الرئيسية > اخبار وتقارير > الفلسطينيون لطهران: مخططاتك لن تمر وشعارات دعم القضية لن تنجح

الفلسطينيون لطهران: مخططاتك لن تمر وشعارات دعم القضية لن تنجح

باتت الشعارات الرنانة التي طالما كان المسؤولون الإيرانيون يطلقونها نحو فلسطين وقضيتها ومقاومتها، في كل مناسبة ومحفل سياسي، لا تنطلي على أصحاب القضية، وأصبحت بالنسبة لهم "فارغة المضمون" وتتماشى فقط مع المصالح الإيرانية وتمدد نفوذها في المنطقة.

عدم اقتناع الفلسطينيين بخطاب طهران، وشعورهم بخطر التمدد الإيراني في المنطقة على حساب قضيتهم والمقاومة، كشفه آخر استطلاع للرأي نشره المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بقطر، في الـ14 من آذار/مارس الماضي، حين أكد أن الفلسطينيين أبدو نظرة سلبية للسياسة الإيرانية في المنطقة، واتفق 70% منهم على أن إيران لها دور سلبي في المنقطة بأكملها.

ويظهر الاستطلاع أن اقتناع الفلسطينيين بالخطاب الإيراني تجاه قضيتهم وصل لأدنى مستوياته، وأنهم ينظرون إليها على أنها "تستغل أزمات المنطقة لتوسيع نفوذها والبحث عن دور وتأثير أوسع لها، وأن هذه الشعارات تتعارض مع سياساتها الإقليمية ضد أشقائهم العرب المسلمين في بلدان العراق وسوريا واليمن".

- الفلسطينيون ينتقدون إيران

الاستطلاع السنوي الذي حمل عنوان "المؤشر العربي" لعام 2016، نُفذ في 12 دولة عربية، واستغرق تنفيذه أكثر من 45 ألف ساعة، وعمل عليه 840 باحثة وباحثاً، وكانت فلسطين ضمن الدول التي تم قياس الرأي العام فيها تجاه عدة قضايا؛ وفي مقدمتها كيف ينظر الفلسطينيون إلى السياسات الخارجية للقوى الإقليمية والدولية ومنها إيران.

وكشفت النتائج عن نظرة سلبية من الفلسطينيين تجاه سياسة إيران الخارجية في المنطقة العربية، واختيار إيران هنا يرجع إلى الدور الذي تقوم به في المنطقة بشكل عام، وفي الساحة الفلسطينية خصوصاً، وحديثها الخارجي الداعم للقضية الفلسطينية، والذي تعبر عنه طهران في خطابها الدبلوماسي الخارجي، الذي لم يؤثر على اتجاهات الرأي العام الفلسطيني.

وجاء تقييم الرأي العام الفلسطيني لسياسات طهران الخارجية سلبياً، إذ إن 70% من الفلسطينيين متوافقون على أنها تجاه المنطقة العربية سلبية، في مقابل 6% قيموها بالإيجابية، و15% أفادوا بأنها إيجابية إلى حد ما، الأمر الذي يعني أن نسبة الذين لديهم رأي واضح وقطعي بإيجابية السياسة الإيرانية في المنطقة هي 6%، ويقابل ذلك أكثر من ثمانية أضعاف، ونسبة 50% عبّروا عن رأي قطعي في سلبية السياسات الإيرانية.

وفيما يتعلق بتقييم السياسة الإيرانية نحو القضية الفلسطينية، فقد عبر 52% من الفلسطينيين عن أن سياسات إيران نحو فلسطين مواقف سلبية (24% سيئة جداً و28% سيئة)، مقابل 36% أفادوا بأن السياسات الإيرانية نحو فلسطين إيجابية جداً أو إيجابية.

كما أن أغلبية الرأي العام الفلسطيني يعتقد بأن إيران تستغل الأزمات في المنطقة من أجل توسيع نفوذها، إذ أيد 72% من الفلسطينيين ذلك الطرح، بل أيد نصف المستطلعة آراؤهم بشدة استثمار إيران أزمات المنطقة في البحث عن دور وتأثير ونفوذ أوسع، في حين عبّر ما نسبتهم 17% منهم عن معارضتهم تلك العبارة، كما أيد 68% من الفلسطينيين عبارة (إيران تغذي النزعات الطائفية والعرقية والانفصالية في البلدان العربية) مقابل 18% عارضوها.

كما عارض نحو ثلثي الفلسطينيين 65% العبارة التي تفيد بأن "إيران تدعم التحول الديمقراطي في البلدان العربية"، في مقابل 4% أيدوا هذه العبارة، و18% عبروا عن موافقتهم عليها بشدة.

وتفيد النتائج التي توصل إليها "المؤشر العربي" بأن الفلسطينيين يجمعون على أن طهران تحاول الاستثمار في أزمات المنطقة، من أجل أداء دور أكثر فاعلية وتأثيراً، كما أنها تستثمر في النزعات الطائفية والعرقية وتغذيها في الوقت نفسه، ومن ثم "هي قوة معيقة لعملية التحول الديمقراطي في الدول العربية التي شهدت ثورات شعبية، تطالب بالحرية والعدالة والكرامة".

يذكر أن "المؤشر العربي" هو أكبر برنامج بحثي مسحي إحصائي في الوطن العربي، يرصد اتجاهات الرأي العام العربي حول قضايا عديدة تقع في نطاق اهتمام المواطن العربي ومشاغله.

- سياسة مفضوحة وشعارات فارغة

مواطنون في غزة والضفة الغربية، عبروا عن رفضهم القاطع لسياسة طهران في استغلال اسم "القضية الفلسطينية" لتلميع وتكبير صورتها أمام العالم وتمدد نفوذها في المنطقة، مؤكدين أن الشعارات الرنانة التي تطلق من طهران منذ سنوات باتت "فارغة المضمون ولا تقنعهم".

مازن العجلة، طالب علوم سياسية بغزة، أكد لـ"الخليج أونلاين"، أن "طهران طالما كانت تتغنى بدعم فلسطين والقضية وقتال "إسرائيل"، لكن لم نرَ حتى هذه اللحظة أي مواجهة مع الاحتلال، كأن لسان حالها يقول أنا أرفع الشعارات وأنتم في فلسطين ادفعوا الثمن".

ويوضح العجلة أن "سياسة إيران بالنسبة للفلسطينيين باتت مفضوحة، وكل تغنيها بمواجهة "إسرائيل" وقتالها مجرد بيع وهم واستهلاك لتمرير مخططات التفرقة الدينية والمذهبية والسياسية".

حالة الغضب الفلسطيني من سياسة طهران الخارجية واستغلالها للقضية الفلسطينية، ليست فقط في قطاع غزة، بل انتقلت إلى مدن الضفة الغربية المحتلة، فخرجت خلال الفترة الأخيرة مسيرات شعبية ضد طهران ورفضاً لتغول أفكارها في الشارع الفلسطيني.

ويقول محمد أبو الرب، من سكان مدينة رام الله بالضفة، لـ"الخليج أونلاين"، إن: "إيران خطر كبير على القضية والمشروع الوطني الفلسطيني، فهي تهدف لزيادة التفرقة الفلسطينية الداخلية، بدعم فصائل على حساب أخرى، وتأجيج الساحة والمعارك مع "إسرائيل" بشكل دائم".

ويضيف: "لم أرَ منذ 30 عاماً رصاصة واحدة تطلق من إيران على "إسرائيل"، ولكني سمعت خلال تلك الفترة ملايين الشعارات التي تدعو لتخليص المنطقة من السرطان الإسرائيلي، ولكن السرطان باقٍ ويتمدد وشعارات طهران كشفت لنا جميعاً".

ويتابع أبو الرب حديثه: "طهران تستغل فلسطين وقضيتها لتنفيذ مخططاتها في المنطقة، وتعتبر أن الحديث عن دعم فلسطين مالياً لبعض الجهات والفصائل سيجعل لها قدماً هنا، ولكن هذا الأمر لن يحدث وإيران كشفت وجهها الحقيقي للجميع".

- رفض النعرات الطائفية

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل، نتيجة استطلاع الرأي الأخير الذي نشره "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" في قطر، بأنه مؤشر جديد على تغيير نظرة الفلسطينيين تجاه إيران ولدورها في فلسطين وكذلك الدول العربية المحيطة، وأنهم "يحكمون على السلوك وليس الشعارات".

ويؤكد عوكل، لمراسل "الخليج أونلاين"، أن "إيران دائماً ما كانت تتغني "إعلامياً" بقتال إسرائيل وإبادتها، والدفاع عن الحقوق الفلسطينية، لكن كل ذلك بالنسبة للفلسطينيين بات حديثاً فقط دون أي ترجمة على أرض الواقع، وهذا الأمر يعلمه كل فلسطيني الآن".

ويضيف المحلل السياسي: "تغيير نظرة 70% من الفلسطينيين تجاه إيران، رقم ليس بقليل بحسب المركز الذي نشر الاستطلاع، ويمكن بناء عليه أن نبين وجهة نظر الفلسطينيين تجاه إيران وسياستها في فلسطين وكذلك الدول العربية والإسلامية".

وأشار إلى أن "الفلسطينيين بطبعهم شعب "حساس" ويرفضون تدخل قوى خارجية بالدول العربية والإسلامية، والسعي إلى تقسيم المقسم فيها، أو نشر النعرات الطائفية والمؤامرات دخل تلك الدول، ونتائج استطلاع الرأي تظهر توجههم الحقيقي السلبي تجاه إيران ونفوذها في المنطقة".

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)