الرئيسية > اخبار وتقارير > باب المندب..العبث الإيراني الممنوع

باب المندب..العبث الإيراني الممنوع

باب المندب..العبث الإيراني الممنوع

في استراتيجيا الملاحة الدولية في شقيها المدني/التجاري او على وجهها العسكري تعد المضائق البحرية ركنا أساسيا في رسم سياسات الدول وترسيم خريطة الأدوار، عدا عن إمكان توظيفها لجني مكاسب سياسية او تحقيق أفضلية عسكرية، لذا ولدت عام 1982 اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار التي ارست القواعد القانونية للاستفادة من قيعان اعالي البحار ودخلت حيز التنفيذ عام 1994

 

 

لتضع قواعد دولية تحول دون الانتهاكات البحرية وتعريض حركة الملاحة العالمية لأي تعطل او استغلال من أي دولة كانت.

من هذا المدخل يتبدى بعدٌ استراتيجي آخر لعملية "عاصفة الحزم" متمثلا في حماية مضيق باب المندب ذو الموقع المهم والحساس في حركة الملاحة والنقل الدوليتين من أي توظيف سياسي او عسكري تسعى له حركة التمرد الحوثي في اليمن بأجندة إيرانية معلنة، اذ درجت طهران على التهديد المستمر بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، واستخدمته على الدوام ذخيرة وورقة ضغط في وجه المجتمع الدولي .

(اللعب بالنار)

بتركيب المشهد كاملا تتضح الخطورة البالغة للعبة الجيوسياسية الإيرانية، الطامحة لإلحاق باب المندب بأوراقها الاستراتيجية، والسيطرة على مضيقين مهمين تمر بهما اكثر من 50% من حركة نقل النفط الدولية، ما يكشف التداعيات الخطرة لوقوع مضيق باب المندب تحت الهيمنة الإيرانية. يكتسب المضيق ايضا أهمية اقليمية خاصة نتيجة مرور سفن النفط الخليجي عبره الى أوروبا وامريكا مرورا بقناة السويس، وهو ما يمثل 6،1% من النفط العالمي، كما انه البوابة الأولى للسوق الاسيوية الى الغرب.

(السيناريو المخيف)

ماذا سيحدث لو نجحت ايران عبر الأداة الحوثية في الظفر بموطئ قدم في باب المندب؟

لن يكون المشهد سارا للملاحة الدولية حال اغلاق المضيق، وستكون التداعيات كارثية بلا مبالغة، اذ ستتعطل تجارة النفط العالمية، وتدخل بورصة الذهب الأسود في موجة ارتفاع غير مضبوطة، ما يهدد الاقتصاد العالمي بركود جديد، وهو الذي لم يتعافَ بعد من وهنه الحالي. كما ان اغلاق باب المندب سيغلق الممر القصير للتجارة الاسيوية الى أوروبا، ويدفع الملاحة الى الالتفاف عبر طريق رأس الرجاء الصالح، الامر الذي يضيف ستة الاف ميل بحري الى ناقلات النفط والبضائع، مما يؤدي الى ارتفاع الأسعار في النهاية، فضلا عن رأس الرجاء الصالح سيزيد من كلفة التأمين الدولية على النقل جراء تفشي الفوضى البحرية في هذه المنطقة، وتزايد خطر القرصنة البحرية.

(خنق قناة السويس)

يعد باب المندب الشريان الوحيد لقناة السويس، المحطة الثانية والأخيرة في طريق الناقلات الدولية، لذا فان اغلاقه يخنق القناة عمليا، ويرتب كلفة باهظة على مصر الذي تعد القناة مصدر دخل حيوياً لها اذ بلغت إيرادات القناة العام المنصرم 39 مليار جنيه، كما ان اغلاق المضيق سيشل خط سوميد النفطي الذي ينقل النفط الخليجي الى سواحل البحر الأبيض المتوسط، ثم إلى أوروبا.

(العاصفة)

في ظل الأبعاد الإستراتيجية المهمة لباب المندب، هبت عاصفة الحزم لتعيد رسم المشهد الإقليمي وتربك الحسابات الإيرانية للامساك بخناق الممرات البحرية في المنطقة، حيث تهدف العملية إلى وقف مشروع التمدد والهيمنة الحوثي، وإعادة الشرعية في اليمن، عبر ما توافق عليه معظم الشعب اليمني ومخرجات الحوار الوطني الجامع، وفي هذا استعادة لليمن إلى محيطه العربي الطبيعي، عوض وقوعه في المدار الإيراني، بما يستتبع ذلك من فرض أجندة طهران على دول المنطقة، لذا كان المضيق هدفا حيويا لعاصفة الحزم ، بمشاركة عربية فاعلة، إذ أرسلت مصر قطعا بحرية إلى المضيق ضمن مخطط قوات التحالف لحماية الموقع الاستراتيجي، كما تم طرد سفن إيرانية من المضيق، وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن تأمين الملاحة في مضيق باب المندب "أولوية قصوى من أولويات الأمن القومي المصري"، من جانبها أعلنت قوات قصف منظومة صواريخ بر-بحر قرب باب المندب، ومنظومة صواريخ سكود و مخازن ذخيرة، كما استهدفت تجمعات للمتمردين على جزيرة ميون وتدمير آليات عسكرية ومخازن أسلحة، في عملية نوعية، وعلى الساحل تولت اللجان الشعبية مهمة الحماية وطرد العناصر الانقلابية بدعم ومتابعة من قوات "عاصفة الحزم".

هكذا تكتسب "عاصفة الحزم" بعدا دوليا هاما، فضلا عن أهميتها الإقليمية، بحماية مضيق استراتيجي عالمي من العبث والتوظيف السياسي، في لعبة خطر بالنار يعرض المنطقة والعالم أجمع لتداعيات كارثية.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)