2015/03/02
قطر انحازت إلى الشعب اليمني (حوار)



حوار- أحمد الصباحي

 في هذا الحوار الساخن.. تفتح الوطن مع الكاتب والمحلل السياسي اليمني عباس الضالعي مستجدات الأحداث في اليمن، والتطورات التي رافقت سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، وتحول الأوضاع إلى حالة انحدار منذ انطلاق ثورة الشباب السلمية في عام 2011م.

ويتطرق الحوار مع المحلل عباس الضالعي إلى تدهور الأوضاع السياسية، ودور الرئيس السابق علي عبدالله صالح في تمكين الحوثيين من السلطة، وعجز الرئيس هادي، وفشل قوى الثورة في إدارة المرحلة الانتقالية، وغيرها من الملفات في إطار الحوار التالي.

كيف تابعتم مجريات الأحداث وتطوراتها في اليمن، ووصول البلد إلى هذا المنحدر الخطير؟

- اليمن واحدة من دول الربيع العربي التي حاول الشعب التخلص من النظام المتخلف واستبداله بنظام يقوم علي أساس العدل والمساواة والحرية، نظام يرتكز على أسس قانونية حديثة من أجل دولة مدنية حديثة.. هكذا كانت تطلعات الشعب اليمني الذي قدم تضحيات كثيرة ودفع ثمنا باهظا ولازال يدفع ثمن للوصول إلى هذه الغاية وسيصل إن شاء الله مهما كان الثمن باهظا.

في اليمن واجهت ثورة التغيير الشبابية اختراقا مبكرا أدى إلى عرقلة مسارها ووقف حائلا أمامها للوصول إلى الغاية التي خرج من اجلها الشعب. برأيك أين كان الخلل في تردي الأمور بشكل متتابع؟

- من وجهة نظري الشخصية أن الخلل في تردي الأوضاع بشكل كلي كان ناتجا عن الدعم الدولي «الناعم» للثورة المضادة للتغيير والذي منح الحياة للنظام السابق للعودة من جديد وبشكل أكثر دموية وتخلف.. هذا النظام عاد للحكم بوجه بشع عنوانه مليشيا الحوثي المسلحة.. هذا يعتبر أهم خلل استراتيجي للمرحلة، إضافة إلى وجود خلل مساعد وهو تسليم السلطة الانتقالية إلى شخصية كان يتولى الرجل الثاني في النظام القديم ويفتقد إلى مقومات القيادة وغياب الرؤية الوطنية لإنقاذ البلاد.

كما أن تفسخ الجبهة الثورية وضعفها الناتج بسبب خلافات الرؤى في ما بينها عزز من اختراقها لصالح قوى النظام القديم والقوى التي تحالفت معه وتصادمت الإرادات والبرامج وتوقفت عند حدود ضيقة جميعها بعيدة عن الهم الوطني الكبير وهو الانتقال للدولة المدنية والاستقرار السياسي.

من يتحمل مسؤولية وصول اليمن إلى هذا المربع المقلق؟

- أطراف عديدة محلية وإقليمية ودولية تتحمل مسؤولية تردي الأوضاع في اليمن.. على المستوى المحلي، الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي يعتبر المسؤول الأول عن تدهور الأوضاع ومسؤوليته تكمن في تقاعسه عن القيام بمهامه وتطبيق البرنامج الزمني للمبادرة الخليجية، وتقاعسه بتطبيق الاتفاقات ومخرجات الحوار الوطني وتنفيذ قانون العدالة الانتقالية وتوقف الرئيس هادي عند قضية تمديد ولايته كان لها الأثر السلبي لتسلل عوامل التدمير للدولة ومؤسساتها. إضافة إلى قيام هادي بضرب القوى الحية والتخلص منها وهي القوى التي قام على أكتافها التغيير وقدمت له الدعم المالي والسياسي والشعبي.

إلى جانب هادي أيضا يتحمل شركاء المرحلة المسؤولية نتيجة الخلافات فيما بينهم سواء بين اللقاء المشترك وشركائه مع بقايا النظام القديم المتمثل بحزب المؤتمر وحلفائه أو في ما بين الطرفين معا.

وعلى المستوى الدولي تتحمل الدول الخمس الدائمة العضوية، والاتحادي الأوروبي والأمم المتحدة جميعهم، كانوا غطاء للتحول المضاد لثورة التغيير الشبابية، ومساهمين بتردي الأوضاع في اليمن، وداعمين لمليشيا الحوثي والنظام السابق الذي أعاد اليمن إلى خمسين سنة ماضية.. وهنا تقع المسؤولية الكبيرة على ممثل أمين عام الأمم المتحدة جمال بنعمر المكلف بالإشراف على تنفيذ وتطبيق بنود المبادرة الخليجية وكان له الدور والمسؤول عن انحرافها وتغيير مسارها، دور المبعوث الأممي سلبي جدا ورغم هذه السلبية الواضحة نجد صمت أصحاب المبادرة وعدم قيامهم بأي إجراء لمراجعة طبيعة عمله وتقييم أدائه السلبي، وهو ما شجعه على التمادي بدعم القوى المضادة للتغيير التي أوصلت اليمن إلى الفشل الكامل.

سخط شعبي على الثورة

هناك سخط شعبي عارم وحديث عام عن أن ثورة 11 فبراير هي سبب تدهور الأوضاع في اليمن؟

- السخط الشعبي موجود بشكل عام وبتزايد بشكل يومي نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية وغياب الدولة ومؤسساتها.. أما الحديث عن حصر الغضب الشعبي وإلصاق التهمة بثورة فبراير فهذا ناتج عن الحملة الإعلامية الضخمة التي تبنتها الأنظمة القديمة ضد ثورة الربيع العربي بشكل عام وأرجعت أسباب التدهور إلى ثورة الربيع العربي وتجاهلت دور الأنظمة الحاكمة كمسبب عام ومنتج للفشل والتخلف.

ثورة الربيع العربي كانت هي المنتج الذي أفرزته القوى الحية خلال العقود الماضية وكانت أهدافها واضحة ومشروعها ناضجا ومنقذا للبلد لكن تكتل قوى الشر والقوي المتضررة من التغيير وامتلاكها قوة تأثير إعلامي قوي استطاعت التأثير على الشارع العام مستغلة ظروف الناس المعيشية وحالة عدم الاستقرار والفراغ الذي أصاب المرحلة وهو ما دفع بالناس إلى الاستسلام والقبول بالوضع السابق بكل علاته، لكن هذه النظرة لا تمثل قناعة ثابتة لدى الشارع ولا تعتبر أساسا، هي ردة فعل مؤقتة على الفشل الذي رافق الموحلة.

كيف تقيم دور المعارضة اليمنية ممثلة بأحزاب اللقاء المشترك خلال الفترة الانتقالية الماضية وحتى الآن؟

- أحزاب اللقاء المشترك كان لها دور إيجابي في السابق وهي التي تبنت الوقوف بقوة أمام نظام الرئيس السابق وكان دورها واضحا بدعم ثورة التغيير، لكن الاختلاف داخل هذا التكتل جاء لصالح قوى النظام القديم بعيدا عن المشهد الثوري، فالمشهد الثوري كان رافضا لبقاء نظام علي صالح شريكا في المرحلة الانتقالية وكان رافضا بقاء ذلك النظام دون محاكمة.. اللقاء المشترك هو الذي وافق على بقاء النظام السابق بعيدا عن إرادة الشارع الثوري، صحيح أن اللقاء المشترك كانت له وجهة نظر معينة وهو عدم انزلاق البلد إلى الحرب الأهلية، وهذه وجهة نظر مقبولة نظريا لكن من الناحية العملية البلد يعيش حالة حرب أهلية منذ عام 2011 وحتى اليوم، وهذا ناتج عن عدم حسم وضع بقايا نظام علي صالح الذي ظل ممسكا بمفاصل السلطة ونقلها أخيرا إلى جماعة الحوثي التي تسعى الآن لاجتثاثه نهائيا.

فشل قوى الثورة

ما رأيك بمن يقول إن قوى الثورة فشلت في إدارة المرحلة الانتقالية، وبالتالي وصلت الأمور إلى هذا المأزق؟

- عوامل الفشل عوامل مترابطة مع بعضها، والفشل الذي وصلت إليه اليمن ناتج عوامل محلية وإقليمية ودولية كما ذكرت سابقاً، من الخطأ تحميل قوي المشترك بمفردها أسباب الفشل وهي تمتلك نصف الحكومة السابقة ولا تمتلك حصة حقيقية في مؤسسات الدولة الهامة.

قوى التغيير في اليمن تم اجتثاثها عمليا من قبل الرئيس هادي ولم يتوقف الأمر عند الاجتثاث بل وصل إلى حد تصفيتها وتشريدها بالقوة وبدعم من المبعوث الأممي.. كيف ننتظر من هذه القوى أن تنتج تغييرا وهي محاربة، هناك أخطاء ارتكبتها قوى المشترك لا يمكن إنكارها ولا يمكن تجاهلها وأكبر خطأ هو تسليم السلطة لشخص مثل هادي الذي يعتبر الرجل الثاني في النظام الذي خرج الشعب عليه بثورة شعبية.. خطأ الثورة الوحيد ممثلة بالجناح السياسي لها «اللقاء المشترك» هو القبول بالإبقاء على نظام علي صالح الذي يعتبر هادي أهم أركانه.

لكن البعض يقول إن قوى المشترك ترمي بالتهم لعلي صالح والنظام السابق للتغطية على فشلها؟

- اتهام علي عبدالله صالح بإفشال المرحل برمتها ليس اتهاماً بل هو حقيقة، مع عدم تجاهل الفشل الذي يتحمل نسبته قوى المشترك أيضا، لكن دور علي صالح السلبي ليس تهمة فهو مساهم بشكل رئيسي بتحمل ما آلت إليه الأوضاع نتيجة استخدامه نفوذه في الجيش والأمن وتوجيهها لضرب التغيير على مختلف المستويات.. خطأ قوي الثورة الأول هو الإبقاء على الرئيس السابق وتسليم السلطة لنائبه وهذا هو الخطأ الذي أدى إلى كل هذا التدهور والانهيار.

صالح والحوثيون

ما هو رأيك بالدور الذي يقوم به علي عبدالله صالح خلال الفترة الماضية والاتهامات الموجهة إليه بتمكين الحوثيين؟

- تمكين علي صالح للحوثيين ليس اتهاما بل حقيقة، وقد اعترف بها أكثر من مرة.. إضافة إلى وجود اغلب قيادات حزبه مع الحوثي وانتقال كثير من القيادات الموالية له للعمل مع جماعة الحوثي، وهناك تزاوج كبير بين حزب المؤتمر وجماعة الحوثي إلى الحد الذي لا تستطيع أن تفرق بينهما.

علي صالح هو الواجهة التي تم تمويل جماعة الحوثي عن طريقها، وهو استغل هذه الجماعة بصورة وحشية للانتقام من خصومه السياسيين والعسكريين والقبليين وانتقم عن طريق جماعة الحوثي من كل القوى والقيادات التي دعمت ثورة فبراير.

هل تتوقع انتقام حوثي لصالح؟

- هذا السؤال المفترض طرحه هنا، وهو هل سينجو علي صالح من انتقام جماعة الحوثيين.. والجواب هو أنه لن ينجو من انتقام الجماعة فهو الذي قتل مؤسسها وهو الذي خاض ضدها ست حروب عسكرية شرد وقتل أغلب المنتمين للجماعة فالدور الآتي عليه ولن يفلت من العقاب.

ما هو توصيفك للدور الحوثي وسيطرته على العاصمة بتلك الطريقة الدراماتيكية؟

- مثلما ذكرت، سيطرة الحوثي على العاصمة تمت بطريقة دراماتيكية اشترك فيها صالح وهادي معاً (رئيس حزب المؤتمر ونائبه).. والتوصيف الحقيقي والدقيق لما حدث بالعاصمة يوم 21 سبتمبر 2014 هو تسليم وليس سيطرة والعالم كله يشهد على ذلك.. الهدف من تلك العملية هو محاولة الزج بالتيار الإسلامي تحديداً بمواجهة عسكرية مع جماعة الحوثي للتخلص من هذا التيار وفي مقدمته حزب الإصلاح المقرب من جماعة الإخوان وهي خطوة تعتبر امتداداً لسياسة مكافحة الأخونة.

هادي وصالح أرادوا ضرب حزب الإصلاح فضربت الدولة ونهبت مؤسساتها ودمر جيشها الذي قام الحوثي بتفكيكه ونهب أسلحته وسحبها وتجميعها إلى صعدة، وهذا كان أخطر عمل يقوم به الرئيس هادي.. وبسبب هذا العمل فقد السيطرة على الدولة وسلطاتها ومؤسساتها وسحب البساط من تحت أقدام علي صالح صاحب التمويل الأول للجماعة خسروا جميعاً وكسبت المليشيا، تدمرت الدولة ونجا حزب الإصلاح.

حوار الحوثيين

كيف تقيم تعامل الحوثيين مع الحوارات السياسية الجارية مع المبعوث الأممي جمال بنعمر؟

- القبول بدخول جماعة الحوثي للحوار وهي تمتلك السلاح كان خطأ كبيرا، لكنه في نفس الوقت كان بموافقة ضمنية من الرئيس هادي الذي وفر الغطاء القانوني لهذه الجماعة ومنحها الشرعية وتحت إشراف المبعوث الأممي.

- جماعة الحوثي تتعامل مع الحوار كفرصة زمنية فقط وقد أثبتت الأيام صحة هذه الفرضية، ورغم الاتفاقات الكثيرة بين الجماعة وباقي المكونات السياسية إلا أنها لم تلتزم بأي اتفاق ولم تنفذ أي شرط، وهي التي دمرت البنية التوافقية التي توصل إليها الفرقاء السياسيون وبدعم من هادي الذي تواطأ كثيراً مع هذه الجماعة التي تمردت على الداخل والخارج وأصبحت هي المسيطرة على السلطة ومؤسسات الدولة.. والمبعوث الأممي وبصراحة هو الذي يمد هذه الجماعة بالغطاء وهو من أوصلها إلى ما وصلت إليه.

ما هو تقييمك لدور المبعوث الأممي جمال بنعمر بشكل عام؟

- دور جمال بنعمر في اليمن دور سلبي، والأكثر منه سلبية هو عدم تقييم دوره على الأقل من دول مجلس التعاون الخليجي باعتبار هذه الدول هي صاحبة المبادرة.. المبعوث الأممي أنتج كل هذا التدهور وهو ضالع بدعم ما وصلت إليه جماعة الحوثي وسيطرتها علي الدولة ومؤسساتها، كما أنه يوفر لها الغطاء السياسي والقانوني لقتل أبناء الشعب وتدمير مؤسسات الدولة وفي مقدمتها مؤسستا الجيش والأمن.

ماهي توقعاتك لمستقبل اليمن في ظل المعطيات الحالية؟

- لا أخفيك أني غير متفائل بمستقبل اليمن في ظل المتغيرات الحالية وفي ظل مواصلة دعم الفشل المتمثل بالإصرار على حصر الشرعية بيد هادي وتحت إشراف بنعمر.. اليمن لن ينتقل أو لن يخرج من هذا الوضع إلا إذا انتقلت السلطة والقرار للشعب ولشباب الثورة، كل المتحكمين بسلطات الدولة حاليا هم أعداء التغيير، فكيف ننتظر مخرجا آمنا من أعداء التغيير، شرعية الثورة المستمدة من شرعية الثورة بالشارع يجب أن تكون هي المسيطرة وستسيطر مهما كان حجم تمويل ومقاومة التغيير كبيرة.. الوعي المجتمعي والثوري بضرورة التغيير لازالت هي الراسخة والكبيرة وما حدث هو تشوهات أنتجها المال القذر والسياسة التآمرية.

كيف تقيم الدور الذي تقوم به قطر في اليمن منذ بداية أحداث 2011م وما تلاها؟

- بصراحة ودون مبالغة، الدور القطري هو الأنظف من بين كل المواقف الإقليمية والدولية خاصة في ما يتعلق بثورة التغيير في اليمن.. مواقف دولة قطر انحازت بوضوح لصالح الشعب اليمني ولم تنجر وراء غسيل المواقف السياسية التي يمارسها البعض.

حكومة دولة قطر ممثلة بأميرها سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ومن قبله الأمير الوالد سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني هي مواقف عربية وقومية وأخوية والدور القطري دور إيجابي.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandabpress.com - رابط الخبر: https://mandabpress.com/news5834.html