دعا عضو المكتب السياسى للحزب الاشتراكى اليمنى على الصرارى كافة القوى السياسية إلى الاستمرار فى عملية الحوار، وفق صيغة جديدة وفى مكان أكثر أمنا، تمثل فيه كل القوى السياسية، بما فيها الرئيس عبده ربه منصور هادي، وبما يمنع انزلاق البلاد نحو الحرب وانتشار العنف.
أما المبعوث الأممى إلى اليمن جمال بن عمر فقد أكد بشكل مباشر تأييد المجتمع الدولى للرئيس هادى فى اتصال هاتفى أجراه معه من صنعاء ، موضحا تمسك الرئيس بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، وبمخرجات الحوار الوطنى كمرجعية وإطار لأى توافق سياسى يخرج اليمن من الأزمة الراهنة ، وفى ذلك إشارة واضحة إلى تنصل هادى من اتفاق السلم والشراكة الذى وقعه مع الحوثيين تحت الضغط عند هيمنتهم على مقاليد الأمور فى صنعاء فى 21 سبتمبر 2014 .
وكشف بن عمر عن أن الرئيس عبد ربه منصور هادى أبدى تحفظاته على استكمال الحوار فى العاصمة صنعاء، ودعا إلى نقله إلى “مكان آمن” يتوافق عليه المتحاورون .
ويؤكد الخبير العسكرى والسياسى اليمنى محسن خصروف أن هادى سيحاول انطلاقا من عدن إعادة ترتيب أوراقه الأمنية باختيار قيادات عسكرية وأمنية جديدة لمحاور الجيش والشرطة فى ثلاثة أقاليم، هى عدن والجند والمكلا والتى تضم 13 محافظة يمنية سنية تقع فى الجنوب والوسط، وتواجه التمدد الزيدى الشيعى للحوثيين ، مشيرا إلى أنه سيبدأ بعدها فى إجراء حوار سياسى مع كافة القوى السياسية والحزبية على الساحة اليمنية ، مستبعدا فى الوقت نفسه اندلاع مواجهات عسكرية بين القوات التابعة لهادى وبين الحوثيين، نظرا لحرص الرئيس على حقن الدماء واستكمال مقررات الحوار الوطنى ، فضلا عن سعى دول الإقليم والقوى الكبرى لعدم انزلاق اليمن إلى مزيد من التوتر وتشجيعها للأطراف على استئناف الحوار مع الوضع فى الاعتبار أن المناطق الجنوبية التى سيتحرك فيها هادى تعتبر الساحة المفضلة لتنظيم القاعدة المعروف بأنصار الشريعة والتى تعلن من وقت لآخر إمارات إسلامية فى أبين أو شبوة أو حضرموت .
غير أن مراقبين فى صنعاء يعتقدون أن الحوثيين سيحاولون استيعاب صدمة هروب الرئيس بعدة إجراءات قد يكون من بينها تسريع تشكيل هيئاتهم التى حددوها فى إعلانهم الدستورى، مثل المجلس الوطنى والمجلس الرئاسى، وإعلان قبول استقالة هادى مباشرة ، أو محاولة استمالة الرئيس السابق على صالح، والذى يسيطر حزبه على أغلبية البرلمان الحالى، لعقد اجتماع يبت فى استقالة الرئيس الذى لاتربطه علاقات ودية مع صالح، لكن فى رأى آخرين فإن صالح الذى رفض الإعلان الدستورى للحوثيين لن يكون مطية سهلة لهم فى تأكيد انفرادهم بالسلطة، فضلا عن شعوره بالقلق من احتمال تصفية حساباتهم معه فيما بعد . ويبدى ناشطون يمنيون قلقا من الشكل السياسى والعسكرى لتوزيع القوة الحالية فى اليمن بعد وصول هادى إلى عدن، والذى ربما يرسخ فى الأذهان فكرة الجنوب والشمال مع مخاوف من أن تستثمر قوى محلية هذا الوضع لتفجير مواجهات دامية قد تجبر الجميع على القبول بفكرة الانفصال كحل اضطرارى .
ويقترح المحلل السياسى اليمنى عارف أبو حاتم ما سماها خطوات يستطيع الرئيس هادى بها محاصرة الحوثيين سياسيا وقانونيا وأخلاقيا ، ومنها أن يطلب من سفراء أمريكا والسعودية العودة إلى عدن، وهنا ستصبح صنعاء أقل حضوراً فى الدبلوماسية الخارجية ، وأن يطلب من شركات النفط والغاز الخارجية توريد إيرادات الدولة اليمنية إلى البنك المركزى فرع عدن ، وهنا ستصبح صنعاء بلا قوة مالية يتحكم بها الحوثيون.
كما يقترح بأن يوجه هادى الحكومة بالانتقال إلى عدن، ويرأسها أحد الوزراء مؤقتاً حتى يتم الإفراج عن رئيس الوزراء خالد بحاح المحاصر من ميليشيات الحوثيين بصنعاء .
ويرى محللون فى صنعاء أن ظهور الرئيس اليمنى مجددا سيغير الكثير من معادلات التعاطى الدولى والإقليمى والتى كانت استسلمت فيما يبدو للواقع الذى صنعه الحوثيون ، من خلال إغلاق عدد من السفارات الغربية أبوابها فى صنعاء كأمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا.
وأنعشت المتغيرات فى موازين القوى داخل الساحة اليمنية التكتل المناهض لواشنطن خاصة روسيا التى أفشلت مشروع قرار أممى سابق يدين جماعة الحوثى ، والصين وإيران وهو التكتل الذى يحاول استخدام جماعة الحوثى كورقة ضغط لمقايضة أمريكا وحلفائها فى دول الخليج، وعلى رأسها السعودية فى ملفات أخرى كالنفط وسوريا، على اعتبار أن إيران قد أصبحت اللاعب الأقوى وصاحبة الكلمة الفصل فى الملف اليمنى ، لكن وصول الرئيس هادى إلى عدن يفترض أن يعيد بعض التوازن فى الأدوار الإقليمية وربما يعطى دول الخليج فرصة ثمينة لإعادة صياغة حل سياسى فى اليمن يضمن مصالحها المهددة، ويكبح جماح تطلعات الحوثيين .