الرئيسية > محلية > "مشرعة وحدنان" معقل الحوثيين في تعز ،، أسطورة التضحية والمقاومة ،، من البداية حتى التحرر "ملف خاص بالصور"

"مشرعة وحدنان" معقل الحوثيين في تعز ،، أسطورة التضحية والمقاومة ،، من البداية حتى التحرر "ملف خاص بالصور"

"مشرعة وحدنان" معقل الحوثيين في تعز ،، أسطورة التضحية والمقاومة ،، من البداية حتى التحرر "ملف خاص بالصور"

منذ أن بدأت مليشيا الحوثي وصالح بإرسال أرتال التعزيزات العسكرية الضخمة إلى مديرية مشرعة وحدنان بجبل صبر جنوبي تعز، كانت تساوي أحياناً نصف القدر من التعزيزات التي تصل إلى المدينة، تمكنت خلالها المليشيا من فرض حصار خانق على المديرية، أغلقت كل مداخلها الحيوية، الأمر الذي صنع أسطورة عجيبة من التضحية والمقاومة، والكفاح من أجل تحقيق الانتصار للمواطن واستعادة كرامته المسلوبة.


الجريح محبوب محمد مهيوب، قرية الميهال، أصيب في المعركة التي شارك فيها ضد مليشيا الحوثي وصالح في 27 من يونيو بمنطقة الجبانة. يقول محبوب "أصبت أثناء دفاعي عن قريتي من مليشيا الحوثي ومناصريهم من المتحوثين، كانت المعركة شديدة الضراوة في ذلك اليوم، بعد ساعتين من بدئها استهدفتني قذيفة آر بي جي في ساقي الأيسر".

 



من جانبها قالت "كوثر" زوجة الجريح "محبوب" لمندب برس "عندما تلقيت خبر إصابة زوجي لم أخف كثيراً لأنه حمل سلاحه وخرج للتضحية من أجل الوطن وضد من اعتدى على بيوتنا وأولادنا ومدارسنا، ومنعوا عنَّا الدواء والمواصلات وكل شيء".

 

الإسعاف .. مغامرة شديدة الخطورة

يقول نائف محمد عبد الجليل: "يتم استهداف المسعفين باستخدام أسلحة المعدلات، ومضاد الطيران 23 ، وأحياناً يقومون باستهدافنا بقذائف الآر بي جي".

يتذكر صديقه الشهيد حسين محمد حسن ويقول "بعد إصابة حسين كنَّا أحياناً نقوم بحمله إلا أننا نواجه ضرب عنيف، حتى أن حسين استشهد ونحن لم نستطع نقله للمستشفى، ولا حتى استطعنا تجاوز حدود قريتنا (ذي عنقب)".

يحاول نائف تلخيص الصعوبات التي يصادفونها كمسعفين يومياً في طريقهم، "الصعوبات تتلخص في ضيق الطريق ووعورتها، بمعنى أصح نقوم باختلاق طرق جديدة لا يستطيع أحد المشي فيها، تفادياً لقناصة المليشيا".

مضيفاً بأن الأماكن التي كانت تستهدف من خلالها مليشيا الحوثي وصالح المسعفين، هي منطقة الموادم، بالإضافة إلى قرية حدنان وتبة مسعود.

يحاول محبوب سرد قصة إصابته رغم بعض الآلام التي لازال يشعر بها حيث قال لمندب برس "كانت إصابتي بعد صلاة الظهر وتم إجراء بعض الإسعافات الأولية لي من قبل الطبيب الصحي في المديرية، ولأن إصابتي خطرة قام الشباب على الفور بنقلي إلى المدينة".

يتابع محبوب الحديث عن مغامرة أصدقائه أثناء إسعافه "حملني الشباب على "نعش" ومشينا على الأقدام مسافة تقارب 5كم في طريق شديدة الضيق والوعورة، كان يحمل النعش اثنان فقط، قبل أن نصل إلى موقف للسيارات، استأجرنا إحداها، وواصلنا طريقنا نحو المستشفى، وعندما كنا في السيارة على أطراف المدينة كنا نمر بصعوبة بالغة وأحياناً نضطر للتخفي، تجنباً للتفتيش الذي تفرضه علينا المليشيا، حيث أنها قامت باختطاف بعض الجرحى، بعد أربع ساعات من التنقل وصلنا إلى المستشفى، كانت الساعة حينها تشير إلى الخامسة عصراً".

وبحسب أحد الأطباء في مستشفى الروضة، فإن الجرحى الذين يصلون من مديرية مشرعة وحدنان تكون إصاباتهم بالغة السوء، وأغلبهم يكونون في حالة إغماء، يضيف الطبيب "إنهم يستغرقون مالا يقل عن 4 ساعات حتى يصلوا إلى المستشفى".

 

مواقف مؤلمة

يقول نائف محمد عبد الجليل، "منذ 28 من رمضان وحتى اليوم أسعفت عدد كبير من الجرحى من أبناء قريتي". يضيف نائف وقد ارتسمت على وجهه علامات الحزن، " بعض الجرحى نتمكن من إسعافهم، والبعض بسبب صعوبة النقل واشتداد القصف والقنص يفارقوا الحياة في منتصف الطريق".



ياسين (أخو الجريح زياد عبدالله سلطان) يتذكر هو الآخر بمرارة صديقه "محمد عبدالله علي" يقول "في 1 أغسطس وبعد نصف ساعة فقط من إسعافنا له وتوجهنا إلى مستشفى المدينة، فارق محمد الحياة متأثراً بجراحه، حين فقدنا الأمل بعودته، اضطررنا للعودة بجثمانه إلى القرية".

 

صمود أسطوري

يتحدث ياسين أحد أبناء قرية ذي عنقب لـ "مندب برس" عن نفسه "منذ بداية شهر شعبان وأنا أقاتل في صف المقاومة في جبهة شارع الأربعين، وفي 28 رمضان قررت مغادرة تلك الجبهة وانتقلت للقتال في قريتي بعد بدء محاولة اقتحامها من قبل المليشيا، وقد تعرضت مرتين للإصابة".

يكمل حديثه عن الإصابتين التي تعرض لهما، يقول ياسين "أصبت مرتين بالشظايا، كانت الإصابة الأولى في كتفي الأيسر بتاريخ 23 رمضان بجبهة الأربعين، أما الثانية فكانت في رجلي اليمنى في أول أيام عيد الفطر، إلا أنني أعود بعدها مجدداً للقتال".

محبوب الذي كان يعمل محاسباً في إحدى المؤسسات الخاصة بتعز يرقد الآن في أحد مستشفيات المدينة، ينتظر بفارغ الصبر شفائه لكي يعود مجدداً إلى ميدان المقاومة، معللاً ذلك بقوله "من يترك أرضه، من يترك أهله وبيته، سنعود لتحرير تعز وتحرير اليمن بأكملها".

الجريح "الحاج عبده سعيد مقبل" يوافقهم الرأي أيضاً ويقول "إن الحوثيين فرضوا علينا الحرب بالقوة، فقصف المنازل بالدبابات والهاون يجعلك مضطراً للدفاع عن منزلك وعرضك وأملاكك".

يعود محبوب للحديث مستذكراً ما فاته من المعركة "بعد إصابتي، واصل بقية الشباب معركتهم وتمكنوا يومها من تحرير قريتنا والقرية المجاورة، بينما انسحبت المليشيا إلى أماكن بعيدة".

 

إحصائيات رسمية

بحسب مدير المستشفى الميداني بمديرية مشرعة وحدنان في تصريح لـ "مندب برس" أن المواجهات الدائرة بين رجال المقاومة ومليشيا الحوثي وصالح والمتحوثين في مديرية مشرعة وحدنان خلفت منذ اندلاعها 65 شهيداً من رجال المقاومة، و 380 جريح، إصابة 91 منهم خطرة.

كما أن قرية سيعة التابعة لمديرية المسراخ ضحوا بحياتهم دفاعاً عن مديرية مشرعة وحدنان في خط المواجهة الأول جوار تبة النبي شعيب وما حولها وقد سقط منهم 8 شهداء ليكون عدد شهداء الدفاع عن مديرية مشرعة وحدنان 73 شهيد.

وأفاد الدكتور عبد القوي المحمودي بأن قتلى الحوثيين وصل أضعاف شهداء المقاومة بكثير، وأكد بأن جثثهم ملقاة في الجبال والشعاب، حتى رجال المقاومة والمواطنين لم يستطيعوا دفن جثث المليشيا بسبب رائحتها المتعفنة ويلقوا أمامهم ضرب عنيف بمضاد الطيران 23 ، ورشاش 37 فيضطروا لتركها ويذهبوا.

مضيفاً بأن الصليب الأحمر الدولي لم يقم بانتشال جثث المليشيا الملقاة في جبال المديرية سوى ما قام به في الثامن من أغسطس الجاري بانتشال 15 جثة لمليشيا الحوثي وصالح بعد المواجهات التي دارت في اليوم السابق في قرية النبي شعيب.

 

وضع صحي بالغ السوء

يصف نائف المعاناة التي تعيشيها المديرية في الجانب الصحي بأنها حرجة جداً، يضيف "لا يوجد في المديرية هذه الأيام سوى طبيبان وممرض واحد فقط، ما يستطيعون فعله هو تقديم إسعافات أولية بسيطة، بالمقابل كان لدينا في منطقة حدنان مستوصف متواضع إلا أن المليشيا أستولت عليه في بدء معاركها بالمنطقة. وعندما تمكنا من تحريره وجدنا بداخله كمية كبيرة من الألغام كانت معداة خصيصاً لتفجير منازل.

جرائم إنسانية ارتكبتها المليشيا

وليس الحاج "عبده سعيد مقبل 59 عاماً" بأحسن حالاً، فقد خضع لعملية جراحية في الرجل اليسرى، ولا يزال على سرير العناية بالمستشفى بانتظار إجراء عملية أخرى لإصلاح كسور اليد اليسرى.



يقول الحاج "مقبل" في حديثه لـ "مندب برس" أن القذيفة انفجرت بالقرب منه عندما خرج من منزله متجهاً إلى مزرعته، ونتيجة حدة الإصابات ونزيف الدم جراء الجروح المنتشرة في جسمه فقد الوعي، قبل أن يتم حمله على الأكتاف إلى مركز صحي في مديرية صبر الموادم المجاورة لمديرية مشرعة وحدنان التي شهدت أعنف المواجهات وأكثرها شراسة بين رجال المقاومة والمتحوثين وقوات الرئيس المخلوع.

الحاج "عبده سعيد مقبل" الذي يعول (9) منهم (3) بنات يتألم على سرير المرض بجراحه التي غطت جسده بكثافة، بعد أن استمرت معاناته لساعات نتيجة انقطاع حركة وسائل المواصلات خوفاً من استهدافها بنيران مليشيا الحوثي وصالح، وتم إسعافه بحمله على الأكتاف والنزول به من قريته (الميهال) إلى أسفل جبل صبر ثم نقله إلى مستشفى الروضة حيث خضع لعملية طارئة وتزويده بكمية الدم التي فقدها.

ويضيف "نحن نخرج يومياً في الصباح لنكافح من أجل لقمة العيش وتوفير القوت الضروري لأسرنا، ولكنهم يتمركزون فوق الجبال ويضربون البيوت بعشوائية وبشكل هستيري، وخصوصاً عندما يُهزمون من شباب المقاومة".

يواصل الشاب الجريح محبوب محمد مهيوب حديثه عن قصة إسعافه،  "حين وصلت إلى المستشفى كانت حالتي سيئة جداً، أبلغني بعدها الأطباء أنني نزفت ما يقارب 13 قربة دم" ويضيف محبوب "قرر الأطباء إجراء عملية بتر لساقي كون الإصابة خطرة، لكنهم تمكنوا وبصعوبة من إجراء عملية أخرى عن طريق زراعة مسامير وصفائح وسلمت ساقي من البتر".

 

المليشيا عكَّرت صفو الحياة

تقول كوثر: "الحوثيون يقصفون بالدبابات ولا يراعوا لا صغير ولا كبير، لا شيوخ ولا نساء ولا أطفال، كثير من البيوت قصفوها، وهناك شهداء وجرحى كثير من قريتنا والقرى المجاورة.

واستدركت كوثر حديثها "نحمد الله على كل حال وخصوصاً وأن الشباب قد هزموهم وأخرجوهم من المديرية بالكامل ولم يعد فيها حوثيين ولا متحوثيين، ونتمنى أن يستكمل الشباب دحرهم، و يتم تطهير البلاد كلها من هؤلاء القتلة والمخربين".

 

مشرعة وحدنان تنشد الكرامة والسلام

لم ينسى محبوب أثناء حديثه أن ينوه إلى أن مشرعة وحدنان ليست معقلاً للمتحوثين كما يُشاع، "أنا من أبناء المديرية وغيري الكثير ممن هم في صف المقاومة، المتحوثون مجموعة صغيرة جداً تم استقطابهم بالأموال من قبل حوثة الشمال، واستقووا بهم. أخذ نفساً طويلاً ثم قال: "لقد أوصلوا البلاء إلى المنطقة بأكملها".

وقبل أن ينهي نائف مقابلته مع "مندب برس"، اختصر نائف قصة نضال قريته ومديريته بقوله: "مديريتنا كانت من آخر المديريات في تعز التي تدخل خط المواجهة، لم نطلق حتى رصاصة واحدة، لأننا نؤمن بالسلام والأمن والإخاء والصداقة، لا نؤمن بالحرب ولا بالقتل، لكن بعد أن تم الاعتداء علينا خرجنا للدفاع عن أنفسنا وأهلنا ومنطقتنا، ولن نعود إلى منازلنا حتى ترحل هذه المليشيا بلا عودة".

وقبل أن يكمل الحاج عبده سعيد مقبل حديثه باشره الطبيب بالقول أن العملية الجراحية لإصلاح كسور اليد ستكون بعد قليل، راح تفكيره باتجاه ألم العملية، واختصر معاناته قائلاً: "ربنا يخلصنا منهم عاجلاً غير آجل إن شاء الله"..!!

 

المقاومة تنتصر أخيراً

في اليوم السادس عشر من أغسطس الجاري تمكن رجال المقاومة الشعبية في مديرية مشرعة وحدنان من تطهير المديرية بالكامل من عناصر مليشيا الحوثي وصالح والمتحوثيين من أبناء المنطقة الذين استقطبوا حوثة الشمال للمديرية. ويقول الحاج "عبد الله حسن قاسم" بعد انتهاء عملية التطهير "أول يوم نستطيع إخراج أبنائنا للشوارع منذ بدأت المواجهات بين المقاومة و الحوثيين في صبر".


وفي لحظة سعادة غامرة اختتم الحاج عبد الله حديثه للموقع بقوله "اشتريت بندقية في أيام شبابي، لم أستخدمها إلا حين جاء الحوثيون لغزونا، قمت بإخراج بندقيتي القديمة، ورغم آثار الصدأ الواضح عليها إلا أنني كنت فخوراً بها، لأنها وحدها من أعادت لنا كرامتنا".

اقرأ أيضاً:

قرية المحرس ،، ربة السيف والقلم

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)