الرئيسية > محلية > حراك دولي لمحاصرة الحوثيين وتسوية خلافات الشرعية

حراك دولي لمحاصرة الحوثيين وتسوية خلافات الشرعية

في ظل غياب أي أفق لبدء عملية سياسية لإرساء السلام في اليمن، برزت في المشهد اليمني سلسلة من التطورات اللافتة في الأسبوع الماضي. فبالتزامن مع استمرار اجتماعات المجلس الرئاسي اليمني في الرياض لحل الخلافات بين أعضائه، أصدر الاتحاد الأوروبي بياناً أعلن فيه دعم جهود رئيس المجلس رشاد العليمي، موجهاً رسالة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي بضرورة الإقرار بأهمية وحدة مجلس القيادة، وهو ما أزعج "الانتقالي" الذي يحاول توسيع نفوذه في اليمن.

بالتوازي مع ذلك، جاء إعلان تولي القوات البحرية المصرية مهام تأمين الممرات الدولية في المياه الإقليمية والدولية لليمن، ضمن تفاهمات بين أكثر من طرف إقليمي ودولي.

 

دعم أوروبي لمجلس القيادة اليمني

وطالب الاتحاد الأوروبي، في بيان الاثنين الماضي، جميع الأطراف اليمنية بالعمل على الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، مجدداً تأكيد "أهمية اليمن في سياق بناء شراكة استراتيجية مع البلدان في منطقة الخليج، ويشمل ذلك مجالات الاحتياجات الإنسانية والتنموية العالمية، والتحديات الأمنية الإقليمية والعالمية".

وأضاف أن "تعزيز السلام والاستقرار، بما في ذلك الأمن البحري، وتهدئة التوترات في منطقة الخليج على نطاق أوسع، يمثلان أولويات للاتحاد الأوروبي". ودعا "الفاعلين الدوليين والإقليميين إلى التعاطي بشكل بنّاء مع الأطراف اليمنية"، مشيداً بجهود مجلس التعاون الخليجي والبلدان المجاورة في دعم جهود السلام في اليمن.

وجدد الاتحاد تأكيد التزامه عملية سلام تقودها الأمم المتحدة وتسوية شاملة، مشيداً "بالنهج البنّاء للحكومة اليمنية في أثناء الهدنة وبالجهود الجارية المبذولة من قبل الفاعلين الإقليميين، وخصوصاً السعودية وعُمان، من أجل تمديد الهدنة".

دعا الاتحاد الأوروبي المجلس الانتقالي، إلى الاقرار بالأهمية الجوهرية لوحدة مجلس القيادة الرئاسي

وأعلن الاتحاد أيضاً "التزامه سلامة الأراضي اليمنية والحاجة إلى تسوية شاملة"، و"دعم جهود الرئيس رشاد العليمي"، داعياً "جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى الإقرار بالأهمية الجوهرية لوحدة مجلس القيادة الرئاسي من أجل السلام المستدام في اليمن".

ومقابل ترحيب الحكومة اليمنية ببيان الاتحاد الأوروبي، إلا أن هذه الجزئية الأخيرة، كما يبدو، أزعجت "الانتقالي" الذي يضغط على المجلس الرئاسي والحكومة لتحقيق مزيد من المكاسب على الأرض وأخرى سياسية، ما سبّب خلافات عرقلت عمل مجلس القيادة.

وردّ "الانتقالي" في بيان مقتضب للمتحدث الرسمي باسمه علي الكثيري اعتبر أن "ما ورد من إشارة للمجلس الانتقالي في البيان بخصوص وحدة مجلس القيادة الرئاسي، كان في سياق سلبي غير صحيح ومخيب للآمال".

وأعرب "الانتقالي" عن "رفضه لأي تصريحات أو تلميحات من شأنها الإضرار بتماسك مجلس القيادة الرئاسي والإخلال بالشراكة التي نتجت من مشاورات مجلس التعاون الخليجي"، لكنه أكد "ضرورة احترام القضايا الوطنية والسياسية التي قامت عليها الشراكة، وفي طليعة ذلك قضية شعب الجنوب وحقه في الاستقلال".

وكان رئيس وفد "الانتقالي" في المفاوضات ناصر الخبجي قد هدد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بمنع عودة العليمي وبإعادة إعلان الإدارة الذاتية من جديد، وهو ما اعتُبر تعقيداً لمهام المجلس القيادة الرئاسي، ليُستدعى الخبجي إلى الرياض، التي تسعى، بالتنسيق مع أبوظبي، لرأب الصدع داخل المجلس الرئاسي، بسبب تصرفات "الانتقالي" خارج التوافق بحكم سيطرته على الأرض.

في المقابل، قال مصدر دبلوماسي في الاتحاد الأوروبي، لـ"العربي الجديد"، إن الاتحاد يدعم المجلس الرئاسي برئاسة العليمي، باعتباره أفضل الجهات الموجودة لبناء عملية سلام واستعادة الدولة اليمنية، لافتاً إلى أن الخلاف داخل المجلس الرئاسي بسبب مصالح خاصة أو سياسية يزعج الداعمين له، وستُبذل جهود من أجل إنهاء هذا التوتر في المجلس.

 

مصر تتولى مكافحة التهريب في البحر الأحمر

وترافق ذلك مع إعلان الجيش المصري في بيان أن قواته البحرية تولت "قيادة قوة المهام المشتركة 153، التي تتمثل مهامها في مكافحة أعمال التهريب والتصدي للأنشطة غير المشروعة، وخصوصاً الأنشطة الإرهابية في مناطق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن". وشدّد على أن "قوة المهام المشتركة 153 إحدى أهم الآليات المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي ومجابهة التهديدات بأنماطها كافة".

وسارع "المجلس الانتقالي" إلى الترحيب بهذا التطور. وقال الكثيري في منشور: "يرحب المجلس بهذه الخطوة، مؤكداً أن تولي مصر قيادة القوة يأتي انطلاقاً من دورها المحوري في تأمين المنطقة والممرات البحرية ومكافحة الإرهاب والقرصنة بما يعزز الأمن والسلام الإقليمي والدولي".

في المقابل، هددت جماعة الحوثي، باتخاذ إجراءات عسكرية في حال الاقتراب من المياه الإقليمية اليمنية، بعد ساعات من إعلان الجيش المصري توليه قيادة القوة المشتركة 153.

وقال وزير الدفاع في حكومة الحوثيين (غير المعترف بها دولياً) محمد ناصر العاطفي إن "مضيق باب المندب وخليج عدن والبحر العربي والامتداد الإقليمي لأرخبيل سقطرى والجزر اليمنية، أرض يمنية سيادتنا عليها كاملة".

وأضاف العاطفي في تصريح نقلته وكالة أنباء "سبأ" التابعة للحوثيين، أن "القوات المسلحة (الحوثية) اتخذت الإجراءات التي تضمن التعامل بقوة وحزم مع أي تطور يمثل تهديداً أو المساس بالسيادة الوطنية أو الاقتراب من السيادة البحرية". وتابع: "هناك خيارات تأديبية سيتم اتخاذها والإعلان عنها في الوقت المناسب... لا يلومنا عليها أحد إن لجأنا إليها، لأننا قدّمنا كل السبل للوصول إلى نهاية إيجابية، لكن العدو يأبى إلا أن يسير عكس التيار، وقد أعذر من أنذر".

وجاءت هذه التطورات متزامنة مع استمرار المشاورات في الرياض بين أطراف مجلس القيادة الرئاسي حول الكثير من الإشكاليات، بما فيها الملفات العسكرية والأمنية والسياسية والاقتصادية، ولا سيما تصاعد التوتر في وادي حضرموت وفي أكثر من جهة أخرى، وهو ما يعتبره الاتحاد الأوروبي وأطراف دولية أخرى، فضلاً عن أطراف داخل مجلس القيادة الرئاسي، تحركات أحادية أوجدت تباينات أثرت بوحدة الموقف.

وقال الصحافي نجيب محفوظ لـ"العربي الجديد"، إن بيان الاتحاد الأوروبي وموقفه القوي يأتي عقب تصويت اليمن الأخير في الأمم المتحدة دعماً لأوكرانيا وضد الغزو الروسي، وهو تطور ينبئ بمرحلة جديدة من التدخّل والنفوذ وربط ما يجري في أوكرانيا باليمن.

وفي ما يخص التطورات في الممرات البحرية، رأى محفوظ أن "دخول مصر في تأمين المياه يعتبر خطوة مهمة، على اعتبار أن القاهرة لديها قبول في المنطقة وتحظى بتأييد غربي، كذلك لديها خبرة في تأمين الممرات ولديها الإمكانات لذلك، إضافة إلى أن مصر تربطها مصالح استراتيجية مشتركة باليمن بحكم الممرات التي تمر من البلدين".

من جهته، قال الكاتب الصحافي مدين مقباس، لـ"العربي الجديد"، إنه منذ تشكيل "قوة المهام المشتركة 153"، في إبريل/ نيسان الماضي، وفي أثناء قيادة الولايات المتحدة لهذه القوة، أحبطت عشرات عمليات تهريب الأسلحة، ومعظم الشحنات كانت لمليشيات الحوثي وذات علاقة بإيران، بالإضافة إلى إفشال بعض عمليات تهريب المخدرات والأنشطة غير المشروعة التي تقوّض حركة الملاحة البحرية الدولية.

وأضاف مقباس أن "هذه التهديدات في مجملها تأتي من جانب المليشيات الحوثية المدعومة من إيران لزعزعة الأمن الإقليمي". ولفت إلى أن "مصر إحدى الدول المطلة على البحر الأحمر المتضررة من عمليات التهريب والأنشطة الإرهابية والعمليات غير المشروعة، التي تقوّض سلامة الملاحة الدولية والنشاط الملاحي لقناة السويس، وهي من الدول المعنية بتأمين الخط البحري أسوة ببقية الدول، وفي مقدمتها السعودية والإمارات، في ظل الحرب الدائرة في اليمن، والأوضاع المضطربة في القرن الأفريقي".

واعتبر أن "مليشيا الحوثي تشكّل تهديداً وخطراً واضحاً للأمن الإقليمي والدولي وسلامة حركة الملاحة البحرية في البحر العربي وخليج عدن والبحر الأحمر".

ورأى مقباس أن "تسلّم مصر القيادة الدورية للقوة 153، سيعزز دورها الأمني الإقليمي والدولي لحماية الممرات البحرية من عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات والأنشطة الإرهابية، وسيعزز علاقتها وشراكتها مع دول الإقليم المنخرطة في القوة وبقية الدول الأخرى".

وتابع: "متفائلون بدور القوات البحرية المصرية التي أحبطت محاولة تهريب مخدرات وإدخالها الأراضي المصرية عبر البحر بعد أيام فقط من تسلّمها قيادة القوة 153"

شريط الأخبار