قال نائب الرئيس اليمنى خالد بحاح: إن على مصر أن تعود لممارسة دورها العروبى فى المنطقة خصوصا فى اليمن، مطالبا بعودة اجتماعات اللجان العليا المشتركة بين البلدين، وأنه قال للرئيس السيسى يوم الخميس الماضى اليمنيين«اشتقنا إلى مصر»، وعندما سأله وزير الخارجية سامح شكرى عن الخطوة التالية بعد اجتماعات جنيف.. رد عليه بالقول: إنها مصر، التى يجب أن تتعامل مع كل الأطراف فى اليمن مستغلة دورها الرائد منذ الستينيات.
والتقى بحاح ــ الذى يزور مصر حاليا ــ مساء الخميس مع ستة من الكتاب والمحررين الدبلوماسيين المصريين، عقب يوم من النشاط الدبلوماسى المكثف بدأ بحضور اجتماعات الممثلين الدائمين فى الجامعة مرورا بالمهندس إبراهيم محلب ونهاية بالرئيس عبدالفتاح السيسى.
واستعرض بحاح آخر التطورات بشأن مفاوضات جنيف قائلا إن ارتباط المكان بالمفاوضات السورية المتعثرة جعل البعض يتشاءم، قائلا إن أى عملية نزاع لابد أن تنتهى بالتفاوض، وهدفنا أن نستعيد الدولة ثم نستأنف العملية السياسية من حيث توقفت، أى عند مسودة الدستور.
وقال بحاح إن هناك ارتباكا داخل معسكر «الحوثيين ــ صالح» سواء من حيث الاختلاف على عدد ونوعية ممثليهم فى جنيف نهاية بمحاولتهم إرباك الوضع بأكمله عبر تفجير منزل أحد أعضاء وفد الحكومة الشرعية فى صنعاء، مشيرا إلى أن هناك أخطاء فنية وقعت فيها الأمم المتحدة منذ البداية حينما وجهت الدعوة لكثير من الأحزاب والشخصيات فى اليمن بدلا من قصرها على الطرفين المتحاربين، ولذلك رأينا الحراك الجنوبى والحزب الاشتراكى، وعندما تعثرت المفاوضات قالت الأمم المتحدة للجميع «نظموا أنفسكم ثم عودوا»، مضيفا «نشم نكهة إيرانية فى التفاوض» أى المماطلة والتسويف.
وأكد بحاح أن هناك ثلاث مرجعيات لن يحيد عنها وفد الشرعية وهى القرار الدولى ????، ثم مخرجات الحوار الوطنى والمبادرة الخليجية.
واستعرض بحاح مع الصحفيين المصريين الأزمة اليمنية منذ بدايتها وكيف أن الحوثيين خاضوا ? حروب ضد الدولة منذ كان لهم تجمع صغير فى مران فى صعدة وبعدها احتلوا كل من صعدة ثم عمران وتوسعوا فى محافظات أخرى نهاية بالمفاجأة الكبرى حينما سيطروا على صنعاء فى ?? سبتمبر الماضى، رغم ان عددهم لا يزيد عن 7% من الزيدين الذين بدورهم يمثلون اقل من ربع سكان اليمن.
وكشف بحاح عن أن الجميع لم يستوعب مفاجأة الانقلاب الحوثى، وجاء «اتفاق السلام والشراكة» بقوة السلاح وتم التوقيع عليه اعتقادا أنه يمكن إنقاذ الدولة. وقال بحاح إن على عبدالله صالح لديه الروح الانتقامية وشعاره: «الحكم أو لا شىء».
واستعرض بحاح كيف تم استدعاؤه من نيويورك ليشكل حكومته بعد رفض الحوثيين تعيين أحمد بن مبارك، وأنه ظل ثلاثة أسابيع يتفاوض على تشكيل الحكومة، وهدد بالانسحاب، فى حين أن الحوثيين أعطوا الجميع مهلة عشرة أيام وإلا أعلنوا ما يشبه «اللوجيركا الأفغانية»!!!، وعندما تم تشكيل حكومة الكفاءات كان واضحا أن القوة الحقيقية فى يد الحوثيين، لأن الميليشيا الخاصة بهم كانت تسيطر على كل المرافق والهيئات، لدرجة أن بعض الوزراء لم يكونوا قادرين على الدخول لوزاراتهم أحيانا، وكنا نتفاجأ كل يوم بمندوب من الحوثيين يأتى إلينا ويقول: نريد تعيين هذه القائمة فى هذه الوزارة أو الهيئة، ووقتها أدركنا أن التصعيد قائم حتى جاء يوم ?? يناير الماضى حينما احتلوا قصر الرئاسة وضربوا منزل الرئيس عبدربه هادى منصور، ثم حضروا إلى منزل الرئيس لإجباره على تعيين أحدهم وهو صالح العماد نائبا له. وقتها قلت لهم :«أنتم عملتوا انقلاب، هيا استلموا الدولة بأكملها لأنهم كانوا يريدون نسخة من طريقة حزب الله فى لبنان أى الحكم من خلف الستار، ورفضنا ذلك، ثم خرج الحوثى فى بيانه الشهير فى اليوم التالى، وتم فرض الإقامة الجبرية علينا وبعدها أعلنت استقالتى وفى اليوم التالى استقال الرئيس».
وفوجئنا أن الأمم المتحدة تخبرنا عمليا أنها سوف تصدر قرارات إدانة ما حدث لكن الرسالة العملية التى جاءتنا منها هى: ابحثوا عن دولة تنفذ لكم هذة القرارات. على غرار الطبيب الذى يكتب روشتة فى حين أن المريض عليه أن يبحث عن صيدلية.
وقال بحاح إنه كان واثقا ولايزال من فشل الحوثيين فى إدارة الدولة حتى لو ظلوا يحكمون لمدة مائة عام، هم فقط ماهرون فى إدارة الحروب والدسائس والتخريب.
وتحدث بحاح إلى الإعلاميين المصريين عن كيفية تعيينه نائبا للرئيس، كاشفا أنه رفض ذلك فى البداية لكن كان هناك توافق وطنى وخليجى على ضرورة وجود شخص بجانب الرئيس، لكن المشكلة الآن تتمثل فى أن هناك حكومة شرعية لكنها غير موجودة على الأرض، والمطلوب منها مواجهة الأوضاع الإنسانية الصعبة للمواطنين وكذلك دفع مرتبات الموظفين، مضيفا أنه يتمنى تسليم الحكومة لطرف يمنى منتصر فى الانتخابات.
وتحدث بحاح عن أنه خلافا لكل المشكلات والأزمات والحروب السابقة فى البلاد، فإن دخول عنصر الدين والمذهب هذه المرة جعل الأمور تزداد تعقيدا، مما أوجد إرباكا لم يعرفه اليمنيون من قبل.
أضاف أن الحروب التى خاضها على عبدالله صالح ضد الحوثيين خلال فترة حكمه أضعفت الدولة وقوت الميليشيا، وكان يعتمد على تكتيك استخدام الحوثيين والقاعدة فزاعة للغرب والخليج حتى يستمر فى الحكم ويحصل على المساعدات، والنتيجة أنه سلم البلد بأكملها لهذه الميليشيا الانقلابية، وعندما جاءت أحداث ???? انقسم الجيش نفسه، لأن بناءه كان معوجا والمجتمع منقسم أيضا، والإيرانيون ماهرون فى الدخول من الشروخ، والحوثيون يمكنهم أن يتحالفوا مع الشيطان لكنه واثق فى النهاية أن تحالفهم مع صالح سوف ينهار.
ويعتقد بحاح أن ما يحدث فى كل المنطقة خصوصا فى اليمن هو حرب وكالة، ومن حق السعودية ألا تسمح بوجود «حزب الله جدبد» يحكم اليمن على حدودها، وعلينا تذكر الاستفزاز الذى قام به الحوثيون قبل ساعات من عاصفة الحزم بإجراء مناورات على الحدود السعودية، مضيفا أن عاصفة الحزم كانت حتمية لكنها فى نفس الوقت زادت من تحالفهم مع على عبدالله صالح وأعطتهم إمكانيات جديدة.
ويعتقد بحاح أن العاصفة لم تكن حزمة حلول متكاملة بل كانت عسكرية فقط، وبالتالى فما حدث هو انتشار السرطان وليس القضاء عليه. ونفى بحاح أنه يتشاور مع السعوديين فى تحركاته الخارجية.
وردا على سؤال لـ«الشروق» حول سؤال:«هل كان هناك بديل لعاصفة الحزم»؟ قال بحاح إنه العمل السياسى طويل المدى، مقرا فى الوقت نفسه بأن كل السلطة والنخبة السياسية فى اليمن تتحمل المسئولية عن الانهيار فى البلاد الذى جعل الحوثيين يستولون على الحكم بمثل هذه السهولة، وبالتالى لابد من إعادة بناء الدولة ووجود توافق وطنى، خصوصا أن الحوثيين غير قادرين على الحكم حتى فى مناطقهم.
وكشف بحاح عن تطور مهم وهو أن الأحداث الأخيرة جعلت الجنوبيين يصرون على الانفصال لأنهم يعتقدون أن ما حدث هو هجوم جاء من الشمال.
وحول تصوره للمستقبل قال بحاح إما استمرار الحرب مع عدم وجود منتصر بشكل حاسم أو العودة للتفاوض. لكن مطلوب أن تصل إلى الحوثيين رسالة واضحة بأن ما فعلوه لن يستمر ولا توجد أى خيارات أمامهم.
وعن العلاقات مع مصر قال بحاح إنه أخبر السيسى بالعبارة التالية: «اشتقنا إلى مصر» فالقاهرة بالنسبة لنا حاجة كبيرة جدا، ونريد دور مصر الريادى مرة أخرى، متسائلا«أين مصر من الملف اليمنى يا جماعة الخير؟».
وكما يعتقد بحاح فإن جزءا من تعافى اليمن هو تعافٍ لمصر، خصوصا فى باب المندب، وهى عامل مساعد مهم مع الأشقاء الخليجيين، لأن لديها الخبرات والتواصل، والأهم أنها تعرف السيكولوجية اليمنية أكثر كثيرا من أى بلد آخر، مصر هى التى عاشت معنا فى المدارس وعلمتنا، ويضيف ساخرا: «كما ان الفقر وحدنا كثيرا». وحتى الجيش اليمنى عقيدته كانت قريبة جدا من عقيدة الجيش المصرى .
وقال بحاح إن الذى حمى مصر وتونس من السقوط فى الحالة العراقية أو الليبية هو الجيش، وبالتالى فإن أى حل فى اليمن لن ينجح من دون وجود حامٍ قوى، مضيفا: نحن سائرون فى الاتجاه الصحيح. ونحتاج إلى تدرج فى جرعات العلاج.
وكشف بحاح عن أن الرئيس السيسى وعده بدراسة مطلب إلغاء فرض التاشيرات على دخول اليمنيين لمصر، وقد يبدأ الامر بالمرضى والطلاب، منوها إلى ان علاقة اليمنيين بمصر راسخة منذ عام ????، وأن اليمنى يأتى للقاهرة وكأنه ذاهب إلى محافظة يمنية. وقال بحاح أن وزيرى خارجية البلدين اجتمعا وناقشا هذا الموضوع فى ضوء التهديدات الأمنية التى تجتاح المنطقة بأكملها، مضيفا :«قلنا للمصريين إن انتشار وتمدد الحوثيين يعنى زيادة تمدد داعش للرد عليهم».
وردا على سؤال «الشروق» لم ينف بحاح وجود اتصالات بينه وبين الحوثيين، قال إن العلاقات فى المجتمع اليمنى مختلفة وهناك نوافذ نفتحها.. وعندما سألته «الشروق» عن التقارير التى تتحدث عن أنه الرئيس المقبل التوافقى لليمن ابتسم وقال: «والدتى تريد أن أعتزل السياسة».