الرئيسية > تحقيقات وحوارات > باعوم: الوضع الصحي في اليمن ينذر بكارثة

باعوم: الوضع الصحي في اليمن ينذر بكارثة

باعوم: الوضع الصحي في اليمن ينذر بكارثة

أكد نائب وزير الصحة اليمني الدكتور ناصر باعوم أن الأزمة الحالية التي يشهدها اليمن تسببت في ظهور أمراض لم تكن موجودة من قبل، مثل مرض حمى الضنك الذي انتشر بصورة كبيرة، وكذلك الملاريا، محذرا من إمكان عودة بعض الأمراض التي تم القضاء عليها في وقت سابق، مثل شلل الأطفال.

وانتقد باعوم ضعف الموازنة المرصودة للصحة، قائلا إنها لا تتجاوز 2.5% من إجمالي الموازنة العامة، مؤكدا أن هذا هو السبب في هجرة الكفاءات الطبية إلى الخارج. كما اعترف بوجود الأدوية المهربة والمزيفة، قائلا إن مسؤولية ظهورها لا تقتصر على وزارة الصحة فقط، بل تشارك فيها جهات أخرى مثل حرس الحدود ومكافحة التهريب، مشيرا إلى أن متنفذين يقومون بشطب البلاغات القضائية التي تقدم ضد المهربين. هذا وغيره تجدونه بين سطور الحوار التالي:

 

كيف تتعاملون في الوقت الراهن مع الوضع الصحي، لا سيما مع انتشار حمى الضنك؟
الوضع الصحي حاله كباقي الحالات الاجتماعية في اليمن، صعب جدا ومزرٍ للغاية، فهناك نقص كبير في الأدوية، إضافة إلى مشكلة انقطاع الكهرباء، والشح الكبير في الأدوية والمحاليل الطبية، وكذلك النقص في العنصر البشري، والتلوث البيئي من أثر الحرب. وقبل كل هذا عدم وجود مياه صالحة للشرب، وانتشار الجثث في الشوارع وغياب عمال النظافة. كل هذه مشكلات تؤدي إلى تفاقم الوضع الصحي. لكن أكبر معضلة تواجه اليمن هي انتشار حمى الضنك في عدن، وتحديدا في كريكر، وبلغنا أخيرا أن المرض وجد في شبوة وأبين وحجة. ورصدت حالات كثيرة للإصابة بمرض الملاريا في تعز والحديدة، وهذه الأمراض تنتشر كما هو معروف في ظل غياب النظافة والمياه الصحية وكلها عوامل مؤثرة جدا.
تحدثتم مرارا عن خطورة الأمراض المستوطنة في القرن الأفريقي، صف لنا المخاطر
فيما يتعلق ببرامج الصحة الأولية وللأمانة حققنا أشياء طيبة جدا، وكما تعرف أن اليمن خالٍ منذ عام 2006 من شلل الأطفال، وهذا أتى بفعل تنشيط مراكز التحصين الثابتة، والحملات الوطنية المتكررة، بعضها مرتان في السنة للتحصين ضد شلل الأطفال، الآن وفي ظل ظروف الحرب والإمكانات الشحيحة لإجراء مثل هذه الحملات، فنحن نخشى أن نكون عرضة لعودة مثل هذه الأوبئة، مثل شلل الأطفال وغيرها، خاصة أن لدينا قادمين بأعداد كبيرة من القرن الأفريقي وسورية والعراق، وهي مناطق تنتشر فيها حالات أوبئة، ونأمل ألا تنتشر مثل هذه الحالات في اليمن، لأن أثرها سينعكس على الدول المجاورة كافة، ونأمل أن تضع الحرب أوزارها حتى تقوم برامج الرعاية الأولية بدورها.
ما هي أسباب تدهور الأوضاع الصحية في اليمن؟
سأكون صريحا معك، ما يعتمد في موازنة الدولة لقطاع الصحة لا يصل إلى 2.5% من إجمالي الموازنة، وهذا السبب أدى إلى هرب الكادر الطبي اليمني ودفعه إلى الهجرة للخارج. كما أن عدم توافر الأجهزة والمعدات الضرورية للتشخيص، والنقص الكبير في القطاع الطبي التشخيصي، من حيث التجهيزات والمحاليل والتقنيات الحديثة، جميعها أسباب أدت إلى تدهور القطاع الصحي، واليمن بها كوادر طبية مميزة، من أطباء ومساعدي أطباء وممرضين وفنيين. ولكن الرواتب غير مغرية، إضافة إلى أن موازنة الدولة لا تفي بالغرض، كل هذه كانت عوامل منفرة وطاردة وليست عوامل جذب واستقرار.
ماذا عن الخدمات الصحية في الأرياف؟
شحيحة لأبعد مدى، في البنية التحية استطعنا أن نقيم مستشفيات ريفية في معظم المديريات، وأنشأنا وحدات صحية في كل قرية، ولكن بكل أسف معظمها لا تعمل، والمسؤولية لا تقع على وزارة الصحة لوحدها، لأن نظام السلطة المحلية شريك بشكل كبير، وبنسبة تتجاوز 80% في هذا الجانب، وهناك تقاعس وعدم تفعيل، وغياب مبدأ الثواب والعقاب. فالمستشفى الريفي لديه موازنة تشغيلية، وطاقم عامل، وعند زيارتك تجد أن الذين يتقاضون الرواتب قرابة 150 شخصا، بينما لا يزيد الطاقم العامل على أرض الواقع على 30 شخصا فقط، فأين البقية. وأين دور السلطة المحلية وهذا فساد إداري.
يلاحظ أنه لا توجد أدوية تصرف مجانا للمرضى، ما السبب في ذلك؟
هذا غير صحيح، هناك أدوية مجانية توزع حسب الإمكانات، وقد تكون دون المطلوب، البرنامج الوطني للإمداد الدوائي في اليمن موازنته مليارا ريال يمني، توزع بين أدوية السرطان وأدوية مرضى الكلي، هذا يستلزم أكثر من نصف هذا المبلغ، أما المتبقي فيذهب لبقية الأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم وأمراض القلب، ولكنها لا تلبي 20% من حاجات السكان.
هناك إحصاء يقول إن 60% من الأدوية في اليمن مهربة أو مزورة، ما صحة ذلك؟
التهريب والتزوير موجود، ولكن لا أستطيع إعطاء رقم محدد، وأعتقد أن هذه النسبة مبالغ فيها، وكما تعرف المسؤولية مشتركة. فوزارة الصحة لديها الهيئة العليا للأدوية والإدارة العامة للصيدلة، والتموين الطبي، بالتنسيق مع السلطات المحلية، في المديريات والمحافظات. ولكن نتساءل أين دور حرس الحدود والجمارك ومكافحة التهريب؟ لدينا حدود بحرية بطول 2500 كيلومتر، ولذا تدخل زوارق المهربين وحدودنا كبيرة، وحرس الحدود إمكاناته قليلة جدا. وهناك أيضا الفساد الإداري، حيث يتم الإبلاغ عن وجود أدوية مهربة، ويتم إشعار حتى بعض السلطات القضائية كالنيابة العامة وغيرها، ولكن المتنفذين يلعبون دورا كبيرا في إنهاء القضايا، وتقييدها ضد مجهولين ولذا المسؤولية مشتركة.
هل لديكم حلول لمشكلة غسيل الكلى؟
بالتعاون مع أشقائنا في مركز الملك سلمان للإغاثة، ومع هيئات الهلال الأحمر بدول الخليج، والجمعيات الخيرية، سنبحث عن حل لهذه المشكلة لتوفير هذه المحاليل، لكن حتى إذا أرسلنا المحاليل إلى اليمن فهناك مشكلة في التيار الكهربائي، وإذا توافرت الكهرباء فلا بد من توفير الجهات الأمنية الحريصة على إيصال هذه الخدمة إلى مستحقيها، ونتمنى بالتعاون مع دول الخليج والداخل أن نعمل معا، فلدينا مراكز توقفت عن العمل تماما، وفي عدن على سبيل المثال توجد أربعة مراكز لغسيل الكلى، توقفت ثلاثة منها تماما، ولم يبق إلا مركز واحد بمستشفى الصداقة، فيه سبع ماكينات للغسيل، خمس للكبار واثنتان للأطفال.
ما أبرز أسباب معوقات الحوار الوطني من وجهة نظركم؟
الحوار الوطني خرج بمخرجات ممتازة، سواء في صنعاء أو الرياض، ومن يعرقل الحوار هو من يحمل البندقية لإعاقة الوطن.