الرئيسية > محافظات > «الرمح الذهبي» معركة «قطع شريان» المتمردين في اليمن

«الرمح الذهبي» معركة «قطع شريان» المتمردين في اليمن

تكتسب العملية العسكرية التي أعلن عنها الجيش الوطني الموالي للشرعية في اليمن، مطلع كانون الثاني/يناير الجاري، أهمية قصوى في كونها تستهدف تطهير السواحل الغربية من التواجد الحوثي والقوات الموالية للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح.
 وتسعى القوات الحكومية، مسنودة بالتحالف العربي لدعم الشرعية من خلال العملية التي حملت مسمى «الرمح الذهبي» لبتر يد الانقلابيين، وقطع الشريان الرئيسي لإمدادهم بالسلاح الإيراني عن طريق البحر، وكذا بسط السيطرة على مضيق باب المندب، الممر الملاحي الدولي الهام الذي استغله الانقلابيون في تهريب السلاح والمعدات العسكرية.
 استعادة باب المندب والساحل الغربي تعني أن محافظات تعز وإب، التي يسيطر الانقلابيون على أجزاء واسعة منهما، وكذا الحُديدة الاستراتيجية (غرباً) التي يسيطر عليها المتمردون بشكل كامل، باتت تحت مرمى نيران الشرعية، في الطريق إلى تحريرها.
 ويلقي التحالف العربي بثقله لتأمين السواحل اليمنية الغربية لا سيما بعد حادثة استهداف السفينة الإماراتية أوائل تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قبالة ساحل باب المندب، لذا بات من الضروري تأمين السواحل لضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة ضد قوات التحالف العربي التي تساند الشرعية ضد المتمردين منذ أواخر آذار/مارس 2015.
 ويؤكد الجيش اليمني على لسان رئيس هيئة أركانه، اللواء الركن محمد المقدشي، أن ما حققه مؤخراً سيفرض معادلة جديدة على الواقع العسكري في البلاد، وله تأثيرات متعددة وكثيرة، منها قطع الإمدادات عن العدو من الناحية البحرية تمامًا، وهذا يعني سيطرة الجيش اليمني على أهم الممرات الدولية وانتزاعها بشكل كامل من قبضة الانقلابيين، وبذلك أصبح مضيق باب المندب تحت الحماية اليمنية.
 المقدشي أشار في تصريحات صحافية سابقة أن «هذا التغير سينعكس بشكل كبير على الجبهات، خصوصًا مع سيطرة الجيش على سلسلة الجبال في جبهة نهم، البوابة الشرقية للعاصمة صنعاء».
ويرى شادي خصروف، وهو نائب رئيس المجلس الأعلى للمقاومة في محافظة صنعاء الموالية للحكومة، أن أهمية عملية «الرمح الذهبي» هي من الأهمية الاستراتيجية لتحرير باب المندب والساحل الغربي لليمن من منظور جيوسياسي.
 ويضيف لـ«القدس العربي» أن «المنطقة التي تمتد من مدينة ذوباب وحتى المخا وصولا إلى ميناء الحديدة وما وراءها، هي منطقة تتحكم في تأمين (أو تهديد) أهم خط ملاحي استراتيجي وممر دولي تمر عبره ناقلات التجارة والوقود بين الشرق والغرب، هذا على المستوى الدولي والإقليمي، أما على المستوى المحلي، فإن هذه المنطقة تمثل الرئة الأساسية التي تتنفس منها المناطق الجنوبية الغربية وحتى الشمالية الغربية، وامتداداتها الداخلية عبر مدينة تعز وصولا إلى محافظة إب وكذا الحديدة وما يتصل بها من محافظات».
 ويتابع: «يعتبر السلاح من ضمن أخطر مكونات التجارة المشروعة وغير المشروعة التي أدارها المخلوع صالح وعصابته على مدى أكثر من 3 عقود، وسار على نهجه فيها الحوثيون، وبالتالي فإن بقاء الساحل الغربي في أيدي الانقلابيين يمثل بالنسبة لهم مسألة حياة أو موت».

 الصعوبات

وعلى الرغم من الاستعدادات التي حشدتها القوات الحكومية ومن ورائها التحالف العربي بقيادة السعودية، إلا أن المقاومة التي واجهتها من قبل المتمردين كانت عنيفة، إذ يعتبر الأخيرون أنها معركة «كسر عظم» بين القوتين، ويعتقد المتمردون أن فقدانهم للسواحل ومضيق باب المندب يمثل انتكاسة كبيرة في سير المعركة، وربما يعني انهيار قوتهم وسقوط صنعاء، المعقل الرئيسي لهم.
 ويواجه الجيش الوطني والمقاومة الشعبية المواليان للحكومة صعوبات جمة تتمثل في استماتة كبيرة يبديها المتمردون في المعركة، إضافة إلى زراعة المئات من الألغام الأرضية على طول الشريط الساحلي، تعيق تحرك القوات الحكومية وتكبدها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات.
 وفي هذا السياق، يعتقد شادي خصروف، أن الانقلابيين كانوا على درجة كبيرة من الاستيعاب للأهمية الاستراتيجية والحيوية لهذه المنطقة، لذا فقد ذهبوا فور سيطرتهم على العاصمة صنعاء أوخر أيلول/سبتمبر 2014 إلى احتلال الحديدة بالكامل ومن ثم السيطرة على الخط الساحلي الغربي بالكامل (قبل استكمال السيطرة على محافظة صنعاء ذاتها.. حيث تم ابقاء منطقة أرحب مثلا حتى ما بعد احتلال الساحل الغربي والمحافظات المتصلة به).
 ويرجع السبب وراء هذه الاستماتة من قبل المتمردين لرغبتهم في إبقاء السواحل الغربية تحت قبضتهم، كون «هذه المنطقة تمثل الرئة والشريان الحيوي التي تستمد ميليشيات الانقلاب منها قدرتها على البقاء على قيد الحياة، ولأن معظم المنافذ على السواحل الجنوبية خرجت من أيدي الانقلابيين باستثناء مناطق محدودة في محافظتي المهرة وشبوة يتم من خلالها تهريب السلاح الإيراني خلسة بتعاون وتواطؤ متنفذين من أبناء تلك المناطق ضمن تشكيل عصابي تأسس منذ ما بعد حرب 94».
 
ومنذ اجتياحهم للعاصمة اليمنية صنعاء ومدن أخرى، أواخر أيلول/سبتمبر 2014 وضع المتمردون الحوثيون وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، أيديهم على السواحل الغربية، وعلى رأسها مضيق باب المندب ومحافظة الحديدة الاستراتيجية على البحر الأحمر. ووفق تقارير دولية ومحلية، فقد استطاعوا إدخال كميات هائلة من الأسلحة والمعدات، تتهم المصادر الحكومية والتحالف العربي، إيران بتصديرها إلى الحوثيين، كأحد أذرعهم العسكرية في المنطقة.
 وفي الخامس من كانون الثاني/ينايرالجاري، انطلقت عملية «الرمح الذهبي» وهو مسمى للعملية العسكرية الواسعة التي تستهدف انتزاع السواحل الغربية من قبضة المتمردين الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع صالح، وإخضاعها للرقابة الحكومية، وقطع شريان الإمداد العسكري للميليشيات عبرها.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)