الرئيسية > اخبار وتقارير > هل لإيران دور في مقتل دبلوماسيين إماراتيين بهجوم قندهار؟

هل لإيران دور في مقتل دبلوماسيين إماراتيين بهجوم قندهار؟

أثار الكشف عن اعتقال السلطات الأفغانية ثلاثة أشخاص إيرانيين على خلفية الهجوم الانتحاري الذي استهدف قصر الضيافة في قندهار وأدى إلى إصابة السفير الإماراتي لدى أفغانستان ومقتل وإصابة عدد من موظفي السفارة، الشكوك حول احتمال تورط إيران في الهجوم.

فقد أعلن القنصل الإيراني العام في ولاية هرات (غربي أفغانستان)، محمود أفخمي رشيدي، أن السلطات الأفغانية كشفت عن اعتقال 3 إيرانيين، الثلاثاء، متهمين بتنفيذ الهجوم في قندهار، ما أودى بحياة 5 دبلوماسيين إماراتيين، وفق ما ذكره موقع إرم الإخباري 11 يناير/كانون الثاني الحالي.

ورغم أن السلطات الأفغانية لم تكشف عن هوية المعتقلين الثلاثة، فإن أصابع الاتهام وجهت نحو إيران، في احتمال كبير لتورطها في الحادث؛ بهدف تعكير الصفو العام الذي يجمع بين أفغانستان والدول العربية.

القنصل الإيراني، محمود أفخمي رشيدي، دعا السلطات الأفغانية للكشف عن هوية المعتقلين أمام الرأي العام، خاصة أن قائد شرطة مكافحة الإرهاب في هراة الأفغانية، فضل الرحمن خادم، أعلن خلال مؤتمر صحفي أمس، أن الشرطة الأفغانية اعتقلت 3 إيرانيين كانوا وراء الهجوم الإرهابي في قندهار.

وأعلن مسؤول أمني أفغاني، الثلاثاء، أن 30 شخصاً على الأقل قُتلوا وأصيب 80 بجروح في الانفجارين اللذين وقعا قرب مبنى البرلمان في كابول، في هجوم تبنته حركة "طالبان"، أحد الانفجارين "ناجم عن سيارة مفخخة".

كما أعلنت وزارة الداخلية الأفغانية، أن الهجوم أسفر عن مقتل 5 دبلوماسيين إماراتيين، وإصابة 80 آخرين، من بينهم السفير الإماراتي لدى أفغانستان، كانوا في مهمة إنسانية بأفغانستان، حيث يعملون "ضمن بعثة مقيمة في أفغانستان منذ فترة طويلة؛ وذلك بهدف الإشراف على وإدارة برنامج دولة الإمارات لدعم الشعب الأفغاني".

ورغم أن طالبان أعلنت تبنيها للحادث في نفس يوم الهجوم الدامي، فإن العلاقة بين طالبان وإيران التي تمتد لسنوات –رغم محاولات طهران إخفاءها– قد تفتح باباً للتساؤل حول دور محتمل لها في العملية.

المتحدث الرسمي باسم حركة "طالبان" في أفغانستان، الملا ذبيح الله، قال إن للحركة "علاقات واتصالات جيدة مع إيران ضمن تفاهم إقليمي"، حسب ما نشره موقع العربية.نت، في 30 أكتوبر/تشرين الأول 2016، في أحد أوضح التصريحات عن العلاقات الجيدة التي تربط إيران بطالبان.

زعيم حركة طالبان السابق الملا أختر منصور، الذي اغتيل في مايو/أيار الماضي، كان قد مكث في إيران لمدة شهرين وغادرها قبل مقتله بأسبوع، حيث أجرى، خلال مكوثه، محادثات مكثفة تخللها توقيع اتفاقيات مع مسؤولين إيرانيين، تضمنت اتفاقاً حول عدم انضمام الهيكل الأساسي لجماعة طالبان إلى تنظيم "داعش" مقابل استمرار الدعم الإيراني، حسبما كشفت وسائل إعلام إيرانية.

وفي فبراير/شباط 2016، كشفت السلطات الأفغانية عن عثورها على ألغام إيرانية الصنع، بالإضافة إلى كمية كبيرة من السلاح والذخيرة، في مستودع للسلاح بأحد مقرات طالبان، لدى مداهمته من قبل القوات الأمنية بمنطقة باميان (وسط البلاد).

الدعم العسكري الذي تحظى به طالبان، أعلن عنه قائد القوات الأمريكية والدولية في أفغانستان، الجنرال جون كامبل، حيث ذكر في أكتوبر/تشرين الأول 2015، أن إيران تدعم حركة طالبان، مالياً وعسكرياً، وتقوم بتدريب مقاتلي الحركة وتسليحهم.

وشهدت الآونة الأخيرة تزايد نسبة العمليات والتواصل السري بين طهران وطالبان أفغانستان، والذي تحرص عليه طهران إلى حد كبير؛ لتفادي أي تقارب بين طالبان والدول الخليجية، بالإضافة إلى سعي طالبان لاستبدال الدعم الباكستاني بالدعم من إيران.

موقع "الدبلوماسية الإيرانية" المقرب من وزارة خارجية إيران، كشف أن وفداً من حركة طالبان الأفغاني برئاسة ملا أختر منصور زار إيران في شهر يونيو/حزيران 2015، والتقى عدداً من المسؤولين الإيرانيين، من بينهم وزير الخارجية محمد جواد ظريف، مشيراً إلى أن الحكومة الإيرانية رحبت بطلب حركة طالبان فتح مكتب تمثيلي لها في طهران، خاصة أن الحركة، خلال زيارتها، قدمت طلباً لإنشاء مكتب رسمي لها في العاصمة الإيرانية، حسب موقع أورينت نيوز الإخباري 24 مايو/أيار 2015.

وتعتقد طهران، حالياً، أن حركة طالبان أقل خطورة من تنظيم داعش، وهو ما جعلها تدعم طالبان رغم العداء المتبادل بين الطرفين، للاختلاف المذهبي، منذ أمد بعيد، وفي هذا يقول الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي في أفغانستان السفير فرانز مايكل ميلبين لـ"فورين بوليسي": إن "الإيرانيين يحاولون منذ مدة تأمين حدودهم مع أفغانستان من أي اختراقات يقوم بها مقاتلو تنظيم الدولة، وذلك عبر العمل مع مجموعات مختلفة بينها أمراء حرب وأعضاء من طالبان؛ بهدف إقامة منطقة عازلة"، وفق ما ذكره موقع الجزيرة.نت 28 مايو/حزيران 2016.

ولم تكتف إيران بتوطيد علاقتها بطالبان حرصاً على تعكير الصفو العام بين الدول العربية وأفغانستان فحسب؛ بل زادت من الدعم العسكري واللوجيستي لطالبان؛ بهدف مناوشة النفوذ الأمريكي في المنطقة، خاصةً أن واشنطن لها قوات متمركزة في أفغانستان وبالقرب من الحدود الإيرانية، بالإضافة إلى التصدي لتنظيم داعش؛ خوفاً من أن ينجح هذا التنظيم في تجنيد أفراد من الأقلية السنية بإيران، بسبب القمع الذي يلقونه من السلطات الإيرانية.

وتأمل طهران بدعمها لطالبان أن يكون لها ذراع طولى في أفغانستان إذا ما دخلت طالبان ضمن تشكيل حكومة وطنية، وهو ما تطمح إليه طهران أملاً في مزيد من النفوذ مستقبلاً داخل أفغانستان، خاصة أن دولاً عديدة فتحت قنوات اتصال، ولو سرية، مع طالبان، مثل واشنطن والصين وباكستان، ما جعلها تتحرك حتى لا تشعر بالتهميش إذا ما نجحت طالبان في أن يكون لها قدمٌ في الحكومة الوطنية الأفغانية.

وشهدت الفترة من 1996 حتى 2001 عداءً بين طالبان أفغانستان وإيران، إثر مقتل تسعة دبلوماسيين إيرانيين على يد الأولى، ترتب عليه حشد عسكري إيراني على الحدود الأفغانية بنية شن حرب، وقيام طهران بدعم واشنطن في أثناء الإطاحة بنظام طالبان وتكوين حكومة جديدة، غير أن الأحوال تبدلت وصارت إيران حريصة على توطيد العلاقات مع طالبان وإثبات الوجود في ظل التنافس الدولي والتواصل مع الحركة.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)