الرئيسية > اخبار وتقارير > من حلب الشرقية.. لقطات لن "تهز الضمير العالمي"

من حلب الشرقية.. لقطات لن "تهز الضمير العالمي"

قبل أكثر من أربعة عقود، هزت صورة لمجموعة من الأطفال، بينهم طفلة عارية، أحرقت قنابل النابالم الأميركية أجسادهم، الضمير العالمي وكانت أحد أسباب إنهاء "حرب فيتنام"، أما في سوريا فاللقطات المروعة تتوالى يوميا منذ سنوات وسط عجز دولي مريب.
ويبدو أن العالم بأسره قد اعتاد على صور قتل الأطفال والنساء والمسنين والشباب التي ترد يوميا من سوريا ولاسيما حلب، وتنشرها مختلف وسائل الإعلام، فيقتصر رد بعض القوى والمنظمات الدولية على عبارات الإدانة والاستنكار في حين يتفادى الإنسان العادي مشاهدتها.

ومنذ أشهر عدة باتت الأحياء الشرقية في مدينة حلب شمالي سوريا محط أنظار العالم، فالمنطقة التي تسيطر عليها المعارضة منذ 2012 ويقطنها نحو 250 ألف مدني تخضع لحصار خانق من قوات النظام وحلفائه وتتعرض يوميا لقصف وغارات جوية.

والقصف المدفعي والضربات الجوية التي شاركت فيها روسيا، حليفة الرئيس السوري بشار الأسد إلى جانب النظام الإيراني، تسببت في سقوط مئات القتلى بين المدنيين، ومعظم "عمليات القتل" وثقتها عدسات ناشطين ونقلتها إلى الخارج، إلا أن تأثيرها كان محدودا بعكس "صورة طفلة فيتنام".

فآلاف اللقطات القاسية للقتلى وأشلاء الأطفال وحتى للرضع الذين ينتشلهم الدفاع المدني وهم أحياء من تحت الأنقاض، لم تفلح في وقف حمام الدم، الأمر الذي شجع القوات الحكومية في الأيام القليلة الماضية على تصعيد عمليات القصف في محاولة للقضاء نهائيا على صمود "حلب الشرقية".

وأمس الأربعاء، خرجت إلى العالم، من حلب الشرقية، مجموعة جديدة من الصور الصادمة تجسد مأساة ضحايا عنف القوات الحكومية، أبرزها لفتى مراهق يجلس بجوار جثتي أمه وشقيقته بعدما حصد القصف أروحاهما حين كانت العائلة تحاول الفرار إلى القسم الغربي من المدينة.

وفي الفيديو، الذي التقطه ناشطون ونشرته وكالات الأنباء العالمية، صور قاسية لأشلاء الضحايا الذين سقطوا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان والدفاع المدني، في قصف "لقوات النظام" على جب القبة شرقي حلب، استهدف مجموعة من النازحين.

واللقطات رصدت جثثا في الشارع وسط برك من الدماء و"شنط النزوح"، والفتى الذي بدت عليه الصدمة وهو ينظر إلى من كان قبل لحظات ينبض بالحياة ويسعى إلى الانتقال إلى بر الأمان، قبل أن يسقط بقذائف الجهة التي تقول إنها مستعدة لتأمين ممرات آمنة للمدنيين.

بيد أن "الممرات الآمنة" ليست إلا فخا، حسب شهادة أحد أعضاء الدفاع المدني من موقع "المجزرة، الذي قال أمام عدسة الكاميرا "صباح اليوم 30-11-2016 قام النظام باستهداف مجموعة من النازحين اللي كانوا بينزحوا من الأحياء الشرقية إلى الأحياء الغربية".

وأضاف "طبعا الحصيلة الأولية كانت أكثر من 45 شهيد. أغلب الشهداء من النساء والأطفال اللي هربوا من القتل في الأحياء الشرقية وتوجهوا للقسم الآخر الأحياء الغربية.. ها المكان اليوم اللي استهدفه النظام هو الوحيد الواصل بين القسمين الشرقي والغربي".

ومن الموقع "الوحيد الواصل بين القسمين الشرقي والغربي"، تحدث أيضا الفتى المفجوع للكاميرا، وشرح تفاصيل مقتل أمه وشقيقته أمام عينيه مع مجموعة النازحين، ليختم شهادته القاسية والصادمة، وهو يبكي أحب الناس، إلى قلبه "ما نقدر نحكي شي.. أمر الله..".

وبينما كانت القذائف تتساقط على جب القبة ومناطق أخرى في القطاع الشرقي، كانت وسائل الإعلام الحكومية السورية تتحدث عن نجاح "وحدات من الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة.." في إعادة "الأمن والاستقرار الى حي الشيخ سعيد" بحلب.

والجيش والقوات الحليفة، وهي ميليشيات أجنبية بينها حزب الله وحركة النجباء المرتبطة بإيران، نجحت أيضا، وفق وكالة الأنباء السورية، في القضاء على "الإرهابيين"، مما دفع ناشطون إلى التساؤل "هل من سقط في جب القبة وغيرها من المناطق" هم إرهابيون؟

والصور المؤلمة دفعت، بدورها، الناشطين للتساؤل متى يتخذ المجتمع الدولي قرار وقف "الملحمة السورية"، وهو سؤال لم يصل، على ما يبدو، إلى قاعات مجلس الأمن، حيث كان سفراء الدول الـ15 الأعضاء يستمعون لإفادة مسؤول العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة.

وحذر ستيفن أوبراين، عبر دائرة تلفزيونية من لندن، من أن القسم الشرقي من حلب قد "يتحول إلى مقبرة ضخمة" بحال عدم وقف المعارك، وطالب بمساعدة مجلس الأمن، إلا أن الاجتماع الطارئ انفض، على ما جرت العادة، دون التوصل إلى أي قرار يوقف نزيف الدم السوري.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)