يثير الوضع القائم في اليمن والمتّسم عمليا بسيطرة جماعة الحوثي على مقاليد الحكم وإدارة الدولة المزيد من الأسئلة حول الدور الفعلي لرئيس البلاد والحكومة المشكّلة حديثا، في ظل توقّعات بأن الجماعة الشيعية آخذة في مزيد توطيد نفوذها في البلاد فيما كان منتظرا أن يتقلّص ذلك النفوذ بحكم اتفاقات وقّعت عليها الجماعة.
ونقل أمس عن خبيرين سياسيين قولهما إن الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الوفاق “مجرد واجهة شكلية”، بينما الحاكم الفعلي للبلاد هو جماعة “أنصارالله” الحوثية، التي تسيطر بقوة السلاح على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى.
ومنذ اجتياح مسلحي الحوثي لصنعاء في سبتمبر الماضي، يعيش اليمن ظروفا أمنية متوترة مع استمرار انتشار هؤلاء المسلحين في عدد من المدن، رغم أن اتفاق السلم والشراكة نصّ على انسحابهم فور تشكيل الحكومة الجديدة التي أعلن عنها مطلع نوفمبر الماضي، برئاسة خالد بحاح.
وملخصا الوضع الراهن، رأى الكاتب والخبير السياسي اليمني محمد العلائي، في حديث مع وكالة الأناضول، أنه “لا يوجد نظام سياسي حاليا في اليمن، وأن العمل السياسي معطل ولا يوجد سوى الفراغ الذي يحاول الحوثيون ملأه في أغلب الشمال، فيما الترقب والفوضى هما الغالبان على الجنوب بين الحراك الداعي إلى الانفصال عن الشمال وتنظيم القاعدة واللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي، وما تبقى من دولة هناك”.
وتابع العلائي قوله إن “الرئيس والحكومة والأحزاب يخضعون للسيطرة الفعلية لجماعة الحوثي على البلاد منذ سبتمبر الماضي، فيما يكاد ينحصر حضور الدولة في مبانيها العامة، وتنحصر وظائفها في دفع الرواتب”.
وعن توقعاته لمستقبل هذا الوضع، قال “قد لا نحتاج إلى الكثير من الوقت حتى ينهار ما تبقى من حضور شكلي للدولة، وعند ذلك تكون الميليشيا الحوثية هي التي تمارس سلطات الدولة بشكل كامل، والآن هي الجاهزة لوراثتها، ففي الشمال على الأقل تسيطر على أغلب المحافظات، فيما لا يبدو موقفها من الجنوب محسوما بعد، وقد يتأثر بالتّطورات السياسية القادمة، إما إلحاقه هو أيضا بسلطتها أو التفاوض على استقلاله”.
ومن جهته رأى الكاتب والخبير السياسي رياض الأحمدي أن “الصيغة الراهنة للنظام السياسي في البلاد تناسب جماعة الحوثي، حيث تبقي على الرئيس والحكومة والأحزاب والعملية السياسية كواجهة لشرعية النظام، فيما هي تمسك بالسلطة الفعلية عبر الميليشيا”، متسائلا “لماذا يحتاج الحوثيون إلى الانتقال من هذه الصيغة التي تستطيع الجماعة عبرها تحقيق كل ما تريده كحاكم فعلي لليمن”.
وفي الأسبوع الماضي اجتمع مندوبون عن الرئيس اليمني والحكومة والأحزاب السياسية مع ممثّلين عن جماعة الحوثي برعاية مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، جمال بن عمر، حيث ناقشوا تنفيذ ما تبقى من اتفاق السلم والشراكة الموقع يوم 21 سبتمبر الماضي.
وبحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية، فإن المندوبين عن الرئيس والحكومة قدموا تقريرا بشأن التزامهم بما يخصهم من الاتفاق، وطالبوا جماعة الحوثي بتنفيذ ما يخصّها منه.
*صحيفةالعرب اللندنية