الأرشيف

في اليمن.. لا خيار سوى الانتصار

الأرشيف
الأحد ، ١٤ فبراير ٢٠١٦ الساعة ٠٩:٥٦ صباحاً

د. عبدالله العوضي


العالم العربي بقضه وقضيضه أمام تحدٍّ كبير في اليمن الذي يدفع اليوم ثمن تهاون من ذلك النوع الذي قد يبدأ بحرف وينتهي بحرب، عرفنا بدايتها ونحن من سيكسب نهايتها، ولِذا فسيحقق التحالف العربي في «عاصفة الحزم»، و«استعادة الأمل» النصر المؤزر الكامل، وليس وقف الحرب بصفة جزئية، ثم العودة إليها مجدداً.

وقد مضى على تحقيق التقدم وكسب الأرض تلو الأخرى في اليمن قرابة عشرة أشهر متواصلة، وها هي المكاسب بنسبة التسعينات في المئة تعلن عن نفسها يوماً بعد يوم، والتراجع عن النسبة النهائية للنصر الحقيقي أمر غير وارد، مع الاعتراف بأن أي ساحة للمعارك تحكمها ظروف المعركة جيوسياسياً وطبوغرافياً وجغرافياً وما قد يكتنفها من الكر والفر، ومع ذلك كله فلابد أن تكون ساعة الحسم بيد التحالف العربي الذي ضحى بدماء أبنائه الأبرار شهداء على هذا النصر منذ البدء لأن المعركة لم تدر للانتقام، بل لإعادة الحق والشرعية المسلوبة بالقوّة إلى أهلها بقوّة أكبر منها في الأثر وأعدل منها في توزيع الأمل الفعلي على أهل اليمن قاطبة، بالأعمال والأفعال، وليس بالأقوال والشعارات الفاغرة فاها، والفارغة في معناها ودلالاتها الواقعية كما هي حال جعجعة الحوثيين ومليشيات المخلوع، ومن يقف وراءهما.

 

النصر قريب
ومن هذه المنطلقات الحقة نسير معاً لتحرير اليمن من أيدي «الحوثيين» و«غير الصالحين»، والمرتزقة الخائبين كخيبة كل المتآمرين على يمن الحكمة والإيمان والقول المبين. ومنذ اليوم الأول من هذه «العاصفة» العادلة وإلى اليوم نريد أهدافاً محددة، وندركها تباعاً، وفي الذهن أن استكمالها كلها بات قاب قوسين أو أدنى والنصر قريب، لأن صولة باطل «الحوثيين» ساعة، وصولة الحق والعدل والإنصاف الذي ننشده إلى قيام الساعة.

فلابد إذن من وضع الأمور في نصابها بعد مرور أكثر من تسعة أشهر على ولادة تحالف الحق والحزم والحسم لأنه يريد أن يخرج اليمن سالماً من براثن الزيف الذي غطى يمن الحكمة بعد عقود من الخداع السياسي والفقر الاقتصادي المصطنع.

طرد أقارب «المخلوع»

ونبدأ من الآخر لنشير إلى أن سلطنة عُمان الشقيقة أصدرت أخيراً قراراً طلبت فيه من كل أقارب المخلوع غير الصالح لليمن ولا لغيره من بقاع الأرض، العودة إلى صنعاء بعد انتهاء فترة تأشيرة إقامتهم، وذلك عقب اتخاذها قراراً بإغلاق حدودها مع اليمن، وفق صحيفة «الوطن» السعودية.

وفي هذا القرار مؤشر إيجابي على قناعة السلطنة بمدى خطورة تلك العائلة، التي نكب بها يمن الحكمة، على الأمن في عمان، علماً بأن عمان هي الدولة الوسيطة في الأزمة التي أشعلها «الحوثيون» و«غير الصالحين»، ومع ذلك لم تهتم للترابط والقرابة السياسية بين هؤلاء ودعواهم ضرورة وجود من يقوم بحوار عنهم، ولكن الكيل قد طفح بمسقط، فارتأت إبعادهم لدرء مفسدة من هذا وضعه، وجلب مصلحة الأمن الوطني من خلال خروج هؤلاء من أرضها وإغلاق الحدود معهم للحفاظ على مكانة واحة الأمن والأمان في عمان.

هكذا تغلق عمان أحد أبواب الشر عن نفسها وتؤثر سلامة الوطن من شرور مَنْ لمْ يعرف للجيرة قيمة ولا للمصالح المشتركة وزناً في هذه الأزمة المتأججة على حدودها فلم تَعدِل مسقط بالسلامة شيئاً.

صد العدوان الحوثي

ومن المنطق أن نذكر أيضاً في هذا المقام ما تطرَّق إليه أمين عام مجلس التعاون الخليجي في محاضرته منذ أسابيع بمركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية بشأن الأزمة اليمنية والموقف السليم الذي اتخذته دول المجلس عندما قال: «إن الإقليم تعامل وفق الفصل الثامن للأمم المتحدة بشأن الأزمة، للخروج باليمن إلى مستقبل مشرق بالحوار، لكن هناك من خرج باليمن عن سِكَّته الصحيحة، ما اضطرنا إلى التدخل عسكرياً من أجل الوصول إلى حل سياسي وحماية أشقائنا وجيراننا..».

هل سمعتم بقطار سريع يخرج عن السكة الخاصة بمساره، يُترك لتدمير كل شيء أمامه، أم أنّ العقل والحق يفرض على الجميع إيقافه عند حده والوقوف في وجهه ووضع كل المتاريس لضمان الأمان والحصانة التي تمنع هذا القطار المتهور من أن يأتي على كل ما قد يكون أمامه.

هذا بالضبط هو ما أراد «الحوثيون»، ومن على نهجهم الوصول إليه في اليمن حتى جاء الحق بإجماع التحالف على صد ورد العدوان الغاشم عن الشعب اليمني الذي لم يعرف يوماً تطرفاً ولا إرهاباً، وإن كان كل فرد من الشعب يربط على خصره «جنبية» أو خنجراً، وإن لم يُستخدم في قتل ذبابة، لأن دلالته في الثقافة رمزية متصلة بالوجاهة والمكانة والعادة وليس إلا.

فتنة «الحوثيين»

ويقال أيضاً إنك في اليمن تستطيع شراء دبابة في السوق العام والشعب بأكمله مسلح، بل إن عدد قطع السلاح يفوق عدد السكان بعشرة أضعاف، ومع ذلك لم تقع في تاريخه المعاصر فتنة أعظم من استيلاء «الحوثيين» بمساعدة من «غير الصالحين» ومن الإيرانيين والمرتزقة الأفريقيين، على الشرعية المستحقة، فأصبح لزاماً وواجباً إعادة القطار إلى سكَّتِه ولو كره حفنة ممن يحثون النار من حول الآمنين وينفخون يائسين في كير الفتنة في يمن السعادة والحكمة.. نعم لقد وجد هذا الشعب بعد استنجاده بإخوته وأشقائه في التحالف العربي خير عون لرد رماد الحرب في عيون الحاقدين والمتربصين بالأمة العربية قاطبة الدوائر، وفي النهاية حاق المكر السيئ بأهله الحوثيين ومن معهم من المتآمرين، عليهم جميعاً دائرة السوء إلى يوم الدين.

ثم ماذا تفعل بشرذمة فقدت أعز ما يملكه الكيان البشري وهو الكرامة والروح الإنسانية، وهذا ما دأب «الحوثيون» عليه في عدوانهم على أهل اليمن، حيث فقدت تلك الشرذمة أدنى درجات الإنسانية الحقّة في كل قول أو فعل مشين اقترفوه، وما أكثر ما اقترفته أيديهم الآثمة الملطخة بالدماء.

جرائم الحوثيين

ومن هذا المنطلق بادروا بحصار تعز لقتل أهلها جوعاً وعطشاً ومرضاً، فقد صودرت أخيراً 286 شاحنة محمَّلة بالمواد الغذائية من المفترض أن تدخل «تعز» لتخفف وتعيد إلى السكان بقية من حقوق الإنسان في الحياة الكريمة التي أرادت تلك الحفنة الحوثية المجرمة الآثمة سلبها منهم، فهلا ينظر بعض العالم الذي لا زال يعلق على هذه الجماعة الإرهابية أملاً في الحوار، ليحمّلها المسؤولية المباشرة عما يحدث في «تعز» من قتل متعمد للإنسان اليمني، لا لشيء إلا لأنه لا يريد أن يحكمه «حوثي» خرج من قاع جهنّم الدنيا ليلقي باليمن كله فيها بلا جريرة ولا ذنب يذكر، إلا تعطشاً للدماء ورفعاً لشماعة الكراهية والمذهبية المبتذلة في وجه أهل اليمن المشتركين في الوطن الواحد والمصير المشترك.

ألا يستحق يمن الشرعية الحقّة المستباحة الآن من قبل هذه الفئة الحوثية الباغية المارقة بكل مقاييس السياسة والشرعية الدولية، هبّة عالمية إلى جانب التحالف العربي الذي يبذل كل ما في وسعه لإنهاء العدوان الحوثي وإعادة الحق لأهله، وكأن العالم الآخر لا يعنيه ذلك لأنه مشغول بزعمه بما هو أهم من اليمن، علماً بأن شرور «الحوثيين» ليست عنه ببعيدة.. فهل يفيق العالم المتحضر ويستفيق لذلك، وينتبه لما يمكن أن تؤول إليه الأمور لو عاد اليمن شهوراً إلى الوراء، ومن خلف أزمته إيران وهي تعيش لحظات النشوة النووية التي تخدر بها عقول أتباعها وعملائها في اليمن لتدميره والقضاء على العروبة الناصعة بنفس فارسي عقيم، وليس برحيم على أحدٍ من المعارضين لهذا التدخل السافر في شؤون الآخرين بـ«الحرس الثوري» وكل ما بيده من أسلحة الفتك والبطش المهين.

تدخلات إيران

والراهن أن البعض في الغرب يقف بحذر شديد، بعد رفع العقوبات الدولية عن إيران بسبب ما قيل عن التزامها بالاتفاق النووي وعودة مليارات الدولارات إلى جيب الملالي وليس الاقتصاد الإيراني مثل سابقاتها من الأموال المليارية التي دفعت لـتنظيم «حزب الله» ونظام الأسد و«الحوثيين» من أجل النفخ في كير القلاقل والفتن في بقع تلطخت بالطائفية المذهبية التي لم نسمع بها قبل قيام «الثورة الإيرانية»، وهي البعيدة كل البعد عن أي صفة إسلامية تلصق بها كذباً ودجلاً.

وهذا ما أشار إليه سفيرنا في روسيا في مقابلة مع الـ«CNN» عندما قال إن الإمارات تنظر باهتمام لسلوك إيران بعد البدء بتنفيذ الاتفاق النووي، وحصول طهران على موارد مالية كبيرة، مشيراً إلى أن الإمارات تتطلع إلى انخراط إيجابي لإيران في المنطقة، مضيفاً أن ارتفاع المبادلات التجارية مع إيران أمر ثانوي بالمقارنة مع الاهتمام بتوجهات طهران في سوريا، والعراق، ولبنان، واليمن.

وهذه المقاربة السياسية حصيفة وضرورية لتوقف إيران التدخل في شؤون الدول العربية التي تكوى بـ«نيران فارس» القديمة والمستجدة بمسميات وشعارات عفى عليها الزمن، وتمضمض منه منذ قرون، وجاءت اليوم لإذابتها في أجندتها القومية التي لم تكتف بحدودها المحلية، بل عبرت إلى مناطق عديدة في الفضاء الإقليمي صنعت فيها نفوذاً لا يترك للأوطان المستقرة الأخرى مجالاً للأمن والأمان في ربوعها حتى وإن لم تتأثر بطوفان طائفية إيران الكاسحة الجارفة لكل سبل الاطمئنان والسكينة المحلية بما يعرض معادلة السلم العالمي لاهتزاز أشد مما قد تصنع البراكين والزلازل الطبيعية في أي مكان.

وهذا ما أكد عليه وزير الخارجية السعودي في مقال نشره في «نيويورك تايمز» منذ أسابيع عندما ذكر أن إيران اختارت السياسات الطائفية والتوسعية الخطيرة، بالإضافة إلى دعم الإرهاب وتوجيه اتهامات لا أساس لها من الصحة ضد السعودية، وأكد أيضاً على أن المملكة وحلفاءها الخليجيين ملتزمون بمقاومة التوسع الإيراني والرد الحازم على أي عدوان تقوم به طهران.

وفي ورقة مفصلة أعدتها الخارجية السعودية، أشارت إلى اعتبار النظام الإيراني الدولة الأولى الراعية والداعمة للإرهاب في العالم، حيث أسست العديد من المنظمات الإرهابية الشيعية، وكذلك دعمت إيران وتواطأت مع منظمات إرهابية أخرى مثل «القاعدة» وآوت عدداً من قياداتها.

أحصنة طروادة

ولم تُظهر أي من هذه الحركات والمنظمات التي انخرطت تحت نفوذ إيران، بقوة الدولار وببيع الفكر الطائفي، استقلالها الفكري عن هذا النهج الناسف لكل فكر يخالف توجهات طهران وطموحاتها في المناطق والدول التي تنصب لها تلك الجماعات المتطرفة فخاخ استهدافها، حيث لعب النظام الإيراني بهذا «الكرت» وجعل كل هذه الحركات الهدامة حصان طروادة لمشاريعه التوسعية بسلاح الطائفية بهدف تقسيم الأمم وتمزيق الأوطان على أساس أفحش وأوحش من تقسيم الاستعمار الأول، ولم تتوقف إيران خلال أكثر من ثلاثة عقود عن أداء هذا الدور التمزيقي لنسيج الأمة العربية والإسلامية التي هي بحاجة ماسة أصلاً إلى الالتئام والوئام والانسجام.

والتحالف العربي، بطبيعة الحال، قادر على إعادة «الحوثيين»، ومن والأهم إلى حجمهم الطبيعي، فقد أصيبت تلك الشرذمة بانتفاخة بالونية فجأة فتوهموا أنهم يمثلون قوّة ضاربة في اليمن، وقد أقر بهذه الحقيقة الرئيس الجيبوتي عندما أشار إلى أن الحوثيين أخطأوا في تقديرهم لحجمهم الحقيقي في المجتمع اليمني.

والراجح أنهم لا يمثلون أكثر من 5 في المئة من حجم السكان في اليمن، إلا أنهم قاموا بالترويج لأنفسهم على أساس أن نسبتهم لا تقل عن 20% من إجمالي السكان في البلاد، ولو ثبتت جدلاً حتى صحة هذا التقدير الموهوم المزعوم، فلا يجوز لهم شرعاً ولا سياسة خطف أكثر من 80% من أهل اليمن أسرى لأفكارهم، وجعلهم وقوداً لطائفيتهم الضيقة التي أدخلت اليمن الآمن بالشرعية الديمقراطية المُقَرّة من قبل الجميع، في أتون حرب طاحنة، وهي حرب يعرف الجميع، لحسن الحظ، أن نتائجها لا يمكن أن تحسم إلا للسلطة الشرعية المنتخبة ولا غير.

الحوثيون ضد السلام

إن نداء السلام العالمي أوضح من أن يكرر كل ساعة وكل حين، إلا أن «الحوثيين» الذين تجاهلوا كل ما يمت إلى السلام بصلة لم يراعوا عالَماً كبيراً، ولا عالِماً حكيماً، ولا يجف حبر دعوة بعد، حتى نسمع عن دعوة أخرى من البيت الأبيض، أو طرف دولي آخر مؤثر، لكل الأطراف اليمنية المنخرطة في الصراع إلى استئناف محادثات السلام.

والحقيقة غير ذلك، فليس كل الأطراف ضد السلام وينبغي التركيز على الحوثيين تحديداً باعتبارهم الطرف الذي يرفض السلام ويصدم اليمنيين والعالم كله بما تقترف يداه المجرمة من أعمال القتل بدم بارد وتدمير لكل مبنى قائم، وليس الأخير طبعاً مبنى الأمن في عدن، وكل هذا يكفي للدلالة على أن هذه الشرذمة الحوثية الآثمة تكره أن ترى السلام وأن يعم الأمن والأمان في اليمن، وقد ذهب المؤتمر الأخير ضحية للسباب والتلاسن الذي لم يسلم منه حتى مبعوث السلام ذاته.

وفي مؤتمره الأخير بأبوظبي أكد رئيس الوزراء اليمني على أن الحكومة الشرعية تؤيد على طول الخط أي مشاورات جادة تقضي لسلام حقيقي ودائم، وهذا هو موقف الطرف الأهم في المعادلة اليمنية.

أذن من طين!

وفي المقابل لا نرى لدى «الحوثيين» المأزومين المهزومين أي خطوة جادة أو صادقة نحو السلام الدائم والحقيقي. فالأمر لدى الحكومة محلول منذ البداية وبشهور طويلة قبل الدخول في هذه الحرب المفروضة على التحالف، ولكن الحوثيين ومن شابههم وشايعهم من المتآمرين كانوا مصرّين، منذ البداية أيضاً، على التعامل بأُذن من طين وأخرى من عجين مع كافة جهود السلام، وها هم اليوم يغرقون في وحل أفعالهم الدنيئة المتآمرة على اليمن وشعبه الأبي.

وليس هناك سلام من نوع خاص يرضي غرور التطرف «الحوثي» وفق أساليب التعامل السياسي المعروف لدى المجتمع الدولي. ومنذ أيام قلائل غرَّد د. أنور قرقاش على «تويتر»، قائلاً إن: «موعد جولة المفاوضات اليمنية القادمة بإشراف الأمم المتحدة يعيقه المتمردون، متى سيتعامل صالح والحوثيون مع آليات الحل السياسي بمسؤولية»؟

وهذا هو السؤال حقاً وصدقاً.. ومن أين للغلاة الحوثيين روح المسؤولية؟ ولا حاجة إلى دليل على أن رائحة المسؤولية بعيدة منهم، إذ يمكن متابعة ذلك على مدار الساعة، فأخبار عديمي المسؤولية هؤلاء لا تغيب عن القنوات الإعلامية، فهذه الجماعة كانت، وما زالت، غارقة في الخيانة والخديعة والغدر وهذا السبب الذي جعلها تتكبد اليوم المواجهة الحربية الميدانية مع قوات التحالف، ومن ورائه العالم أجمع.

دروع بشرية

وأين حِسْ المسؤولية من عملية اختطاف طاقم قناة تلفزيونية في اليمن بعد أن انقطعت الشبكة عن الاتصال بمراسلها في محافظة تعز التي تشكو مر الحصار «الحوثي»، ومن ورائها «غير الصالحين». وهل سمعتم عن خمسة أشهر من المحادثات بين «الحوثيين» ومنظمة «أطباء بلا حدود» للسماح بمرور المساعدات الطبية لمستشفيين في تعز؟ وهل هذا الحصار اللاإنساني عامل مساعد على السلام المرتقب في اليمن؟

وقد أكد د. قرقاش في «تويتر» أيضاً أن أكثر من 2000 سجين رأي يعتقلهم «الحوثيون» و«صالح» لاستغلالهم كدروع بشرية، ويسجنونهم في مخازن للأسلحة، وهذا أحد الوجوه القبيحة الأخرى للتمرد الحوثي الآثم.

وها هم يستخدمون أيضاً سلاح الغيلة، ويغتالون مدير الأحوال المدنية العقيد توفيق الصيادي في مدينة دمت بمحافظة الضالع، وها هي ميليشياتهم القذرة في ممارساتها الدنيئة تقوم بتهريب الأموال تحسباً لمعركة صنعاء، وهي التي تمارس العبث بالنظام المالي والمصرفي في اليمن، وتحول دون إعمار المناطق المحررة.

وقد أجبرت هذه الأوضاع المأساوية التي صنعتها المليشيات «الحوثية وغير الصالحة» واشنطن ولو بصفة متأخرة على إبداء قلقها من استهداف المدنيين في اليمن، وضرورة وجود مسعى أممي لدخول تعز المحاصرة منذ أمد بعيد.

بريق «الربيع» المنحوس

لقد اعتقد هؤلاء المسكونون بالإرهاب والتطرف والإرعاب، والمفتونون ببريق «الربيع» الخادع المنحوس، أن العملية كلها عبارة عن نقل للتجارب الفاشلة في الدول المبتلاة بـ«الربيع» الخِرف، إلى أرض اليمن السعيد أصلاً بالحكمة والإيمان.

ولم يدركوا حتى الساعة أنهم منبوذون من أهل اليمن في الداخل قبل بقية المجتمع الدولي كله الذي أيد التدخل العربي. وكل رصيدهم مُلقى في سلة المهملات الإيرانية، وقد رضوا بأن يكونوا مخلب قط ولاعبين أساسيين في هدم البنية الأساسية لأمن واستقرار بلاد يزعمون الانتماء إليها، وهي منهم ومن أفعالهم براء.

لقد رضو أن يصبحوا مع «الخوالف» لصالح توجهات إيران وتسهيل فرض النفوذ والهيمنة وممارسة التدخل الفاضح في الشؤون الإقليمية، وهي من أفسدت مسار الديمقراطية التي اتفقت عليها جميع الفصائل والقبائل اليمنية قبل اندلاع الحرب لإحقاق الحق ورد العدالة المستلبة.

التحالف يصنع الفارق

ولا زال العالم كله من حولنا واثقا بأن التحالف العربي سيحدث فارقاً سياسياً وعسكرياً حاسماً من خلال «عاصفة الحزم» و«استعادة الأمل» في اليمن، وهو القادر بإذن الواحد الأحد على إخراج اليمن من براثن «الحوثيين» وكل من والاهم كإيران التي هي اليوم في ورطة كبرى ليس في اليمن فحسب، بل في سوريا والعراق بالذات، لأنهما كانتا قاعدة الانطلاقة إلى اليمن، وظنت أنه لقمة سائغة ولم تتوقع أن يهب العرب لتحويل اليمن إلى سنارة رباعية عالقة في «زور» الإيرانيين، فإخراجها مؤلم، وبقاؤها عالقة أشد إيلاماً. ولعلّ الدرس اليمني يعيد حسابات أصحاب «الربيع» المشؤوم، وفي كل الأحوال فالمواجهة محسومة وستضع الأمور في نصابها الصحيح بعودة الشرعية إلى أهلها وبجدارة.

رائحة موسكو

وبين سطور النشر في الإعلام نشم رائحة لـ«موسكو» في اليمن بعد أن دسّت أنفها في العمق السوري، الورطة الكبرى لها بعد ورطتها السابقة في أفغانستان، حسب مراكز الأبحاث المرموقة في أميركا. وموسكو تريد أن تدخل على خط التحالف العربي الذي يحرز الآن في الميدان انتصارات ملموسة وملحوظة على مرأى ومسمع من كل العالم وليس المراقبين الإقليميين فحسب.

وموسكو تسعى جاهدة إلى البقاء على سطح القضايا الدولية الساخنة، وهي التي سخّنت أوكرانيا بغير حساب، ولذا فهي قد تريد تدويل الأزمة اليمنية بعد أن اصطف العرب بلا تردد، إذ تأتي حين اقتراب النصر من الأرض لعرض مقترح للحل السياسي يتضمن حكومة وطنية وإرسال قوات دولية.

وهي تعني دس أنفها في ذلك الوضع المتأزم، وكأنها لا تعلم أن طاولة مفاوضات السلام لا زالت قائمة على أربع من أجل التوصل إلى حل سلمي، إلا أن المتمردين من الحوثيين و«غير الصالحين» والمرتزقة والإيرانيين يريدون كل اليمن على المقاس الحوثي، وبدعاوى ما أنزل الله بها من سلطان.. فمن هم حتى يعطوا ضوءاً أخضراً لحبس اليمنيين في قفص «الحوثيين»؟!

استعادة الأمن والأمل

وفي المقابل فقوات التحالف العربي تقلع بذور الفتنة الطائفية بيد، وتزرع دعائم الأمن والاستقرار باليد الأخرى، فقد أكد مصدر مسؤول بمكتب عدن أن بلاده والإمارات تفاهمتا حول إعداد خطة أمنية شاملة في المحافظة، بعد أن عادت الحكومة الشرعية لممارسة دورها الحقيقي لإعمار اليمن. ومن ذلك، ما أدلى به أيضاً وزير السياحة اليمني عندما قال إن هناك مشروعاً ضخماً لتحويل جزيرة سقطرى إلى أكبر واجهة سياحية في الفترة المقبلة بعد ترقيتها سياسياً إلى محافظة متكاملة من جميع النواحي، وهذا ما يغيظ «الحوثيين» وأتباعهم الذين لا يريدون ولا يجيدون سوى نشر الدمار من أجل الدمار لأن أهدافهم عدمية وشعاراتهم هلامية ومطالبهم وأهدافهم دموية.

وهو ما أكد عليه الرئيس اليمني ذاته مؤخراً عندما أشار مجدداً إلى أن دعم قوات التحالف العربي الذي لبى نداء الحكومة اليمنية على وجه السرعة، كان له دور كبير في تحقيق الانتصارات على المليشيات الانقلابية التي أرادت تحقيق الأجندة الإيرانية في قلب بلاد العروبة.

إجماع مع الشرعية

ولابد لنا من التأكيد، مرة أخرى ومرات، على حقيقة أن دخول التحالف العربي لإنقاذ اليمن مما يراد له في الباطن من قبل فئة باعته لإيران جهاراً نهاراً، حتى أصبح اليمن مكمناً لتهديد أمن المنطقة برمتها، وصار التدخل واجباً وفرض عين سياسياً وقدَراً واقعياً لا يمكن تجاهله.

ومن هنا نجد أن محاربة «الحوثيين» وكل أعوانهم من الانقلابيين والمتمردين اللاهثين حول المائدة الإيرانية، غدت دفاعاً مستحقاً عن دولة عربية ومن وراء ذلك عن بقية الدول العربية، للوقوف ضد أطماع مصدري الثورة الإيرانية المحليين والخارجيين، وهو مبرر أقوى من أي مبرر آخر، واقعياً ومنطقياً في ذات الوقت.

ولذا جاءت تصريحات وزير الخارجية اليمني للتأكيد على أن الإجماع الإقليمي الخليجي كان دائماً مع الشرعية في اليمن، وبعد الانقلاب أصبح أكثر قوّة، وأن الحوثيين، وصالح وإيران أرادوا أن يظل اليمن غير مستقر.

صَدُّ الثالوث الخطير

وهذا الثالوث الخطير هو الذي يجب اقتلاعه من الأراضي اليمنية قبل استفحال شره وتطاير شرره نحو الأقرب إلى الحدود اليمنية ونعني بذلك الشقيقة الكبرى في الخليج. وأضاف في قوله أن وَهْم السيطرة على اليمن انكسر بفضل التحالف والمقاومة الشعبية والدعم الخليجي والعربي.

لا زال الطرف الآخر هو المشكل الحقيقي في هذه المعركة الطاحنة لأنه لا يريد الاتفاق على وقف إطلاق النار في اليمن، وقد جرب هذا الطرف أكثر من مرة طوال قرابة العشرة أشهر الماضية عندما أوقف التحالف العربي إطلاق النار من جانبه كانت النتيجة عكسية، بحيث بالغ «الحوثيون» ومن والاهم في التدمير والتقتيل إلى درجة أنهم انتهزوا هذه الفرصة التي كان يفترض أن تستغل من أجل السلام الدائم وفق أطر الدولة الشرعية، إلا أنهم ارتكبوا أبشع الأعمال العدوانية وحشية في زرع الألغام في كل بيت دخلوه، وفي كل طريق عبروه، مع استمرار الحصار لتعز من قبل هذه المليشيات المجرمة الآثمة، التي تثبت كل يوم أنها قد غدت هي أشرَّ الناس على الشعب اليمني.

أفشلوا جنيف 2

وإذا ما نظرنا إلى نتائج «جنيف اليمن 2» فقد عرقل الحوثيون جهود السلام، وهذا واضح ويظهر من خلال تصريحات المبعوث الأممي، وهو مسؤول يقيِّم أداء المشاورات اليمنية بين الأطراف التي جاءت مادّةً يد السلام بكل أريحية ووئام وحسن نوايا بعد أن تم وقف إطلاق النار من جانب قوات التحالف التي لا تحارب من أجل تحقيق العدالة في اليمن الذي يراد انهياره من قبل فئة باغية تحارب من أجل العدم وترى «الحق» في مشروعها الصفوي وكأنّ اليمن يُحكم من قبل إيران منذ القدم! وبسبب تدخلاتها الآن جاء انخراط التحالف وبركان «عاصفة الحزم» ضد هذا البهتان الشديد.

ويقرر المبعوث الأممي إلى اليمن بأن الجولة الماضية من المشاورات اليمنية «جنيف 2» لفها التسرع، ونتجت عنها بعض الأخطاء، مؤكداً على أنه يريد أن يتفادى هذه الأخطاء في الجولة المقبلة التي لم يتحدد موعدها بعد. وأشار كذلك إلى أنه قد تسلم وعوداً من قبل «الحوثيين» بإطلاق سراح وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي، وشقيق الرئيس اليمني ناصر هادي، والعميد فيصل رجب.

ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن تبخرت تلك الوعود، بل وأضيفت إلى قائمة القتلى والجرحى والمحاصرين في تعز أعداد متوالية وفق الحسابات الرياضية، البعيدة عن المعادلات السياسية التي قد تحكم الخلافات البينية بين مكونات المجتمع الواحد.

وإلى اليوم لم يوفق ولم يستطع المبعوث الأممي الذي تعرّض هو ذاته للإهانة من قبل «الحوثيين» في «جنيف 2» إقناع هذه الشرذمة المجرمة بالجلوس مرة ثالثة، عسى أن تجنح وتذعن لأركان السلام.

فالأمن والأمان والاستقرار في اليمن الذي يطالب به اليمنيون صعب على المتمردين الحوثيين الجنوح إليه، وهذا غريب على من يدعي أنه جزء من الشعب اليمني، والواقع أنه قد انفصل عنه يوم ارتمى في أحضان إيران وجعلها فرعوناً عليه لا عوناً.

انتصارات التحالف

وها قد مرّ اليوم أكثر من 300 يوم على تحقيق التحالف للانتصارات تلو الأخرى، وقد بدأت القوات الشرعية وبدعم راسخ من قوات التحالف العربي تقترب من مشارف صنعاء التي تعد المعركة القريبة الفاصلة.

ويأتي هذا التقدم لاستكمال النصر المبين في اليمن متزامناً مع توجه المبعوث الأممي من جديد إلى الرياض طلباً لهدنة جديدة يستطيع من خلالها انتهاز فرصة أخرى للبحث عن السلام المنشود مع قوم لا يفقهون قولاً ولا يجيدون للمعروف صنعاً!

ومع بوارق النصر المحتوم، فإن أمام أصحاب التمرد المزمن فرصة تاريخية للإذعان للحق من أجل توحيد الصف اليمني واستعادة وحدة الوطن القادر على احتواء كل مكوناته المختلفة، اختلاف تنوع وإن أصر البعض على جعله اختلاف تضاد وتصادم وصراع دائم بعيد عن استتباب الأمن المطلوب وعودة الروح في الجسد المكلوم.

لقد بدأت الأنباء تتوارد عن انهزام الصف الداخلي للمتمردين بكل عناصرهم وآخرها، ولن تكون الأخيرة بالطبع، هو عملية استسلام قوات «غير صالح» قرب صنعاء، وهذه دلالة قوية ومؤشر واضح على تدهور أوضاع «غير الصالحين» والحوثيين»، وكل من خلفهم من المدمرين والمتآمرين على اليمن واليمنيين كافة.

ويؤكد هذا التدهور الداخلي للمتآمرين «الحلفاء الجدد» أعداء الأمس وأصدقاء تدمير اليمن اليوم، ما قامت به مليشيات الحوثي أيضاً من عملية تصفية لعبدالله محمد الضمين أحد قادتها في الجوف شمال اليمن.

وها قد بدأت شرذمة «الحوثيين» المسلحة بالدمار والعار والشنار تأكل أبناءها وتجني جراح بذور الشوك والغدر التي زرعتها في اليمن، فيما بدأ التحالف العربي يجني ثمار عمله البطولي في اليمن في زمن يصعب فيه تحقيق البطولات الحقيقية إلا بشق الأنفس، إلا أنها في اليمن السعيد وقعت رغماً عن رغبات الطامعين والحاقدين والحاسدين والمتعاونين معهم من الإيرانيين والمرتزقة الأفريقيين الشاردين وشذاذ الآفاق المكتوين الآن في جحيم الهزيمة، في معركة لا يمكن أن يكتب الانتصار فيها إلا للقوى الداعمة للشرعية والحق والعدل.

 

*الاتحاد الاماراتية

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)