الرئيسية > اخبار وتقارير > إيران والقاعدة.. علاقة استراتيجية أدت لهجمات 11 سبتمبر

إيران والقاعدة.. علاقة استراتيجية أدت لهجمات 11 سبتمبر

بعد 15 عاماً على هجمات 11 سبتمبر، ما زالت أصابع الاتهام تتجه نحو تنظيم "القاعدة". لكن التحقيقات المتقدمة والوثائق والشهادات التي قدمت للمحكمة الأمريكية كشفت بعد حين عن علاقة وطيدة ربطت بين إيران والتنظيم، أدت في نهاية الأمر إلى تنفيذ الهجمات.

وفقاً لتقرير سابق نشرته صحيفتا "الشرق الأوسط" اللندنية، و"كول أمريكا" الأمريكية، مارس/آذار الماضي، فإن هناك علاقة مباشرة لإيران بالتنظيم؛ إذ تورطت إيران بعدة أشكال في الهجمات التي كانت علامة فارقة في التاريخ الحديث، ونتجت عنها سلسلة من الحروب التي دمرت الشرق الأوسط.

وبحسب ما اطّلع عليه "الخليج أونلاين" في تقرير نشره مركز "ميمري" الإسرائيلي لدراسات إعلام الشرق الأوسط، فإن الصحيفة الأمريكية "كول أمريكا" نشرت عام 2003 شهادة لضابط منشق في الحرس الثوري الإيراني يدعى "حميد رضا زكري"، الذي أكد في مقابلة معه وجود علاقة بين زعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، مع قادة النظام الإيراني، وأن لقاءً جمع كلا الطرفين في إيران قبل مدة وجيزة من أحداث 11 سبتمبر.

شهادة زكري: أشرفت شخصياً على حراسة اجتماعات للقاعدة وإيران

ونشر التقرير في الصحيفة الأمريكية بتاريخ 11 يونيو/حزيران من عام 2003، وجاء فيه أن زكري عمل في قسم الحراسة الشخصية للقائد الإيراني الأعلى علي خامنئي، وأشرف شخصياً على تأمين اجتماعات لعناصر القاعدة مع مسؤولين إيرانيين. وأضاف أن "علي أكبر ناطق نوري"، الذي رأس (وقت صدور التقرير) الجهاز الأمني التابع لخامنئي، كان الوسيط وحلقة وصل النظام الإيراني مع القاعدة.

وفي رسالة من تاريخ 2011/5/14 أرسلها نوري إلى "حجة الإسلام مصطفى فوركناد" من جهاز الأمن التابع لخامنئي (رئيس قسم العمليات 43)، أمره بالتعاون والتنسيق مع عمليات تنظيم القاعدة. ويضيف زكري أن الاجتماع الأول كان مع أيمن الظواهري، الذي كان ممثلاً لبن لادن، في يناير/كانون الثاني 2001 بعد أن وصل الظواهري برفقة 29 من رجاله لزيارة امتدت لـ 4 أيام في إيران.

وأضاف زكري أن المحادثات مع الظواهري جرت بشكل جيد جداً حتى أرسل بن لادن ابنه الكبير، سعد بن لادن، إلى إيران قبل 4 شهور وأسبوع من أحداث 11 سبتمبر. إذ مر سعد بن لادن من حدود تايباد الأفغانية-الإيرانية، إلى قاعدة القوات الجوية في منطقة دماوند شمال طهران. وبقي سعد بن لادن في إيران 3 أسابيع التقى فيها مرة واحدة خامنئي في جماران، وحضر الاجتماع المسؤولون الإيرانيون: علي أكبر هاشمي رفسنجاني، محمد يزدي، مهدوي كني، علي مشكيني.

وفي السياق نفسه، اطّلع "الخليج أونلاين" على تقرير سابق صدر عن مركز الأبحاث الاستراتيجي الإسرائيلي "المركز المقدسي للشؤون العامة"، تحت عنوان: "التعاون السري بين إيران والقاعدة"، جاء فيه أن الولايات المتحدة عملت على الكشف عن جزء من المعلومات التي جمعتها حول العلاقة السرية بين إيران والقاعدة مع اقتراب الذكرى العاشرة لهجوم 11 سبتمبر.

إذ قال تقرير لجنة التحقيق بأحداث 9/11 إن هناك "أدلة قوية على أن إيران ساعدت على مرور 10-19 من الخاطفين" من المملكة العربية السعودية إلى قواعد التدريب التابعة للقاعدة في أفغانستان. وعلى الرغم من أن مسألة العلاقة كانت بالنسبة للأمريكيين في البداية تتطلب المزيد من البحث العميق للتأكد، فإن تفاصيل التحقيقات التي تمت ضمن الإجراءات القضائية للدعاوى التي رفعتها عائلات القتلى في هجمات 11 سبتمبر بيّنت أن الشكوك حول العلاقة حقيقية.

وجاء في التقرير أنه في 28 يوليو/تموز عام 2011 نشرت الإدارة الأمريكية برئاسة أوباما معلومات دقيقة حول وجود علاقة قوية بين إيران والقاعدة. إذ كشفت وزارة المالية الأمريكية وثائق جديدة حول الشبكة الإرهابية التي تضم 6 من عناصر القاعدة التي يوجد رأسها المدبر في إيران. وتستخدم هذه الشبكة كـ "قناة تدفق أساسية" للتنظيم الذي يقوم بواسطتها بتحويل الأموال والدعم اللوجستي ورجال العمليات من دول عربية في الخليج إلى ساحات القتال في أفغانستان وباكستان.

وأضاف التقرير أن من مهام وزارة المالية الأمريكية جمع المعلومات الاستخباراتية حول مصادر تمويل الإرهاب العالمي، وقد أوضح أن الشبكة الإرهابية التي كشف عنها عملت وفقاً لاتفاق سري بين القاعدة والحكومة الإيرانية. وقد توصلت الولايات المتحدة إلى استنتاج يفيد بأن إيران استخدمت "كنقطة مرور ضرورية" للقاعدة، وأن الشبكة بدأت تعمل عام 2005.

وفي هذا السياق، علّقت صحيفة "ذا وول ستريت جورنال" الأمريكية أن هذه كانت المرة الأولى التي تعترف بها الولايات المتحدة بشكل رسمي بالعلاقة التي تربط إيران بتنظيم القاعدة.

وقبل هذا الكشف كان هناك معلومات جزئية فقط حول العلاقة؛ فعلى سبيل المثال؛ عام 2000 اعترف عنصر خبير من القاعدة، يدعى علي محمد، أمام محكمة فدرالية أمريكية أنه عمل على تنظيم لقاء بين أسامة بن لادن والقائد العسكري لتنظيم "حزب الله" اللبناني، عماد مغنية، في السودان، وأوضح أن إيران استخدمت "حزب الله" لتزود تنظيم القاعدة بالأسلحة.

وكانت هناك تقارير حول سفر مجموعات من القاعدة إلى إيران ومنطقة البقاع في لبنان بهدف تلقي التدريبات. كما قيل إن نائب بن لادن في حينه، وخليفته بعد ذلك، أيمن الظواهري، أسس علاقة عمل قريبة وقوية مع أحمد وحيدي، وزير الدفاع الإيراني السابق. وبعد عام 2001، اختبأ جزء من قيادة تنظيم القاعدة في إيران.

وفي وقت لاحق كشفت الصحيفة عن تفاصيل الجلسات الجارية في المحاكم الأمريكية في القضية التي رفعها أهالي ضحايا هجمات 11 سبتمبر للحصول على تعويضات. إذ توضح التفاصيل والشهادات والوثائق التي قدمتها الاستخبارات الأمريكية تورط إيران بدعم القاعدة بالمال، وتقديم الخدمات اللوجستية والتدريبية من أجل تنفيذ الهجوم.

وبعد النظر بالوثائق والاستماع للشهود حكمت محكمة نيويورك بتغريم طهران بـ 10.7 مليارات دولار، إضافة إلى الفائدة على التعويض عن فترة ما قبل صدور الحكم، التي تقدر بـ 9% سنوياً، ليتجاوز التعويض مبلغ 21 مليار دولار.

ومن بين الشهادات التي قدمت في قضية "هافليش" المرفوعة ضد إيران، كانت لمسؤولين عاملين في الاستخبارات الأمريكية المركزية.

وأكد كلا المسؤولين في شهادتيهما أن "العلاقة بين مقاتلي القاعدة وإيران ليست وليدة اليوم، ولكنها تعود إلى أوائل الثمانينات من القرن الماضي في أفغانستان، وتضمنت إقامة علاقات شخصية وثيقة بين مسؤولين إيرانيين، وأمير حرب أفغاني تدعمه إيران، وقياديي تنظيم القاعدة فيما بعد أسامة بن لادن وأيمن الظواهري.

وكان لتلك العلاقات في أفغانستان دور فعال في سلسلة من الأحداث، التي أدت إلى وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وكذلك هروب مئات من عناصر القاعدة من جبال تورا بورا إلى إيران، بعد الغزو الأمريكي لأفغانستان فيما بعد الحادي عشر من سبتمبر.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)