2015/06/14
دماج المطرودة باتت تحتضن المطرودين .. بلدة السلفيين تحتضن نازحي صعدة القديمة

 مع اشتداد الحرب في مدينة صعده لجأ المئات من سكان المدينة إلى بلدة دماج، القرية الصغيرة التي هُجر أهلها بالكلية وتحولت اليوم من مصدر قلق إلى ملاذ آمن، كونها بعية عن مرمى نيران طيران التحالف الذي تقوده السعودية، وشمل كل قرية في محافظة صعدة عدا دماج.

وجد سكان صعدة في المدينة ملجأهم الأخير بعدما تقطعت بهم السبل، واشتد الخناق عليهم، وطالت قذائف الغارات مديرياتهم وقراهم لتصل إلى غرف منازلهم.

ولمنطقة دماج قصة مثيرة، فقبل أكثرمن عامين قررت جماعة الحوثيين المسلحة أن تهجر بالقوة المئات من سكانها، وهي بلدة صغيرة تبعد عن مدينة صعدة قرابة 7 كيلو متر ولا تتجاوز مساحتها الـ10 كيلومتر مربع.

وبالإضافة إلى كونها منطقة زراعية، احتضنت البلدة مركز تعليم ديني سلفي شهير تخرج منه المئات من طلاب العلم على مدى أكثر من ثلاثين عاماً، دون أن يشكلون أي خطر، لم تلحظه جماعة الحوثيين إلا مؤخراً.

اختلق الحوثيون الكثير من المبررات لتأكيد خطورة هذا المركز ، وأكثر مبرراتهم شيوعاً تخزين الأسلحة، ووجود أجانب بين الطلاب وهم يشكلون خطراً بالنسبة للجماعة، ورأوا من ذلك مبررات كافية لتصويب فوهات البنادق والمدفعية صوب هذه القرية الصغيرة.

كان قرار الحوثيين سريعاُ لكنه استغرق فترة طويلة وحروب متقطعة حتى تمكنوا من تطبيقه على ارض الواقع، إذ واجهوا مقاومة شرسة وغير متوقعة اسفرت عن مقتل وجرح المئات من الطرفين.

بعد ذلك نجحت وساطة مشتركة من الرئاسة اليمنية ومجلس النواب أفضت إلى تهجير نحو خمسة عشر ألف نسمة من السلفيين وأسرهم، فارق غالبية من نزحوا مسقط رؤوسهم حاملين معهم ما تمكنوا من حمله من العتاد والزاد، وانتقلوا إلى وجهات مختلفة لم يكونوا يعرفوا عنها شيئاً من قبل.

ودارت الأشهر والأيام، وبعد أكثر من عامين فرّ كل سكان مدينة صعدة ليطلبوا اللجوء والاحتماء بمنطقة دماج هرباً من قصف طيران التحالف، الذي يضرب بدون هواده في مدينة صعدة معقل جماعة الحوثيين.

وبحسب شهود عيان فإن مساكن الطلاب السلفيين تكتظ بالنازحين، الذين وإن هربوا من صواريخ التحالف فإنهم يواجهون وضعاً انسانياً صعباً للغاية.

واندلع القتال في العام 2013 في محافظة تعتبر خارج سيطرة السلطات في صنعاء الى حد كبير.

واتهم الحوثيين السلفيين بتفجير الصراع من خلال جلب آلاف المقاتلين الأجانب إلى دماج التي تقع بالقرب من صعدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين قرب الحدود السعودية على بعد نحو 130 كيلومترا الى الشمال من العاصمة اليمنية.

وقال السلفيون حينها ان طلبة أجانب قدموا إلى هناك لدراسة الفقه في مدرسة دماج التي أقيمت في الثمانينات.

ومحافظة صعدة قاعدة تمرد الحوثيين منذ فترة طويلة ضد الحكومة. وتدخل الجيش السعودي في عام 2009 قبل وقف لاطلاق النار في العام التالي. وسقطت المحافظة منذ ذلك الحين في أيدي الحوثيين الذين فرضوا محافظا حوثيا لها.

وقال الشهود إن بيوت الطلاب الذين كانوا يتلقون تعليهم على يد الشيخ السلفي الشهير مقبل الوادعي باتت مسكناً للكثير من الأسر الصعداوية.

وقدرت وسائل اعلام عدد قتلى السلفيين في دماج بأكثر من 200 قتيلاً «أما الحوثيون فهم لا يعلنون عن قتلاهم»،

وقال ايمن الشامي أحد النازحين "ظلت دماج لفترة طويلة تشبه مدينة اشباح بعد هجرة السلفيين منها، هاهي تعود فيها الحياة وتمتلئ بآلاف الناس من المسنين والشباب والنساء والأطفال، وهم جميعاً من النازحين قدموا من عدد من مناطق صعدة."

وأضاف: "مساجد دماج تمتلئ يومياً بمئات المصلين".

وقال أيمن إن أسواق دماج شهدت حركة دؤوبه وكبيرة بعد نقل النازحين تجارتهم إليها وهي واحدة من المناطق القليلة الآمنة، وبعد أن صنف التحالف كل صعدة وأعلنها كمنطقة عسكرية.

وبحسب شهود عيان فإن عدد النازحين إليها يزداد كل يوم ولم ترد إحصائيات حول عدد العدد الإجمالي لكن مراقبين يقدرونهم بالآلاف.

وفيما يخص الاغاثة قال سكان لـ"مندب برس" إنه ضعيف جداً ولا يكاد يذكر قياساً بمعاناة الناس الكبيرة.

وتضرر عدد كبير من الفلاحين والتجار الذين كانوا يعتمدون على ما تنتجه الارض. وقالت مصادر إن المشتقات النفطية بالمحافظة شبه منعدمة، ما أدى إلى تضرر المزروعات التي تعتمد على مياه الآبار والتي بدورها يتم شفطها بواسطة آلات تعمل بمادة الديزل.

وقال ايمن إن من تبقى من سكان دماج استقبلوا النازحين بكل حب واحترام ودفئ، ومدوهم بمياه الشرب والناس متكاتفون في مواجهة مصاعب الحياة.

وعلى ما يبدوا فإن بلدة دماج تحولت الى مخيم كبير للنازحين.

ويعاني النازحين من نقص كبير في المواد الطبية والبطانيات وأماكن للنوم بالإضافة إلى الملابس، بحسب سكان.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandabpress.com - رابط الخبر: https://mandabpress.com/news12220.html