2015/02/26
فى ندوة نظمتها اللجنة المصرية للتضامن: أمن البحر الأحمر بين المخاوف الإقليمية وحسابات الواقع

يعد البحر الأحمر وباب المندب هما المنفذ الجنوبى لقناة السويس وأمنهما وسلامتهما لاينفصلان عن أمن وسلامة قناة السويس. وحاليا تمر الدول العربية بظروف صعبة وفى اليمن على وجه التحديد شهدنا إنتصارا للحوثيين. وإذا إستمرالوضع أعتقد أننا يجب أن ننظر إلى باب المندب من منظور جديد".

 

بتلك الكلمات الكاشفة بدأ الدكتور حلمى الحديدى ندوة "التطورات السياسية فى اليمن وأمن البحر الأحمر" التى نظمتها اللجنة المصرية للتضامن برئاسة الدكتور حلمى الحديدى وزير الصحة الأسبق وبمشاركة كل من أ.د. أحمد يوسف أحمد مدير معهد الدراسات العربية السابق ، ود. عبد المنعم المشاط أستاذ العلوم السياسية والأمن القومى، ود. حسن أبوطالب رئيس مجلس إدارة دار المعارف، والخبير الإستراتيجى اللواء طلعت مسلم وذلك بحضور لفيف من الخبراء والدبلوماسيين والساسة والصحفيين والمهتمين بالشأن العربى وفى مقدمتهم وأ.د. سلطان أبوعلى وزير الإقتصاد الأسبق، أ.د. يحى الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق. وقد أشار الحديدى إلى إعتقاده بأن إنتصار الحوثيين فى اليمن يعنى إنتصار إيران ويعنى أن الباب سيكون مفتوحا أمام سيطرة إيرانية على باب المندب بجوار سيطرتها على مضيق هرمز وهو الأمر الذى وصفه بـ "مكمن الخطر". ونبه إلى خطورة التدخلات الخارجية خاصة وأن واشنطن أصبحت تسيطر على غالبية حلول مشكلات المنطقة. وأكد أن مشروع تقسيم المنطقة مستمر وموجود ولكنه يتحول ويتحور وقابل للتنفيذ إلا إذا كنا متيقظين وحريصين على مقاومة هذا المشروع. وفى مستهل كلمته تحدث أ.د.أحمد يوسف أحمد عن الخلفيات التاريخية والأيديولوجية للحوثيين فى اليمن وعن العلاقات الوطيدة (الفكرية والمذهبية)التى تجمع الحوثيين بإيران التى تدعمهم عسكريا تدريبيا وسلاحا وسياسيا ودعائيا.

يرى د. أحمد يوسف أن الحوثيين من أعداء النظام الجمهورى وأن وثائقهم تشير إلى رغبتهم فى إعادة نظام الإمامة حيث تنحصر القيادة السياسية داخل سلالة إفتراضية معينة (أحفاد الحسن والحسين) وهو ما يسبب حالة من الإحباط فيما يتعلق ببناء الدولة العربية الحديثة.

فقد دخل الحوثيون صنعاء بالتزامن مع إحتفالات الذكرى الـ ?? لثورة اليمن التى حاربت من أجل الإستقرار وساهمت مصر فى دعمها منذ ??عام مضت.

ويرى د.أحمد يوسف أن الخطر على باب المندب "قائم" ولكنه "ليس عاجل" لأن الحوثيين مازالت أمامهم فسحة من الوقت حتى يتمكنوا من "هضم" المكاسب التى حققوها حتى الآن وينتظر أن تكون "عملية الهضم عسيرة جدا". وأشار إلى أنه من غير الوارد حاليا أن يسعى الحوثيين أو إيران إلى فتح جبهات مواجهة جديدة مع الدول المطلة على البحر الأحمر أومع القوى الدولية التى يمكن أن تتأثر مصالحها إذا تأثرت الملاحة فيه. ولكنه حذر من أن ذلك ليس كافيا لأن نغفو عن الخطر مطالبا بالبحث عن البدائل سواء كانت دبلوماسية أو عسكرية. وأكد أن جوهر الحل هو الدفاع عن آلية إنتخابية بإشراف الأمم المتحدة. ورجح أن يقبل الحوثيين بهذا الحل إذا حدثت حركة معارضة قوية ضدهم.

وأكد أن الدبلوماسية العربية والمصرية عليها أن تسعى إلى عدم إنفراد الحوثيين بالسلطة فى اليمن. وفى حالة التحرك العسكرى لابد أن يكون التحرك عربيا أو دوليا على أن تكون المبادرة فيه بيد العرب. وأكد د. أحمد يوسف أحمد أن مصر محاطة بقوى ترغب فى عرقلة نهضتها إنطلاقا من أن النهضة المصرية ستفسد مخططات الكثيرين. فهناك حماس فى الشمال الشرقى وإسرائيل وبعض القوى فى ليبيا غربا وجنوبا توجد السودان التى أشار د. أحمد يوسف إلى أنها تدعم المتطرفين فى ليبيا ولها علاقات "ذات طبيعة خاصة" مع إيران.

وأكد أن معاهدة الدفاع العربى المشترك تعد بمثابة الملجأ معربا عن أمله بأن تأتى القمة العربية المقبلة فى مصر برد فعل جديد. وطالب بـ"المزيد من فهم دوافع الولايات المتحدة والقليل من الحياء فى مواجهتها". وأكد أن نجاح الحل السياسى للأزمة اليمنية والوصول إلى تسوية لن يتحقق إلا عند قيام الشعب اليمنى بدوره فلايوجد حل سياسى فى ظل السيطرة الحوثية.

ويعتقد د. المشاط أن الأزمة اليمنية وسيطرة الحوثيين على الدولة بالشكل الذى وقع تطرح الكثير من التساؤلات حول حالة الإهمال التى شابت التعاون العربى مع اليمن خلال العقود الماضية. ونبه د. المشاط إلى أن التحالف الإستراتيجى بين إيران وتركيا وإسرائيل أصبح مصدر رئيسى لتهديد الأمن القومى العربى والمصرى. وسيطرة الحوثيون فى اليمن ستوفر مكانة إستراتيجية إضافية لإيران.

ويرى د. المشاط أنه ينبغى أن يكون هناك حل سياسى للأزمة وأن يكون هناك تفاوض مع الحوثيين وأن يكون هناك توازن فى الساحة اليمنية على الرغم من صعوبة تحقق هذا الأمر واصفا فكرة الحوار اليمنى فى ظل الوضع الراهن بالحوار "غير الفاعل". وقدم إقتراح أشار فيه إلى أهمية فتح العضوية ـ كدول منتسبة أو مراقبة ـ لمجلس التعاون الخليجى بهدف تشكيل قوة عسكرية رادعة مناسبة لمواجهة أى توسع إيرانى أو خلل فى المنطقة. وإحياء معاهدة الدفاع العربى المشترك والتعاون الإقتصادى بين الدول العربية. وفيما يتعلق بالتدخل الدولى أعرب د. المشاط عن إعتقاده بأن مصالح الدول الكبرى تتعارض مع أى تدخل حالى سواء كان فى ليبيا أواليمن مشيرا إلى وجود خطط إسرائيلية أمريكية مشتركة بشأن المنطقة. وأكد أن هناك تنسيق إيرانى مع إسرائيل ومع الولايات المتحدة أيضا. وفيما يتعلق بإمكانية التفاوض مع الطرف الإيرانى أكد د.المشاط أن الإيرانيين لديهم خطة وإستراتيجية وحلم ورؤية وكذلك الأمر بالنسبة لكل من تركيا وإسرائيل. ونبه إلى أن ما يصعب من مهمة "التصالح" هو الإعتقاد السائد لدى بعض الدول المعنية بالأزمة اليمنية بأنها تخوض "لعبة صفرية" فى المنطقة "فإما مصالحنا وإما مصالحهم". وأكد أن تحييد الطرف الإيرانى ليس بالأمر المستحيل.

أما د. حسن أبو طالب فقد أشار إلى أن التدخل الدولى كان مسيطرا بشكل تام على فكرة الحوار. فحينما تم ربط المبادرة الخليجية بمجلس الأمن تحولت المبادرة إلى مجرد"فكرة". وأصبح الأمر فى يد المبعوث الأممى وأكد أنه رأى بنفسه تدخل سفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن، بالإضافة لدول أخرى منها المانيا وإيطاليا، فى كل كبيرة وصغيرة مما أقلق اليمنيين وأبعدهم عن الإقتناع بما تم الوصول إليه من دستور جديد وتقسيم اليمن إلى اقاليم ذات طابع كونفدرالى. ولم يعد لدى مجلس التعاون الخليجى موقف موحد متماسك منذ عام????خاصة بعد المواقف القطرية.

وفيما يتعلق بأى تحرك مصرى أكد د. أبو طالب أن أحد أهم أهدافنا فى مصر يتمثل فى حماية الملاحة فى قناة السويس وحرية الملاحة فى البحر الأحمر وعدم وجود أى تأثير سلبى على الملاحة عند باب المندب. وأكد أن مصلحة الملاحة فى البحر الأحمر وباب المندب مصلحة دولية وليست عربية فقط وبالتالى لابد أن يكون التحرك دوليا فى أى صورة من الصور إسوة بالتعامل مع أزمة القرصنة أمام سواحل الصومال وفى بحر العرب. وأشار د.أبو طالب إلى أن الحوثيين يشكلون إمتدادا للنفوذ الإيرانى فى اليمن وهو حصيلة جهود بذلتها طهران على مدى ?? سنة مضت. وأكد أن هناك لغز فى الأزمة اليمنية يتمثل فى دور المؤسسة العسكرية اليمنية، التى تعد الأكثر تقدما وقوة، أمام تمدد النفوذ الحوثى السريع فلماذا إنهار الجيش الحديث التسليح أمام قوة قبلية مسلحة تسليحا خفيفا؟.

ويرى اللواء طلعت مسلم أن مايحدث فى اليمن له إنعكاساته على المحيط العربى كله. فالعودة لنظام الإمامة يعنى عودة اليمن لما قبل الثورة اليمنية قبل أكثر من ?? سنة وربما ما هو أسوأ. ويرى أن البحر الأحمر إمتداد لقناة السويس وهو مهم لأكثر من دولة عربية، وأكد أن تهديد الملاحة فى باب المندب "إحتمال ضعيف" ولكن لايمكن إستبعاده. ونبه إلى أن إيران لن توفر قدرات عسكرية لتهديد باب المندب فالمضيق ممر دولى والمصالح به دولية ولن تتنازل الدول الكبرى عن مصالحها إرضاءا لإيران أوللحوثيين. وطالب بالإستعداد لحماية مصالحنا فى البحر الأحمر بإجراء مناورات بحرية وجوية لحماية المضايق وبإحياء إتفاقيات التعاون العربى ومعاهدة الدفاع المشترك. وحذر من غياب القوى السياسية فى اليمن على وجه الخصوص. فهناك صعوبة شديدة فى الوصول إلى قوى سياسية يمكن التفاهم معها بشأن المستقبل فى هذا البلد.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandabpress.com - رابط الخبر: https://mandabpress.com/news5563.html