قال وزير الصحة اليمني رياض ياسين ان اليمن شهد فترة إنتقالية صعبة ، لكنه يشهد تحسنا فى الكثير من الأمور منذ تولى الحكومة الجديدة، وأصبحت هناك رؤية واضحة الآن بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطنى، تتمثل فى أنه لا يمكن الآن الرجوع إلى الخلف أو الارتباط بالماضى، الذى ارتكبت خلاله أخطاء جسيمة من قبل قيادات النظام السابق.
وقال ياسين في حوار لجريدة الأهرام المصرية أن اتفاق السلم والشراكة جاء مكملا لمخرجات الحوار الوطنى، ويمثل عملية إعادة صياغة لمخرجات الحوار بشكل عملى لنقاط محددة، وجماعة أنصار الله الحوثيين قد تسرعت باتخاذ بعض الخطوات من حيث الدخول إلى صنعاء، وعلى الحوثيين أن يكونوا جزءا من المشهد السياسى ومن فاعلياته وتركيبته، لكن ليس بالطريقة التى تحدث على أرض الواقع.
وقال الوزير أنه لا أخفى أن هناك قلقا من المجتمع الدولى نتيجة لما هو حادث على الأرض، لكننى أوضح أنه ليس بتلك الصورة المأساوية التى يعتقد البعض أنها موجودة، لأن الحوثيين لا يمتلكون الإمكانات التى تمكنهم من تولى مسئولية الأمور فى البلاد، وهم يهدفون من وراء ما يفعلون أن يكونوا جزءا من العملية السياسية. قد يكون لديهم بعض الحق فى بعض الجوانب لكن الطريقة التى سلكوها هم وقواعدهم غير مقبولة لدى الكثيرين.
وقال زير الصحة أن هناك إقرار ملزم ضمن خطة عمل الحكومة بأن تعود الميليشيات المسلحة التى تسيطر على المرافق الحيوية بالبلاد والمقار الحكومية أدراجها وتتوقف عن السيطرة على مناطق خارج أماكن وجودها،
وقال الوزير رياض ياسين في مطلع سؤاله عن القوى الداخلية والخارجية التي ساعدة الحوثيين أن الحوثيين قد حصلوا على دعم من قوى داخلية واهمها عناصر النظام السابق وهنالك أيضا أجندات خارجية وقال نأمل أن يكون لإيران دور إيجابي في اليمن.
نص الحوار
ما هو الموقف على الساحة السياسية اليمنية الآن فى ظل سيطرة الحوثيين على العاصمة وانتشار الأسلحة واستمرار المواجهات؟
شهد اليمن خلال الفترة الانتقالية السابقة أحداثا صعبة، لكنه يشهد تحسنا فى الكثير من الأمور منذ تولى الحكومة الجديدة، وأصبحت هناك رؤية واضحة الآن بعد نجاح مؤتمر الحوار الوطنى، تتمثل فى أنه لا يمكن الآن الرجوع إلى الخلف أو الارتباط بالماضى، الذى ارتكبت خلاله أخطاء جسيمة من قبل قيادات النظام السابق، التى كانت تستحوذ على كل مقومات الدولة وتدير الأمور وفق أهوائها، لكن الحادث الآن هو وجود إجماع يمنى على أنه لا يمكن لأى فصيل أو شخص أو مكون أو حزب أن يسيطر على المشهد وحده، وذلك يمثل بداية أن يكون اليمن واحدا من الدول التى ستشهد تغييرا جذريا فى طبيعة التركيبة السياسية، وليس هناك من يستطيع أن يعيق هذه التجربة، كما أن هناك إجماعا خليجيا وعربيا ودوليا على ضررورة تجاوز هذه الفترة العصيبة من تاريخ اليمن، والأوضاع فى اليمن ليست كما يتصور البعض بأن هناك نوعا من الانفلات الأمنى الكبير وعدم وجود سيطرة على الأمور.
بالرغم من توقيع اتفاق السلم والشراكة مع الحوثيين مازالوا يحاولون السيطرة على البلد؟
اتفاق السلم والشراكة جاء مكملا لمخرجات الحوار الوطنى، ويمثل عملية إعادة صياغة لمخرجات الحوار بشكل عملى لنقاط محددة، وجماعة أنصار الله الحوثيين قد تسرعت باتخاذ بعض الخطوات من حيث الدخول إلى صنعاء وحصارها ومحاولة التمدد إلى مناطق أخرى، لكن العقلاء منهم أدركوا أخيرا أن الأمور لا تحل بمثل تلك الطريقة، وعلى الحوثيين أن يكونوا جزءا من المشهد السياسى ومن فاعلياته وتركيبته، لكن ليس بالطريقة التى تحدث على أرض الواقع، لأن هذا يعطى انطباعا سيئا وغير حقيقى عن حقيقة الأوضاع فى اليمن، ولا أخفى أن هناك قلقا من المجتمع الدولى نتيجة لما هو حادث على الأرض، لكننى أوضح أنه ليس بتلك الصورة المأساوية التى يعتقد البعض أنها موجودة، لأن الحوثيين لا يمتلكون الإمكانات التى تمكنهم من تولى مسئولية الأمور فى البلاد، وهم يهدفون من وراء ما يفعلون أن يكونوا جزءا من العملية السياسية، قد يكون لديهم بعض الحق فى بعض الجوانب لكن الطريقة التى سلكوها هم وقواعدهم غير مقبولة لدى الكثيرين، ونحاول أن نتلافى الكثير فى هذا الجانب حتى لا تنفجر الأمور وتأخذ منحنى آخر يفاقم الأوضاع، وهناك إقرار ملزم ضمن خطة عمل الحكومة بأن تعود الميليشيات المسلحة التى تسيطر على المرافق الحيوية بالبلاد والمقار الحكومية أدراجها وتتوقف عن السيطرة على مناطق خارج أماكن وجودها وألا تعمل على زيادة التوتر الحادث، من ناحية أخرى هناك إدراك بأنه لا يمكن لبعض القيادات من الحوثيين أن يسيطروا حتى على عناصرهم المنتشرين فى بعض المناطق الأخرى وليس من مصلحتهم الاستمرار فى هذه العملية على الاطلاق لأنه لا يخفى على أحد أن الدولة صمدت خلال الفترة الماضية ومن خلال الرئاسة الشرعية حتى تكونت الحكومة الحكومة الجديدة التى بدأت فى التعامل مع هذه الملفات بفاعلية أكبر وهو ما سيساعد على عودة الهيبة للدولة.
هل إيران وحدها هى من تقف خلف الحوثيين أم أن هناك قوى داخلية تساعد؟
نعم هناك قوى داخلية ساعدت ودعمت الحوثيين فى التمدد داخل اليمن، من بينها بعض عناصر النظام السابق التى أرادت العودة عن طريق استخدام التمرد الحوثى كحصان طروادة للعودة بعجلة التاريخ للخلف، بالإضافة إلى وجود أجندات خارجية تريد استغلال ما يحدث فى اليمن لتحقيق مآربها الخاصة ولتهديد بعض دول الجوار.
كيف ستتعاملون مع التدخلات الإيرانية؟
نأمل أن يكون لإيران دور إيجابى فى اليمن، لأنه ليس من مصلحة أى دولة قريبة أو بعيدة ألا يستقر اليمن، وكما أنه لا يمكن لأى مكون حزبى أو فصيل أن يسيطر على المشهد السياسى فى اليمن فإنه أيضا لا يمكن لأى دولة خاصة إذا كانت لا ترتبط بحدود معنا أن تفرض أجندتها الخاصة على الوضع فى اليمن أو أن تهيمن عليه، فاليمن ليس كبعض الدول المجاورة لإيران التى يمكن أن تتسلل إليها، ودول جوار اليمن والمجتمع الدولى لن يسمحوا بذلك، وقبل كل ذلك اليمنيون أنفسهم لن يسمحوا بذلك فهم يتمتعون باستقلالية مهما كانت الظروف الصعبة التى يمرون بها، وإذا أراد الإيرانيون أن يلعبوا دورا فى اليمن فيمكن ذلك من خلال مساندتهم للتنمية فى البلاد واستقرار الأوضاع وفى تهدئة بعض الأطراف، وهناك قنوات دبلوماسية مفتوحة مع إيران والسفير الإيرانى قد وصل قبل عدة أسابيع تمهيدا لعودة العلاقات لطبيعتها لكن التفجير الذى طال السفارة ومنزل السفير فى صنعاء عمل على تأزيم الأمور وإظهار أن هناك عداوات مستمرة.
وماذا عن محاولات الحوثيين السيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجى؟
مسألة السيطرة على مضيق باب المندب ليست عملية بسيطة، وليس بمقدور أى فصيل أو قوة السيطرة عليه، والحوثيون ليس لديهم الإمكانات البشرية أو المادية أو العسكرية التى تمكنهم من السيطرة على المضيق، ولن يسمح لهم بذلك لا على المستوى الداخلى ولا الإقليمى ولا الدولى، وهم يرسمون هالة ضخمة حول قدراتهم تظهرهم أمام العالم بالمسيطرين على مقاليد الأمور بالبلاد حتى يستفيدوا من خلال ذلك فى أى حوار قادم، ومضيق باب المندب ممر دولى استراتيجى وكل دول العالم تراقب الوضع لأهميته بالنسبة للتجارة العالمية، وكانت هناك تجربة سابقة أثناء حرب 1967 عندما أرسلت مصر بارجة حربية لحماية المضيق خوفا من السيطرة عليه.
هل هناك محاولات من الدولة لإيجاد تسويات مع الحوثيين واستيعاب قواتهم؟
الدولة ملتزمة باتفاق السلم والشراكة الموقع معهم الذى أعطاهم كل مطالبهم، وينص الملحق الأمنى للاتفاق على أنه عندما تبدأ الحكومة فى عملها يبدأ الانسحاب التدريجى والمبرمج للميليشيات من مختلف المناطق، وبالفعل تم هذا الجانب خاصة داخل صنعاء ومعظم الوزارات الآن تحت سيطرة الحكومة الشرعية، وإن وجدوا ففى شكل أفراد ولجان ثورية رافعين شعارات محاربة الفساد وتحاورنا معهم بأنه يجب السير فى أطر معينة، وأن الحكومة جاءت بالأساس لمحاربة الفساد فمهما كانت الدولة هشة أو ضعيفة إلا أنه لا تزال هناك مؤسسات قائمة يمكن من خلالها العمل على محاربة الفساد وبدأوا يقتنعون بذلك ولا توجد لديه النية للتصعيد فى الوقت الراهن، وبالنسبة لاستيعاب عناصرهم ضمن قوات الجيش والأمن بشكل منظم ومرتب فإن هذا سيتم بشكل تدريجى، والوقت الحالى فى اليمن لا يسمح لأى طرف بمجابهة الآخرين واستخدام العنف، لأنه ستكون له انعكاسات سلبية لا يمكن السيطرة عليها فى ظل الوضع المعقد وانتشار السلاح.
ما هى استراتيجيتكم للتعامل مع الإرهاب؟
الإرهاب مشكلة دولية، والإرهابيون دائما ما يستغلون أماكن الصراعات التى تكون فيها سيطرة الدولة هشة وضعيفة، لكن هناك إجماع دولى وإقليمى على ضرورة محاربة الإرهاب، والعمليات الإرهابية فى اليمن أصبحت الآن محدودة أكثر من ذى قبل، ولم تعد تهدف إلى إسقاط مناطق وإخضاعها للإرهابيين كما حدث فى فترات سابقة، وهى الآن عبارة عن عمليات انتقامية جعلت المتعاطفين معهم يعيدون النظر فى رؤيتهم لخطر هذه الجماعات على الاستقرار.
وماذا عن الاشتباكات بين القاعدة والحوثيين؟
محاربة تنظيم القاعدة والإرهابيين بالأساس هى مسئولية الدولة، وأى طرف يعتقد أنه سيكون البديل عن دور الدولة سيكون هو الخاسر فى النهاية مهما تكن قوته، وعلى الحوثيين أو غيرهم الذين يعتقدون أن لهم دورا فى محاربة القاعدة عليهم أن يكونوا مساندين للدولة ودعمها فى كيفية محاربة الإرهاب وليس التعامل من تلقاء أنفسهم، فالدولة تحارب الإرهاب وفق خطوات واضحة ومدروسة وتحجج مليشيات الحوثييين بانتشارها لمحاربة الإرهاب سيوسع من دائرة العنف والعنف المضاد وتأجيج الصراع.
التقارب بين الحوثيين والتجمع اليمنى من أجل الإصلاح كيف سيؤثر على استقرار الأوضاع؟
أى تقارب ما بين المكونات والفصائل السياسية مطلوب من أجل استقرار اليمن، وأى حوارات لا تستخدم فيها وسائل العنف هى مرغوبة ومطلوبة.
كيف ترون عودة الرئيس السابق على عبدالله صالح لتصدر المشهد السياسى؟
ليس هناك إمكان نهائيا لعودة صالح للحياة السياسية، فهذا الموضوع منته ولا عودة إلى الوراء، فالأمور تسير بشكل مرتب وفقا لمخرجات الحوار الوطنى وهناك دستور جديد تتم صياغته وسيتم الاستفتاء عليه خلال أشهر، وهناك إجماع يمنى أولا وإقليمى ودولى ثانيا على قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادى لهذه المرحلة، كما أن هناك إجماعا على أن الانقلاب على مخرجات الحوار الوطنى أو على الرئيس هادى انقلاب على إرادة الشعب اليمنى فى التغيير، وإذا كانت هناك أحلام لعودة النظام السابق فهى تبقى ملكا لصاحبها وعليه أن يتحمل نتائجها.
الحراك الجنوبى يصعد من احتجاجاته مما ينذر بأن الانفصال أصبح لا مناص عنه؟
الوضع بالنسبة للقضية الجنوبية فى طريقه لإيجاد حل عادل ليس بالانفصال، وقد كانت هناك تجربة سابقة فى الانفصال لم تنجح وعاد الشطران الشمالى والجنوبى للاندماج مرة أخرى، والداعون للانفصال وهم أقلية ليست لديهم رؤية واضحة لما يدعون إليه، ويعتقدون أن تحقيق مطلب الانفصال وحده كفيل بحل الأمور فى الجنوب، ولكن الأمور أكثر تعقيدا تحتاج إلى بناء الإنسان فى الجنوب الذى تم تهميشه خلال السنوات الماضية وإعادة بناء البنية التحتية به، ثم بعد فترة قد تصل إلى عشر سنوات أو أكثر إذا كان هناك استقرار أمنى واقتصادى يمكن ساعتها إجراء استفتاء على الانفصال إن ظل المطلب موجودا، لكن الانفصال الآن سيؤدى إلى تفتيت الجنوب والاحتراب الأهلى لعدم وجود قيادة موحدة للجنوب.
وماذا عن الأوضاع الصحية باليمن فى ظل الوضع الأمنى؟
الحكومة الحالية تواجه تحديات كبيرة وأوضاعا اقتصادية صعبة وبنية تحتية متهالكة، ونؤسس لإيجاد منظومة صحية أفضل وفق المتاح قابلة للتطوير والبناء فى المستقبل، نستلهم فى ذلك نماذج استطاعت تطوير منظومتها الصحية مثل كوبا وفيتنام بالرغم من قلة الإمكانات لكنها نجحت بفضل امتلاك القيادة الرؤية الواضحة، والحكومة تعمل على استقرار الأمن وأن يلمس المواطن اليمنى تحسنا ملموسا خاصة فى قطاعى التعليم والصحة، وسوف يكون لمصر دور مهم فى مجال تطوير الصحة وتدريب الكوادر، من خلال تطوير النهوض بالعلاقات الصحية بين البلدين خاصة فى ضوء أهمية دور الأطباء المصريين الذين يعملون باليمن فى النهوض بالقطاع الصحى باليمن وتطويره، ولدينا رؤية فى إيجاد منظومة صحية جديدة سيتم تطبيقها داخل المجتمع اليمنى وسيكون للخبرات المصرية دور كبير فى كيفية تفعيلها والاستفادة منها.
حاوره - حسام كمال الدين - جريدة الأهرام المصرية