2017/01/11
بعد موت رفسنجاني.. 4 أسماء تتصارع على خلافة خامنئي

شكَّل موت أبرز مرشح لخلافة المرشد الإيراني علي خامنئي، هاشمي رفسنجاني، بارقة أمل بالنسبة لخصومه الـ4، بعد تصاعد حدة التصريحات والتراشقات الإعلامية طيلة الفترة الماضية بين المرشحين "الخصوم"، بالإضافة إلى تخوين بعضهم بعضاً، في حين وصلت اتهامات خامنئي لرفسنجاني مؤخراً بـ"الجهل وخيانة النظام".

ومنذ مرض مرشد إيران علي خامنئي، تشهد دولة "ولاية الفقيه" صراعاً متفاقماً على خلافة مرشدها الأعلى البالغ من العمر 76 عاماً، الذي لم يبقَ له، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة الديلي تلغراف، إلا أشهر معدودات من حياته، إثر التدهور المتزايد لصحته مؤخراً.

وتؤكد تقارير وجود صراع يدور خلف الكواليس حول اسم ومواصفات الشخص الذي سيخلف خامنئي حال غيابه عن منصبه؛ بالموت أو العجز أو العزل، كما أشارت التقارير إلى خمسة أسماء دخلت حلبة هذا الصراع الخفي، غيّب الموت أبرزهم وهو رفسنجاني، ليترك ساحة الصراع أمام الأربعة الآخرين؛ وهم: هاشمي شاهرودي، ومجتبى خامنئي (نجل المرشد الأعلى الحالي)، وصباح يزدي، وصادق لاريجاني.

- وفاة رفسنجاني!

وفي 8 يناير/ كانون الثاني، أعلنت إيران وفاة رئيس ما يعرف بـ"مجمع تشخيص مصلحة النظام"، أكبر هاشمي رفسنجاني، وهو رئيس إيراني سابق أيضاً، مساء الأحد، عن عمر ناهز الـ83 عاماً، بعد دخوله المستشفى إثر تعرضه لجلطة قلبية، بحسب وكالة فارس الإيرانية للأنباء.

ولد المسؤول الإيراني، الذي بات يُنظر إليه في السنوات الأخيرة باعتباره أحد رموز التيار الإصلاحي، في إيران عام 1939، وينظر إليه أيضاً على أنه أحد أبرز مؤسسي النظام الإيراني الحالي، وعُرف بصداقته وولائه المطلق للخميني، حيث شغل منصب رئيس الجمهورية في الفترة من 1989-1993، وأُعيد انتخابه لفترة رئاسية ثانية عام 1993-1997.

وعُيّن رفسنجاني، بعد سقوط الشاه وتولي الخميني الحكم، بمجلس الثورة، وشارك في تأسيس الحزب الجمهوري الإسلامي، وأسس لنفسه قاعدة سياسية، حيث تولى رئاسة مجلس الشورى الإيراني في الفترة من 1980 حتى 1989، وتولى مهمة رئاسة القوات المسلحة في الفترة من 1988 حتى 1989.

ففي تغريدة نشرها في مارس/آذار الماضي، شدد رفسنجاني على أهمية الحوار في حل المشاكل بين البلدان، قائلاً: "عالم الغد هو عالم الحوار، وليس عالم الصواريخ"، ويبدو أن تلك التغريدة قد فتحت "شهية" خامنئي وأنصاره لشن حملات إعلامية منظمة ضد كل من رفسنجاني وروحاني، الداعييْن إلى إجراء الإصلاحات الداخلية وتغيير السياسة الخارجية الإيرانية.

ووصف خامنئي دعوة رفسنجاني حول عالم الغد، بأنها: إما "ناجمة عن الجهل وإما خيانة للنظام"، وبعد تصاعد شراسة التصريحات الإعلامية بين المتخاصمين، فتحت وفاة رفسنجاني الباب على مصراعيه وتزايد الشكوك في تعرضه لحادثة قتل وليس موتاً طبيعياً، بحسب مواقع إيرانية أشارت إلى أن موت رفسنجاني كان مفاجئاً، ولم يعاني أي تدهور صحي وكان يمارس عمله في مكتبه بشكل طبيعي قبل ساعات من إعلان وفاته.

- خامنئي.. المرحلة الأخيرة واختيار الخليفة

منذ عام 2015، أشارت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، نقلاً عن مصادر استخباراتية غربية، حول شائعات اختفاء خامنئي عن الظهور، إلى أن "إصابة خامنئي بسرطان البروستاتا وصلت إلى المرحلة الرابعة والأخيرة، بعد أن انتشر في جميع أنحاء جسده".

ومع أنه لا جديد بشأن حالة خامنئي الصحية، لكن الجديد هو ما يخص خلافة الرجل الأقوى في إيران، كما يوصف محلياً ودولياً، فهذه هي المرة الأولى التي سيتم فيها اختيار مرشد أعلى، ليس من قبل المؤسس "الخميني"، الذي قاد ثورةً ضد شاه إيران السابق، ولكن من قِبل المتصارعين أنفسهم، حيث لم يرشح خامنئي اسماً معيناً لحد الآن.

وقبيل وفاة رفسنجاني، أكدت العديد من التقرير أن حسم صراع عرش "ولاية الفقيه" سيكون بين صباح يزدي وصادق لاريجاني تحديداً؛ لكونهما يحظيان بعلاقات واسعة وقبول جيد من قيادات الحرس الثوري الإيراني صاحب الصوت الأعلى على الساحة الإيرانية، و"الحرس الثوري" هو الذي سيحسم هذا الصراع في النهاية بميله إلى أحد الاسمين.

حظوظ الفقيه محمد تقي مصباح اليزدي للترشح لمنصب المرشد الأعلى كبيرة، وهو محسوب على التيار المحافظ اليميني الذي يرهب الإصلاحيين والتيارات المحافظة وسط الخريطة السياسية على حد سواء.

ويعزو البعض احتمال اختيار رجل الدين المتشدد مصباح يزدي إلى أنه معروف بولائه الكامل لـ"الحرس الثوري" وداعم له، ويتوقع أن يكون لـ"الحرس" الدور الأكبر في حال حصل يزدي على المنصب، ولكن صادق لاريجاني، الذي يترأس القضاء، يحظى هو الآخر بدعم "الحرس الثوري".

ومع أن لاريجاني يُعتبر فقيهاً شاباً وأقل خبرة من رفسنجاني وشاهرودي، لكنه في المقابل، يُعتبر في مستوى رفيع بين "آيات الله"، وله حظ معقول ليصبح المرشد الأعلى، كما أنه من عائلة مهمة؛ لكونه نجل الفقيه المعروف هاشم أمولي، وأحد أشقائه هو علي لاريجاني، رئيس البرلمان الذي شغل في الماضي منصب قائد لـ"الحرس الثوري"، بالإضافة إلى شقيقه الآخر، جواد لاريجاني، الذي كان يرأس معهد الدراسات التابع للبرلمان الإيراني، ويتولى منصب المستشار السياسي لخامنئي، ولديه ارتباط بـ"الحرس الثوري" هو الآخر.

ويُعتبر صادق لاريجاني، مثل شقيقه علي لاريجاني، أحد المحافظين المتشددين في الحكومة الإيرانية، وهو ممن تمسك بمواقف خامنئي في كل ما يتعلق بالحفاظ الصارم على قيم الثورة التقليدية.

- مرجعيات "قم" ودورها الخفي

يرى الدكتور عبد الله حسيني، الخبير بالشأن الإيراني، أن "مرجعيات (قم) سيكون لها هي الأخرى دور مهم في اختيار الولي الفقيه القادم إذا أعلن المراجع الكبار اصطفافهم مع أحد المرشحين للمنصب، فإن بعض هؤلاء المراجع له أتباع وتلاميذ بالآلاف، وسيكون لبعضهم تأثير على الرأي العام داخل المرجعيات، وحتى داخل مجلس الخبراء الذي ستناط به عملية التصويت على المرشحين وفقاً لمواد الدستور".

 

ويقول حسيني لـ"الخليج أونلاين": "يتم انتخاب المرشد الأعلى من قِبل مجلس الخبراء، ويمكن لمجلس الخبراء -استناداً إلى الدستور- أن يعزل القائد من مهامه في حال عجزه عن أداء واجباته الدستورية، وفي حال فقدانه صفة من صفات الأهلية التي نصت عليها المادتان (5) و(109) من الدستور".

من جانبه، يرى عادل السويدي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الأحوازية (حزم)، أن "نشوب صراع فكري وسياسي في إدارة شؤون السلطة ومنصب الولي الفقيه بعيد عن الحقيقة، فهم جميعاً متفقون في إدارة الصراعات السياسية الكبرى في الداخل والخارج، وكلهم يحاولون الحفاظ على هذا الدور بحكم برنامجهم السياسي الموحد، علماً بأن التفكير الفارسي الإيراني يختلف عنا كعرب في إدارة السلطة والأنظمة".

ويضيف السويدي لـ"الخليج أونلاين": "علينا التذكير بما جرى للقيادة الإيرانية خلال 36 عاماً الماضية، وكم ونوعية الخلافات في الخط السياسي الإيراني الأول، سواء على مستوى الرؤية السياسية أو المذهبية، وكيفية معالجة وتصفية كل التناقضات التي مرت بها إيران، ولكن النظام ظل محافظاً على تماسكه".

وفيما يخص مواصفات الولي الفقيه القادم، يقول السويدي: "لم يكن خامنئي من الناحية الدينية أو المذهبية أو الاجتهادية هو الأبرز على صعيد فقهاء إيران حينما تقلد المنصب، وإنما كان هو المعبّر عن مصالح إيران ورؤيتها السياسية المتناقضة، والشخص الذي سيأتي سيقوم بالدور ذاته، ويرضي المؤسسة الحاكمة الفعلية".

ويحظى الولي الفقيه بصلاحيات واسعة كفلها له الدستور، منها القيادة العامة للقوات المسلحة، وتعيين رئيس السلطة القضائية، والتصديق على صلاحيات رئيس الجمهورية بعد انتخابه، وتعيين رئيس مجلس صيانة الدستور، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام. كما يحق له إلغاء قرارات البرلمان وإعلان الحرب والسلم، ما يجعل غياب المرشد؛ بوفاته أو عجزه، يحدث فراغاً كبيراً في إيران، مع أن الدستور خول رئيس مجلس الخبراء القيام بمهام المرشد لحين اختيار مرشد آخر.

ويتسلم المرشد القادم مهام عمله في ظروف داخلية وإقليمية ودولية تتسم بالصعوبة والتعقيد، فقد أسهم انخفاض أسعار النفط دولياً، بالإضافة إلى العزلة الدولية التي تعانيها إيران، في فرض واقع اقتصادي داخلي صعب، في حين تجد إيران نفسها في أكثر من مواجهة إقليمية بسبب أحلامها التوسعية، في حين كانت تنظر لأحلام واستحقاقات أكبر بعد تصفية حسابات ملفها النووي مع المجتمع الدولي، إلا أنه اتضح عكس ذلك.

وكان الخميني أول من أنيطت به مهام ولاية الفقيه في إيران بعد الثورة عام 1979، إلى أن توفي عام 1989، فتولى المرشد الحالي، علي خامنئي، هذا المنصب منذ أكثر من ربع قرن من الزمان ولا يزال.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandabpress.com - رابط الخبر: https://mandabpress.com/news38212.html