أكدت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «فاو» أمس أن أكثر من نصف مجموع سكان اليمن، أي نحو 14.4 مليون شخص يواجهون تبعات انعدام الأمن الغذائي، حيث قلص الصراع الجاري والقيود على الاستيراد توافر المواد الغذائية الضرورية في ما استتبع ارتفاعاً هائلاً في الأسعار.
وبمقياس العام الماضي ارتفع عدد الأشخاص غير الآمنين غذائياً بنسبة 12 في المئة، وبنسبة 36 في المئة منذ أواخر عام 2014، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة المتخصصة.
مرحلة حرجة
وقال ممثل «فاو» في اليمن الخبير صلاح الحاج حسن في بيان وصل «البيان» نسخة منه: إن انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بلغا مرحلة حرجة جداً، داعياً إلى دعم فوري لمساعدة الأسر على إنتاج الغذاء وحماية الماشية، وكذلك اتخاذ تدابير لتسهيل استيراد المواد الغذائية والوقود، التي تمس الحاجة إليها.
وأضاف رئيس فريق الاستجابة للطوارئ للمنظمة في اليمن إتيان بيترشميدت، أن الأرقام الراهنة تبعث على الذهول، واصفاً الوضع بأنه أزمة منسية، بينما يقف ملايين اليمنيين في أمسّ الحاجة إلى المساعدة بجميع أنحاء البلاد. وأوضح أنه في ظل هذه الظروف الحرجة، «من الأهمية بمكان أكثر من أي وقت مضى، دعم الأسر لكي تنتج غذاءها بأنفسها، وتقلل من اعتمادها على الواردات الغذائية ذات الندرة المتفاقمة والتكلفة المتنامية».
نقص الوقود
وتمخض نقص الوقود والقيود المفروضة على الواردات- حيث يعتمد اليمنيون على أكثر من 90 في المئة من المواد الغذائية الأساسية من الاستيراد- عن التراجع في توافر السلع الغذائية الأساسية مسبباً ارتفاعات بالغة الحدة في أسعار الغذاء والوقود.
وتعتمد اليمن أشد الاعتماد على الواردات نظراً إلى أن ما لا يتجاوز 4 في المئة فحسب من أراضي البلاد صالحة للزراعة، ولا يستخدم حالياً سوى جزء ضئيل من تلك الرقعة في إنتاج الغذاء.
ووصل عدد المشردين داخلياً إلى نحو 2.3 مليون نازح في اليمن- أي بزيادة تتجاوز 400 في المئة منذ يونيو 2015، فيما يُلقى بضغوط إضافية على المجتمعات المستضيفة لهم، التي تناضل أصلاً لتلبية احتياجاتها إزاء القليل المتوافر من الموارد الغذائية.
سبل المعيشة
وتشغل أنشطة إنتاج المحاصيل، وتربية الماشية، وصيد الأسماك 50 في المئة من القوى العاملة في اليمن وهي المصادر الرئيسة لسبل المعيشة بالنسبة لثلثي مجموع سكان البلاد، لكن نقص مدخلات أساسية كالبذور والأسمدة أضر بإنتاج المحاصيل أيما ضرر، وتشير التقديرات إلى أن الصراع الأخير بالذات جرّ خسائر هائلة على قطاع الزراعة. وترتب على تضاؤل فرص الدخل وتعطل الأسواق تفاقم الاحتياجات الماسة بالفعل، في اليمن حتى قبل تفجر النزاع الحالي.
ويعد دعم سبل كسب الرزق حاسماً بالنسبة لسكان الريف الذين يبعدون على الأغلب عن متناول المساعدات الإنسانية.
وعلى نحو يعكس مدى الاحتياجات القائمة والمتفاقمة، رفعت «فاو» من مقدار نداء التمويل السنوي مقارنة بالسنوات السابقة إلى 25 مليون دولار لعام 2016، بغية مساعدة الأسر على إنتاج الغذاء وبناء قدرات التجاوب من خلال ممارسة جملة متنوعة من الأنشطة.
ندرة المياه
تصنف اليمن من بين أشد بلدان العالم التي تعاني من ندرة المياه بأقل من خمسة في المئة من المتوسط العالمي المتاح للفرد سنوياً، ما يجعل الري مصدر قلق رئيساً للمزارعين. ومن خلال مشروع حوض صنعاء، تعمل منظمة «فاو» على مساعدة المزارعين في تطبيق الممارسات الزراعية «الذكية مناخياً» لزيادة الإنتاجية وتحسين إدارة المياه.