الرئيسية > اخبار وتقارير > لماذا تراجع ترامب عن "تمزيق" الاتفاق النووي مع إيران؟

لماذا تراجع ترامب عن "تمزيق" الاتفاق النووي مع إيران؟

بعد أن ملأ الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، العالم ضجيجاً وهو يصرخ بأنه سيمزق الاتفاق النووي مع إيران، قرر الإبقاء عليه.

مسؤول أمريكي، رفض الكشف عن اسمه، أكد لـ"رويترز" ليل الاثنين الماضي، أن ترامب قرر الإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران، متراجعاً بذلك عن أحد أبرز وعوده الانتخابية بتمزيق هذا الاتفاق الذي أبرمته الدول الكبرى مع طهران في عام 2015.

لكن الرئيس ترامب هدد في المقابل بفرض عقوبات على طهران، "لا تتعلق ببرنامجها النووي؛ بل ببرنامجين عسكريين آخرين".

الاتفاق النووي الذي أبرمته الدول الكبرى مع إيران في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أكد المسؤول الأمريكي أن إدارة ترامب تعتبر، "استناداً إلى المعلومات المتوافرة لدى الولايات المتحدة"، أن طهران "تلتزم بالشروط" التي ينص عليها؛ ما يعني عدم فرض أي عقوبات أمريكية عليها بسبب برنامجها النووي.

لكن المسؤول لفت إلى أن الإدارة الأمريكية تعتزم فرض عقوبات على إيران؛ بسبب برنامجين عسكريين تُطورهما؛ أحدهما للصواريخ الباليستية والآخر للزوارق السريعة، مشدداً في الوقت نفسه على أن "إيران تبقى أحد أبرز مصادر التهديد لمصالح الولايات المتحدة والاستقرار الإقليمي".

- كلام في الهواء

وكان ترامب وعد مراراً، خلال حملته الانتخابية، بـ"تمزيق" ما اعتبره "أسوأ" اتفاق أبرمته الولايات المتحدة في تاريخها على الإطلاق، ولكنَّ وعده هذا ظل كلاماً في الهواء دون أي تطبيق ملموس، علماً أنه سبق أن أكد لضيوفه الخليجيين مراراً أنه سيراجع الاتفاق، متعهداً بكبح جماح نفوذ طهران في المنطقة والذي ازدادت وتيرته عقب الاتفاق.

لكن المعلومات التي تحدثت عنها إدارة ترامب بأن إيران ملتزمة بالاتفاق، دحضتها صحيفة "ذا ايلي كولر" الأمريكية، التي أشارت في عددها الصادر 16 من يوليو إلى حجم الانقسام داخل المجتمعين السياسيّ والأمنيّ في الولايات المتحدة حول الملف النووي.

فقد وجّه أربعة أعضاء من مجلس الشيوخ رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي يوم 11 يوليو الماضي، ذكروا فيها أربعة خروقات إيرانية؛ وهي: استخدام أجهزة طرد متطورة أكثر مما هو مسموح به، وتخطِّي حدود إنتاج وتخزين المياه الثقيلة، وإنتاج التكنولوجيا النووية والصاروخية من خارج خطة العمل، فضلاً عن رفض طهران دخول المفتشين الدوليين إلى منشآتها النووية والعسكرية.

لكنّ رسالة هؤلاء قابلتها رسالة أخرى وجهها 38 جنرالاً وضابطاً متقاعداً في القوات الأمريكية البرية والبحرية والجوية، رأوا فيها أن خطة العمل "حققت أهدافها" خلال السنتين الماضيتين.

الدكتور خليل جهشان، مدير المركز العربي للدراسات في واشنطن، رأى أن قراره الجديد يعتبر تراجعاً واضحاً وصريحاً للموقف الذي جعله إحدى أهم ركائز سياستها الخارجية، مشيراً إلى "أن روح المسؤولية كرئيس للولايات المتحدة هي من جعلته يتراجع".

وأضاف جهشان في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن "الضغوط الأوروبية أسهمت في قرار ترامب التراجع عن وعده بإلغاء الاتفاق مع إيران، على الرغم من أن هذا الوعد أسهم في تحسين علاقات بلاده مع دول الخليج، التي رأت أنه سيضع حداً للعنجهية الإيرانية في الشرق الأوسط".

وتابع أن "ترامب وصل إلى مفترق طريق جديد؛ نتيجة ضغوط أوروبية من جهة، والتركيز الأوروبي على أهمية الاتفاق، وأيضاً داخل الإدارة الأمريكية نفسها ليس هناك أي دعم لإنهاء الاتفاق؛ الأمر الذي جعله يعي أن وعده بتمزيق الاتفاق غير قابل للتحقيق".

- قنوات خلفية

على صعيد آخر، يرى متابعون للشأن الأمريكي أن ترامب لا يريد أن يخسر بإلغاء الاتفاق أي صفقات إيرانية محتملة أو أُبرمت مع شركات بلاده؛ فهو تاجر محترف، وأبدى تعطشاً للمال حتى مع حلفائه في الناتو وأوروبا ودول الخليج.

وسبق أن ذكرت صحيفة نيويورك تايمز في مايو الماضي، أن طهران تلقت تطمينات من أوساط أمريكية بأن إدارة ترامب مستعدة للقيام بعمليات تجارية معها، وتنتظر تسلُّم أسطول من طائرات بوينغ الأمريكية، عقب صفقتين بقيمة 22 مليار دولار مع "بوينغ" العام المقبل.

وبحسب الصحيفة، فإن آخر عقد وُقِّع بين "بوينغ" وطهران كان بعد شهرين من تولي الرئيس ترامب مقاليد الرئاسة، أي في مارس الماضي.

جهشان أشار إلى أهمية المحور الاقتصادي في قرار ترامب التخلي عن وعده بتمزيق الاتفاق النووي مع إيران، موضحاً أن "ترامب مهتم بما يسميه (أمريكا أولاً)، وإحياء الاقتصاد الأمريكي بجميع نواحيه، وهذا يدفع واشنطن لاستثمار علاقاتها الخارجية حتى مع إيران؛ لخلق وظائف واتفاقيات تجارية جديدة".

وكانت حملة ترامب الانتخابية تقوم بشكل كبير على إنعاش العمالة الصناعية المحلية، وبحسب "نيويورك تايمز" فإن إلغاء الاتفاق سيفقد 18 ألف فرصة عمل في الولايات المتحدة، الأمر الذي يريد ترامب تجنبه.

ووفقاً للصحيفة، سيكون من الصعب على الولايات المتحدة حلُّ المشكلات في لبنان وسوريا العراق واليمن من دون إيران، مشيرةً إلى أن الأعمال الاقتصادية ستفتح قنوات اتصال مع طهران.