الرئيسية > محلية > منظمة دولية تكشف عن أرقام وشهادات مخيفة لسوء التغذية عند الأطفال في اليمن

منظمة دولية تكشف عن أرقام وشهادات مخيفة لسوء التغذية عند الأطفال في اليمن

منظمة دولية تكشف عن أرقام وشهادات مخيفة لسوء التغذية عند الأطفال في اليمن

قدمت الهيئة الطبية الدولية في ديسمبر الجاري تقرير عن زيارة فريق لها إلى منطقتين في جنوب ووسط اليمن.

ويبدأ التقرير حديثه عن ذلك الطبيب الذي يعمل في خيمة طبية في مديرية المِلاح بمحافظة لحج بأنه قرر البقاء خمسة أيام إلى إسبوع بدلا من يومين في تلك القرية النائية ليستقبل الأطفال الذين وصف عيونهم بالجوفاء والذين يراهم كل الصباح.أمام العيادة

يحتفظ الدكتور عبدالله علي سعيد في هاتفه السيار بصور لطفلين في السنة الثانية والرابعة يظهر عليهم آثار سوء التغذية الحاد وقد أصبحوا ذابلين. هذه الصور التي تذكر العالم بالمخاطر التي تواجه الأطفال في الأرياف اليمنية المهملة منذ زمن طويل والتي زاد إهمالها في الأيام الأخيرة.

يشير الدكتور عبدالله علي سعيد إلى الآباء الذين ينتظرون أمام العيادة في اليوم الأخير لتواجده في هذا المكان ويقول "هكذا كل يوم". يأتي هؤلاء الآباء من أماكن بعيدة ويمشون لساعات في الطرق الترابية حتى يبلغون هذه العيادة هؤلاء الأباء الذين يبدون أحسن حالاً من أطفالهم.


ويضيف الدكتور سعيد أن سوء التغذية تعتبر حالة طارئة.


يقول التقرير أن اليمن هي الأكثر فقراً في الشرق الأوسط وأنه من بين الفروق القاتمة فيها تمتلك اليمن واحد من أعلى معدلات سوء التغذية عند الأطفال في العالم. الإضطرابات السياسية منذ ثورة 2011 التي اندلعت ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح قد خلفت حكومة ضعيفة أقل قدرة على الأهتمام بالمواطنين المحتاجين. أصبحت التحديات المزمنة حالات طواريء ووجود الدولة في كثير من مناطق اليمن مطلوبة لإيجاد الحلول.

 

يقول التقرير طبقا لدانيلا دورسو، رئيس مكتب المساعدات الإنسانية التابع للمفوضية الأوربية في اليمن، أن مليون طفل، والذين يشكلون ثلث المجموعات العمرية في البلاد، في اليمن تحت سن الخامسة يعانون من سوء تغذية تهدد حياتهم. كما يعاني حوالي 2 مليون طفل من سوء تغذية مزمن.

وطبقا للعاملين في الصحة العامة فإن 66% من الأطفال في اليمن يعانون من توقف النمو كما لوحظ في الأشهر القليلة الماضية إتجاهات مقلقة أخرى بما في ذلك حالات سوء التغذية والذي يؤدي إلى أمراض أخرى مثل السل.

 

الأزمة السياسية وأثرها في معيشة المواطن


ويقول التقرير وفقا للسيد جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة في اليمن "اليمن أصبحت دولة ضعيفة غير قادرة على توفير الأمن للمواطنين والخدمات الإجتماعية"

ويقول بن عمر أن الأزمات الإنسانية في اليمن هي نتيجة فشل في الحكم وسوء الإدارة، ويقول الخروج من الأزمة هو ما يمكن أن يساعد اليمن.

ويكمل التقرير حديثه عن الزيارة التي رتبتها الهيئة الطبية الدولية، وهي منظمة غير ربحية تقوم بدعم عشرات المرافق الصحية وتقوم بتدريب متطوعين من المجتمع المحلي ليقوموا بالسفر إلى القرى النائية التي يصعب تواجد العيادات بها.

الهيئة الطبية الدولية في زيارتها لبعض المناطق في جنوب ووسط اليمن قالت بأن اليأس بدا لها واضح بعدم وجود نهاية في الأفق للأزمة السياسية.

 

مشاهدات الهيئة الطبية في لحج وتعز

 

وقد لاحظت البعثة في طريقها إلى منطقة مِلاح في محافظة لحج حيث تقع عيادة الدكتور سعيد بأن رمال الصحراء تزحف على الطريق السريع وعلى الأراضي الزراعية الخصبة. كما لاحظت البعثة مجموعة من الأطفال الحفاة في نقطة عسكرية يبيعون أكياس جوافة يحاولون جذب السائقين كما توجد أجزاء من الطرق التي جرفتها السيول والتي لم يتم إصلاحها وهنالك أيضا رجال يستخدمون مضخات الديزل النفاثة وخراطيم المياه لشفط مياه من جدول وصفته البعثة بالقذر ويحاولون إستخدام هذه المياة لغسل السيارات التي لا يبدو أن أي منها سيتوقف أمامهم.

تقول البعثة أن القرية التي قصدوها في منطقة مِلاح حيث تقع عيادة الدكتور عبدالله علي سعيد لا يوجد فيها أي وسائل الراحة وأن الطريق قد أخدت منهم نصف ساعة منذ دخلوا القرية حتى بلغوا عيادة الدكتور وأنهم لاحظوا أن كل شيء في القرية يعتبر ثمين لا يمكن التخلي عنه فمثلا يتم إستخدام إطارات السيارات من أجل تجميع المياه بدلا من "السطل" أو الجردل كما يستخدمون العلب الفارغة في بوضع طعام الطيور فيها أو يستخدمها الأطفال في صناعة ألعابهم، وقالت البعثة أنها وجدت أغلب الرجال في البيوت في تلك الفترة التي زارت فيها القرية وأن معظم الرجال لا يمتلكون أي وظائف أو أعمال ولا يبدوا أن لديهم شيء في الأفق كما لاحظت البعثة أن أغنى رجل في القرة هو جندي براتب 200 دولار بالشهر.

تقول البعثة أن الكثير من الرجال يجلسون في البيت من أجل مضغ القات وهو منشط شائع بينما تذهب النساء للعمل في حقول الذرة ليس من أجل كسب المال وانما من أجل الحصول على حزم من قرش الذرة تعود بها النساء بعد الظهر لتطعمها للأغنام. هنالك قليل من الوقت الذي تفكر فيه النساء هنا بتغذية أنفسهن أو تغذية أسرهن حيث تقول أحدى السيدات وتدعى منيره ناصر أنها لا تجد وقت ترضع فيه طفلها.

وتقول السيدة أن الأطفال من سن مبكرة يتم إطعامهم بشكل مستمر العيش والرز والشاي أما اللحم والسمك فسيكون من الترف الحصول عليه مرة واحدة خلال الشهر كما أن الخضروات رغم أسعارها المعقوله إلا أنهم لا يحصلون عليها إلا مرة كل إسبوع.

وتضيف السيدة ناصر أنه بسبب عدم وجود وظائف كل شيء متعب للغاية.


وتقول المفوضية أنها زارت قرية شيخان في منطقة المقاطرة في محافظة تعز وسط اليمن وقابلت السيدة هدى بن ناصر والتي تمتلك أربعة أطفال. تقول الأم أنها تطعم أبنائها من الحليب والبيض الذي تحصل عليه من البقرة والدجاج التي تربيها في المنزل ولكن الحصول على أنواع أخرى من المواد الغذائية يحتاج إلى جهد كبير.
وعانى بشده أطفالها الأربعة من سوء التغذية ولكن الطفلة الأصغر "هدية" قد حصلت على العلاج المناسب من متطوعين من قبل الهيئة الطبية الدولية.

 

مشاكل إقتصادية وإقليمية

ويقول تقرير المفوضية أن المشاكل ما زالت في اليمن تتزايد فقد أعلنت الحكومة مؤخرا وفق دبلوماسيين ومسئولين أنها غير قادرة على دفع مرتبات الموظفين المدنيين كما أن إنخفاض العملة أصبح وشيك وهو ما يؤدي إلى أرتفاع أسعار السلع الأساسية وخصوصا تلك السلع المستوردة.


يقول التقرير أن البلد لم يعاني فقط من الأزمات الداخلية هنالك أيضا صدمات خارجة عن إرادة البلد. فقد قامت الجارة السعودية بطرد مئات الآلاف من المغتربين اليمنيين قبل عام والذين يشكلون مصدر مهم في التحويلات المالية ، هذه المشكلة التي قد تؤدي إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل ربما بنسبة 50 % كما يقول التقرير.

ويقول التقرير أن المملكة أيضا كما ورد بدأت بقطع ملايين الدولارات التي كانت تقدمها لليمن بعد سيطرة الحوثيين على البلاد وهم الذين تعتبرهم السعودية عملاء لإيران المنافس الإقليمي لها في المنطقة.

وقد أعلنت الحكومة السعودية أنها ستزود اليمن ب 54 مليون دولار مساعدات غذائية تكفي 45 ألف أسرة وهو ما يعتبر مبلغ زهيد في بلد يعيش أكثر من نصف السكان فيع تحت خط الفقر. كما انه لم يبدو واضحا ما إذا كانت هذه المساعدات ستقدم لشمال محافظة صعدة معقل الحوثيين حيث 70% من الأسر لا تستطيع أن تعيش من دون مساعدات وفقا لتقرير برنامج الغذا العالمي.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)