الرئيسية > اخبار وتقارير > "كسر عظم" الانقلابيين باليمن.. هل يسبق خطوات كيري للسلام؟

"كسر عظم" الانقلابيين باليمن.. هل يسبق خطوات كيري للسلام؟

على وقع الخُطا السياسية التي يحاول وزير الخارجية الأمريكي تسريعها، تتسارع العمليات العسكرية في الجبهات اليمنية لإجبار مليشيا الانقلاب على الانسحاب من المدن وتسليم السلاح، والانصهار في عملية سياسية تطبيقاً للقرار الأممي 2216، والعودة إلى ما احتوته المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.

وفي حين أشار جون كيري في الرياض إلى "السعي لإنهاء الحرب في اليمن بطريقة تحمي أمن المملكة"، تتقدم قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية مدعومتين بغارات التحالف العربي على الشريط الحدودي "حجة، صعدة، الجوف".

وتستمر العمليات في الجبهات الداخلية على أشدها، وهي حالةٌ يقول العسكريون إنها تمثل "معركة كسر العظم"، وإنهاء الانقلاب بقوة السلاح، بعد أن أغلقت المليشيا الباب على أي حل سياسي عادل يرقى إلى حجم التضحيات التي قدّمها اليمنيون، ويعاقب تحالف "الحوثي - صالح" على المآسي التي حلّت باليمن بسبب ممارساتهم.

والتقى وزراء خارجية الرباعية الدولية والمبعوث الأممي إلى اليمن في الرياض، الأحد؛ لمناقشة خطة السلام التي ترفضها الحكومة اليمنية، وطالب وزير الخارجية اليمني، عبد الملك المخلافي، في لقائه بولد الشيخ ومساعدة كيري، بتعديلها واتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه الانقلاب، وإيجاد ضمانات قوية وفعلية تثبت استعداد المليشيا للسلام الحقيقي والمستدام.

ورغم كل تلك التحركات على المستوى السياسي، فإن الشارع اليمني يعقد آماله على المعارك في الميدان، حيث يرى المتابعون أنها الفيصل والضامن لإنهاء الانقلاب وإعادة السلام إلى البلاد.

الخبير العسكري عدنان الجبري، رأى أن عمليات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المدعومة بالتحالف العربي تمضي وفق خطط عسكرية دقيقة، "وإن كان البعض يراها بطيئة في بعض الجبهات".

وقال الجبري في تصريح خاص لـ "الخليج أونلاين"، إن الملاحظ لعمليات القوات الشرعية يرى فيها "الاعتماد على الحسم العسكري دون السياسي"، وهي "وإن تباطأت لوجود المدنيين، أو حتى ضغوط خارجية، فهي تبدو الآن أكثر مما سبق (معركة كسر العظم)".

ففي تعز تتواصل العمليات نحو الحزام الأمني؛ لعزلها عن بقية مناطق سيطرة الانقلابيين من الشرق والغرب والجنوب، وتبدو العمليات محدودة وسط المدينة؛ نظراً لوجود آلاف المدنيين، ويصعب خوض معركة بالسلاح الثقيل والغطاء الجوي الكثيف في هذا التوقيت، وتتركز العمليات على الأطراف، ومحاولة قطع كافة الإمدادات والطرق المؤدية إلى مناطق سيطرة المليشيا.

وفي الامتداد الشرقي لتعز يرى الجبري أن قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية تمكنت من إيقاف تمدد الانقلابيين في لحج، وحاصرتهم في الضالع، كما أن البيضاء التي تحد مأرب أصبحت تحت سيطرة الشرعية، وتمتد السيطرة حتى شبوة وحضرموت، حيث كانت خطوط إمداد الانقلابيين بعد أن أحكم الجيش الوطني المدعوم جواً من التحالف سيطرته على خطوط الإمداد في السواحل الغربية، والمنافذ البرية والبحرية.

وأشار الجبري إلى أن "معركة كسر العظم تنحصر في الشمال والشمال الشرقي؛ حيث محافظات حجة، وصعدة، والجوف، وهي الخارطة العسكرية الأهم –حسب قوله- وتقدم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية فيها مؤخراً، وسيطر على معظم مديريات الجوف، وفرض كلمته في ميدي وحرض في حجة، وبدأ معارك حاسمة سيطر بها على مناطق في صعدة".

العمليات يقول الجبري إنها ستغير المعادلة السياسية والجغرافيا العسكرية للشرعية، وتوقع أن تنتقل العمليات لاحقاً إلى الحديدة، "حيث سترسم هذه العمليات اليمن الاتحادي بأقاليم خمسة، في حين سيُحسم إقليم آزال سلمياً".

وإلى جانب إدارتها للمعارك العسكرية، لم تغلق الحكومة الشرعية الباب أمام مساعي السلام –وإن كان الشعب لا يعول عليها– انطلاقاً لما تقول إنه من مسؤوليتها تجاه جميع اليمنيين، وحفاظاً على عدم الانهيار الكامل للبلاد، خصوصاً على المستوى الاقتصادي الذي خلّف المجاعة والأمراض، وهو الأمر الذي تؤكد أن المليشيا لن تعبأ به؛ لكونها لا تمثل إلا جماعات مسلحة "بلا هدف"، ومع ذلك تبقى المسؤولية على الحكومة جسيمة، سواء عسكرياً أو سياسياً، بما يفضي إلى نتيجة ترضي اليمنيين.

المحلل السياسي عبد الواحد العزب، أشار إلى أن الحكومة الشرعية أمام خيارين؛ أولهما تسريع العمليات العسكرية على مختلف الجبهات، والثاني إثبات أن تلك العمليات تنقل المناطق المحررة إلى وضع أفضل.

وأضاف العزب في تصريح خاص لـ "الخليج أونلاين"، أن الرئيس هادي وفريقه الحكومي "مطالبون اليوم بالحسم العسكري في مختلف الجبهات حسب أولويتها؛ عبر ضخ دماء جديدة من القيادات ذات الكفاءة والخبرة، ودعمها بالعتاد اللازم والخطط التي تضمن إنهاء الانقلاب، خصوصاً في تعز وحجة والحديدة ومأرب والبيضاء، والتركيز على جبهات صعدة ونهم والجوف والضالع ولحج".

وتابع العزب حديثه مؤكداً أن الخيار الثاني أمام الحكومة "يفرض تكثيف عملها الميداني، ووجودها الأمني في المناطق المحررة، حتى تقدم تلك المناطق صورة مشرّفة للمجتمع المحلي والخارجي؛ عبر تأمينها من أي اختراقات تهدد السلم، وتدشين عملية إعادة تطبيع الحياة، وتوفير مختلف الخدمات الأساسية للمواطن".

ورغم مرور أكثر من عام على تحريرها من مليشيا الانقلاب، ما تزال العاصمة المؤقتة عدن تشهد عمليات انتحارية، وسطواً ونهباً واغتيالات، وخلفت عمليتان انتحاريتان قرابة 100 قتيل، وعشرات الجرحى من المجندين في أقل من عشرة أيام، في ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وطالب العزب الحكومة بقرارات "ترقى لمستوى التحديات"، مؤكداً أن المعركة المصيرية لاستعادة مؤسسات الدولة يجب أن تكون عسكرية وسياسية واقتصادية، تفرض واقعاً إيجابياً ينهي أزمات اليمنيين التي أدخلهم الانقلابيون فيها، ويدفعهم إلى المضي قدماً جنباً إلى جنب مع الحكومة ضد الانقلاب الداخلي والتحركات الخارجية لشرعنته.