الرئيسية > اخبار وتقارير > تحدثت عن تعثر اجتماعاته لأسباب مالية: هُدى أبلان: اتحاد أدباء اليمن يصمت حيال القضايا الوطنية

تحدثت عن تعثر اجتماعاته لأسباب مالية: هُدى أبلان: اتحاد أدباء اليمن يصمت حيال القضايا الوطنية

لا تخفي الأمينة العامة لاتحاد أدباء اليمن، الشاعرة هُدى أبلان، أن الاتحاد يمرُّ بمأزق حقيقي يتعلق بصمته تجاه كثير من القضايا، خاصة القضايا الوطنية المصيرية، مشيرة إلى تصاعد ثقافة الكراهية والعنصرية والمناطقية والمذهبية بين الأعضاء.
■ ما هو موقف الاتحاد إزاء اللحظة اليمنية الراهنة؟
□ ولد الاتحاد الذي تأسس منذ أكثر من أربعة عقود، من رحم نضالات اليمنيين وتطلعاتهم، وكان عنواناً بارزاً للهوية اليمنية الواحدة التي انتصرت على مشاريع التشظي والتفتيت. وظل الاتحاد ولعقود يمارس أدواراً مختلفة سياسية وثقافية مؤثرة في صناعة اللحظة والتحولات، كما كان حاضنة حقيقية لكثير من المناضلين والمفكرين والأدباء الذين كانوا عناوين للحرية والتغيير، حتى إعلان الوحدة اليمنية عام 1990، وقد مثلت مرحلة ما بعد الوحدة محطة مفصلية، أخذت فيها السلطة تعزز تدريجياً هيمنة البُعد السياسي على ما عداه، حتى بات هو المتحكم في كل نواحي الحياة؛ وهو ما انعكس على المؤسسات الثقافية والنقابية بما فيها الاتحاد؛ فتراجع دوره السياسي؛ وبالنتيجة تراجع دوره الثقافي، وعلى الرغم من حدة التجاذبات والخلافات السياسية التي كانت تتصاعد في اجتماعات هيئاته وتؤثر على برامجه واتجاهاته، إلا أن الجميع ظلوا محافظين على أرضية مشتركة مُجمعين على الوحدة الوطنية والهوية اليمنية، ومتفقين أيضاً على نقد النظام السياسي عندما يعمل ضد الدولة المدنية والحرية والعدالة وغيرها، بمعنى أنه على الرغم من تلك التجاذبات، لم يخفت صوت الاتحاد وبقيت مواقفه واضحه إزاء القضايا الوطنية المصيرية وغيرها من قضايا الحقوق والحريات.
■ قد يكون كلامك صحيحاً إلى ما قبل خمس سنوات تقريباً، حيث وصلت التجاذبات والخلافات السياسية داخله إلى مستوى باتت فيه معوقاً أمام اتخاذ أي موقف إزاء ما كان محل اجماع كالوحدة اليمنية وغيرها، حتى كان انقطاع اجتماعات هيئاته ومن ثم صمته التام وغيابه عن المشهد؟
□ منذ عام 2010 أو 2011 بدأ الاتحاد يتأثر كثيراً بتجاذبات الحراك السياسي، وبدأت فجوة الخلافات تتسع، وبدأت أصوات من داخل الاتحاد تدعو للتجزئة وغيرها من المشاريع الصغيرة التي تتناقض كلية مع أدبيات الاتحاد ونظامه الأساسي، وجاءت انعكاساً لواقع سياسي غير صحي تسبب صراع سلطاته مع المجموعات الثقافية في المجتمع إلى إفراز رؤية وطنية ضيقة فرضت نفسها على أفراد المجتمع. وعموماً فقد اتسعت فجوة الخلافات داخل الاتحاد؛ وهو ما كنا نوفق بينها بصعوبة خلال اجتماعات هيئات الاتحاد؛ لأن القرارات والمواقف توفيقية، يعني كلمة من هنا وموقفا من هناك، لكن مع المستوى الذي وصلت إليه الخلافات حالياً لأ اعتقد أنه من السهولة، في حال اجتمعت هيئات الاتحاد، أن نصل إلى توفيق بينها؛ لأن الهوة باتت واسعة والمشاريع الصغيرة باتت تضغط بقوة، فضلاً عن ذلك فإن قضايا الوطن والوحدة والهوية والتسامح والتنوع من القضايا التي تأسس عليها الاتحاد وتُعد من جيناته ولا يمكن له أن يشتغل ضدها ويتناقض معها في أي مرحلة. 
■ ألهذا السبب تعطلت اجتماعات هيئات الاتحاد منذ نحو ثلاث سنوات؟ 
□ تعثرت الاجتماعات لأسباب مالية متعلقة بقرار الحكومة ووزارة المالية، منذ ثلاث سنوات، إيقاف صرف موازنات كافة الاتحادات والمؤسسات النقابية، بدعوى التقشف الذي يطال هذه المؤسسات الحقيقية ويؤثر على أدائها، بينما نرى البذخ في مظاهر باهتة وطارئة. وموازنة الاتحاد يتم الاعتماد عليها كلياً في تشغيل الاتحاد وفروعه واصداراته وأنشطته، بما فيها اجتماعات هيئاته، خصوصاً أن أعضاء الأمانة العامة والمجلس التنفيذي ليس جميعهم في صنعاء، بل في عدة محافظات، في الوقت الذي يرفض فيه الاتحاد أن يطرق باب سفارة أو شركة يطلب دعما مالياً؛ لأن هذا ضد فلسفته وأهدافه. 
■ على الرغم من تعثر اجتماعات هيئات الاتحاد كنا نسمع صوتاً للاتحاد، وإن كان خافتاً، إزاء بعض القضايا، إلى ما قبل استعار الحرب الراهنة؛ حيث صمت الاتحاد وغاب تماماً متخلفاً عن دوره… أين صوت الاتحاد وما أسباب هذا الصمت مما يجري في البلاد؟ 
□ نعترف أن الاتحاد يمرُّ بمأزق حقيقي يتعلق بصمته تجاه كثير من القضايا، خاصة القضايا الوطنية المصيرية، وفي طليعتها الوحدة اليمنية التي تتعرض للانهيار ليس على الصعيد السياسي والعسكري فحسب، ولكن أيضاً على الصعيد الاجتماعي والفكري، من خلال كثير من المشاريع التي تُنادي بالمناطقية والطائفية والمذهبية وغيرها التي يُراد لها أن تسود حياة اليمنيين، والأهم من هذا هو ما تشهده البلاد من سفك للدماء وانتهاك للحقوق وتدمير للمقدرات. وللأسف ليس هناك موقف عن الاتحاد إزاء كل ذلك عدا بعض التصريحات التي جاءت على لساني وبعض الزملاء، وهي تصريحات نادت للسلام والمحبة والتسامح وإيقاف كل أشكال الحرب. 
 غياب مواقف الاتحاد هو بسبب صرامة ضوابط الهيئات التنظيمية، فالبيانات الصادرة عنه، خاصة المتعلقة بالقضايا الوطنية المصيرية لا تصدر عن شخص الأمين العام أو أمين الحقوق والحريات، وإنما ينبغي أن تصدر إما عن اجتماع الأمانة العامة أو اجتماع المجلس التنفيذي، وهذه الاجتماعات لم تنعقد؛ وبالتالي لم يصدر أي موقف، وتعثر الاجتماعات مستمر منذ ثلاث سنوات لأسباب منها المادي، والتي أشرتُ اليها آنفاً وأيضاً لتشتت أعضاء الأمانة العامة ما بين صنعاء وعدن وأبين وحضرموت وكذلك بعض الأمانات موجودة في الخارج. 
■ ما تأثير الخلافات بين قيادات الاتحاد التي بلغت مرحلة خطيرة مع استعار الحرب، وهل تندرج هذه الخلافات ضمن أسباب صمت الاتحاد؟
□ لا ننكر أن الاتحاد تجاذبته رؤى سياسية وحزبية ومناطقية ومذهبية، لكنها فشلت في جره إلى طريقها المرّ… وأعضاء الاتحاد ليسوا جميعهم على قلب رجل واحد؛ لأن الاتحاد مؤسسة كبيرة تمور بالاختلاف والتنوع والتمايز الفكري والإبداعي، وهم جميعاً يرفضون كل أشكال الحرب ومظاهرها المقيتة، لكنهم يختلفون في تأصيل ما يحدث، وهذه مشكلة المؤسسات الثقافية الكبيرة التي ليست ملكاُ لأشخاص أو فئات أو أحزاب. وعلينا ألا ننسى ما ساد واقع الحياة في المجتمع من تغيرات سلبية انعكست على وعي كل افراد المجتمع نتيجة العلاقة المختلة للسلطة السياسية مع السلطات الثقافية، وهو ما ضاقت معه الرؤية الوطنية لدى الجميع، واستمرت بسببه الخلافات تتصاعد وتضخمت معها مشاريع صغيرة حتى باتت الخلافات ملطخة بالدماء. وفي مثل واقع كهذا ربما لو اجتمعنا سينقسم أو ينهار الاتحاد؛ لأنه سيكون من الصعوبة الوصول إلى اتفاق. ما يحصل الآن هو أن الواقع صار يفرض نفسه على الاتحاد ويحاول جره إلى منعطف خطير، بينما الاتحاد مازال، حتى الآن، متماسكاً كما لا يمكن أن نلوم خلافات قياداته؛ فكلهم يعانون من ضغوط؛ فرئيس الاتحاد يعاني من ضغوط في محيطه بعدن، ومثله بعض أعضاء الأمانة العامة ممن يحملون هم القضية التهامية يعانون من ضغوط محيطهم وهكذا… وصعوبة التوفيق بين هذه الخلافات الراهنة داخل الاتحاد تجعل من صمته خياراً مقبولاً على ما في الصمت من علل…لأننا في السابق كنا نتخذ القرارات بشكل توفيقي، لكن في المرحلة الراهنة أصبح من الصعب أن نتخذ أي قرار بشكل توفيقي؛ لأن الخلافات اتسعت وضاقت الرؤية كثيراً، وسيظل الاتحاد في الأخير جامعاً لكل هذا الاختلاف والتنوع عندما يتجاوز أعضاؤه تجاذباتهم الصغيرة وينتمون لليمن الكبير بتاريخه وتراثه وتنوعه الفريد. 
■ هل تعثر اجتمــاعات هيئات الاتحاد في الوقت الراهن وصمته، هو لصالح الاتحاد في ظل الخلافات الحادة؟ 
□ هذا ليس اختياراً، وإنما طبيعة المرحلة تجعل منه خياراً أفضل؛ فإن يمضي الاتحاد هكذا صامتاً أفضل من أن تصدر عنه مواقف تخذل تاريخه وتخذل الناس والدماء وكل من سقط ضحية الصراع، خصوصاً في ظل تعقيد الخلافات وعجز البُنية التنظيمية للاتحاد عن تجاوز هذه الأوضاع؛ لأن الاتحاد في هذه المرحلة أشبه برجل عجوز على مستوى هيكله وآليات اتخاذ القرار داخله، التي هي في أمس الحاجة إلى تجديدها بما يعالج كل هذا القصور في التعاطي مع كثير من القضايا والأوضاع، ولهذا فإن أفضل ما يجب عمله عند عقد أول اجتماع هو الدعوة لعقد المؤتمر العام ليقف على لوائح وبُنية الاتحاد المؤسسية ويضع لها المعالجات. نحن ممسكون برجل عجوز بات الواقع أكبر من قدراته، ونحاول ألا نصدم الناس بموقف غير طبيعي للاتحاد في هذه المرحلة يهدد مستقبله.
■ ما الفرق بين الخلافات الراهنة داخل الاتحاد وخلافات المرحلة السابقة؟ 
□ القضايا الخلافية داخل الاتحاد في الفترة السابقة كانت محكومة بأرضية ثقافية مشتركة، بينما في المرحلة الراهنة تلاشت المنطقة المشتركة وتجاوزت الإطار السياسي وتصاعدت ثقافة الكراهية والعنصرية والمناطقية والمذهبية بشكل أصبح معه من الصعب اتفاق الأمانة العامة والمجلس التنفيذي في حال اجتماعها على نقطة في الأحداث الجارية؛ لأن الوطن للأسف بات موضوع الاختلاف؛ وكل يرى منطقته هي وطنه؛ وربما من حسنات صمت الاتحاد أن تركنا الأمور قليلاً للتقييم مع الوقت، وبالتالي كما أشرتُ آنفاً أصبح أول اجتماع للاتحاد منوط بالدعوة لعقد مؤتمر عام، فمعالجة وضع الاتحاد من الداخل هو الأهم.
■ هناك من قيادات وأعضاء الاتحاد من لا يؤمن بهذا الطرح ويُحمّلك المسؤولية عن تعثر اجتماعات الاتحاد وصمته وغياب مواقفه إزاء اللحظة الراهنة، كون ذلك سيؤثر سلباً على موقعك الوزاري؟
□ أعضاء الأمانة العامة ليسوا كلهم في صنعاء كي نلتقي في صنعاء، والاجتماع يدعو له رئيس الاتحاد أو الأمين أو أحد أعضاء الأمانة؛ فهناك ديمقراطية داخل الاتحاد، لكن أعضاء الأمانة مشتتون داخل اليمن وخارجه. كما أشرتُ انفاً لا توجد أي موازنة تشغيلية لدى الاتحاد ولو توفرت ربما سنجتمع حتى نقول، على الأقل، إننا فشلنا أو ندعو لمؤتمر عام. وبالنسبة للمناصب فهي لا تعنيني ولم أسع إليها، ومنصبي الحقيقي هو الشعر الذي أعتز به أكثر من أي صفة طارئة أخرى. 
■ هل ثمة خلافات بينكِ وبين رئيس الاتحاد مبارك سالمين؟ 
□ لا توجد أي خلافات، ومبارك سالمين من أفضل رؤساء الاتحاد الذين مروا على رئاسة الاتحاد، لكن ظروفنا أننا جئنا في مرحلة صعبة تعرّض فيها الاتحاد لأصعب اختبار منذ تأسيسه.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)