أرجع قيادي مؤتمري تحركات ميليشيا الحوثي الأخيرة وسيطرتها على العاصمة صنعاء إلى عدم تعامل الدولة بمسؤولية مع قضية صعدة، في وقت حذر فيه الجماعة المسلحة من ردة فعل شعبية بسبب تمددها وتصرفاتها تجاه الأمن ومؤسسات الدولة، منوهاً إلى أن الانتصارات التي تحقق بالسلاح لن تصمد أمام الإرادة الشعبية.
وحمل الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام الدكتور أبوبكر القربي الرئيس هادي مسؤولية إيجاد الحلول، وقال إن البلاد اليوم بحاجة إلى قيادة تجمع الناس إلى كلمة حول مستقبل اليمن.
وفي وقت ألمح فيه إلى تحمل دول الخليج جزءاً من المسؤولية لما آلت إليها الأوضاع في اليمن بسبب عدم مواصلتها دعم مبادرتها الخليجية، فقد اعتبر أن قرارات مجلس الأمن عقدت الأمور أكثر مما هي عليه، للأسف الشديد.
وكان الدكتور القربي يتحدث مساء الجمعة الماضية مع قناة "سكاي نيوز عربية" في أول مقابلة له بعد تعيينه مؤخراً أمين عام مساعد لحزب المؤتمر الشعبي العام، حيث عين في هذا المنصب الحزبي الرفيع عقب أشهر قليلة من إقالته من منصبه الحكومي السابق كوزير للخارجية (أبريل 2001 – يونيو 2014).
ونقل موقع "براقش نت"، التابع للقيادي المؤتمري الشيخ محمد بن ناجي الشايف، بعض التفاصيل الهامة للقاء التلفزيوني للقيادي المؤتمري.
وأرجع القربي السبب الرئيسي في لجوء جماعة الحوثي إلى التحركات العسكرية الأخيرة إلى عدم تعامل الدولة بمسؤولية مع قضية صعدة.
وعما ورد في المقابلة بهذا الخصوص، قال موقع "براقش نت": وفيما يتعلق بسيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات، أوضح الدكتور القربي أن الحوثيين كانت لديهم مجموعة من التوصيات فيما يتعلق بقضية صعدة كان يمكن حل القضية من خلالها، وأن القضية بدأت في دماج وعمران إلا أن الدولة لم تتعامل مع القضية في دماج بمسؤولية.
ومع أن الأمين العام المساعد للمؤتمر، بحسب الموقع أيضاً، أكد أن الحوثي "أصبح قوة على الأرض ويسيطر على عدد من المحافظات"، إلا أنه استدرك محذراً بالقول: "إلا أن تمدد الحوثيين وانتشار قوتهم بالتالي يؤدي لضعف قوتهم، كما أن التصرفات التي ظهرت في صنعاء أدت إلى مواقف سلبية تجاههم خصوصاً تجاه الأمن ومؤسسات الدولة".
وإذ تمنى القربي في السياق ذاته "أن يظهر الحوثيون أنهم تعلموا من أزمة العام 2011، واستفادوا من تجربة من سبقهم"، عاد وحذر مجدداً بالقول: "إلا أنهم الآن مهددون بردة فعل شعبية.. نتمنى أن لا تأخذ ردة الفعل هذه الجانب الطائفي ولكن الجانب السياسي".
وتطرق القيادي المؤتمري إلى عددٍ من التحديات الماثلة أمام الجماعة المسلحة، على رأسها: "تحدي أمام الشعب، وتحدي أمام الإقليم، وفيما يتعلق باتفاقية السلم والشراكة فإن الكثير من القضايا التي وقعوا عليها لم تنفذ"، مستنتجاً: "ويبدو أن هناك مجموعة لديها السلطة الرسمية ومجموعة لديها السلطة الفعلية. وهذا لا يخدم الحوثيين".
وعليه دعا الحوثيين إلى "تحمل مسؤوليتهم في أن يطمئنوا الشعب وأن يطمئنوا الإقليم وأن يؤكدوا أنهم ملتزمون باتفاق السلم والشراكة".
وقال، في سياق حديثه عن التحديات أيضاً: "إن الجيش والأمن الذين هم القوة الحقيقية - للأسف- همشت وأصبح الحوثيون هم من يتولون هذه المهمة وبالذات في العاصمة، وبالمقابل فإنه يجب على الحوثيين أن يعرفوا أنهم إذا أرادوا بناء الدولة المدنية الحديثة يجب أن تكون هناك خطة لإعادة بناء الأمن والجيش وانسحاب الميليشيات، وبالتالي هذه المعايير التي يمكن أن نحكم على مدى التزام الحوثيين بتنفيذ هذه الاتفاقيات".
وأضاف: إ"ن المؤشرات التي نراها الآن أن الحوثيين يريدون السلطة.. ونحن نقول إن من حقهم الوصول إلى السلطة، ولكن عبر الأطر الدستورية التي نظمها مؤتمر الحوار الوطني الذي شاركت فيه مختلف الاطراف".
وعن الإخفاقات والعراقيل التي اكتنفت المسار الانتقالي في اليمن، أرجع الأمين العام المساعد للمؤتمر تلك العراقيل إلى أن دول مجلس التعاون قدمت المبادرة الخليجية وتم التوقيع عليها، إلا أنها تركت الأمور بعد ذلك وسلمتها للأمم المتحدة، وكان المفترض أن تواصل مراقبة عملية التنفيذ للمبادرة وتلزم الأطراف بالتنفيذ وفق التزمين المحدد وترعى برنامج للمصالحة الوطنية الشاملة بين فرقاء الأزمة.
وقال أيضاً: "إن دول الخليج كانت مطالبة بمزيدٍ من الدعم والتدخل مع الحكومة اليمنية، وأن المملكة العربية السعودية هي الدولة المؤثرة ولها علاقة ممتازة مع كل الأطراف ولديها القدرة لأن تُسهم في عملية المصالحة، مع إدراكنا أن هناك قلقاً في المملكة من الوضع في اليمن والحوثيين على وجه خاص، لكن هذا القلق ليس الحل له هو الابتعاد".
وفيما نوّه إلى أن "دول مجلس التعاون قدمت المبادرة لكي لا يذهب اليمن إلى حرب أهلية"، استدرك محذراً: "والآن يجب ان تبادر لكي لا تذهب اليمن إلى حرب طائفية".
وأشار إلى أن تعيين مبعوث مجلس التعاون "وإن جاء متأخراً سيعطي فرصة لتصحيح مسار المبادرة الخليجية، وأيضاً التقارير التي ترفع إلى مجلس الأمن ستكون أكثر حيادية وأكثر دقه، وبالتالي ستضبط إيقاع مجلس الأمن"، معتبراً أن "قرارات مجلس الأمن -للأسف الشديد- عقّدت الأمور أكثر مما هي عليه".
وفيما يتعلق بدور رئيس الجمهورية، شدد الدكتور القربي على أن أمام الرئيس هادي تحدياً كبيراً جداً "لأنه يجد نفسه في وضع نحو الانهيار الشامل للدولة، وبالتالي ما هي الخطوات التي يجب أن يتخذها وهذا هو التحدي".
وطالب رئيس الجمهورية "بمراجعة لكل ما جرى خلال الفترة الماضية، وأن يجمع أطراف العملية السياسية"، مؤكداً "نحتاج إلى قيادة تجمع الناس إلى كلمة حول مستقبل اليمن".
وبهذا الخصوص خلص الدكتور القربي إلى أن الرئيس هادي يتحمّل مسؤولية إيجاد الحلول "فهو رئيس الجمهورية، والشرعية التي يتمسك بها كل الأطراف، وبالتالي عليه أن يحميها حتى لا يذهب البلد إلى الفراغ الدستوري".
وتطرّق القيادي المؤتمر لأحداث ثورة 2011، التي وصفها بـ"الأزمة"، ممتدحاً دور حزبه في انتهاج الحل السياسي لتجنيب البلاد إراقة الدماء والحفاظ على الوحدة الوطنية.
وأضاف: "في عام 2011 كان الهدف أن نتجنب المساس بالشرعية، والأجواء التي قد تقود الى حرب أهلية، وبالتالي فإن ما يجب ان يقوم به الرئيس هادي يجب أن تلتف كل الأطراف، واستعداد الرئيس لأن يرى الخلل الذي حدث في إدارة كل شيء بما في ذلك الحوار الوطني، فالمتحاورون في مؤتمر الحوار دخلوا بأجندات حزبية وليس وطنية".
وقال: "كُلما جاءت الانتخابات مبكرة وجاءت شرعية جديدة وحكومة جديدة الرأي العام سيتغيّر والمواقف ستتغيّر، بالتالي فإن واجب الرئيس هو كيف يهيئ للمرحلة الجديدة من خلال الدستور والانتخابات القادمة"، مضيفاً "إن الحوثيين يجب أن يكونوا جادين في هذه المرحله، فالانتصارات التي تحقق بالسلاح لن تصمد أمام الإرادة الشعبية".
وأشار الدكتور القربي إلى أن الحوار كان الوسيلة التي تخرج اليمن من الحروب والصراعات منذ ثورة 26 سبتمبر، ولكن هذا الحوار بحاجة لعدة عوامل؛ أهمها مدى استشعار القيادات بالخطر الداهم، وعدم الرهان على قوى خارجية؛ لأن هذا الرهان يؤدي إلى الكوارث، وأيضاً هذه الأحزاب عليها أن تقتنع بأن الحل السياسي هو الحل الوحيد.
ولفت إلى أن "إدارة الدولة والتحدّيات التي تواجه الدولة والمشاكل التي تواجه البلد لا يختلف أحد عليها، فكلنا نريد الدولة المدنية، وكلنا نريد محاربة الفساد وبناء مؤسسات الدولة، ولكن الخلاف في أن هناك طرفاً يريد أن يهيمن وطرفاً يريد أن يقصي الآخرين"، في إشارة ربما قد تكون واضحة إلى جماعة الحوثي المسلحة.
وكان الأمين العام المساعد للمؤتمر، وضمن حديثه، دعا الأحزاب السياسية إلى الاعتراف بأخطائها وإعادة النظر في موقفها من مبادرة المؤتمر للمصالحة الوطنية والتي قُدمت قبل أن يصل الحوثيون إلى العاصمة صنعاء.
وقال إن "فرقاء الأزمة السياسية في اليمن، بعد التوقيع على المبادرة الخليجية ودخولهم مؤتمر الحوار الوطني، وبدلاً من أن يدخلوا مصالحة وطنية شاملة تحولوا إلى محاكمات لبعضهم البعض، ولهذا جاءت الكثير من مخرجات الحوار للتحضير لأزمات قادمة وحملت ألغاماً كثيرة".
وفيما اعتبر أن التحالفات التي حصلت في العام 2011 كانت بين أطراف متصارعة، أوضح "ولذلك عندما ظنت تلك الأطراف أنها حققت هدفها بإسقاط النظام والسيطرة على الدولة بدأ كل منهم يهتم بنصيبه من الكعكة".
وخلص إلى القول "ولأن أطرافاً معيّنة، وبالذات الحوثيين، رأوا أنهم لم يأخذوا نصيبهم من الكعكة بدأوا باتخاذ مواقف".