الرئيسية > اخبار وتقارير > تعقيدات المشهد العسكري ستكون عائقا كبيرا في أي تسويات سياسية

تعقيدات المشهد العسكري ستكون عائقا كبيرا في أي تسويات سياسية

تعقيدات المشهد العسكري ستكون عائقا كبيرا في أي تسويات سياسية

أكدت مصادر عسكرية يمنية أن تعقيدات المشهد العسكري في اليمن ستجعل من أي تسوية سياسية للوضع الراهن في البلاد ضربا من المحال، إذا استمرت الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس السابق علي صالح في المستوى نفسه من النفوذ وتتحكم بمقاليد الأمور.
وقالت المصادر لـ«القدس العربي» نحن «نستغرب مساعي الأمم المتحدة لعقد مؤتمر جنيف حول اليمن، منتصف الشهر الجاري، والحديث عن تسويات سياسية للقضية اليمنية وكأن هذه المساعي ستحل الأمور بعصى سحرية.. المشكلة في اليمن ليست سياسية حتى يتم التفاوض حولها، ولكنها عسكرية بامتياز».
وأوضحت أنه «صحيح أنه في نهاية أي حرب لا بد من الجلوس إلى طائلة المفاوضات للتوصل لتسوية سياسية لها بين الأطراف المتصارعة فيها، لكنها في اليمن الأمر مختلف تماما، لأن طرفا عسكريا واحدا هو الذي يتحكم بالقضية وهو الذي تسبب في كل هذا الانهيار للدولة وهو تحالف الحوثي/صالح، في مقابل طرف سياسي ضعيف من بقايا الدولة الشرعية متمثلا بالرئيس عبدربه منصور هادي وبعض الأحزاب الموالية له».
وأكدت أنه إذا لم يتم معالجة الأسباب التي أدت إلى هذا المستوى من الانهيار للدولة في اليمن فإنه لا فائدة من الاتفاقات أو المعاهدات التي سيتم التوصل إليها سواء في جنيف أو في غيرها. موضحا أن أبرز هذه الأسباب تمركز الترسانة العسكرية الضخمة من بقايا جيش الدولة في أيدي المسلحين الحوثيين وأتباع الرئيس السابق علي صالح المتحالف معهم.
وشددت على أنه إذا لم يتم تجريد المسلحين الحوثيين وأتباع صالح من هذه الترسانة العسكرية قبل أي مفاوضات فإنه لن يكتب لها النجاح، بدليل فشل نتائج كل الاتفاقات السابقة معهم، لأنه في ظل بقاء السلاح في أيديهم سيكون هناك اختلال واضح في موازين القوى التي ستشارك في المفاوضات وسيتفاوض الحوثيون من مصدر قوة، طالما وهم يمتلكون أغلب الترسانة العسكرية للدولة، ويفرضون أنفسهم كسلطة أمر واقع.
وتشير المصادر إلى أن صالح وقواته العسكرية استغلت جماعة الحوثي كجماعة متمردة خارجة عن القانون كغطاء لتنفيذ إجندات خاصة به للإطاحة بنظام الرئيس عبدربه منصور هادي، والهروب بذلك من أي مساءلة قانونية، وفي المقابل استفادت الجماعة منه بتسخيره كافة معسكرات الجيش الضخمة الموالية له للقتال مع المسلحين الحوثيين في كافة المناطق والمحافظات اليمنية التي تمددوا إليها.
وذكرت أن اختلال الميزان العسكري واضح وكبير بين المسلحين الحوثيين وبقايا الوحدات العسكرية الموالية للشرعية الدستورية أو الرافضة للانقلاب الحوثي الشيعي وتغلغله في المناطق السنية في المحافظات الجنوبية والشرقية والغربية، كما أن المقاومة الشعبية محدودة التسليح والخبرة العسكرية. 
مصادر عديدة أكدت لـ«القدس العربي» أن دهاء الرئيس السابق علي صالح جعلته يبتكر المناورات والحيل لابتلاع أي قرارات أو عقوبات تتخذ ضده وضد الحوثيين من قبل المجتمع الدولي، وأنه بدأ عمليا بالترتيب لتلبية متطلبات مؤتمر جنيف فيما يتعلق بقضية انسحاب الجيش من العاصمة صنعاء وبقية المدن اليمنية.
وأوضحت أن صالح والحوثيين قد اتخذوا مؤخرا قرارات استباقية لأي عقوبات أو قرارات أممية في هذا الصدد، وتضمنت دمج عشرات الآلاف من المسلحين الحوثيين في وحدات الجيش والأمن، كان آخرها دمج نحو 20 ألف مسلح حوثي في قوات الاحتياط (الحرس الجمهوري سابقا) وقوات الأمن، ومنحهم رتبا عسكرية وكافة الاستحقاقات الأخرى. 
وذكرت أن الحوثيين وصالح قاموا بتغيير قاعدة بيانات منتسبي قوات الجيش والأمن، فاضافوا عشرات الآلاف من المسلحين الحوثيين لهذه القوات، وأزالوا منها أسماء الكثير من كوادرها المعارضة لهم والتي رفضت المشاركة في حروبها التوسعية في الجنوب وأعلنت تأييدها للشرعية الدستورية.
وذكرت مصادر وثيقة الإطلاع وشهود عيان في العاصمة صنعاء أن المسلحين الحوثيين بدأوا في التماهي مع قوات الجيش في ارتداء الزي العسكري الرسمي لقوات الجيش، في محاولة لإظهار أنهم بدأوا بالانسحاب من العاصمة صنعاء امتثالا لمطالب الأمم المتحدة، بينما هم انسحبوا إلى عمق الجيش، وذلك قبيل مؤتمر جنيف الذي من المقرر أن ينعقد في 14 الشهر الجاري ويحضره 14 ممثلا عن مختلف الأطراف بمن فيهم الحوثيون وحزب صالح والحكومة وبقية الأحزاب حسب تأثيرها على الأرض.
وأكدت أن خطورة هذه الخطوات الحوثية أيضا تكمن في قيامها خلال الفترة الماضية بتطهير كافة وحدات الجيش من المعارضين لها وخلق جيش موال لها بالكامل وبالتالي في حال اتخذت قرارات أممية ضدهم تطالبهم بتسليم سلاح الدولة للجيش فهذا يعني أنهم سيقومون بتسليم السلاح لأتباعهم في الجيش.
وفي ظل هذه التعقيدات العسكرية في اليمن، شدد العديد من الخبراء العسكريين على ضرورة تشكليل جيش يمني جديد على أساس وطني، كخطوة ملحّة وضرورية للخروج من الأزمة الراهنة أولا ثم لإزالة الأسباب التي أدّت إلى انفجار الوضع عسكريا في الوقت الراهن ثانيا والحيلولة دون تكرارها في المستقبل.
وكان علي صالح عمل طوال 33 عاما من حكمه على بناء جيش أسري يقوم على أساس طائفي، لإطالة أمد بقائه في السلطة وتوريثها لأحد أبناء عائلته أو أتباع طائفته الزيدية.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)