الرئيسية > اخبار وتقارير > "عميل".. تهمة الحوثيين الجاهزة للتنكيل بخصومهم بدوافع طائفية

"عميل".. تهمة الحوثيين الجاهزة للتنكيل بخصومهم بدوافع طائفية

انتهجت مليشيا الحوثي سياسة تفجير منازل الخصوم السياسيين والمناوئين لمشروعهم، الذي يحمل كثيراً من الأيدلوجيات الطائفية، ووجّهت وسائل إعلامها والوسائل التي تسيطر عليها لخدمة تشويه الخصوم وتوجيه التهم، بل وإصدار الأحكام القضائية ضد الكثير من المناوئين لها، بعد أن تمنحه "بطاقة خائن وعميل".

ومنذ دخولها منطقة دماج، شمال صنعاء، فجّرت جماعة الحوثي مئات المنازل في تلك المنطقة، وأرحب في صنعاء، ومناطق أخرى في عدة محافظات؛ منها الضالع، والبيضاء، والحديدة، وذمار، وغيرها، والتّهمة هي أن أصحاب تلك المنازل انضمّوا للشرعية وواجهوا مشروع الجماعة الانقلابي، ورفضوا الانصياع للابتزاز الذي تمارسه، فاتُّهموا بالخيانة والعمالة.

- تنكيل وملاحقة

وخلال قرابة ثلاثة أعوام، تم تهجير الآلاف من الأسر، بعضهم في مناطق المواجهات، وبعضهم بعيدون عنها، لكن معارضتهم للحوثيين جعلتهم عرضة للتنكيل والملاحقة، وتحوّلوا إلى نازحين، وفقدوا ممتلكاتهم ومصادر دخلهم، وهذا جزء من معاناتهم المستمرة.

الصحفي بسيم الجناني، أشار إلى أن سياسة مليشيا الحوثي في هدم منازل المواطنين على مستوى اليمن، والحديدة خصوصاً، متجذّرة في أدبيات الجماعة، التي تقوم بتلك الانتهاكات ضد كل من يعارضها.

وأضاف الجناني، في تصريح خاص لـ "الخليج أونلاين"، أن جماعة الحوثي ارتكبت العديد من جرائم تفجير المنازل وتهجير السكان في الحديدة، وكان لمديرية بيت الفقيه النصيب الأكبر من هدم المنازل، واحتلال أراضي المزارعين، وقصف قرى من يرفض ويقاوم تلك الجماعة، ويعارض أساليب القمع والانتهاكات".

وذكر الصحفي اليمني، في سياق حديثه، ما أسماها "الحرب المفتوحة" التي خاضتها المليشيا ضد أبناء قرى الزرانيق قبل عام، واستخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، وهجّرت المدنيين من منازلهم، ولم تكتفِ بذلك، بل تعرّض الكثير منهم للملاحقة.

الجناني أشار إلى أن صفة "العمالة" هي تهمة يوردها الحوثيون في مواجهتهم مع الخصوم، ويتّهمون بها كل من يرفض أو يقاوم مشروعهم وأفعالهم، وما حدث مع رجل الأعمال "المجهصي" نوع من أساليب ابتزاز التجّار الذي تمارسه المليشيا بالمديرية، وسبق أن اختطفت عدداً من تجار بيت الفقيه ممن لا يستجيب لابتزازهم.

واعتبر الجناني أن دفاع المواطنين عن أنفسهم في مثل هذه الجرائم -ومنها جريمة تفجير منزل رجل الأعمال في بيت الفقيه بالحديدة- حق مشروع؛ لأن الحوثيين ينتهكون حرمة البيت وما فيه، وهي عادة تسلكها الجماعة منذ سيطرتها على المدن.

- تفجير بيوت الخصوم

منظمة السلم الاجتماعي والتوجّه المدني في تعز كانت رصدت، خلال ستة أشهر فقط، تفجير 348 منزلاً في المحافظة وحدها، وهناك آلاف المنازل في مناطق المواجهات دمّرها الحوثيون بالقصف، وشرّدوا آلاف العائلات، وتشير تقارير حقوقية إلى أن عدد المنازل التي دُمّرت في 17 محافظة وصل إلى أكثر من 1827 منزلاً.

يقول المتابعون إن "عادة" تفجير بيوت الخصوم تتجذّر في أنظمة الحكم الإمامية، وهي أداة انتقام بالنسبة إلى المليشيا بدوافع سياسية وطائفية وقبلية؛ بهدف بثّ الرعب في نفوس المدنيين.

وسابقاً، أقرّ عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثي، محمد البخيتي، في تصريحات تلفزيونية، باعتقال أشخاص وتفجير منازلهم، مضيفاً أنه "من الطبيعي أن يكون هناك معتقلون وملاحقة لكل من يثبت تورّطه في تنفيذ أعمال إرهابية"، وهي تهم يقول اليمنيون إنها توزّع لكل المعارضين والذين تم تفجير منازلهم.

المحلل السياسي والمتخصص في شؤون الجماعات، نبيل البكيري، أكّد أن جرائم تفجير منازل الخصوم في اليمن متكرّرة، وينفّذها الحوثيون ضد مناوئيهم، دون وجود محاسبة من المنظمات الحقوقية.

وقال البكيري، في تصريح خاص لـ "الخليج أونلاين"، إن ما تعرّض له التاجر في الحديدة لم تكن الحادثة الأولى، ولن تكون الأخيرة، فقد سبق أن اقتحموا بيت رجل الأعمال الشميري، وصادروا كل ممتلكاته، وقتلوه في منزله، وبعد ذلك فجّروا المنزل.

واعتبر البكيري أن سلسلة هذه العمليات التي قامت بها الجماعة ضد المواطنين الأبرياء ورجال المال تؤكّد صفة اللصوصية التي تتسم بها مليشيا الحوثي، وتقوم بها بمعزل عن أي ضمير حي، وعن أي رقابة دولية لمنظمات حقوق الإنسان أو غيرها.

وأشار البكيري إلى أن استمرار ارتكاب الحوثيين هذه الأعمال ضد المواطنين الأبرياء يشير إلى عدم وجود أي رادع لإيقافهم، ويبقى الرادع الوحيد لها هو إسقاط سلطتها الانقلابية في صنعاء، وتفعيل الرقابة الدولية بشكل حقيقي وواقعي على حقوق الإنسان في المناطق التي تسيطر عليها المليشيات، متّهماً المنظمات الدولية التي ترصد وتوثّق الانتهاكات بأنها لم تكن دقيقة فيما يتعلق بانتهاكات الحوثيين، التي تطول آلاف الناس في ممتلكاتهم وأرزاقهم وحياتهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الانقلابيين.

ولم تأخذ مأساة النازحين -الذين تقول تحليلات فريق العمل المشترك بين الوكالات التابع للأمم المتحدة بشأن حركة نزوح السكان في اليمن إن شخصاً من بين عشرة غادر منزله بسببها- اهتماماً لدى المنظمات الدولية يساوي حجمها، ما يراه المتابعون شكّل دافعاً للانقلابيين لمواصلة تهجير المواطنين، بل وملاحقتهم.

ورغم كل الصعوبات والمخاطر، يوثّق الحقوقيون مئات الانتهاكات التي تقوم بها جماعة الحوثي بحق اليمنيين، لكن الصعوبات الأكبر تتمثّل في عدم تحرّك الحكومة الشرعية على المستوى المطلوب لتحريك هذا الملف دولياً، وهو أمل المهتمين بحقوق الإنسان في اليمن، حيث سيساعد التحرّك أمام المنظمات والهيئات في وضع النقاط على الحروف، وتسمية الأشياء بمسمياتها، وإعادة الاعتبار للمواطنين الذين تعرّضوا لتلك الانتهاكات، وفقدوا قدرتهم على الحياة الطبيعية نتيجة التهم الموجهة لهم، والتنكيل الذي لاقوه بسبب ذلك.

شريط الأخبار