الرئيسية > اخبار وتقارير > بإقالة كبير موظفيه.. هل بدأ بيت ترامب "الورقي" بالانهيار؟

بإقالة كبير موظفيه.. هل بدأ بيت ترامب "الورقي" بالانهيار؟

كأن ما يجري هذه الأيام في أروقة البيت الأبيض من صراعات واستقالات وإقالات وتحقيقات فساد، يعيد إلى الواقع مسلسل "بيت من ورق"، لا سيما الموسم الخامس منه، الذي صوّر أحداثاً باتت تجسّد فيما يجري داخل إدارة الرئيس الأكثر جدلاً في تاريخ الولايات المتحدة، دونالد ترامب.

فما يمرّ به ترامب هذه الأيام لا يختلف كثيراً عمّا مرّ به الرئيس فرانك أندروود، بطل مسلسل "بيت من ورق"، حيث أدّت هذه الظروف المتشابهة إلى انهيار بيته واستقالته من منصبه.

فبيت ترامب الورقي تعصف به الاستقالات والإقالات والانسحابات الهادئة، كما يصفها مراقبون، كان آخرهم رينس بريبوس، كبير موظفي البيت الأبيض، الذي أقاله ترامب بثلاث تغريدات، وهو الرجل الذي كان له الفضل في إقناع كبار مندوبي الحزب الجمهوري في انتخاب ترامب، عندما كان رئيساً للجنة الوطنية للحزب.

كما كان لـ "بريبوس" دور مؤثر داخل إدارة ترامب، لكن ذلك كله كان قبل مجيء أنطوني سكاراموتشي، مدير الاتصالات الجديد للرئيس الأمريكي، الذي أثار دخوله البيت الأبيض الكثير من الاعتراضات، والتي أدّت إلى استقالة الناطق باسم ترامب، شون سبايسر.

كما اعترض كبير موظفي البيت الأبيض المقال نفسه، بحسب شبكة "CNN" الأمريكية، على تعين سكاراموتشي، الأمر الذي دفع بالأخير عقب تعيينه إلى الانتقام منه، وهاجمه في محادثة هاتفية مع مجلة "نيويوركر" مستخدماً لغة جارحة، ووصفه بأنه مريض بـ "الشك والفصام".

كما اتهمه سكاراموتشي بتسريب معلومات إلى الصحافة حول تحقيقات الكونغرس الجارية بشأن مزاعم تدخّل موسكو في الانتخابات الرئاسية، وتسريب قد حدث لنموذج الكشف المالي للحكومة، وهي الاتهامات التي يبدو أنها ساهمت بإقالته.

والأسبوع الماضي، ضجّت وسائل إعلام أمريكية بأنباء عن عزم وزير الخارجية، ريكس تيلرسون، الاستقالة من منصبه؛ بسبب خلافه مع ترامب، والعقليّة التي يعمل بها، ما يعكس -بما لا يدع مجالاً للشك- أن المؤسسات الأمريكية تعاني من حكم ترامب.

- عدم ثقة

وكان محللون ينظرون إلى تعيين بريبوس، الرجل الذي يمتلك ثقلاً كبيراً في الحزب الجمهوري، كبير موظفي ترامب، بأن الأخير يريد إرضاء قيادات الحزب الجمهوري، ويضمن لهم بأن ترامب لن يغرد خارج المألوف.

فكبير موظفي البيت الأبيض ليس مجرد منصب إداري، بل يعد الرئيس الأعلى رتبة في المكتب التنفيذي لرئيس الولايات المتحدة، ويمنح صاحبه مهام كبيرة لها دور مؤثر في ديناميكية العمل الحكومي، فهو يعمل على حماية مصالح الرئيس، والتفاوض مع الكونغرس وأعضاء آخرين في السلطة التنفيذية.

ومن هذا المنطلق لا شك أن إقالة "بريبوس" سوف تنعكس سلباً على العلاقة مع قيادات الحزب الجمهوري، والتي تمر أصلاً هذه الأيام بحالة "عدم الثقة".

A7D9C19A-5E62-4CD4-B419-AEAE9F2DCDAB_w1023_r1_s

فلم يمنع مرض السرطان، المصاب به كبير قياديي الحزب الجمهوري، جون ماكين، من الوقوف بوجه ترامب في مجلس الشيوخ وانتقاده ووصفه بالند، وبأنه لم يقدم شيئاً لأمريكا خلال الأشهر الستة الأولى من حكمه.

كما كان صوت ماكين حاسماً في إسقاط "قانون ترامب للرعاية الصحية"، الخميس 27 يوليو الجاري، والذي كان اقترحه الرئيس الأمريكي عوضاً عن قانون "أوباما كير"، الذي يكيل له ترامب الكثير من الاتهامات والانتقادات.

وبعد أن أدلى بصوته، حث مكين الجمهوريين على الوقوف في وجه ترامب، وقال وسط تصفيق زملائه: "نحن لسنا مرؤوسين للرئيس ولكننا أنداد".

كما انتقد السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، هو الآخر، مشروع ترامب الصحي، وقال إنه لن يصوّت على "قانون هش" يمس حياة ملايين الناس، في إشارة واضحة إلى أن ترامب فشل في إيجاد البديل المناسب لقانون "أوباما كير"، الذي يخدم 20 مليون شخص، ولطالما وصفه ترامب بـ "الفاشل".

وفي ظل هذه الظروف المتوتّرة، رأت الصحفية المختصة بالشأن الأمريكي، كندة قنبر، "أن السيناتورز الجمهوريين لا يمكن أن يغامروا بمناصبهم من أجل إرضاء هوس ترامب بإلغاء (أوباما كير) دون إيجاد البديل المناسب".

وأضافت لـ "الخليج أونلاين": "لا يمكن لأي سيناتور أن يوافق على مشروع كهذا؛ لأن إخراج 20 مليون مواطن من الضمان الصحي مسؤولية كبيرة، كما سيعنكس على إعادة انتخاب الممثل الذي وافق على مشروع كهذا غير واضح المعالم".

وحول إن كان سقوط قانون ترامب الصحي رسالة حازمة من الجمهوريين له بضرورة تصحيح طريقة إدارته، رأت قنبر أنه "بعد 6 أشهر من تنصيبه، وفي ظل التحقيقات حوله، وحالة التخبّط التي يعيشها، لا شك أن إدارته تعاني من كثير من المشاكل، ولا أحد يستطيع أن يتوقع أي شيء في المدى المنظور"، مشيرة إلى أن "ترامب يعمل في البيت الأبيض بأسلوب الشركة والحكم العائلي".

- انهيار البيت الورقي

وتحت عنوان "ترامب وتدمير الذات"، نشرت صحيفة الفايننشال تايمز، السبت، مقالاً افتتاحياً تقول فيه إن إدارة دونالد ترامب تدمّر نفسها، تعليقاً على إقالة بريبوس.

وتقول الصحيفة إن سلوك الرئيس الأمريكي تعرّض لانتقادات من قبل الأصدقاء قبل الخصوم، فربما يعتقد أنه فوق السياسة أو فوق القانون.

وتضيف أن ترامب يدفع بالمنظومة الدستورية إلى الدمار، ليس بسبب بذاءة لسان مساعديه وعدم لباقتهم، مثل سكاراموتشي، ولكن لأنه لم يفهم كيف تعمل المنظومة الأمريكية.

وترى الفايننشال تايمز أن جميع ما قام به منذ توليه الحكم لا قيمة له، باستثناء سياسة الصين، وكل يوم يحمل معه نصيباً من سلوك ترامب وتعليقاته؛ بداية من انسحابه من اتفاقية باريس حول التغير المناخي، وصولاً إلى تدخّله غير الموفّق في أزمة الخليج، وتعليقاته على حلف شمال الأطلسي (ناتو).

كلام الصحيفة، تتفق معه قنبر، حيث أشارت إلى أن ترامب "شخص منتهٍ" متوقّعة أنه "إما لن يكمل ولايته، أو لن يعاد انتخابه في العام 2020، مع كل هذا التخبّط في البيت الأبيض، وفي سياسته الداخلية والخارجية".

لكن في نفس الوقت، لفتت إلى أن الرئيس ترامب يحاول إعادة ترتيب وصياغة فريق عمله، وقد تجلّى ذلك بإقالة كبير الموظّفين "بريبوس"، وتعيين وزير الداخلية الجنرال المتقاعد، جون كيلي، خلفاً له.

johnkelly3-21341829512680d5e3b8ca28fd06edfd6f05c887-s900-c85

وتقول قنبر إن ترامب سعى من خلال تعيين "بريبوس" لتنفيذ أجندته التشريعية، وخاصة التي تتعلّق بـ "أوباما كير"، والجدار مع المكسيك، والهجرة، ولكن الحرب التي يواجهها ترامب في الكونغرس، والخلافات بين "بريبوس" وبين صهر ترامب، جاريد كوشنر، بدّدت ذلك.

وأشارت إلى أن إقالة بريبوس تعكس قناعة ترامب بأنه بات "بحاجة لشخصية عسكرية تدير البيت الأبيض، ولكن بنفس صارم، وهذا ما لم يستطع بريبوس تقديمه".

وأوضحت أن ترامب ربما يكون وجد ضالّته بجون كيلي، الجنرال المتقاعد والمتنفذ في مسائل الدفاع والأمن القومي، والذي يأمل منه كذلك أن يساعد في القضايا التي فشل فيها سلفه بتمريرها في الكونغرس.

لكن في نفس الوقت لم تتوقع قنبر أن يقدم كيلي الكثير؛ بسبب وجود "نوع من السطوة العائلية في الإدارة، والتأثير الكبير من قبل صهر ترامب كوشنر وابنته إيفانكا".

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)