الرئيسية > اخبار وتقارير > تقييم “المناهج الطائفية” في اختبارات مركزية للناشئة شملت صفوف اساسية

تقييم “المناهج الطائفية” في اختبارات مركزية للناشئة شملت صفوف اساسية

 

لم يخرج الناس بعد من دائرة المخاوف التي حملتها فكرة تلغيم المناهج بدروس طائفية وفق رؤية جماعة الحوثي، حتى باغتوا الطلبة بامتحانات مركزية مفاجئة تجشم عناءها مئات الآلاف من الطلاب والطالبات، بعد أن كانت محصورة على طلاب الشهادة في السنة الأخيرة من المرحلتين الأساسية والثانوية.

واختارت وزارة الحوثي التربوية لتنفيذ امتحاناتها المركزية صفوف (السادس والسابع والثامن أساسي) على غير العادة، وعبر كنترول مركزي بالمنطقة التعليمية ومكتب التربية بأمانة العاصمة صنعاء.

وتقفز إلى سطح المشهد أسئلة لا بد من الإجابة عليها: ما الذي تحمله هذه الامتحانات من جديد؟وما الهدف منها؟ ولماذا اختيار هذه الصفوف بالذات لتطبيقها عليها؟ وما هي المواد التي تحظى بالنصيب الأكبر من الجرعات الطائفية التي يتلقاها الطلبة من خلال هذه الامتحانات المفاجئة؟

معدة التحقيق قامت على مدى أسبوع بنزول ميداني إلى بعض المدارس في أمانة العاصمة صنعاء (نطاق تطبيق الامتحانات كمرحلة أولى)،  ووجدت وفقًا لحديث التربويين أن  الامتحانات الموحدة شملت المقررات الدراسية لهذا العام، في ظل تشديد جماعة الحوثي على المعلمين في هذه المراحل التعليمية، بعدم تجاهل الدروس الجديدة ذات البعد الطائفي المدرجة عنوة في المناهج المعدلة.

وبحسب مصادر تربوية طلبت عدم ذكر أسمائها خشية الملاحقة الأمنية، في حديث لـ”المشاهد”، فإن الجماعة تريد من خلال الامتحانات المركزية تقييم تجربتها في تغيير مناهج الصفوف والمراحل التعليمية، وعلى ضوء إجابات الطلاب والطالبات ستحدد برامجها مستقبلًا، من خلال تكثيفها في الصفوف والمراحل اللاحقة، وتركيز “جرعات غسل عقول الطلبة”، وفق تعبير المصادر ذاتها.

أجندة طائفية

يؤكد التربوي مجاهد عزام ل-“المشاهد” أن التعميم الصادر عن جماعة الحوثي إلى المدارس الحكومية والأهلية والخاصة في صنعاء مؤخرًا، كان دون سابق إنذار، ويطالبهم بإجراء امتحانات مركزية دون أي علم أو ترتيب مسبق.

ويضيف عزام: “لقد فوجئنا بالقرار، ولم ندرك سببه الحقيقي، ونتوقع أن الجماعة تريد بهذا الامتحان غير المدروس التأكد من تدريسنا الجاد لمناهج التعليم التي أُجريت عليها تعديلات، وفق تعديلات الحوثيين الطائفية.

وتتفق المعلمة ريام عباس، من صنعاء، مع التربوي عزام، من خلال إشارتها إلى أن جماعة الحوثي تريد من وراء الامتحانات المركزية قياس مدى تنفيذ المدارس، خصوصًا الأهلية، للمقرر الدراسي كما ورد، والذي يركز على الدروس ذات البعد الطائفي، وإبراز شخصيات محسوبة على الحوثيين، مقابل حذف الشخصيات الوطنية صاحبة الإسهامات الكبيرة في تاريخ اليمن والإسلام عامة.

وتتابع عباس:  لاحظنا من أسئلة الامتحانات ما ترمي إليه الجماعة، ولمسنا حالة رفض عامة في أوساط التربويين وأولياء الأمور، لكثير من أنماط أسئلة الامتحانات التي تكرس هوية ومعتقد فئة قليلة، دون اعتبار لهوية اليمنيين الجامعة التي تحفظ النسيج الوطني من التهتك”.

وترى أن “هذه الممارسات تأتي في إطار تجريف الهوية الوطنية للأبناء والطلاب، وهذا الأمر لا ينبغي السكوت عليه مطلقًا”، حسب قولها.

بدوره، يؤكد التربوي حافظ سعيد أن “الغرض الرئيسي من الامتحانات المركزية إفشال التعليم، بخاصة مع استمرار عمليات ممنهجة لتجهيل الطلاب علميًا في مناطق سيطرة جماعة الحوثي؛ ليظلوا موالين لهم”.

امتحانات مركزية

وانصب التركيز في الامتحانات على الدروس الجديدة في مواد “القرآن الكريم، والتربية الإسلامية، والتاريخ، والوطنية، واللغة العربية”.

وهو ما أفصح عنه وزير التربية والتعليم لدى جماعة الحوثي، يحيى بدر الدين الحوثي، خلال  “مؤتمر تطوير المناهج الذي انعقد في أواخر الشهر الماضي. حيث تحدث الحوثي عن الأمر بأنه ارتقاء بالعملية التعليمية في اليمن، عبر تنويع مسارات التعليم؛ بما يلبي الاحتياجات العملية للمجتمع، ومراعاة ميول وقدرات الطلاب لضمان توجيههم”، حد قوله.

اضطرابات عاطفية

على صعيد علم النفس، توضح أخصائية علم النفس التربوي، الدكتورة عفاف عبدالله، أنه لا يمكن لهؤلاء الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 و16 عامًا، أن يفهموا ما يحاول الحوثيون أن يملوه عليهم.

وتضيف الدكتورة عفاف لـ”المشاهد” أن الطلاب في هذه الأعمار يتعلمون بتلقائية وعفوية، عبر التلقين من المعلمين في المدرسة أو الأبوين في المنزل، الذين قد يحملون أفكارًا تتعارض أحيانًا مع ما يحاول الحوثيون ترويجه”.

وتؤكد: لا شك أن الطلاب سيتأثرون بهذه التناقضات، ومن المؤكد أن هذه الاضطرابات الناتجة عن التعارض بين الدروس الطائفية وقناعات المدرسين أو الأبوين، سوف تظهر في تفكير الطلاب وتصرفاتهم في المستقبل القريب”.

وتتابع: في حالة محاولة الوالدين أو المعلم القول للطالب إن هذه المعلومات مغلوطة وهي للحفظ فقط، ثم يجب عليكم  نسيانها، هنا يكون التناقض خطيرًا جدًا على أبنائنا؛ كونه يولد لديهم حالة من الانفصام واضطرابات في الشخصية، وهذا يؤثر بصورة  عميقة على رغبتهم في الذهاب إلى المدرسة، أو أداء الواجبات المدرسية، وكذلك الانسحاب من المجتمع الذي يعيشون فيه بشكل نهائي”.

أنقذوا أبناءنا من الطائفية

كل تلك الاضطرابات، عبر عنها أولياء الأمور، ومنهم عبدالكافي عبدالسلام (33 عامًا) الذي حذر من تداعيات فرض امتحانات مركزية بأفكار طائفية على الطلبة، وفي هذه السن الصغيرة.

ويقول عبدالسلام متأثرًا: أولادي يدرسون في الصفوف الثلاثة الخاضعة للامتحانات المركزية في صنعاء، وأجد نفسي مضطرًا لتعليم أبنائي أمورًا طائفية، لا علاقة لها بالدين ولا بالعلوم الحديثة أثناء استذكاري لهم للدروس؛ فقط لكي يتجاوزوا الامتحانات المركزية بنجاح”.

بينما تعبر أمة الرحمن القادري عن معاناتها العاطفية، وهي تنظر لأبنائها الخمسة وهم يتقدمون للامتحانات المركزية، وتقول بنبرة حزينة لم تخفِ خوفها على مستقبل أبنائها: “هذا المنهج المقدم لأبنائنا يشجعهم على التوجه للجبهات وتعلم فنون القتال، وغيره من التعاليم المغلوطة، وفوق ذلك يكرسونه في الامتحانات”.

ويصرخ ولي الأمر خليل القباطي (52 عامًا) قائلًا: أنقذوا أبناءنا من الطائفية قبل أن يتحولوا إلى قنابل موقوتة يدمرون أنفسهم ويقضون على مستقبلهم بأيديهم بخوض هذه الامتحانات التي ترسخ في نفوسهم أفكارًا خاطئة”.

وعلى الواقع فالامتحانات المركزية ليست إلا نتيجة لتعديلات أجرتها جماعة الحوثي، تضمنت نحو 420 تعديلًا  ممنهجًا وجوهريًا على مناهج التعليم الأساسي، علمًا أن المناطق الخاضعة للحوثيين في شمال البلاد، تضم الكتلة الطلابية الأكبر على مستوى اليمن.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)