الرئيسية > اخبار وتقارير > «اتفاق مسقط»: عجائب جون كيري اليمنية

«اتفاق مسقط»: عجائب جون كيري اليمنية

لا أحد يستطيع أن يفهم على أي أساس بنت الإدارة الأمريكية، بشخص وزير خارجيتها جون كيري، اعتقادها أن الاتفاق الذي أنجزته مؤخراً لحل الأزمة اليمنية قد يصل إلى أي مكان أبعد من العاصمة العُمانية مسقط التي أنجز فيها.
ولا أحد أيضاً يعرف لماذا اختصّ كيري اليمن بهذا الاجتهاد والإسراع في سلق الاتفاقات وترتيبها بينما المنطقة العربية تشتعل بأكملها، وخصوصاً في سوريا التي تتعرض أغلب مناطقها، وخصوصاً شرق حلب، لعملية إبادة منهجية من قبل روسيا وإيران والنظام السوري، والعراق الذي يقف على مسافة بسيطة من إمكان نشوب حرب إقليمية لحكومته مع تركيا على خلفية الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات الشيعية في المناطق التي تدخلها في طريقها للسيطرة على الموصل، فيما يردّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما تصريحاته الفارغة نفسها عن «العمل على وقف الأعمال العدائية» مع ابتسامة خبيثة تقول إنه، فعليّاً، لن يفعل شيئاً أبداً.
في عجلته الكاذبة تجاهل كيري أهم ركن من أركان نجاح أي اتفاق يخص اليمن وهو التفاوض مع الحكومة الشرعية للبلاد ممثلة برئيسها عبد ربه منصور هادي وحكومتها ووزير خارجيتها، عبد الملك المخلافي، الذي صرّح أنه لم يتم إعلام حكومته بذلك الاتفاق وبالتالي فإن «ما جرى في مسقط لا يعنيها».
تصريحات كيري أكّدت أنه التقى محمد بن سلمان، وليّ وليّ العهد السعودي، وأن السعودية والإمارات وافقتا «على المضيّ قدما في وقف إطلاق النار»، وهو أمر لم يؤكده البلدان علناً، ناهيك عن أن المعارك استمرّت في اليمن، وهو ما يعني أن أقوال كيري لم تؤخذ على محمل الجدّ، أو أن «التحالف العربي» تعامل معها باستخفاف يناظر استخفاف واشنطن بحكومة هادي.
الأغرب من ذلك أن الأمم المتحدة التي كان مبعوثها الخاص إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ، في صلب كل المفاوضات الجارية لحل الأزمة اليمنية، لم يكن لها دور كبير في الاتفاق وتفاصيله، وقد غاب ولد الشيخ عن مشاورات مسقط، وفي ذلك ما فيه من إشارة إلى استصغار الولايات المتحدة الأمريكية للأمم المتحدة التي سارع مبعوثها بعد يوم من تجاهله البليغ في دلالاته، مرغماً، على إعلان مباركته للاتفاق.
وزادت تسريبات حول موقف كيري أثناء المفاوضات في مسقط الطين بلّة حين بيّنت أن المطلوب من التسريع في إنجازه هو إقناع الحوثيين به على خلفية المحافظة على مصالح إيران في المنطقة التي قد تهددها حكومة الرئيس الجديد المنتخب دونالد ترامب.
رغم موقف الحكومة الشرعية المعلن الرافض لتجاهلها، فإن الجامعة العربية رحّبت بالإعلان عن الاتفاق وبوقف إطلاق النار في اليمن، وكان استمرار المعارك إبلاغاً فصيحاً، من الأطراف كافّة (بمن فيها الحوثيون الذين طُبخ الاتفاق على عجل لمصلحتهم) عن فشل الدبلوماسية الأمريكية، وعن سخف ترحيب الجامعة العربية، وعن هذا اللامعقول الجاري في العالم.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)