2025/07/04
طرح أممي لصفقة تصدير النفط للحكومة مقابل تشغيل مطار صنعاء

لم تكن زيارة المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن، هانس غروندبرغ، إلى عدن كسابقاتها هذه المرة. فقد التقى رئيس الوزراء اليمني، سالم بن بريك، وأجرى مناقشات مع مسؤولين حكوميين وممثلين عن المجتمع المدني، إثر توقف المواجهات الإسرائيلية الإيرانية، والذي استغلته الحكومة في عدن لفتح ملف تصدير النفط المتوقف بفعل هجمات الحوثيين منذ أكتوبر/تشرين الأول من عام 2022. وأحد الخيارات التي كانت مطروحة في النقاشات، ربط تصدير النفط بإعادة تشغيل مطار صنعاء، بعدما دمر العدوان الإسرائيلي الجزء الأكبر من أسطول الخطوط الجوية اليمنية.

وقالت مصادر خاصة، فضلت عدم الكشف عن هويتها، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة اليمنية في عدن طلبت من المبعوث الأممي إيجاد حل لأزمة تصدير النفط، في ظل معاناتها من أزمات مالية واقتصادية واسعة. وتحدثت مصادر مطلعة عن الخيارات المتداولة في هذا الموضوع، والتي من شأنها أن تقرب وجهات النظر بين الطرفين، للتوافق على مضمون صفقة تتم مع الحوثيين الذين يبحثون بالمقابل عن حل لأزمة إغلاق مطار صنعاء الدولي.

قضية مطار صنعاء

بحسب هذه المصادر، فإن غروندبرغ قد يقوم بدور وساطة خلال الفترة القادمة لتقريب وجهات النظر بين الحكومة والحوثيين، في ظل توقعات بمرونة الطرفين في التعامل مع هذا الملف، بحيث يتم الاتفاق على صيغة طارئة لإعادة تصدير النفط من الموانئ الحكومية في حضرموت وشبوة، مقابل إيجاد حل لعودة تشغيل مطار صنعاء سواء من خلال التوافق على تشغيل رحلات للخطوط الجوية اليمنية، التي لا تزال تمتلك ثلاث طائرات في أسطولها، وقد تتم إتاحة إحداها لتشغيل الرحلات عبر مطار صنعاء.

وقد يكون هناك حل ثالث يتعلق بإعادة تصدير النفط والغاز في إطار اتفاقية تتضمن استخدام جزء من العائدات لشراء طائرة لتعزيز أسطول الخطوط الجوية اليمنية، التي بدورها تعمل على إتاحتها وتخصيصها للعمل من مطار صنعاء الدولي.

يعزز ذلك ما تطرق إليه المبعوث الأممي في البيان الصادر عنه عقب زيارته إلى عدن، اطلع عليه "العربي الجديد"، حيث ذكر أنه تناول خلال لقائه مع رئيس الحكومة اليمنية في عدن، الأولويات اللازمة للحد من التدهور الاقتصادي، بما في ذلك تمكين الحكومة اليمنية من استئناف صادرات النفط والغاز، وذلك بعد التقدم المحرز مؤخراً في فتح طريق الضالع، مؤكداً أن فتح المزيد من الطرق أمر بالغ الأهمية لتسهيل حركة التجارة وتنقّل الأفراد في مختلف مناطق اليمن.

 

الخبير الاقتصادي اليمني عبدالمجيد البطلي، أكد في هذا الخصوص لـ"العربي الجديد"، على ضرورة أن يستند تصدير النفط إلى تسوية اقتصادية تفضي إلى توزيع عوائده على كل المحافظات وفقاً لمعايير تراعي عدد السكان. بالمقابل، شككت مصادر أخرى مطلعة باتخاذ أيّ خطوة في ملف تصدير النفط من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن، قبل إيجاد حل لقضية احتجاز موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من قبل الحوثيين، حيث ورد في البيان الصادر عن المبعوث الأممي إلى هذه القضية، مؤكّداً أن هذه الاحتجازات تقوّض الثقة وتُعيق جهود بناء بيئة مواتية لعملية السلام، وجدّد التزام الأمم المتحدة بمواصلة الانخراط الدبلوماسي لضمان الإفراج عنهم.

يرى الخبير الجيولوجي المتخصص في النفط والغاز عبدالغني جغمان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هناك متربحين في اليمن من ملف النفط، حيث يعمل نافذون على المتاجرة بالنفط واستيراده مشتقات نفطية وبيعها في الداخل بمبالغ خيالية، لافتاً إلى وجود فساد كبير واختلالات في القطاع النفطي، تتطلب حلولاً جذرية عاجلة قبل أيّ تسوية.

يأتي ذلك بينما تستمر أزمة الطاقة بالتفاقم في اليمن. مع انهيار خدمة الكهرباء وتجدد تهاوي سعر صرف العملة المحلية، وسط عجز تام للتعامل مع تبعات هذه الأزمات والانهيارات؛ تبرز مصافي عدن أفضلَ حل طارئ ومتاح للحكومة المعترف بها دولياً التي تواجه احتجاجات واسعة وانتقادات حادة، بسبب ارتباكها وعدم قدرتها على التخفيف من معاناة المواطنين بسبب هذه الأزمات المتفاقمة. في أحدث قرار لها وجهت الحكومة بإعداد خطة واقعية مزمنة وقابلة للتنفيذ لإعادة تشغيل مصافي عدن، للقيام بدورها الحيوي في تأمين احتياجات السوق المحلية من المشتقات النفطية.

المحلل الاقتصادي ماجد الداعري، تطرق في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى نقطة مهمة في هذا الخصوص، كاشفاً أن قرار إعادة تشغيل مصافي عدن مرتبط بقرار إلغاء تعويم تجارة المشتقات النفطية، وهو ما يستوجب صدور قرار من رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، بإلغاء القرار الذي اتخذه الرئيس السابق عبدربه منصور هادي، وحصر تجارة الاستيراد بشركة مصافي عدن والتوزيع عبر شركة النفط.

ويعتقد الباحث الاقتصادي وفيق صالح، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن هذه الخطة تفتقر لعنصر الواقعية وهو الأهم في مسألة نجاحها، كون المصافي الآن تحتاج إلى إعادة صيانة وتحتاج مبالغ كبيرة، علاوة على ضرورة توفر إرادة سياسية كاملة لإعادة تشغيل المصافي بطاقتها القصوى إلى ما قبل الحرب.

ويرى المحلل المصرفي والمالي علي التويتي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن فساد الحكومة ومسؤوليها وارتهانها وعدم إصلاح المنشآت العامة الحيوية مثل مصافي عدن التي يتوقع وصول إيراداتها إلى حوالي 100 مليون دولار سنوياً؛ كان من أهم الأسباب التي فاقمت سعر صرف الريال اليمني وأزمة التيار الكهربائي.

في السياق، تحدثت مصادر فنية وهندسية، لـ"العربي الجديد"، أن عملية استعادة مصافي عدن لن تكون بالأمر السهل، وتحتاج إلى وقت وجهد ودعم في ظل وضعية صعبة تمر بها الحكومة في عدن التي تواجه انهيارات وأزمة اقتصادية عديدة متفاقمة، وذلك بسبب عدم خضوع هذه المنشأة الاستراتيجية العملاقة لأي أعمال صيانة، وسط تردٍّ متواصل في وضعيتها وانخفاض قدراتها الإنتاجية والتشغيلية، مع وصول الأمر إلى تعثرها وتوقفها عن العمل منذ سنوات.

تم طباعة هذه الخبر من موقع مندب برس https://mandabpress.com - رابط الخبر: https://mandabpress.com/news69881.html