الرئيسية > اخبار وتقارير > ترامب يروّض همجية إيران ويدفعها إلى فتح حوار مع الخليج

ترامب يروّض همجية إيران ويدفعها إلى فتح حوار مع الخليج

يعيش العالم حالة ترقب وانتظار لما سيقْدم عليه الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب من سياسات، خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي شهدت تراجعاً أمريكياً ملحوظاً في عدد من الملفات الاستراتيجية خلال السنوات الأخيرة للرئيس السابق باراك أوباما والذي أعاد رسم العلاقات بين بلاده وإيران، بتوقيعه على الاتفاق النووي الذي رفع العقوبات والعزلة عن كاهل البلد الذي طالما وصف الولايات المتحدة بـ"الشيطان الأكبر".

وبعد وصوله البيت الأبيض، تحدَّث ترامب ومساعدوه بلغة غامضة عن علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها في الشرق الأوسط، وكذلك عن إيجاد حل لأزمة هذه المنطقة وخاصة في سوريا؛ لكنهم لم يُخفوا عداءهم لإيران، وللتيار الإسلامي السياسي.

وكان ترامب قد هدد خلال حملته الانتخابية بإلغاء الاتفاق الذي أبرمه سلفه مع طهران، وما إن تم تنصيبه حتى أصدر أمراً منع بموجبه مواطني إيران من دخول الولايات المتحدة.

في ظل هذه اللهجة الجافة والتهديدات الواضحة، والتي لا بد أن الحكومة الإيرانية تتابعها من كثب، قال نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، الخميس: إنه "ستكون هناك خطوات إيجابية لتحقيق التوافق، وإزالة الاحتقان في العلاقات الخليجية مع إيران".

ترامب يوقع

-حوار مشروط:
تصريحات الجار الله جاءت عقب تسليم وزير الخارجية الكويتي رسالة إلى الرئيس الإيراني تتضمن رؤية خليجية لقيام حوار سياسي مع إيران.

الرسالة الخليجية جاءت بناء على تكليف قادة دول مجلس التعاون، خلال قمتهم الأخيرة التي عُقدت في البحرين الشهر الماضي، الكويت إدارة ملف التفاوض بين دول المجلس وطهران؛ في محاولة لوقف التدخل الإيراني المستمر في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ودعمها المليشيات المسلحة بما يؤثر على أمن المنطقة واستقرارها؛ بل ومستقبلها برمته، بحسب تصريحات مسؤولين خليجيين.

وقد أشار الجار الله إلى أن "الرسالة الخليجية هدفت إلى تحقيق التوافق بشأن الحوار المستقبلي، ومن هذا المنطلق كان التطلع إلى خطوات مستقبلية".

لكن صحيفة "المدن" اللبنانية، قالت إنها علمت من مصادر دبلوماسية، أن وزير الخارجية الكويتي حمل ثلاثة شروط سعودية إلى طهران، مضيفة: "هذه الشروط محاولة لجسّ نبض الجدية الإيرانية في الدخول في ذلك الحوار".

ووفقاً للصحيفة اللبنانية، فإن الشروط الثلاثة هي: "عدم التدخل الإيراني في شؤون الخليج، وعدم التدخل الإيراني في شؤون لبنان، ووقف الحملات التي يشنها الإيرانيون وحلفاؤهم على شخصيات سعودية".


وزير خارجية الكويت وروحاني

الباحث السياسي عرفات جرغون، لفت في كتابه "العلاقات الإيرانية الخليجية.. الصراع، الانفراج، التوتر"، إلى أن امتلاك إيران إمكانات صنْع القنبلة النووية يمثل أحد أبرز المعوقات التي تعترض تحقيق التقارب بين الجانبين، لا سيما أن ثمة شكوكاً خليجية تجاه النوايا التوسعية الإيرانية، ومخاوف من استمرار إيران كمصدر لتهديد الأمن الخليجي، منذ حرب الخليج الثانية (17 يناير/كانون الثاني - 28 فبراير/شباط 1991).

ويتزايد القلق الخليجي من استغلال إيران الطائفية في التعبئة والتحريض؛ بغية تنفيذ الأجندة الإيرانية في دول الخليج، كما أن النفوذ الإيراني في العراق وسوريا، وما يحمله من تداعيات خطيرة في المنطقة، كلها أمور فاقمت من حالة عدم الثقة بين الطرفين والتشكيك في نوايا إيران، رغم التحسن الذي طرأ على العلاقات بين الجانبين في بعض مراحل السياسة الخارجية الإيرانية.

ترامب قال لمحطة "إيه بي سي" الأمريكية، الأربعاء الماضي، وهو أول ظهور له بعد تنصيبه رئيساً، إنه غير راض عن النفوذ الإيراني في العراق، وإن "بلاده اقترفت خطأً فادحاً حينما دخلت العراق ثم سلمته إلى إيران"، مؤكداً أن لديه عدة حلول لأوضاع العراق، منها "عسكرية"، لن يعلنها قبل تنفيذها.


-تقارب تفرضه الظروف:
أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، عايد المناع، يرى أنه "ورغم شح المعلومات المتوافرة عن النتائج التي توصلت إليها المباحثات الكويتية الإيرانية في طهران، فإن فتح قنوات الحوار والتفاهم بين السعودية وإيران عبر الكويت يمثل تفاؤلاً، ومنعطفاً جديداً ومهماً يمكن استغلاله لخرق الجليد الذي يكسو علاقة الطرفين، في الفترة المقبلة".

وقال المناع لـ"لأناضول" إن تصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الإيجابية، والإشادة بدور أمير الكويت في تعزيز حسن الجوار مع دول المنطقة، "تبين مدى قبول إيران بالكويت للعب دور الوسيط الذي يثق به الجانبان". وأوضح المناع أن "حفاوة اللقاء والمباحثات المعمقة في طهران تشير إلى الرغبة القوية في بدء حوار مشترك بين العواصم الخليجية وطهران خلال وقت نتوقع أن يكون قريباً".

المناع قال أيضاً إن المتغيرات الدولية في المنطقة والظرف الموضوعي "تساعد على تحقيق التقارب؛ إذ يصعب التنبؤ بسياسات الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، التي لا تخلو في ظاهرها من العدائية للإسلام وكذلك تصريحاته السابقة عن التراجع عن الاتفاق النووي مع إيران، ما يعني تضرر الجانبين من مثل هذه التصريحات فيما لو تحولت إلى أفعال"، لافتاً إلى أن الأوضاع الحالية "تتطلب تغيير سياسة إيران في الخليج من المواجهة إلى الحوار".

وتابع: "ما زال أمام جميع الأطراف الكثير للعمل عليه؛ فالملفات المشتبكة بين الطرفين كثيرة وتحتاج إلى جهود ضخمة لإزالتها"، مستشهداً بملف الأزمتين السورية واليمنية "اللتين تظهر فيهما يد إيران بوضوح في دعم الحوثيين أو نظام بشار الأسد".

قاسم سليماني

غير أن كل هذه التكهنات تظل مرهونة بما سيفرضه الواقع على الساكن الجديد للبيت الأبيض والذي يبدو غير مطلق اليد على النحو الذي يظنه البعض، ولو في أمور بعينها؛ ففيما يتعلق بموقفه من إيران، يقول مركز الجزيرة للدراسات (في تقدير موقف أعده الشهر الجاري): إنه "من الصعب على ترامب التحلل من الاتفاق النووي؛ لأن الاتفاق اكتسب طابع المعاهدة الدولية متعددة الأطراف من جهة؛ ولأنه لا دول أوروبا ولا دول الجوار الإيراني تريد إلغاء الاتفاق من جهة أخرى". 

ما سيستطيعه ترامب، بحسب تقدير الموقف، هو "التصديق على قانون تمديد العقوبات على إيران، الذي أقرَّه الكونغرس مؤخراً، وربما حتى تشديد هذه العقوبات، مستخدماً هذا المبرر أو ذاك"، مضيفاً: "وإن قررت إدارة ترامب مواجهة التوسع الإيراني في الجوار العربي، فستنفذ هذه السياسة من خلال تقديم دعم لدول الخليج، وربما حتى تشجيع مصر على الالتحاق بما يشبه التحالف الإقليمي المناهض لإيران". 

بيد أن السفيرة الأمريكية الجديدة لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، قالت في أول كلمة لها بعد توليها منصبها رسمياً، أول من أمس (الجمعة)، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب "ستعمل على إظهار القوة للعالم، والتحقق من وقوف حلفائنا في صفنا". وأضافت: "ومن لم يقف معنا من حلفائنا فسنسجل الأسماء جيداً، ونحدد مواقفنا بالشكل المناسب".

كما تعهد ترامب، في خطته لقطاع الطاقة الأمريكي التي أعلنها الثلاثاء، بالعمل مع حلفاء الولايات  المتحدة من دول الخليج؛ لتطوير علاقات "إيجابية بالطاقة، كجزء من الاستراتيجية ضد الإرهاب".

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)