الرئيسية > محلية > أمير سعودي بارز يفتح النار على "علي عبدالله صالح" ويستعرض دور السعودية في اليمن ويلمح لمرحلة انتقالية توافقية

أمير سعودي بارز يفتح النار على "علي عبدالله صالح" ويستعرض دور السعودية في اليمن ويلمح لمرحلة انتقالية توافقية

فتح الأمير تركي الفيصل، رئيس جهاز الاستخبارات السعودي الأسبق، والسفير السابق للمملكة لدى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، النار على الرئيس السابق علي عبدالله صالح، متهما إياه بالتواطؤ مع الحوثيين، والانقلاب على ما تم التوصل إليه في مؤتمر الحوار الوطني.

 

ولأول مرة يخرج مسؤول سعودي رفيع بنظرة إيجابية تجاه ثورات الربيع العربي، حيث أوضح الأمير تركي الفيصل في مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، أمس الجمعة بعنوان " نحن واليمن: التفسيرات المغلوطة لتدخل مشروع"، أوضح أن جموع اليمنيين خرجت عام 2011، كما خرج غيرهم في دول عربية أخرى للمطالبة بالتغيير.

 

وبين "الفيصل"، أن اليمنيين كان يحدوهم طموح إلى تغيير يقوم على عقد اجتماعي جديد ينتقل بالدولة اليمنية والشعب اليمني إلى مستقبل أفضل، لافتا إلى عدم انزلاق اليمنيين حينها إلى ما انزلقت إليه دول عربية أخرى من فوضى وصراع مسلح، حيث تغلبت الحكمة اليمانية بقبول جهود الأشقاء في السعودية ودول الخليج الأخرى في تحقيق تحوّل سلمي في السلطة وإقامة سلطة انتقالية، لفترة محددة، يتم خلالها صوغ هذا العقد الاجتماعي الجديد الذي يرتضيه اليمنيون جميعاً.

 

وأضاف الأمير تركي الفيصل: " وكانت المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي وقّعت عليها القوى السياسية اليمنية كافة، بمن فيها الحوثيون، هي المرجعية المعتمدة لهذا التحول السلمي في السلطة، وقد شكلت خريطة طريق لمستقبل اليمن السياسي. تضمنت هذه المبادرة وآليتها التنفيذية عقد مؤتمر للحوار الوطني لوضع رؤية جديدة لمستقبل البلاد وصياغة دستور والاستفتاء عليه، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية بناء على الدستور الجديد. نجح اليمنيون من جديد، وعقدوا حوارهم الوطني الشامل، الذي استمر من 18 مارس 2013 إلى 25 يناير 2014".

 

وأوضح الأمير السعودي أن اليمنيين اتفقوا على عقدهم الاجتماعي الجديد، وعلى مخرجات هذا الحوار، والبدء في تنفيذ ما اتفقوا عليه. وقد غلب التفاؤل على الجميع بهذا الإنجاز الحضاري، وأن اليمن في طريقه إلى النجاة من مأزق "الربيع العربي"، مشيريا إلى أنه لم يكن هناك من هو أسعد من المملكة العربية السعودية بهذا الإنجاز الوطني اليمني، الذي كان سيفرز شرعية جديدة في اليمن، يتم من خلالها استمرار دعم اليمن ودعم تنميته وأمنه واستقراره.

 

ولفت إلى أن الرياح دائما لا تأتي بما تشتهي السفن، مبينا أن "الحوثيون، وبتواطؤ من الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأتباعه - وجميعهم شركاء في الحوار الوطني وموقّعون على مخرجاته - كانوا يتربصون بهذا الإنجاز ويتحيّنون الانقلاب عليه لأسبابهم النفعية، وقد يكون منها سبب «مذهبي» غير وطني، وكأنهم لا يريدون لليمن أن يستقر ويتقدم نحو المستقبل بتوافق ومشاركة جميع أبنائه. لقد استغل هؤلاء هشاشة وضعف سلطة المرحلة الانتقالية للانقلاب على السلطة الانتقالية الشرعية والذهاب باليمن إلى منحى آخر".

 

وقال تركي الفيصل: "لم يترك انقلاب الحوثيين وأنصارهم واحتلالهم صنعاء في سبتمبر  2014، وحبسهم رموز السلطة الشرعية، خياراً لهذه السلطة إلا بمواجهة هذا العدوان على الشرعية، ولا سيما بعدما تبيّن أن هدف هؤلاء أكبر مما يعلنون، إذ بدأوا بالتوسع في مناطق أخرى في اليمن وإقامة سلطتهم الخاصة".

 

وأضاف أن الحوثيين أرادوا اختطاف الدولة اليمنية وفرض رؤيتهم ونظامهم وعقيدتهم المذهبية التوسعية المرتبطة بإيران على اليمن، وعلى حساب الإجماع الوطني اليمني المتمثل في مخرجات الحوار الوطني، مبينا أن هذا هو السبب الرئيسي لما يجري في اليمن، ويتحمل مسؤوليته - أولاً وأخيراً - هؤلاء الانقلابيون، ولن يكون هناك مخرج من هذه الأزمة إلا بنكوص هؤلاء عن انقلابهم، واستعادة الدولة اليمنية ومؤسساتها بكل الوسائل، حسب قوله.

 

وانتقد تركي الفيصل اتهام المملكة بالوقوف وراء ما يجري في اليمن، أو تصوير الصراع على أنه صراع سعودي يمني، أو الحديث عن أن ما تمر به اليمن حاليا من أزمة هو نتاج للحرب المزعومة، مبينا أن هذا تفسير يجافي الحقيقة.

 

وقال "الفيصل": "لم يكن لدى الشرعية اليمنية، المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته، من وسيلة تكفل ردّ هذا العدوان واستعادة الدولة إلا طلب المعونة من الشقيق الأقرب، وهو المملكة العربية السعودية المرتبط أمنها الوطني بأمن اليمن واستقراره. لقد طلب الرئيس هادي رسمياً من المملكة مساعدة السلطة الشرعية على رد العدوان واستعادة الدولة اليمنية، وقد طلبت منه المملكة تحرير رسالة رسمية بطلبه وإرسالها، وإرسال نسخة منها إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية".

 

وبين أن الرئيس هادي كان أمام خيارين، إما تسليم اليمن لإيران، أو طلب التدخل من الأخوة في الخليج، مبينا أن دول الخليج ومن ساندها في التحالف العربي،  لم يتأخروا عن مدّ يد العون لاستعادة الدولة اليمنية والسلطة والمؤسسات الشرعية، ومنذ أربعة أعوام والمساندة مستمرة باستمرار مشروعيتها، وباستمرار حاجة الشرعية اليمنية إلى هذه المساندة المدعومة بالشرعية الدولية المتمثلة بقرار مجلس الأمن رقم (2216) الذي يؤكد دعم الشرعية اليمنية واستعادة مؤسسات الدولة، ودعم جهود مجلس التعاون الخليجي في اليمن، حسب قوله.

 

وأضاف تركي الفيصل: "إن مساندة المملكة ودعمها الشرعية اليمنية، جزء من تاريخ العلاقات السعودية - اليمنية، يرتبط مباشرة بالسياسة الخارجية للمملكة وأمنها الوطني. وعليه، يمكن اختزال هذه السياسة المعتمدة نحو اليمن منذ عهد الملك عبد العزيز، بالقول إن أمن اليمن واستقراره، هو من أمن المملكة واستقرارها، وإن زعزعة أمن اليمن واستقراره تؤثر مباشرة على أمن المملكة الوطني، وتشكل تهديداً لها. وعليه، ينبغي أن يسود الأمن والاستقرار في اليمن في ظل أي نظام سياسي يرتضيه اليمنيون، ويحفظ التوازن المجتمعي اليمني، ويضمن أمن اليمن واستقراره وأمن الحدود مع المملكة، وفي الوقت نفسه ضمان ألا يكون أي نظام أو قيادة تحكم اليمن في وضع عدائي تجاهها. ومن هنا، كانت المملكة دائماً في مقدمة مؤيدي الشرعية في اليمن".

 

وعاد تركي الفيصل بالتاريخ إلى الوراء، وتحديدا إلى سبتمبر 1962، مبينا أن المملكة دعمت الشرعية اليمنية حينها ممثلة بالملكيين مقابل الجمهوريين، الذيني كانوا يناصبون – حسب قوله – العداء للمملكة، مبينا أن بلاده ظلت تدعم الملكيين طيلة الحرب الأهلية الثمان، حتى توصل الفريقان المتنازعان إلى تسوية سياسية ارتضاها اليمنيون، فدعمت المملكة الشرعية الجديدة المنبثقة عنها.

 

وقال تركي الفيصل: "إن دعم الشرعية القائمة في اليمن هو جزء من السياسة السعودية الثابتة على مرّ الدهور، ودعم مفهوم الشرعية اليوم هو في سياق هذه السياسة"، مبينا أن بلاده لن تتوانى أبدا "عن دعم ما يتفق عليه اليمنيون في أي تسوية تعيد الأمور إلى الشرعية، أو تفضي إلى شرعية جديدة قائمة على مخرجات الحوار الوطني، واتفاقاً مع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية".

 

كما أوضح أن بلاده لم تتأخر قط عن دعم الجهود الدولية التي تسعى إلى توافق اليمنيين بالعودة إلى الحالة الشرعية، مبينا أن أول هذه الجهود، هو دعم مؤتمر الكويت، وآخرها مشاورات استوكهولم الأخيرة.

 

وشدد على أن موقف المملكة سيظل واضحا وهو أنه لا بديل عن عودة الشرعية إلى الدولة اليمنية ومشاركة جميع القوى اليمنية، بمن فيها الحوثيون، في العودة إلى مخرجات الحوار الوطني، وعدم السماح لأي قوى مسلحة أو ميليشياوية خارج سلطة الشرعية بأن تهدد أمنها واستقرارها وأمن المملكة واستقرارها.

 

واختتم تركي الفيصل مقاله بالقول: "إن تجاهل القوى المحلية والإقليمية والدولية حقيقة تدخل المملكة في اليمن وأسبابه وظروفه، ومحاولة تحميلها مسؤولية المعاناة اليمنية، هو افتيات على الواقع وظلم لجهود المملكة،  ففي وقت تدعم المملكة وحلفاؤها الشرعية اليمنية، إنما تدافع عن أمنها واستقرارها في الوقت نفسه. وهي، وإن دعمت الشرعية عسكرياً، فليست في حرب مع اليمن ولا تشنّ عليه حرباً. إنها تستضيف ملايين اليمنيين، وقدمت مساعدات إغاثية وتنموية وإنسانية تجاوزت 11 مليار دولار منذ عام 1436هـ الموافق 2015. إن المسؤولية عن استمرار هذه المعاناة تقع على من قام بالانقلاب على إجماع اليمنيين في حوارهم الوطني خدمة لأهداف غير يمنية، وليس على المملكة أو أشقائها في التحالف العربي".

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)