الرئيسية > اخبار وتقارير > بعد اقتتال صالح والحوثي.. هل يعود حلف "المؤتمر" و"الإصلاح"؟

بعد اقتتال صالح والحوثي.. هل يعود حلف "المؤتمر" و"الإصلاح"؟

مثّل تحالف حزبي المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح، اللذين يعدان الأكثر شعبية في اليمن، نقطة استقرار في تاريخ اليمن الحديث- وإن كانت لفترة وجيزة- قبل أن ينتهي هذا التحالف عام 1997، ويتحول إلى عداء في الانتخابات الرئاسية عام 2006، ليبلغ ذروة العداء إبان ثورة الشباب السلمية في 2011.

تطور الأمر في العام 2014، عندما تحالف الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، الذي يرأس حزب المؤتمر، مع مليشيا الحوثي المدعومة من إيران للانقلاب على شرعية الرئيس هادي، وضرب حزب الإصلاح، الذي كان يمثل الجزء الحيوي في ثورة فبراير الشعبية عام 2011.

ولأن دوام الحال من المحال، بات تحالف المؤتمر، برئاسة صالح، مع الحوثيين في حلقته الأخيرة، التي أكدتها المواجهة المسلحة التي جرت السبت 26 أغسطس الجاري، في العاصمة صنعاء، بعد أيام من الاحتقان الرسمي والجماهيري بين الطرفين، الذي ظهر بقوة قبل أكثر من شهرين، عندما أعلن صالح حشداً في صنعاء بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس حزب المؤتمر.

- خلافات الحليفين

وبحسب خطابات وبيانات رسمية للطرفين فإن المؤتمر برئاسة صالح يشكو من تعسف الحوثيين في المؤسسات الحكومية والعامة، على الرغم من أنه هو من سلمها لهم نكاية بخصومه، فضلاً عن خلافات حول الحركة القضائية (تغيير توزيع القضاة في المحاكم)، وصرف المرتبات، واستحواذ الحوثيين على الإيرادات، وتغيير مناهج التعليم العام، وتخوين صالح وحزبه بتهمة عدم دعم الجبهات، وعلاقة الأخير بدول الإقليم واستقرار أبناء صالح وأمواله في دولة الإمارات.

ورغم أن مراقبين يشككون بجدية الخلافات الراهنة بين المخلوع والحوثي، فإن مقتل أحد رجالاته الأمنيين والسياسيين (خالد الرضي) في اشتباكات دارت لساعات جوار منزل نجل صالح، في منطقة المصباحي بصنعاء، وإمساك الحوثيين لأمن جنوب العاصمة التي كان يسيطر عليها أنصار صالح، أكدت أن التحالف بين الطرفين المتناقضين لن يستمر، وأن نهايته أصبحت وشيكة.

على وقع اشتباكات المصباحي وجد أغلبية اليمنيين أنفسهم منحازين ضد الحوثي، وتعالت أصوات لعودة التحالف القديم بين حزبي "المؤتمر" و"الإصلاح"؛ كقوة تخلص اليمنيين من هيمنة المليشيا الحوثية، والتمهيد لعودة العمل السياسي في البلاد التي سيطرت عليها أصوات الرصاص منذ نحو ثلاث سنوات.

لكن السؤال الذي يبرز في الأفق هل هناك فرص لعودة هذا التحالف؟ وهل هو السبيل الوحيد لضرب الحوثيين؟ خاصة أن هناك من يرى أن هذين الحزبين شريكان بصورة ما في وصول البلاد إلى هذه المرحلة.

- ضرورة للسلام

الكاتب والمحلل السياسي اليمني ثابت الأحمدي، أكد أن العلاقة الإيجابية بين المؤتمر والإصلاح "تعني استقرار اليمن.. تعني السلام الدائم في صورته التقليدية المعهودة؛ باعتبارهما أكبر حزبين سياسيين في البلد، ولهما من الأنصار والأتباع أيضاً الكثير".

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" يقول الأحمدي إن الأحداث الأخيرة أثبتت وجود "طرف ثالث يسعى لتوسيع هوة الشقاق بين حزبي المؤتمر والإصلاح؛ ليحل محلهما معاً، وهو الطرف الإمامي (الحوثي)".

وأوضح أن "حزب المؤتمر الشعبي العام هدف إمامي واضح مهما بدت التحالفات بينهما، ومن غير الموضوعية والإنصاف أن نجير المؤتمر حالياً كحزب متحالف مع (الإمامة)؛ بسبب توجه رئيسه الرجل الحاقد علی الحجر والشجر، ولن نستطيع أن نصف الحزب في الوقت الحالي إلا أنه حزب مختطف من قبل علي صالح؛ يتترس به للانتقام من خصومه".

- التوقيت الأنسب

وأضاف المحلل السياسي اليمني: "هذان الحزبان موجودان في كل قرية من قری اليمن، وتوحدهما يعني توحد اليمن، كما أن صراعهما يعني صراع اليمن، ولن يستفيد من ذلك إلا الكيان الإمامي (الحوثيون)".

وأكد الأحمدي أن الوقت الحالي هو أنسب الفرص علی الإطلاق، "خاصة بعد أن وصل المخدوعون بالحوثي إلی طريق مسدود، وكشر الحوثي عن أنيابه تجاه المؤتمر الشعبي العام".

وأشار إلى أنه "أصبح لزاماً علی المؤتمر اليوم أن ينضم إلی الشرعية وإلی الجمهورية، والتخلي عن تحالفاته مع الإمامة، التي ليست أكثر من خطوة تكتيكية عابرة".

على النقيض؛ يرى المحلل السياسي اليمني فؤاد مسعد، أنه لم يحصل شيء جديد يستدعي إعادة النظر في التحالفات القائمة.

ويجد أن "الإصلاح" يتفق مع المؤتمر الشعبي العام المؤيد للشرعية بقيادة الرئيس هادي، أما جناح المؤتمر الموالي لصالح والحوثيين فلا يزال ضمن التحالف الانقلابي.

ووفقاً لقراءته يبين مسعد أن "التحالف الانقلابي حين يتغير موقفه لمصلحة الشرعية واستعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، فالمتوقع أن تعيد الأحزاب والقوى السياسية النظر في موقفها منه، خاصة فك ارتباطه بصالح، الذي دفع به إلى الارتماء في أحضان الحوثيين من أجل تدمير الدولة وشن الحرب على اليمنيين".

- هزيمة صالح

وأشار مسعد في حديثه لـ"الخليج أونلاين" إلى أن "الأحداث الأخيرة أثبتت أن صالح صار فاقد القدرة على المناورة والحركة، ولم يعد يمتلك القوة الكافية للدفاع عن نفسه وأنصاره، فما بالك بمحاربة الحوثيين؟ وما قبول أنصاره بالاتفاق مجدداً مع الحوثيين إلا رسالة واضحة، مضمونها أن الحوثيين قادرون على هزيمة صالح والوصول إليه في غضون ساعات لا أيام".

ما يعزز هذا الاتجاه هو رد الفعل الهادئ من قبل صالح وأنصاره، فبيان قيادة الحزب كان ضعيفاً، ولم يشر حتى إلى مسؤولية الحوثيين، لكن خطاب صالح المتلفز في تشييع مسؤول العلاقات الخارجية في حزبه كان أكثر وضوحاً، عندما قال إن خالد الرضي لم يكن يحمل سلاحاً أصلاً، وإن الاشتباكات جاءت بعد استفزاز لموكب ابنه صلاح، الذي أبرز هويته لمسلحي الحوثي لكنهم أطلقوا النار على الموكب.

ورغم ذلك فإن مراقبين يرون أن صالح "ماكر"، ويتعامل بهدوء مع الحادثة لعدم ضمانه أي دعم خارجي في مواجهة الحوثيين عسكرياً، خصوصاً أن القوة العسكرية باتت لمصلحة الحوثيين رغم قلة شعبيتهم.

- الاعتذار أولاً

أمَّا القيادي في مقاومة صنعاء، عبد الكريم ثعيل، فيرى أن "المخلوع صالح والحوثيين ينفذون مسرحية لإخلاء العهدة التي تسلمها المخلوع لإقامة مهرجانات ذكرى تأسيس المؤتمر، التي كان الاتفاق أن يغير من خلالها الواقع في صنعاء لصالح النظام الجمهوري ضد الحوثية الكهنوتية"، بحسب وصفه.

وفي حديثه لـ"الخليج أونلاين" قال ثعيل: إنه "لو كان هناك معركة حقيقية فيكفي أن يظهر المخلوع ليعترف بخطئه ويعتذر للشعب، ويعلن أن معركته من اليوم ضد الكهنوت والإمامة الحوثية، وأنها معركة لأجل الجمهورية والشعب والوطن وليست لأجل سلطته أو عائلته أو حزبه".

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)