الرئيسية > اخبار وتقارير > سكان عتمه بين مطرقة قصف المليشيات وسندان حصارها الخانق (تقرير)

سكان عتمه بين مطرقة قصف المليشيات وسندان حصارها الخانق (تقرير)

يعيش أغلب المدنيين في مديرية عتمة بمحافظة ذمار (وسط اليمن)، أوضاعا إنسانية مأساوية في غاية في الصعوبة، منذ أن تفجرت الأوضاع في بعض مناطق المديرية، واندلعت المواجهات العنيفة بين المقاومة الشعبية والجيش الوطني من أبناء عتمه من جهة، ومليشيات الحوثي والمخلوع من جهة أخرى الثلاثاء الماضي.

 

وقد أضحى أغلب المدنيين القاطنين في مناطق الصراع، أو المناطق المجاورة لها يعيشون بين نارين، نار قصف مليشيا الحوثي العشوائي على القرى والمناطق الواقعة تحت مرمى نيران مدافعها ودباباتها وأسلحتها الثقيلة، ونار الحصار الإقتصادي الخانق الذي فرضه الانقلابيون على مديرية عتمة وأبنائها، منذ اليوم الأول الذي وطئت فيه أقدامهم أرض عتمة.

 

وفي هذا التقرير نسلط الضوء على ابرز ملامح الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه اغلب المواطنين وذلك بالتزامن مع الحرب الشرسة التي تدور رحاها في بعض مناطق مديرية عتمة جنوب غربي محافظة ذمار منذ أيام فإلى حصيلة التقرير:

 

أوضاع صعبة

 

"أوضاع الناس هنا صعبة جدا ويعانون معاناة كبيرة على مختلف الأصعدة إنسانيا وأمنيا وصحيا نتيجة لاستمرار المعارك الدائرة منذ مطلع الأسبوع الماضي"، يتحدث إلينا ناشط حقوقي، من أبناء مديرية عتمة، طالبا عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية.

 

وأوضح الناشط، أن المدنيين في عتمه هم من يدفعون الفاتورة الأكبر في هذه الحرب، نتيجة تعمّد المليشيات الحوثية استهداف قرى ومنازل المواطنين بالقصف العشوائي بالرغم من معرفتها الكاملة أن المستهدفين هم مدنيين.

 

وأضاف الناشط: "عندما تتكبد المليشيات الحوثية أي خسائر بشرية أو مادية خلال معاركها مع أفراد  مقاومة عتمة ويسقط عدد من عناصرها قتلى أو جرحى أو أسرى، فإنهم يشنون قصف عشوائي وبشكل هستيري على منازل المواطنين ومزارعهم  بمختلف الأسلحة الثقيلة من الدبابات ومدافع الهاون وذلك كنوع من الانتقام من المديرية وأبنائها كلما عجزت تلك المليشيات عن تحقيق أي تقدم على رجال المقاومة المتمركزين في مواقع عصية على نيران مدافعها وأسلحتها الثقيلة".

 

وأكد في هذا السياق أن شيخاً مسناً من أبناء مديرية عتمة، لا علاقة له بهذه الحرب من قريب أو بعيد قد سقط شهيدا يوم الأربعاء الماضي 15 فبراير الحالي، وذلك بعد أصابته بقذيفة هاون أطلقتها المليشيات الحوثية  المتمركزة في جبل حلفان واستهدفت بها منزله.

 

حصار اقتصادي خانق

 

وعن الوضع الاقتصادي والمعيشي الذي تعيشه مديرية عتمة هذه الأيام يؤكد التاجر محمد قاسم علي أحد  التجار في سوق الثلوث- (مركز المديرية وسوقها الوحيد)، أن معظم السلع الغذائية الأساسية في السوق شهدت ارتفاعا جنونيا في أسعارها المرتفعة في الأصل.

 

وبين أن نسبة الارتفاع في أسعار معظم السلع الغذائية والتموينية - في حال  توفرت أصلاً-  وصلت إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بأسعارها في باقي مديريات المحافظة الأخرى حتى بعد ارتفاعها نتيجة انخفاض قيمة الريال أمام الدولار قبل أيام.

 

عن أسباب هذا الارتفاع المفاجئ يقول التاجر محمد قاسم: "بعد دخول الحوثيين مديرية عتمة واندلاع الحرب بينهم وبين المقاومة قبل حوالي أسبوع فرض الحوثيين حصارا خانقاً على المديرية من جميع الاتجاهات واستحدثوا عدد من النقاط العسكرية التابعة لهم في جميع مداخلها".

 

ولفت إلى أن تلك النقاط الحوثية تقوم  بتفتيش دقيق لكل السيارات والشاحنات الداخلة والخارجة من وإلى عتمه ومنع  دخول  أبسط الاحتياجات الأساسية و من المواد الغذائية والتموينية إلى المديرية، الأمر الذي قلل من نسبة استيراد التجار لتلك المواد و أهم الاحتياجات الضرورية التي لا عنى للمواطنين عنها  كالدقيق والأرز والسكر والزيت وغيرها من تلك الاحتياجات الضرورية   

 

وبحسب التاجر "محمد" فقد تتسبب هذا الوضع  في ارتفاع جنوني وغير مسبوق في أسعار اغلب هذه السلع الغير متوفرة بشكل كبير في السوق نتيجة لهذا الحصار المطبق، ليزداد معه الوضع المعيشي لأغلب المواطنين سوءاً وتتفاقم معاناتهم وتتضاعف في كل يوم ، منذرة بكارثة إنسانية وشيكه في حال استمر يطل معها شبح المجاعة في هذه المديرية الذي يقع أغلب أبنائها تحت خط الفقر  .

 

قطع كل الإمدادات إلى عتمه

 

بعد يوم واحد فقط من شن المليشيات الحوثية عدوانها الغاشم على مديرية عتمه وتحديدا في مساء يوم الأربعاء الماضي 15 فبراير الحالي، داهم مسلحون حوثيون بقيادة المدعو أبو بدر الشامي فرزة عتمه/ذمار الكائنة شمال مدينة ذمار بالقرب من إستاد ذمار الرياضي، حيث فتح المسلحون الحوثيون نيران أسلحتهم عقب مداهمة الفرزة، بكثافة لإرهاب السائقين بعد أن تم الاعتداء عليهم من أجل منع تحرك سيارات النقل  باتجاه مديرية عتمه من تدفق المقاتلين للانضمام للمقاومة حد زعمهم، ليتم عقب هذا الإعتداء وقف حركة النقل من الفرزة  بشكل نهائي.

 

وهو ما فسّره مصدر قيادي في مقاومة عتمه في وقت لاحق بأن الهدف الرئيسي والخفي للمليشيات الحوثية من هذا الاعتداء ليس منع تدفق المقاتلين للانضمام إلى صفوف المقاومة كما أعلنت حينها، وإنما جاء هذا لقطع كل الإمدادات بمقومات الحياة الأساسية عن عتمه، وإيقاف حركة نقل البضائع والسلع الضرورية القادمة إليها من مدينة ذمار عبر هذه الفرزة في إطار حصارها المطبق على المديرية.

 

نزوح جماعي

 

هذا وشهدت عدد من القرى الواقعة تحت مرمى نيران المدافع والدبابات الحوثية والقريبة من مواقع تمركز مدفعياتها  جبل حيفان ومنطقتي المهلالة وعسوة الذي تمركزت فيهما عدد من الدبابات التي استقدمتها المليشيات من مدينة ذمار، شهدت خلال الأيام الماضية موجة نزوح جماعية، بسبب القصف الهستيري الذي تشنه المليشيات بين الحين والآخر.

 

وبالرغم من الصعوبة الشديدة التي واجهها سكان  المناطق الواقعة تحت قصف نيران مدافع المليشيات في عتمه ..لم يجد هؤلاء خيارا آخر سوى ترك منازلهم والخروج منها قسرا لينزحوا إلى مناطق أكثر أمنانا لهم ولأسرهم بعد أن فشلت كل نداءات استغاثاتهم التي بعثوا بها  إلى قيادات المليشيات الحوثية والشخصيات الاجتماعية والقبلية في المديرية  المحافظة من أجل وقف هذا القصف العشوائي الذي طالهم ظلما وعدوانا.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)