2021/01/25
الغارديان: ثورة يناير 2011 حررت المصريين من ديكتاتورية وأعادتهم إلى خوف جديد

 

لندن – “القدس العربي”: في الذكرى العاشرة لاندلاع الثورات العربية اهتمت صحيفة “الغارديان” بالذكرى ونشرت ملفا مصورا عن أماكن الثورات التي بدأت في تونس وانتشرت في معظم أنحاء العالم العربي.

وركز مراسلها في الشرق الأوسط مارتن شولوف على الثورة المصرية حيث كتب تحت عنوان “إخراج ستة عقود من الخوف: الثورة المصرية الضائعة”.

ويتذكر منصور محمد الذي كان واحدا من مئات الآلاف الذين تجمعوا في ميدان التحرير بالقاهرة حيث نام وأكل وتفاعل مع أناس لا يعرفهم لمدة عشرة أيام ولا يزال يتذكر الصوت والهدير الذي كان أقوى من صوت 10 مقاتلات عسكرية وكان الصوت الذي أخرج “ستة عقود من الخوف”. وبعد عقد فمركز الثورة التي أصبحت تعرف مع غيرها من الإنتفاضات العربية بـ “الربيع العربي” بات اليوم مكانا مختلفا وكذلك البلد، فقد تم تغيير صورة الميدان واستبدلت المساحات الخضراء فيه بالإسمنت ونصبت فيه مسلة متجهة للسماء مذكرة باليقين الثابت.  وتتحرك السيارات في الميدان بهدوء بعد خلوه من المحتجين، وأي محاولة لإثارة أشباح ميدان التحرير يتم قمعها بالقوة لدولة عسكرية حصنت نفسها في أعقاب الثورة.

وبالنسبة لمعاذ عبد الكريم فقد بدأت الثورة بطريقة مختلفة، ففي 25 يناير 2011 اجتمع هو وأصحابه في شقق بالقاهرة على الجانب الآخر من النيل، وجمعوا أنفسهم تحضيرا لتغيير التاريخ.

وكان الميدان بعيدا عنهم بسبب الوجود العسكري الكثيف والتفتيش عن العناصر المثيرة للمشاكل بعد أسابيع من سقوط نظام زين العابدين بن علي في تونس. ولكنهم بدأوا بتجميع قواهم في الحارات الضيقة البعيدة عن قوات الأمن وعبأوا الجماهير من خلال منصات التواصل الإجتماعي، وبشكل حطم الوهم الذي ساد وهو أن حسني مبارك قوي جدا ولا مجال لمواجهته. واجتمع عبد الكريم مع أصدقائه في محل حلويات الحايس في شارع مصطفى محمود لمراقبة تحركات الشرطة ومعرفة إن كانت ستتحرك. وكان الهدف هو التنسيق مع بقية الجماعات المختلفة.

وقال “فكرنا لو أننا نجحنا فسنحصل على مصر أفضل، ولو فشلنا فسنموت أو نقضي كل حياتنا في السجن” و “في كل حياتي لم أعرف إلا مبارك وطالما حلمت برؤية رئيس آخر من عائلة اخرى”. وأضاف أن مهمتهم تركزت على جمع المتظاهرين بحيث لا تستطيع الشرطة السيطرة عليهم. ولو كان هناك عدد قليل منهم لفرقتهم الشرطة بسهولة أو اعتقلتهم. وتجمع حوالي 2.000 محتج بحيث لم تكن قوات الأمن قادرة على التعامل معهم و “في تلك اللحظة شعرت أننا نجحنا لأنني شاهدت ناسا من جنس ونوع ومستويات اقتصادية، أغنياء وفقراء وكلهم يهتفون بصوت واحد”. وفي ذلك الحين خلقت الدعوات عبر منصات التواصل الإجتماعي للتجمع في ساحات القاهرة العامة، زخما لم تكن الشرطة قادرة على وقفه. ويقول عبد الكريم ” كانت وسائل التواصل الإجتماعي أهم وسيلة في الثورة” و “استطاع الناس التواصل بسهولة والتعبير عن أنفسهم بدون رقابة” دولة مبارك البوليسية واجهت معارضين سلاحهم هو الهواتف الذكية وصفحات فيسبوك. وتحول ميدان التحرير في 28 كانون الثاني/يناير إلى بوتقة للتغيير الرافض للتنازل.

 وبعد أسابيع وضعت النهاية لحقبة مبارك. وقرر الرئيس الأمريكي في حينه باراك أوباما إدارة ظهره لمبارك الذي حكم لثلاثين عاما ووقف مع الثوريين. وقال “أوضح المصريون ألا شيء غير انتصار الديمقراطية الحقيقية”. ثم جاء تحدي المؤسسة العسكرية التي وقفت مع الثوريين الذين عبروا عن مطالبهم بقوة. وقال أوباما “قام الجيش بمهمته على نحو وطني مسؤول كحام للدولة” و “عليه التأكد من عملية انتقالية تحمل مصداقية أمام المصريين”.

 وتعلق سلوى جمل التي دعمت الثورة وأجبرت على الهروب من بلدها عام 2014 معلقة على كلام أوباما “لم يكن يعرف في حينه ولكنه كلماته كانت بمثابة المرثية” و “من تلك اللحظة كان الجيش يخطط للسيطرة على السلطة”. وقالت نانسي عقيل، الناشطة والباحثة إن استقالة مبارك في 11 شباط/فبراير كشفت أن الأشهر اللاحقة لم تكن انتقالا سلسا للسلطة و “كانت أسوأ لحظة بالنسبة لي” و “شاهدت الدبابات وعلمت أن الجيش سيطر على السلطة، وشاهدت أناسا يقدمون الورود للجيش وينظفون الشوارع ويمسحون الشعارات الجدارية، وكانت بداية مرحلة محو آثار الثورة”. وتضيف إن الناس ظلوا طوال هذه الفترة يقولون “لا لا الجيش معنا ولكننا نعرفهم ونعرف أنهم كانوا يديرون الأمور”.

وفي عام 2012 عقدت انتخابات وفاز فيها محمد مرسي كأول رئيس منتخب ويمثل جماعة الإخوان المسلمين. وبعد ذلك أعلن مرسي أنه سيمنح لنفسه صلاحيات دستورية للحكم مما قاد إلى عدم ارتياح منه وجماعته. وفي أقل من عام أطيح به عبر انقلاب قاده وزير دفاعه، عبد الفتاح السيسي الذي حل البرلمان وحظر جماعة الإخوان المسلمين وقمع المعارضة.

وانتخب السيسي رئيسا في جولتين انتخابيتين. ومنذ ذلك الوقت حاول الرئيس المصري محو كل رموز الثورة مستخدما القمع القاسي وسحق كل دعوات التغيير. وتم القضاء على المجتمع المصري المدني وأجبر الفنانون والصحافيون والمثقفون على الصمت أو الرحيل إلى المنفى. وتعرضت الأحزاب السياسية للتضييق أو الدمج في مؤسسة الدولة الجديدة وصمت الشجب الدولي لوقت طويل.

وفي كانون الأول/ديسمبر منح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون السيسي أعلى وسام مدني في فرنسا متجاهلا سجل حقوق الإنسان الذي وصفته المنظمات غير الحكومية بأنه شرير. ويقول شولوف إن زعم السيسي بأنه ساعد على منع تدفق المهاجرين من أفريقيا إلى أوروبا وأنه حاجز لها ضد التهديدات الأمنية منحه دعما تكتيكيا من دول غربية غضت الطرف عن القمع المستمر للمعارضة. وسجلت منظمة هيومان رايتس ووتش عام 2019 60.000 معتقل في السجون المصرية. وقال خالد منصور، المدير السابق للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن الكثيرين ممن دعموا الثورة سيدعمون ثورة أخرى “فقد كانت نقطة تحول” و “لكننا لا نتحول دائما نحو وضع مريح او اتجاه جيد”، مضيفا “الشيء الوحيد الذي جعلهم يحافظون على السلطة هو القوة، فالتماسك الإجتماعي وإنقاذ الإقتصاد والإرهاب وتهديد الأمن القومي تساعد هذه المؤسسات على القول: نحن المعقل الأخير، وبالتالي تأجيل التغيير”. و “ما نحتاجه ليس مصر موحدة ولكن مكان تتحدث فيه الجماعات المختلفة مع بعضها البعض بدون مخاوف. هل يمكننا التعافي؟ يحتاج الأمر لوقت طويل ونقد ذاتي وسبر للنفس وهذا أمر صعب في الوقت الحالي”.

 

 

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandabpress.com - رابط الخبر: https://mandabpress.com/news62014.html