أبدت العديد من رموز النخبة السياسية اليمنية استياءها الشديد من الموقف الغريب لقوات التحالف العربي التي اقتصرت عملياتها على الضربات الجوية ?كثر من شهرين ونصف، دمرت خلالها البنية التحتية والمعسكرات ولم تف بالتزاماتها بدعم المقاومة الشعبية على الأرض.
وقالت العديد من المصادر السياسية ل-»القدس العربي» ان موضوع دعم قوات التحالف العربي لقوى المقاومة في اليمن أمر أصبح مشكوك فيه، لكثرة الوعود التي تطلقها قوات التحالف لدعم المقاومة على الأرض دون أن تجد لها طريقا للتنفيذ.
وذكرت أنه منذ انطلاق عملية عاصفة الحزم نهاية آذار (مارس) الماضي وما تلتها من عملية إعادة الأمل والوعود تطلق بشكل مستمر بدعم المقاومة على الأرض كبديل للإنزال البري لقوات التحالف الذي سيكون مكلفا جدا لها وسيدفع بالأمور نحو المزيد من التعقيد عسكريا وسياسيا.
وأوضحت ان المقاومة الشعبية في اليمن تشجعت بشكل كبير بالتدخل العسكري الخليجي عبر الضربات الجوية المكثفة والنوعية لوضع حد للتمدد الحوثي المدعوم من قوات الرئيس السابق علي صالح، فاتسعت دائرة المقاومة وامتدت لتشمل العديد من المحافظات اليمنية في الجنوب والوسط والغرب، على أمل أن تجد لها دعما عسكريا ولوجستيا وماديا من قبل قوات التحالف، لكن لم تحصل حتى الآن إلا على النزر اليسير الذي ? يكاد يذكر مقارنة بحجم المعارك والمواجهات على أرض الواقع.
وحذرت من مغبة الاستمرار في سياسة التجاهل للوضع الصعب الذي تمر به المقاومة الشعبية في اليمن من قبل قوات التحالف العربي، حيث تعاني المقاومة نقصا حادا
في الذخائر وفي الأسلحة النوعية في أغلب جبهات القتال، مع أنها تملك أعدادا كبيرة من رجال المقاومة، يصل عددهم 4 أشخاص للبندقية الواحدة.
وأشارت العديد من المصادر الميدانية إلى ان جبهات المقاومة في مدينتي عدن وتعز توقفت عن تحقيق تقدم عسكري نوعي واقتصر نشاطها على حماية المكتسبات التي حققوها خلال الأسابيع الماضية، وفي المقابل يقوم المسلحون الحوثيون بمضاعفة تعزيزاتهم العسكرية بالسلاح والمقاتلين بشكل متواصل، رغم الخسائر العسكرية التي يتكبدونها يوميا في أكثر من جبهة.
وقال مصدر رفيع في المقاومة الشعبية بعدن لـ«القدس العربي» ان «هذا التخاذل أو تعمد قوات التحالف العربي إبقاء المقاومة الشعبية ضعيفة وحشرها في زاوية اللاحسم كشف بعض ملامح نظرية المؤامرة عليها ويدفع بقوة نحو الاعتقاد بأن قوات التحالف لا ترغب بحسم المعركة سريعا لصالح المقاومة وإنما تسعى إلى توريطها بحرب استنزاف للقضاء على قوات صالح والحوثيين وفي نفس الوقت إنهاك قوات المقاومة».
وأشار إلى أن المقاومة قادرة على حسم المعركة في تعز وعدن وبقية المحافظات، كما حسمتها في محافظة الضالع إذا ما توفرت النوايا الصادقة والجادة من قبل قوات التحالف لدعم المقاومة التي تخوض حربا غير متوازنة مع ميليشيات الحوثيين وقوات صالح التي تمثل جيش الدولة السابق، ومع ذلك حققت المقاومة مكاسب عسكرية جيدة على الأرض رغم إمكانياتها العسكرية المتواضعة.
وأطلق صفارة إنذار لقوى التحالف بأنها إذا لم تسارع في دعم قوات المقاومة الشعبية على الأرض ماديا وعسكريا ولوجستيا فإن المقاومة قد ? تستطيع الاستمرار طويلا بهذا الشكل الذي وضع الجميع في مأزق وستكون قوات التحالف هي الخاسر الأكبر من أي انهيار لجبهات المقاومة لأنها ستظهر منهزمة أمام الرأي العام المحلي والدولي، وهذا ما قد يرفع معنويات الحوثيين والتمادي أكثر في نقل معركتهم نحو الأراضي السعودية، كما بدأت إرهاصاته في الوقت الراهن.
وفي الوقت الذي يعول فيه الحوثيون على مؤتمر جنيف برعاية الأمم المتحدة المزمع تدشينه في 14 الشهر الجاري لتحقيق العديد من المكاسب السياسية وشرعنة وضعهم كسلطة أمر واقع في اليمن، يخشى العديد من السياسيين من مؤيدي المقاومة من أن يكون مؤتمر جنيف إحدى حلقات التآمر على المقاومة الشعبية وإضعاف موقفها الرافض للهيمنة الحوثية على السلطة، خاصة في ظل الضعف المتنامي للسلطة الشرعية وعدم قدرتها على تجاوز حالة الوهن التي حشرت فيها سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي.
ويرى العديد من العسكريين اليمنيين ان الفرصة لا زالت مواتية لقوات التحالف في تغيير مسار المعركة وخلق تحول عسكري نوعي عبر ا?سراع في دعم المقاومة الشعبية وتحسين وضعها العملياتي لخلق توازن عسكري على المدى القريب، وهو الأمر الذي سيقلل على قوى التحالف الكلفة المادية والعسكرية وسيخفف على المقاومة الشعبية الخسائر البشرية، كما سيضع حدا للمعاناة الانسانية الكبيرة لدى الشارع اليمني
الذي قد ? يستطيع الاستمرار طويلا في الدعم المعنوي لقوى المقاومة.
إلى ذلك، اكد كل من رئيس الجمهورية اليمني عبدربه منصور هادي ونائبه رئيس الوزراء خالد بحاح ان اللقاء الذي سيعقد مع الحوثيين في جنيف في 14 حزيران/يونيو هو ليس للتفاوض بل للتشاور حول تنفيذ القرار 2216 الذي ينص على انسحاب المتمردين من المناطق التي سيطروا عليها في اليمن.
وقال الرئيس اليمني المعترف به دوليا في مقابلة متلفزة بثت مقتطفات منها الاثنين، ان الاجتماع الذي سيعقد في المدينة السويسرية برعاية الامم المتحدة لا يهدف للمصالحة.
وافاد هادي ان الاجتماع في جنيف «ليس محادثات» بل «نقاش لتنفيذ قرار مجلس الامن 2216 على الارض»، وهو قرار ينص على انسحاب المتمردين الحوثيين من المناطق التي سيطروا عليها خلال الاشهر الاخيرة اضافة إلى فرضه حظرا للتسلح على المتمردين.
وردا على سؤال حول ما اذا كان الاجتماع للمصالحة مع الحوثيين، نفى ذلك قطعا، وقال «على الاطلاق… ابدا… نتشاور كيف ينفذ قرار مجلس الامن 2216».
واعتبر هادي من جهة اخرى ان دور إيران التي تدعم الحوثيين في اليمن اكبر من دور تنظيم القاعدة، وقال «إيران تعمل عندي عملا اكبر من عمل القاعدة لان القاعدة… نستطيع ان نصفيها، لكن هذا (إيران) عمل ممنهج ومسيس».
من جانبه، قال نائب الرئيس ورئيس الوزراء في مؤتمر صحافي عقده الاثنين في الرياض ان اللقاء في جنيف للتشاور.
وشدد بحاح على ان الاولوية ل»استعادة الدولة» ومن ثم استكمال العملية السياسية على اساس «المرجعيات» المتفق عليها مسبقا والتي لن يتم التفاوض حولها.
وقال بحاح ان لقاء جنيف «تشاوري وليس تفاوضيا» مؤكدا «استكملنا المفاوضات» في السابق، و»المرجعيات اتفقنا عليها» وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومؤتمر الحوار الوطني ومقرراته والقرارات الدولية لاسيما القرار 2216.
واعتبر بحاح ان التفاوض مجددا يعني التراجع إلى ما قبل «اربع سنوات مضت» من المفاوضات بين الاطراف اليمنية.

استياء واسع من دول التحالف للزج بالمقاومة في منطقة (اللاحسم) لإنهاك أطراف الصراع

(مندب برس - القدس العربي)