الرئيسية > محلية > كيف أحالت المليشيات مدينة صنعاء التاريخية إلى مدينة للأشباح والخوف؟

كيف أحالت المليشيات مدينة صنعاء التاريخية إلى مدينة للأشباح والخوف؟

كيف أحالت  المليشيات مدينة صنعاء التاريخية إلى مدينة للأشباح والخوف؟

منذ سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء، ومغادرة الرئيس عبدربه منصور هادي المدينة إلى عدن، حوّل المتمردون الحوثيون حياة نحو مليوني يمني من سكان صنعاء إلى جحيم، ما جعل عشرات الآلاف يفرون إلى الأرياف، في حين لجأ الآلاف من نشطاء سياسيين وحقوقيين وكتاب وصحافيين إلى دول عربية وأجنبية هرباً من البطش، كما أن أكثر من ألفين من النشطاء والقيادات السياسية بينهم 12 صحافياً تعرضوا للاعتقال والاختفاء منذ ما يزيد على ثلاثة شهور.

ووفقاً لمصادر يمنية مقيمة في صنعاء هاتفتها «البيان»، فإن ملاحقة المتمردين للسكان تخنق أنفاس المدينة، ووحدهم «زوار الفجر» حاضرون ويجولون شوارع وأزقة العاصمة لرصد أنفاس من يعارض حكم المليشيات، وكل من يشك في أمره يؤخذ إلى معتقلات سرية استحدثها هؤلاء، أما غالبية السكان فيلتزمون منازلهم إمّا خوفاً من القمع أو لأن سبل الحياة باتت لا تطاق. وأوضحت المصادر أن أسعار المواصلات لم يعد مقدوراً عليها بسبب ارتفاع أسعار البترول، حيث وصل سعر اللتر الواحد إلى خمسة دولارات، بعد أن كان لا يزيد على 60 سنتاً، كما أن سعر إسطوانة الغاز ارتفع 1500 ريال إلى خمسة آلاف، فيما ارتفعت أسعار المواصلات العامة إلى الضعف وتوقفت الأعمال بشكل كامل في القطاعين العام والخاص، والتي كانت تستوعب نحو مليوني عامل.

رقابة خانقة

وقال المصادر لـ«البيان»، إن غالبية كبرى من السكان المغلوبين على أمرهم يخضعون للتفتيش في نقاط المتمردين المنتشرة في كل شارع وفي أقسام الشرطة التي بات لمسلحي الجماعة فيها الكلمة الفصل في القضايا والاعتقال والحبس، وتوقف عمل المحاكم وتحولت مكاتب وقيادات التمرد إلى أماكن للتقاضي بشكل قسري. وبات المسؤولون موظفين لدى المندوبين الذين تعينهم الجماعة المتمردة، فكل وزارة يوجد بها مندوب لما يسمى اللجنة الثورية وفي كل محافظة مثل ذلك، ولهذا يتمتع المندوب بصلاحيات مطلقة تفوق صلاحيات الوزراء، وهو أمر كشفته الاستقالة الشهيرة لوزير التعليم العالي القريب من الحوثيين، والذي لم يستطع تحمل حجم التدخلات وقضايا الفساد التي طلب منه إجازتها.

وفي ظل سيطرة المخابرات والأجهزة الأمنية على الحياة العامة في العاصمة، قالت المصادر لـ«البيان» جهازي المخابرات يدار من قبل مسؤولي أمن الجماعة، وحركة المغادرة في مطار صنعاء تخضع لقرار المسلحين الحوثيين الذين وضعوا قوائم بالممنوعين من السفر أو المطلوب اعتقالهم حال عودتهم إلى البلاد، بسبب مواقفهم المؤيدة للشرعية أو بفعل وشاية أحد أعضاء الجماعة لأي سبب من الأسباب. وطال هذا الإجراء قيادات في الدولة ووزراء سابقين وأعضاء في البرلمان وقيادات في حزب حليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح. وتوقفت الصحف اليومية والأسبوعية عن الصدور بشكل كامل، ولم يتبق سوى الصحيفة الناطقة بلسان الحوثيين وأخرى بلسان حليفهم الرئيس المخلوع. كما أغلقت أربع محطات تلفزيونية واضطرت للبث من خارج البلاد.

الطاقة البديلة!

وكشفت مصادر لـ«البيان» أنه قبل ثلاثة شهور توقفت محطة مأرب عن تزويد العاصمة ومدن الشمال بالكهرباء، بسبب الحرب التي فتحها الحوثيون وقوات الرئيس المخلوع في المحافظة، ولهذا عاد الناس للعيش على أضواء الفوانيس، ومن يمتلك القدرة المالية استعان بنظام الطاقة الشمسية لتوليد عدد من ساعات الكهرباء للإضاءة وشحن الهواتف فقط، أزمة البترول والديزل متواصلة وتباع بأسعار مضاعفة ثلاث مرات عن سعرها الرسمي، ومن لا يستطيع الشراء من السوق السوداء التي انتشرت في كل مناطق البلاد فإن عليه أن يقضي أيامه في طوابير محطات بيع الوقود، وقد اضطر الكثيرون إلى المبيت عشية عيد الفطر في طابور محطات بيع الوقود أملاً في الحصول على ستين لتراً من البنزين لسيارته.

الريف.. المأساة أكبر

رسمت المصادر التي تحدثت لـ«البيان» صورة أكثر قتامة بالنسبة للوضع في الأرياف، حيث نزح عشرات الآلاف من العاصمة هرباً من القتال، ولأنهم فقدوا أعمالهم، وتوقف الأعمال الإنشائية بشكل شبه كامل، لأن هذه المشاريع كانت تمول من المساعدات والقروض الخارجية، فإن أسعار السلع والوقود ارتفعت أضعاف ما هي عليه في العاصمة، فسعر إسطوانة الغاز ارتفع إلى نحو 100 دولار بسبب ارتفاع المشتقات النفطية، وإيجار السيارات وجشع الباعة وغياب أي دور للدولة، كما ارتفعت أسعار الدجاج بشكل جنوني، إذ بلغت 2500 ريال بعد أن كان سعرها ألف ريال، كما ارتفعت أجور الركاب بين المدن والأرياف بشكل خيالي.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)