لـ(القدس العربي) عن مخاوفه من احتمال تدخّل طرف ثالث وصفه بـ(الأيادي الخفية) في قصف قاعة العزاء بصنعاء، ليسهم في خلط الأوراق لإعاقة التسوية السياسية، لكي يدخل اليمن منعطفا خطيرا ودوّامة جديدة من الصراع، أعنف من كل ما سبق من موجات العنف والحرب خلال العامين المنصرمين، بدوافع العنف والعنف المضاد. 
واستشهدوا بالصواريخ الباليستية التي أطلقها الانقلابيون الحوثيون وأتباع الرئيس السابق علي صالح أمس على مراسم التشييع الرسمي والشعبي في محافظة مأرب للقائد العسكري البارز في القوات الحكومية اللواء الركن عبدالرب الشدادي الذي حضر مراسم تشييعه عشرات الآلاف، والتي اعترضتها بطاريات الباتريوت التابعة لقوات التحالف العربي.
وقالوا «تصور لو كانت هذه الصواريخ الباليستية نجحت في تحقيق أهدافها والانفجار في مراسم التشييع لكان عدد الضحايا أكثر بكثير من ضحايا قصف مجلس العزاء في العاصمة صنعاء ولتوشّح اليمن بالسواد من جديد في مأرب وفي عموم اليمن بعد الليلة السوداء في صنعاء، خاصة وأنه كان في مقدمة المشيعين للواء الشدادي نائب رئيس الجمهورية وكبار القادة العسكريين والعديد من الوزراء وكبار المسؤوليين المدنيين في السلطة الشرعية المعترف بها دوليا.
وكانت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الحكومية قالت ان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن نقل للجانب الحكومي موافقة الميليشيا الانقلابية (الحوثي/صالح) لمتطلبات وقف إطلاق النار بتواجد ممثليهم في لجنة التهدئة والتواصل في ظهران الجنوب (السعودية) والالتزام بإدخال المساعدات إلى تعز، وهي المرحلة التي تسعى الأمم المتحدة إلى تحقيقها تمهيدا لاستئناف مباحثات السلام اليمنية. 
وأضافت انه في المقابل «طالب الوفد الحكومي بتوفير الضمانات اللازمة لعدم خرق الهدنة من قبل الانقلابيين وتفعيل لجنة التهدئة والتنسيق ومباشرة اجتماعاتها في ظهران الجنوب كما اتفق عليه وفتح الممرات الإنسانية إلى مدينة تعز المحاصرة من خلال اتفاق مكتوب وخطوات محددة متفق عليها مسبقا لضمان وقف إطلاق النار في اقرب وقت وتجنيب اليمنيين ويلات الحرب».

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)