الرئيسية > محلية > قصص مأساوية لفتيات قاصرات دفع بهن أهاليهن إلى طريق الموت في مناطق سيطرة الحوثي

قصص مأساوية لفتيات قاصرات دفع بهن أهاليهن إلى طريق الموت في مناطق سيطرة الحوثي

منذ أن سيطرت مليشيا الحوثي على شمال اليمن، وهذا الجزء من الوطن يعاني من أنواع الظلم والاستعباد وضياع الحقوق الإنسانية.
انعدم الدخل عند رب الأسرة، والفقر المدقع جعل الآباء يزوجون بناتهم وهن في السن الطفولة لا تتجاوز أعمارهن 9 سنوات لينقذوا أنفسهم وبقية أبنائهم من الموت جوعا أو من التشرد في الشوارع بحثا عن الطعام.
تجارة مربحة للأثرياء وخسارة فادحة للطفلة وأسرتها، حيث تصل في نهاية الرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى لموت أو العيش في  كابوس يقتل طفولتها ومستقبلها.
 
                                             قصص مأساوية
 
قصص مأساوية يحكيها الزمن بكل جرأة عن فتيات قاصرات دفع بهن أهاليهم إلى طريق الموت.
 عبدالقادر (44 عاما) يحكي لـ"المنتصف نت" ماحدث معه قائلا: "لدي خمس بنات وولد أخرجتهم جميعا من المدرسة كوني لا أملك قيمة الطعام، فكيف بقيمة القلم والدفتر، وأجد حالتي تزداد فقرا يوما بعد أن حرمتنا مليشيات الحوثي من رواتبنا".
ويضيف: "ذات يوم تقدم إحدى   الأثرياء عمره 65 عاما لخطبة ابنتي وعمرها 14عاما، ولم يكن لدينا في المنزل سوى ربع كيس طحين وزيت وماء. قلت في نفسي جاء الفرج من الله أضحي بواحدة من بناتي قبل أن نموت من الجوع أنا وبقية أولادي".
واسترسل: "رغبت في تزويج ابنتي رغم بكائها ورغبتها في إكمال دراستها وقلبي يقطر دما لكن ليس في اليد حيلة، وها أنا أحاول إقناعها جاهدا". 
لا يكمل عبد القادر حديثه بعد أن خنقته العبرة. هو واخد من مئات وآلاف الموظفين الذين وجدوا أنفسهم فجأة قد فقدوا مرتياتهم التي لم يكن لديهم مصدر دخل سواها، فجاء تجار الحروب والأثرياء ليستغلوا معاناتهم وفقرهم ويريدون منهم أن يبيعوا زهرات قلوبهم، فيضطرون لذلك تحت وطأة الجوع والحاجة. 
 
                                              بيانات
 
وفقا لبيانات صدرت عن الأمم المتحدة والحكومة اليمنية، فهناك نحو 14%من الفتيات اليمنيات يتزوجن وهن دون الـ15عاما، و52% منهن يتزوجن وعمرهن 18 عاما.
وبحسب تقرير لمراكز دراسات، حل اليمن في الترتيب 13 من بين أسوأ 20 دولة في زواج القاصرات.
للوقوف على العوامل المؤثرة في اتساع رقعة الظاهرة، يشير أحمد القرشي، رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة في اليمن، إلى تضافر جملة من الأسباب التى أنتجتها الحروب مثل النزوح والفقر وحاجة الأسرة إلى المال، إضافة إلى ارتفاع معدلات الفقروالبطالة وتوقف دفع مرتبات الموظفين.
 
وفي نفس السياق تحدثنا المحامي نجاة محمد أن الأصل في الزواج هو أن تبلغ الفتاة السن القانوني للزواج المحدد 18عاما، إلا أن القانون استثنى ذلك شريطة الحيازة على ترخيص من القاضي وذلك لتمكين الزواج ميدانيا. 
 
من جهته، حذر قاضي وأمام أحد مساجد صنعاء الآباء وأولياء الأمور من تزويج بناتهم القاصرات من كبار السن من أجل المال، مشيرا الى أن الزواج حق للفتاة وليس لوليها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تنكح البكر حتى تستأذن ).
 
فيما يؤكد مختصو علم الاجتماع أن حالة الفقر المدقع والجوع وانعدام أبسط سبل الحياة التى تمر بها بلادنا جراء سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية عليها منذ ثمانية أعوام وانعدام الأمن، تفاقمت هذه الظاهرة بصورة مخيفة.
 
وتوضح الطبيبة هدى الراعي اختصاصية نساء وولادة لـ"المنتصف" خطورة الزواج المبكر حيث تحدث للفتيات اضطرابات في الدورة الشهرية، وقد تعاني الكثير من الكدمات في مناطق مختلفة من جسدها وخصوصًا الأعضاء التناسلية نتيجة العنف الجنسي.
وتقول بنبرة قلق: "هناك أخطار صحية للقاصرات، منها خطر حدوث انقباضات رحمية متكررة، الأمر الذي قد يؤدي إلى نزيف مهبلي وخطر حدوث الإجهاض، حيث ارتفعت عدد الوفيات بين  القاصرات نتيجة المضاعفات المختلفة للحمل، وكذلك ازدياد عدد العمليات القيصرية نتيجة تعسر الولادات".
وتضيف: "مع الحرب تفتقر بلادنا إلى المرافق الصحية الجيدة، وهذا الأمر يزيد من عدد الوفيات بين القاصرات". 
 
من حقها أن تعيش
 
الفتاة القاصر من حقها الطبيعي العيش واللعب والتعليم. وحرمانها من ذلك يجعلها عرضة لأضرار نفسية وخيمة. 
تحدثنا الاختصاصية النفسية في  جامعة صنعاء الدكتورة إلهام  عن الجوانب النفسية لزواج القاصرات بقولها: "تصيب الفتيات المتزوجات باكرا الهستيريا والفصام والاكتئاب والقلق نتيجة الضغوط التي تمر بها".
 
وتسترسل: "ولعدم تفهمها لما يعنيه الزواج ومسؤولية الأسرة قد يصل الأمر لدى بعضهن التفكير في الانتحار".
 
منظمة اليونيسف لحماية حقوق الأطفال بدورها، تطالب بعلاج مشكلة زواج الأطفال والاعتراف بالعوامل المختلفة التي تؤدي إلى استمرار هذا السلوك، مشيرة إلى اختلاف جذور هذا السلوك باختلاف البلدان وخاصة البلاد التى تسيطر عليها الحروب.
 
في النهاية، تستسلم (حنان) ابنة الـ14 ربيعا، لأوامر والدها لتتزوج بالرجل الثري الذي يكبرها بواحد  وخمسين عاما، من أجل بقاء أسرتها على قيد الحياة وتجنبهم ذل السؤال ومد يد الحاجة للآخرين.
ليست أسرة حنان لوحدها هي من ضحت بابنتها للزواج من رجل ثري مقابل المال، فهناك الآلاف من الفتيات القاصرات في المناطق التى تسيطر عليها مليشيات الحوثي الإرهابية فعلن ذلك لتجنب الموت جوعا حتى أصبح زواج القاصرات ظاهرة عادية نشهدها يوميا.
شريط الأخبار