عبد الرزاق العزعزي

"حيا بهم".. ذكرى الوجع الفبرايري

عبد الرزاق العزعزي
السبت ، ١١ فبراير ٢٠١٧ الساعة ١١:٥٩ مساءً

انتهت ثورة فبراير دون أن تُحقّق أهدافها، فلا نظام استبدادي تغيّر، ولا نهضة تعليمية تحققت، ولا دولة مدنية فصلت بين السلطات.
إنتهت دون أن يتم بناء اقتصاد وطني قوي، أو قضاء مستقل أو مؤسسة أمنية حديثة.
إنتهت الثورة عندما انقلب الثوّار على أهدافها ومبادئها.
# # #
اليوم، تحتفل قوى الثورة بالذكرى السادسة لفبراير، إنها ذكرى الوجع المستمر، ذكرى الإنتكاسة الحقيقية لثقافة النخب السياسية وعملها السياسي، حيث نقلت التبعية من نظام صالح إلى نظام حزب "الإصلاح" وهادي، ثم الإنقسام الحالي الواضح
للعيان.
لقد اندلعت ثورة فبراير لتصنع واقعاً جديداً لليمن، لكن العملية برمتها كانت أداء هزيلاً لشباب الساحات واستغلالاً محزناً من النخب اليمنية.
# # #
آمن الشباب بحلم التغيير، لكنهم تعرضوا لعملية استثمارهم كخدمة لأجندات متعدّدة، حتى أنهم هتفوا بحماس: "كلما زدنا شهيد، يا علي اهتز عرشك"، وبالفعل تعرّضوا لأسوأ عمليات القتل، وما زالت أحداث 18 مارس 2011 حبيسة أدراج شركاء الثورة.
# # #
أخطأ أبناء فبراير حين تعاملوا مع الثورة بشخصنة، لقد رحبوا بالمنضمين للثورة وهم كانوا أعمدة النظام الذي اندلعت الإحتجاجات ضده، هتفوا لهم "حَيّا بُهم، واحنا تشرفنا بُهم"، وصاحب الهتافات رفع قبضة اليد من الكتف إلى الأعلى ثم إلى الكتف مجددًا، في مشهد يشبه كثيرًا تلك القبضات التي ترتفع حين يتم ترديد صرخة الحوثيين.
لم يعرف العالم ثورة "حيا بهم" إلا في اليمن، فأنتجت لنا حكومة وفاق مشوّهة تم الإنقلاب عليها بالسلاح ومحاولة إخمادها بالسلاح أيضاً.
# # #
لم يختلف الثوّار كثيراً عن نابليون الذي أراد فرض مبادئ الثورة الفرنسية بقوة السلاح؛ فثوّار فبراير قاموا بفرض الإملاءات على بعضهم بقوة اللجنة الأمنية، اعتدوا على الثوّار الشباب الذين ظلّوا يرددون: "ثورتنا ثورة شباب، لا حزبية ولا أحزاب"، اتهموهم بالعمالة، ثم قاموا بمحو آثار الشعار واعتقال كل من يُردّد: "ثورتنا ثورة تجديد، لا أحمد ولا حميد".
في المقابل، فرض الثوّار على الآخرين مسألة تأييد الثورة والانضمام لها، وأطلقوا على المُخالفين لقب "بلاطجة"، فبدأت الإنقسامات المجتمعية، وساهمت وسائل الإعلام بشكل كبير في هذا الإنقسام حتى وصل الأمر لانقسامات داخل الأسرة الواحدة.
# # #
الاحتفال بثورة فبراير هو احتفال موجع، يُذكّرنا بكيف ساهم الجميع بتعزيز الإنقسام المجتمعي
يذكّرنا بسقوط الضحايا والمتاجرة بدمائهم وآلامهم
يذكّرنا بكيف يتم استغلال أحلام الشباب وحاجتهم لوطن مثالي
يذكّرنا بكيف يتحوّل القتيل إلى صورة مُعلّقة في الجدران، وكيف يتحوّل القتلى إلى أدوات للابتزاز السياسي.
ثورة "حيا بهم" انتهت شعلتها في فبراير 2012 بعد توقيع المبادرة الخليجية، وتم إخماد دُخانها في 2014 بعد التصعيد الحوثي

لم يعد هناك ثورة فبرايرية، والحديث عن استمرار الثورة مجرّد رومانسية مفرطة.
لقد تلاشت الأحلام وسقطت المطالب الفعلية للثورة،
لقد تحوّل القتلى إلى ذكرى، وحمل الجرحى آلامهم وأوجاعهم التي مازال الكثير يعاني منها حتى اللحظة.
# # #
"أقول: تحيا الثورة، كأني أقول: يحيا الدمار، يحيا العقاب، يحيا الموت" شارل بودلير - شاعر فرنسي.

 

شريط الأخبار