الرئيسية > تحقيقات وحوارات > الطائرات الأمريكية من دون طيّار ترعب المدنيين في اليمن

ليست ضربات التحالف العربي فقط ما يسبب قلقاً لليمنيين بل أيضاً الطائرات الأمريكية من دون طيار

الطائرات الأمريكية من دون طيّار ترعب المدنيين في اليمن

الطائرات الأمريكية من دون طيّار ترعب المدنيين في اليمن

أطلقت منظمة الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان تقريراً جديداً كشف مشاعر السخط عند المدنيين في اليمن والآثار النفسية العميقة التي تخلفها سياسة القصف بالطائرات الأمريكية المسيّرة آلياً "الدرونز" Drones. واعتبرت أن هذه السياسة سابقة خطيرة بالنسبة للمجتمع الدولي وتنتهك الحقوق الأساسية للمواطنين.

ارتكز التقرير على دراسة قامت بها الكرامة، بالتعاون مع المنظمة الوطنية لضحايا الدرونز باليمن، في الفترة الممتدة من يوليو إلى سبتمبر 2014، وشملت عيّنة من الأشخاص الذين يعيشون في المناطق المعرضة للقصف بطائرات الدرونز الأمريكية، بهدف تقييم انتشار اضطرابات ما بعد الصدمة لدى المدنيين، وتأكيد أن مجرد العيش تحت تهديد الطائرات بدون طيار يخلف آثاراً نفسية عميقة.

واعتبر التقرير الذي حمل عنوان "سماء الرعب: عمليات الدرونز الأمريكية واضطرابات ما بعد الصدمة لدى المدنيين في اليمن" Traumatising Skies: U.S. Drone Operations and Post-Traumatic Stress Disorder PTSD، أن الهدف منه هو ملء الفراغ الموجود في الدراسات التي تتطرق إلى عمليات الدرونز. وهذا التقرير هو الأول من نوعه الذي يركز أساساً على الآثار التي تخلفها سياسة عمليات الدرونز الأمريكية على الصحة النفسية لمجتمع برمته.

 

وقالت خديجة نمار، المسؤولة القانونية عن منطقة الخليج في منظمة الكرامة والتي قامت بإعداد التقرير: "كان الغرض من دراستنا معرفة هل تصيب أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة المدنيين الذين يعيشون تحت خطر الدرونز سواء فقدوا قريباً لهم في قصف بهذه الطائرات أم لا. وإذا كان الأمر كذلك، فسيتضح أن العيش فقط تحت خطر هذه الطائرات له عواقب نفسية وخيمة، تشبه تلك التي يخلفها فقدان قريب في قصف بالدرونز".

وأظهرت النتائج، بحسب معدّي التقرير، أن الصدمة متفشية بين المدنيين، بسبب ترقبهم المستمر للقصف، وعدم معرفتهم أسباب استهداف أحد أقربائهم، وجهلهم السلوك الذي يجب على مدني يمني اتخاذه أو تجنبه حتى لا يُستهدف كإرهابي. واتضح من البحث أن المدنيين يعانون من العديد من أعراض اضطرابات ما بعد الصدمة، كالحزن العميق %94، القلق والخوف الدائمين %92، الأرق ومشاكل النوم %83، ناهيك بأعراض الاكتئاب.

وعبّر معظم الذين شملتهم الدراسة عن غضبهم وخيبتهم من الحكومتين اليمنية والأمريكية، وهي المسألة التي أثارها الدكتور مختار الحق، رئيس قسم الطب النفسي في مستشفى ليدي ريدينغ في بيشاور في باكستان. فقد قام الدكتور بدراسة حول الصدمة التي يعيشها المدنيون الذين تعرضوا للقصف بالدرونز في وزيريستان، وتوصل إلى أن "الأطفال توقفوا عن الذهاب إلى المدرسة، ويسألون باستمرار لماذا يقصفون ومن يقصفهم، ودخلوا في عصيان وأصبحوا أكثر تطرفاً".

أما مارجوري كون Marjorie Cohn، مؤلفة كتاب "درونز والقتل المستهدف: المسائل القانونية والأخلاقية والجيوسياسية"، والأستاذة في كلية توماس جيفرسون للقانون، فقد ذَكَّرت بشخص يدعى فيصل شاهزاد قال للقاضي أثناء محاكمته بتهمة محاولة تفجير قنبلة في تايم سكوير في نيويورك، إن استهداف طائرات الدرونز للأطفال هو ما دفعه إلى محاولة قتل الأمريكيين. وأضافت كون: "أعتقد أن حرب أوباما بطائرات الدرونز تعطي نتائج عكسية، وتخلق استياءً ضد الولايات المتحدة الأمريكية وتجعلها أكثر عرضة للإرهاب".

ويثير برنامج طائرات الدرونز الذي تنفذه أمريكا قلق البعض من أن يمتد في المستقبل ليطبق داخل الولايات المتحدة نفسها. ويقول براندون براينت Brandon Bryant، ربّان سابق لطائرات الدرونز: "ماذا إذا بدأنا بالقيام بذلك داخلياً؟ في يناير قتل بالخطأ مواطن إيطالي وآخر أمريكي. هل نستمر في تبرير قتل الناس لاعتبارات أخلاقية واهية لأننا يمكننا فعل ما نريد؟".

وقد أجريت الدراسة على 100 مدني بالغ منهم مَن فقد قريباً ومنهم من لم يفقد أي شخص يعرفه ووزعوا بالتساوي بين النساء والرجال، وتضمّنت العيّنة 27 طفلاً، 14 منهم من الذكور و13 من الإناث.