الأرشيف

معركة تعز.. ومعركة اليمن!

الأرشيف
الاربعاء ، ٢٣ مارس ٢٠١٦ الساعة ٠٥:٤١ مساءً

عبده سيف القصلي


المعركة في تعز هي معركة اليمن الكبرى، رغم أن تعز عرفت بالسلمية والمدنية والفن والثقافة والموضة، لكنها أجبرت على حمل السلاح لتواجه الفئة الباغية، التي انقلبت على الدولة ونهبت الأسلحة والمال العام وممتلكات الخصوم السياسيين.

هناك سؤال أطرحه دائماً عندما أخوض مع بعض الأصدقاء في السياسة، وهو، ماذا لو كانت اليمن كلها مثل تعز، لا شك إن الإجابة معروفة، تعز هي اليمن، واليمن يجب أن تكون مثل تعز، فقط لنثبت للعالم أننا أهل حضارة وتاريخ وثقافة ومدنية وتعليم وعمل، ولنثبت للعالم أننا مهد العروبة، وأننا أصل العرب، وأن اللغة العربية أول ما ظهرت في اليمن، وأننا أول من بنى ناطحات سحاب في العالم، وأن أول ديمقراطية عملية في العالم ظهرت في اليمن، كما ورد ذلك في القرآن الكريم عندما خاطبت ملكة بلقيس مساعديها قائلة: (ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون)، والأهم من ذلك، أن اليمنيين، بالإضافة إلى البابليين في العراق، والفينيقيين في بلاد الشام، أول من علم العالم القراءة والكتابة، وأن الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية.

كان التراكم الحضاري في اليمن يسابق الزمن، ويسير جنباً إلى جنب مع التراكم الحضاري في العراق ومصر وبلاد الشام، حتى جاءت الزيدية السياسية، بتخلفها وهمجيتها، وسيطرت على الحكم في اليمن، فتوقفت حركة التاريخ، بل ودارت العجلات إلى الخلف، وأحرق الزيديون الكتب والمؤلفات الضخمة التي ألفها أعلام اليمن الكبار، ونشروا الخرافات والخزعبلات، وشوهوا كل شيء جميل في هذا الوطن، لدرجة أن منطقة صعدة، التي كانت تصدر أجود أنواع التفاح لليمنيين ولغيرهم، أصبحت تصدر عدد كبير من المقاتلين الذين يعيثون في الأرض فساداً، جنباً إلى جنب مع ميليشيات عفاش، أكبر مجرم وظالم لليمنيين، وظلم حتى أبناء قبيلته وبعض أفراد أسرته.

لقد أصبح من المؤكد أن المؤامرة على تعز واضحة، وأنها خذلت من قبل الجميع، إلا أبناءها، والسبب، أن الغالبية العظمى من أفراد المقاومة الشعبية الباسلة هم إصلاحيون وسلفيون. كما أن تعز هي من فجر ثورة فبراير 2011 في اليمن، وأبناء تعز هم أهل علم وعمل، وينتشرون في مختلف المحافظات اليمنية كمعلمين وأطباء ومهندسين وتجار وبنائين ونجارين وعمال بناء، وغالبية المثقفين والإعلاميين والأدباء والشعراء والفنانيين اليمنيين من تعز.

تعز هي وجه اليمن الجميل، وعلي عفاش وعبدالملك الحوثي يشوهان هذا الوجه، ليوهموا العالم أن تعز هي داعش والقاعدة والإرهاب، لكن الحقيقة هي عكس ذلك، تعز هي الوجه الجميل لليمن، وعفاش والحوثي هما الوجه القبيح لليمن، والسبب، أن جديهما غير يمنيين، ولا يمتان بصلة لليمن، عفاش أصله فارسي، وأجداده هم أولئك السجناء المجرمون الذين أرسلهم ملك الفرس لليمن ليحرروها من الأحباش عندما طلب منه المساعدة سيف بن ذي يزن، والحوثي جده أبا لهب، الهاشمي القرشي، والدليل أن الحوثي يفتخر بأن أجداده هاشميون وقرشيون، أما عندما يدعي أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو جده، فنقول له: أنت كذاب أشر، فأبناء النبي صلى الله عليه وسلم ماتوا قبل أن يكبروا ويتزوجوا، لتنقطع بذلك شجرة النبوة، والله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز: (ما كان محمدٍ أبا أحدٍ من رجالكم، ولكن رسول الله وخاتم النبيين).

معركة تعز اليوم هي معركة اليمن الكبرى، سقطت اليمن بأيدي الميليشيات الانقلابية عندما سقطت تعز، وستنهزم الميليشيات في كل اليمن عندما تنهزم في تعز.

الميليشيات دمرت تعز بكاملها، تقصف المنازل والمنشآت والأسواق بشكل عشوائي، وحولت تعز بكاملها إلى هدف عسكري. أما صنعاء، فالميليشيات ستسلمها للجيش الوطني والمقاومة بمجرد الاقتراب من أطراف المدينة، فهم لا يريدون لصنعاء أن تُدَمر كما دمروا تعز، حفاظاً على منازلهم ومنشآتهم داخلها، وحفاظاً على أهاليهم الساكنين فيها، حتى وإن كانت نسبتهم أقل بالنسبة إلى جميع سكان مدينة صنعاء، الذين ينحدرون من محافظات مختلفة، أبرزها تعز وإب.

اليوم يخوض التعزيون معركة مصير مع الميليشيات، يخوضون معركة عن اليمنيين كلهم، فالتعزيون يواجهون الميليشيات في مختلف الجبهات وليس في جبهة تعز وحدها، وفي نفس الوقت، لا أحد من المحافظات الأخرى يقاتل الميليشيات في تعز، وهذا يعني أن التعزيون ليسوا مناطقيين أو عنصريين، ويتعاملون مع مختلف الجبهات وكأنها جبهة واحدة، وهي جبهة اليمن الكبرى، وحرب اليمن ضد العدوان الداخلي، والاحتلال الداخلي، العميل للفرس، والهمجي المتخلف، الموغل في العنصرية والطائفية والقبلية، والقادم من كهوف الظلالات والخرافات والبدع!

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)