الأرشيف

عن رحيل العلواني

الأرشيف
الأحد ، ١٥ مايو ٢٠١٦ الساعة ٠٣:٣٢ مساءً

احمد شبح


مع اقتحام الحوثيين وصالح العاصمة صنعاء بدأ المنكر يطوف شوارعها كالطاعون الخبيث، ليجد الصحفي محمد العلواني نفسه مثل بقية الصحفيين والإعلاميين مطلوبا للعصابات التي أغلقت مؤسسة الصحوة -وجميع المؤسسات- لتغلق معها أبواب البقاء أمام عشرات الزملاء وتجد الأسر نفسها منكوبة بلا مصدر عيش ولا مأوى.

مع استمرار الملاحقات والمضايقات وحملات الاعتقالات الوحشية اضطر العلواني للرحيل تاركا العاصمة وتوجه وأولاده وأسرته إلى قريته النائية بمنطقة وصاب، تلك المديرية الجبلية المرتفعة التابعة لمحافظة ذمار.

لأكثر من عام والرجل يكافح الظروف ويكابد الصعوبات، كان عليه وعائلته التكيف مع حياة مختلفة وصعبة والتنازل عن بعض الرفاه المتوفر في مدينة كصنعاء نظير السلامة والأمن.

لم تكتف الميليشيات بتشريده وعائلته فاستحوذت على راتبه الوزاري الذي هو أدنى حق له وأسرته بعد أن أغلقت أمامه، وأمامنا جميعا أبواب الحياة والحرية.

أتذكر في أحد اتصالاتي مع العلواني؛ سألته عن حاله وكيف استطاع التعايش مع القرية فأخبرني بأنه أصبح (رعوي). الظروف الحجرية تركت آثارها في وجهه وجسده وسلبت منه وسامته وهندامه الأنيق. قال لي: نحن هنا في أمان ولا زلنا أحياء على الأقل.

استطاع أن يقهر مرض السكر لعشر سنوات، فعل ذلك بروحه الطيبة وابتسامته الصادقة ونبل أخلاقه.

قبل أيام تمكن(السعال الديكي) من اختراق أجساد أطفاله الأربعة، نقلهم إلى مستشفى بالحديدة للعلاج، ثم عاد إلى القرية.

بمرور الأيام تهشمت القدرة المناعية في جسد أولاده مع قساوة الظروف الحياتية غير المألوفة، فباتت حاجتهم للعلاج والوقاية تتزايد.

في آخر أيامه أجرى محمد سلسلة تواصلات مع رفاقه المشردين يناقش معهم امكانية الرحيل إلى مدينة مأرب، كان قد ضاق من القرية على ما يبدو.

في ليلته الأخيرة استيقظ من نومه فزعا، كان المرض قد غدر به، أصابته أزمة قلبية مفاجئة، تم إسعافه إلى المستشفى البعيد؛ لكنه فارق الحياة قبل الوصول.

تتحمل الميليشيات كامل المسئولية عن ما لحق بالوسط الإعلامي من أذى؛ وعن جرائم القتل والاعتقالات والتعذيب والتشريد.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)