الرئيسية > اخبار وتقارير > "ناتو إسلامي".. هل تكون قمّة الرياض شرارة لقوة عسكرية جديدة؟

"ناتو إسلامي".. هل تكون قمّة الرياض شرارة لقوة عسكرية جديدة؟

التحدّيات التي باتت تواجه العالم الإسلامي العربي عموماً، ومنطقة الخليج على وجه الخصوص، باتت تعزّز من فكرة إنشاء منظومة أمنيّة إقليمية للتصدّي لأي تحديات قد تظهر في المنطقة العربية، وهو ما بات يصدر على لسان جهات عربية وإسلامية رسمية.

رئيس الدبلوماسية السعودية ووزير خارجيتها، عادل الجبير، أشار بوضوح في مؤتمر صحفي عقده الخميس، بالعاصمة السعودية الرياض، إلى فكرة تشكيل حلف ناتو إسلامي، على هامش قمة الرياض، التي يحضرها ترامب ورُبع قادة وزعماء دول العالم.

فقد أجاب بشكل واضح على سؤال خلال المؤتمر الصحفي إن كان هناك فعلاً توجّه لإنشاء حلف ناتو إسلامي، وقال: "هناك حديث عن تكثيف هذه الجهود لبناء مؤسسة أمنية في المنطقة تستطيع أن تتصدّى لأي تحدّيات قد تظهر"، على حدّ تعبيره.

في الوقت ذاته، أشار الوزير السعودي إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وفّرت للرياض العديد من المعدات العسكرية، وذلك بالتزامن مع تأكيدات أمريكية لاحتمال عقد صفقات سلاح ضخمة قد تصل قيمتها إلى 300 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

- تحرّكات عسكرية مسبوقة

فكرة "القوة الأمنية" التي أشار إليها الجبير، سبقتها تشكيلات عسكرية أخرى قد تكون بمثابة التمهيد القوي الذي يعزز من فكرة إنشائها؛ كالتحالف العربي في اليمن، والدعم الجزئي للمقاومة السورية واليمنية، وانتهاءً بالتحالف الإسلامي العسكري بقيادة السعودية.

وفرضت التشكيلات العسكرية العربية والإسلامية، التي انطلقت في الفترة الأخيرة، تصوّراً مغايراً على المشهدين الإقليمي والدولي، وعزّزت من فكرة تكوين تحالفات عسكرية جديدة ذات أهداف محددة، تصبّ جميعها في الذود عن المنطقة، والتصدّي للإرهاب، والتصدّي لأي تدخّلات خارجية من دول الجوار.

- تغيير قواعد اللعبة

وتأكيداً لما صرّح به الجبير، فإن العاصمة السعودية "الرياض" ستحتضن يومي 20 و21 مايو/أيار الجاري، ثلاث قمم، تعدّ هي الأبرز بالمنطقة، حيث يشارك فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأمر الذي دفع مراقبين إلى أن يرجّحوا احتمال أن تشكّل تلك اللقاءات خريطة سياسية جديدة للمنطقة.

كما أن نجاح فكرة تكوين الحلف الإسلامي، والقوة العربية المشتركة من قبله، بمثابة خطوات ناجزة ورائدة، بدت أولى خطواتها في "عاصفة الحزم"، التي غيّرت بعض الموازين والاستراتيجيات، وجعلت العرب في موقع المبادرة للمرة الأولى، في حين لم يكن كثير من المراقبين يتوقّعون أن يتّخذ العرب موقفاً كهذا، وفق ما قال الدكتور عبد الله الشايجي، في تصريحه للجزيرة نت سابقاً.

كما أن عدد العسكريين والجند التابعين للدول الإسلامية المتحالفة يقدر بنحو 4.3 ملايين جندي نظامي، يشكّلون قوام الجانب العسكري من التحالف الذي تقوده الرياض، والذي سيعمل على التصدّي للإرهاب ومحاربته في جميع أنحاء العالم الإسلامي.

- بين النفوذ العربي الإسلامي والنفوذ الأمريكي

مركز الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكي، أشاد بالتحرّكات العربية الأخيرة، مستشهداً بالتحالف العربي في اليمن، حيث توقّع أن تكون هذه التشكيلات الإسلامية والعربية بدايةً حقيقيةً لتقليص النفوذ الأمريكي في المنطقة.

ما ذكره المركز الأمريكي من تخفيف النفوذ الأمريكي، وإن كان يدلّ على تعاظم التشكيلات العربية وأهميتها، إلا أن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، حذّر من تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة، قائلاً في مؤتمره الصحفي، 18 مايو/أيار الجاري، إن تقليص الدور الأمريكي في العالم سيخلق فراغاً تستغلّه قوى الشر.

- العصا السحرية

الحديث عن إنشاء قوة أمنية عربية إسلامية أظهر اختلافاً في وجهتي النظر الأمريكية والروسية حول سبل حل أزمات المنطقة، ففي الوقت الذي تؤكّد فيه الإدارة الأمريكية ضرورة أن يكون الحل نابعاً من الداخل، وأن يكون للدول العربية يدٌ فيه، نجد الرؤية الروسية تنادي بالحل على أساس جماعي يشترك فيه كل اللاعبين.

فمدير مشروع الأمن الأمريكي، باول همل، أكّد سابقاً أن من مصلحة روسيا والولايات المتحدة دفع الدول العربية إلى حل مشكلات المنطقة بأنفسها، حيث يرى همل، الذي عمل بعد الاحتلال الأمريكي في العراق مستشاراً أمنياً، أن الولايات المتحدة غير قادرة على معالجة قضايا الشرق الأوسط بالصورة التي تريدها شعوب المنطقة.

وفي المقابل، شدّد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، على استحالة حل مشاكل الشرق الأوسط الأكثر تعقيداً إلا على أساس جماعي، مؤكّداً أن تشكيل حلف جديد على غرار الناتو لن يساعد في ذلك، حسبما نشره موقع روسيا اليوم، 18 مايو/أيار الجاري، رافضاً فكرة إنشاء حلف عربي على غرار الناتو، قائلاً: "تعرفون موقفنا المبدئي السلبي من محاولات حل مشاكل الأمن الدولي -التي تطول الجميع- عن طريق أحلاف عسكرية مغلقة"، كما "ننطلق من حيث المبدأ من استحالة حل المشاكل الأكثر تعقيداً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلا على أساس جماعي وشامل، وبمشاركة جميع اللاعبين دون استثناء، ودون أي محاولات لعزل أحد".

- من أطلق اسم "الناتو العربي"؟

الإعلام الغربي كان المبادر الحقيقي لإطلاق تسمية "الناتو العربي"، حيث أشار العديد من المحللين إلى أن إنشاء التحالف الإسلامي، أو الناتو الإسلامي العربي، والذي سوف يكون تحدّياً حقيقياً للطموح الإيراني في المنطقة العربية، وخاصةً أنه قد يكون موجّهاً إلى حلفائها في لبنان وسوريا واليمن والعراق.

وأكّد الإعلام الغربي والعربي مراراً أن أيّ تحالفات عربية، وخاصّة ما أسماه بـ "الناتو العربي"، سوف يعتمد أساساً على مواجهة أي حلف استراتيجي أو عسكري آخر من شأنه تهديد الأمن القومي العربي.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)