الأرشيف

عاصفة حبنا

الأرشيف
الجمعة ، ٢٥ مارس ٢٠١٦ الساعة ١٠:١٦ مساءً

فيصل علي


قبل عام في مثل هذه الليلة كانت سحائب سوداء تخيم على ذهني،  البلد ضاع وعيال "أيران" يقصفون القصر الجمهوري بالمعاشيق، بطائرات سخواي، يؤدي عبد الكريم الصعر أحد مرتزقة عمران الذين كانوا مع كل الجهات واستقر به الحال مع الهضبة العنصرية، لا عسكرة نفعت الهضبة ولا قانون ولا وجود العاصمة عندهم ولا وجودهم فيها، كل شيء تحول إلى "حقنا والدولة لنا"، فكان القصف سيد الموقف.


كل آمال الثورة الشعبية قد تبخرت، وعاد قرود القرون الغابرة للسلطة بوجه أكثر قتامة، عبر انقلابهم المشئوم في 21 سبتمبر 2014، كانت اليمن قد خرجت من ربع التحديث الذي وصلت إليه من العام 1962، وعادت قريش للحكم، وعادت خرافة البيت وآله، لم يتبق لنا كشعب مكانا في البلد الذي ارتبطت به جينات أجدادنا وذرات عرق الفلاحين والرعيان والصنائعين والجند والمكاربة والاقيال منذ عشرة ألف سنة، الأرواح الطيبة كادت أن تطرد من سماوات هذه البلاد للأبد.


أيها الحزن أغرب عن وجهي، أو دعني أنا لأغرب عن وجهك، تعال يانوم، اذهبي يا نجوم السماء بعيدا، توقفي أيتها الرياح عن إيذاء اجفاني، لقد قررت أن أنام فوق السحب بعيون مفتوحة ونفس مقطوع لأنظر أخر مرة لهذه البلاد  دون أن أحرك ساكنا، وهذه لغة العجز والإحباط.


كطفل ذهبت في نوم ثقيل كالجبال، لم أنتبه لعشرات الرسائل والاتصالات من هنا في سلنجور  والولايات الأخرى، ومن اليمن، ومن دول أخرى، كيف يصحو من سيطرت عليه الكآبة،  "نفيت واستوطن الأغراب في بلدي ومزقوا كل أشيائي الحبيباتِ"   فلماذا أصحو؟
انزاحت بعض التلال والكثبان عن قلبي واستيقظت صباحا، أوف إنها الحياة مرة أخرى لماذا عادت؟ أخذت النوت ونظرت إلى الوقت الطويل الذي استغرقته في النوم، ما كل هذه الإتصالات اللعينة، هل صلبوا المسيح ثانية أم شبه لهم؟.


الرسائل كثيرة لن أقرأ فقد تعودت على رسائل تدعو للشفقة مثل كيف تشوف الوضع يا أستاذ؟ تقول ربي شفرجها يا دكتور؟ مله قل لي اشتسبر؟ لن أقرأ الآن" يشأ لكم نبي أنتم وبلادكم يعجنكم أنتم وهي من جديد".


عدت لقائمة المتصلين، فتاح السامعي متصل من "باتو بهات" عشر مرات، السامعي أهم من كل القائمة ، اتصلت ايش في؟  رد وين أنت ما دريتش؟ لا ما دريتوش مو قابه؟  معسكرات صنعاء تحترق، خرجت طائرات عفاش عن الخدمة، النيران ترتفع للسماء كما قلت لنا يوما ما!  وقتك أنت والمزح ايش تقول؟  شوف الأخبار الملك سلمان قاد تحالفا ضد الانقلاب!!.


تفرقي يا هموم، طيري ياسحب، انقشعي يا غمة، تزحزحي يا جبال.. وأخيرا بدأت عاصفة حبنا، اللهم صيبا نافعا لايبقي ولا يذر من ذرية الشيطان أحد.


عادت الروح تحلق من جديد الدماء تسري في الجسد، تأخري يا صلاة الفجر معانا حرب، وبدأت المنشورات تتماوج مع العاصفة وتسابقها في القصف والتفجير، كنت أرى عفاش والحوثي يختبئان في المجاري وأقول للناس شدوا السيفونات بقوة.


موسيقى اف 16  ولا أروع منها ذوقوا يا عيال الكلب، لقد صليت لأجل هذه اللحظة كثيرا، بعد سقوط عمران دعوت الله أن تسقط صنعاء وبعد صنعاء صليت كثيرا لأجل سقوط عدن وتعز وباب المندب والسواحل، يجب أولا أن يعرف الناس وجها لوجه من هم أنصار الله، ليعرف الشعب ماذا يعني شيعة وطائفية وقتل بالهوية، فمنذ 2004 وأنا أغني  في خبت، كنت أراهن أن شركات النفط وتجار السلاح ومن يديرون الدنيا من صالات القمار الفخمة لن يطول صمتهم وستبدأ الحرب التي لابد منها، لقطع الطريق أمام إيران فالمسموح لها به أقل من الآمال الكسروية.


هذه الحرب أخذت الكثير من الأرواح لكنها غيرت أقدارنا، وهذه هي فوائد الحرب الحقيقية ، عاش الدنبوع العظيم الذي أجل "الاستعانة بصديق" منذ سقوط عمران إلى سقوط القذائف فوق صعلته في قصر المعاشيق. كانت السعودية قد عرضت عليه التدخل منذ سقوط عمران وقبل سقوط صنعاء لكن نفسه طويل جعله يؤجل الأمر إلى التوقيت المناسب للعاصفة.


الحوثي وصالح احتفلا في الستين والسبعين والروضة أينما شئتم.. كانت الظريفة قد سألت أمها قبل زواجها أيهما أفضل أن تعتليه أم  يمتطيها هو؟ أجابت أمها صاحبة التجربة كله  في بحر الظلمات يا بنتي والخيرة لك.


إحتفال الحابب الراغب مهم ليثبت للعالم أنه "مدسعة" و كما اشتقولوا اح كما شقولوا مش انتم ألفين..