الرئيسية > اخبار وتقارير > إدارة أوباما تدعم «الملالي» وتخفف العقوبات عنهم ويردون الجميل بضرب بحارتها

إدارة أوباما تدعم «الملالي» وتخفف العقوبات عنهم ويردون الجميل بضرب بحارتها

هل دخلت الولايات المتحدة الحرب الأهلية في اليمن؟ أم أن استهداف رادارات تابعة للمتمردين الحوثيين جاءت رداً على استفزازات قام بها المقاتلون عندما أطلقوا صواريخ ضد البارجة الحربية «يو أس أس ميسون» كانت تمخر مياه البحر الأحمر؟ 
من المبكر الحديث عن تورط أمريكي في حرب اليمن خاصة أنها ركزت كل جهودها في الماضي على ملاحقة تنظيم القاعدة واستهداف قادته في اليمن. 
والمعلومات التي نشرتها وزارة الدفاع الأمريكية تقول إن البارجة الحربية «يو أس أس نتيزي» قامت بضرب منشآت واقعة تحت سيطرة الحوثيين، في عملية محدودة بهدف «حماية جنودنا وسفننا وحرية الحركة في هذا المعبر البحري المهم» حسبما قال بيتر كوك، المتحدث باسم وزارة الدفاع (البنتاغون) في إشارة لمضيق باب المندب الذي تمر عبره نسبة كبيرة من الطاقة التي تحتاجها أوروبا. وصادق الرئيس باراك أوباما على العملية بطلب من وزير الدفاع، آشتون كارتر ورئيس هيئة الأركان الجنرال جوزيف دانفورد.

تطور الأحداث

وترى صحيفة «لوس أنجليس تايمز» أن العملية تدفع الولايات المتحدة إلى الحرب اليمنية التي تجري منذ أكثر من عام. وجاء الرد الأمريكي بعد ساعات من إعلان البنتاغون تعرض المدمرة الأمريكية «يو أس أس ميسون» لهجوم صاروخي جديد أطلق من مدينة الحديدية التي يسيطر عليها المتمردون في غرب اليمن. 
ولم تصب السفينة ولا أي من الطاقم الذي كان عليها، لكنه الهجوم الثالث الذي تتعرض له المدمرة خلال الأربعة أيام الماضية. وكانت المدمرة تبحر في المياه الدولية القريبة من باب المندب، الواقع بين اليمن والقرن الإفريقي. 
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن المتمردين الحوثيين سيطروا على منصات رادار في راس عيسى ومخا وخوكا واستخدموها لملاحقة وضرب القوارب التي تمر في المنطقة. ونقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي قوله إن «الرادارات كانت عاملة خلال الهجمات السابقة وحاولت ضرب السفن في البحر الأحمر». وأضاف أن الرادارات الثلاثة كانت منصوبة في مناطق بعيدة عن المدنيين. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن المدمرة ميسون ردت على الهجمات التي تعرضت لها بمحاولة اعتراض الصواريخ لكنها لم تحاول قصف المتمردين ولا مناطقهم. 
وليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها الحوثيون النار على قوارب وسفن في البحر، ففي الأول من تشرين الأول/أكتوبر أطلقوا النار قارب سريع «اتش أس في-2» واظهرت صورة ليوتيوب القارب وقد اندلعت فيه النيران. 
ويخوض الحوثيون حرباً ضد التحالف الذي تقوده السعودية منذ ربيع العام الماضي في محاولة لإخراجهم من العاصمة صنعاء التي احتلوها في أيلول/سبتمبر 2014 وإعادة الحكومة الشرعية لعبد ربه منصور هادي. 
وتقدم الحكومة الأمريكية للتحالف الدعم اللوجيستي والاستخباراتي والذخيرة والتزود بالوقود في الجو ولكنها تجنبت المشاركة المباشرة في النزاع الذي قتل فيه آلاف من المدنيين. 
وكان البيت الأبيض قد أصدر بياناً في نهاية الأسبوع الماضي أفاد فيه بأنه يقوم بمراجعة الدعم المقدم للسعودية بعد حادث قصف قاعة عزاء في مدينة صنعاء وقتل فيه 140 شخصاً. وجاء الحديث عن مراجعة السياسة الأمريكية تجاه التحالف قبل سلسلة الاستفزازات التي تعرضت لها السفينة الحربية الأمريكية. 
وظلت واشنطن تتحرك بحذر في مياه الحرب الأهلية، فهي وإن قدمت الدعم للتحالف السعودي ودفعت في اتجاه التسوية السياسية بين الأطراف المتحاربة إلا أنها كانت تحاول جاهدة أن تبقى بعيدة عن الحرب والتورط فيها. ويبدو أن حسابات الولايات المتحدة قد تغيرت يوم الأربعاء بعد تعرض سفنها للهجمات.

التورط

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن بيتر سالزبري، الباحث في المعهد الدولي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس) قوله إن تدخل الولايات المتحدة سيعمق من الرأي أنها جزء من النزاع. 
ووصف مسؤولون السلاح الذي استخدم في ضرب البارجة بأنه صواريخ كروز، ولا يعرف كيف حصل الحوثيون على هذا السلاح، وربما جاءت من المخازن التي سيطروا عليها بعد دخولهم صنعاء كما حصلوا على دعم كبير من إيران، مع أن المخابرات الأمريكية ترى أن الدعم الإيراني أقل مما يتحدث عنه السعوديون. 
وتقول الصحيفة إنه رغم النقد الذي تعرضت له واشنطن حول حكمة الحملة التي بدأت في آذار/مارس 2015 إلا أن إدارة أوباما رمت بثقلها وراءها لأنها كانت في حاجة للحصول على دعم السعودية في الملف النووي الإيراني الذي كانت واشنطن تقوم بالتفاوض حوله مع عدوة السعودية اللدودة. 
وبالإضافة في مجال تزويد الوقود أرسلت واشنطن فرقا عسكرية إلى السعودية لدعم المخططين السعوديين للحملة الجوية. 
ولم تنجح الحملة في طرد الحوثيين من صنعاء في وقت يواجه فيه اليمن كارثة إنسانية من ناحية نقص المواد الغذائية. 
ورغم النقد الذي تعرضت له الحملة الجوية إلا أن الإدارة الأمريكية دفعت باتجاه صفقة أسلحة بقيمة 1.5 مليار دولار وتضم أسلحة ثقيلة فشل قرار من الكونغرس بمنعها. ومع ذلك كشف تصويت 26 سناتوراً ضدها نوعاً من القلق داخل الكونغرس بشأن التحالف السعودي. 
وقال السناتور راند بول النائب الجمهوري عن ولاية كنتاكي «نحن متورطون وبشكل ناشط في الحرب اليمنية»، مشيراً لعدم وجود نقاش حول اليمن في الفضاء العام. 
وكتب سكوت بيترسون، في صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» عن تداعيات القصف على مجلس عزاء نهاية الأسبوع الماضي والموقف الأمريكي منه وإن كان سيقود إلى ممارسة ضغوط على السعودية. 
وقال في الحرب الذي بات عدد الضحايا المدنيين وليس الإنجازات العسكرية فالسؤال الذي بات مطروحا إن كان التحالف السعودي سيعيد النظر خططها لدفع الحوثيين خارج صنعاء وإعادة تنصيب الحكومة التي تدعمها الرياض. ونقل عن أدم بارون، المتخصص في الشؤون اليمنية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية قوله «هذا يعتبر تصعيدا». 
وقال إن اليمنيين كانوا يتوقعون إعلاناً لوقف إطلاق النار لا القصف الذي يتخذ كذريعة لتوسيع الحرب. 
ودعا الرئيس المعزول علي عبدالله صالح المتحالف مع الحوثيين إلى التحضير للمعركة مع السعودية. وتوقع بارون محاولات اختراق كبيرة للحدود السعودية. وقال إن الولايات المتحدة التي زودت الوقود للطائرات السعودية والتي كانت تقوم بهجمات ضد الحوثيين لم تظهر بعد إشارات لاستخدام نفوذها والضغط على السعوديين «وهناك سؤال عن الطريقة التي سيرد بها السعوديون» كما يقول بارون مضيفاً أن «السعوديين يتعاملون مع الوضع الحالي كمسألة امن قومي لا يفهمها الأمريكيون بالطريقة نفسها». 
ورغم قول نيد برايس المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في أعقاب حادث صنعاء من ان «التعاون الأمن الأمريكي مع السعودية شيك على بياض». 
وجاء استهداف مجلس العزاء الذي عقد لشخصية مهمة وحضره عدد من الشخصيات العسكرية والسياسية البارزة مفاجئا لأنه مكان محايد في التقاليد اليمنية حسب الصحافي من صنعاء هشام العميسي. 
وأضاف أن الحادث لم يقتل الشخصيات التي كان يمكن أن تلعب دوراً في إيجاد أرضية مشتركة بل ودفع الذين ظلوا محايدين الإنضمام للطرف الآخر والبحث عن طرق للانتقام. وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة باعت منذ بداية الحملة للسعودية أسلحة بقيمة 22.2 مليار دولار أمريكي. ونشرت مجلة «إيرفورس تايمز» في آب/أغسطس أن عمليات تزويد المقاتلات السعودية بالوقود زادت بنسبة 60% مقارنة مع شباط /فبراير. 
وطلبت الولايات المتحدة من السعوديين توخي الحذر في عملية الإستهداف وزودتهم بقائمة «أهداف لا تضرب» لأن «ضربها قد يضر بقدرة اليمن على التعافي بشكل سريع» من الحرب. 
وحسب «يمن داتا بروجيكت» فإن واحداً من بين 3 أهداف التي ضربها التحالف السعودي وعددها 8600 غارة طالت أهدافاً مدنية. إلا أن السعودية تقول إن هذه الإحصائيات مبالغ فيها.

تدهور

وعلقت مجلة «فورين بوليسي» في مقال لها أن استهداف معلم مهم في المدينة وقتل عدد من الشخصيات البارزة منها عمدة صنعاء وجنرال كان يمكن أن يلعب دورا في مرحلة ما بعد النزاع لن يؤدي إلا لتقوية المتطرفين. 
وتقول إنه في غياب تسوية سلمية فالبلاد ستظل تواجه مرحلة من الفوضى، ومنذ انهيار محادثات السلام في الكويت هذا الصيف انشغل كل طرف في هجمات انتقامية ضد الطرف الآخر. فقد زاد الحوثيون من هجماتهم الصاروخية على المدن الحدودية السعودية واستهدفوا سفينة إماراتية في البحر الأحمر بداية الشهر الحالي. 
وفي الوقت نفسه تحركت حكومة هادي لنقل المصرف المركزي من صنعاء إلى عدن في محاولة منها لزيادة الضغوط على الحوثيين. وقبل أيام من العملية في صنعاء شن القوات الموالية لهادي هجوماً على شمال- شرق صنعاء قتل فيه أكبر قيادي لهذه القوات. 
وتقول المجلة إن حادث صنعاء الأخير سيزيد من احتمالات التصعيد على الحدود السعودية- اليمنية ويؤكد مخاوف الرياض من أن سيادتها في خطر بشكل يدفع الولايات المتحدة لتقديم مزيد من الدعم لها. 
وحذرت المجلة من إمكانية تعريض العنف الحالي حياة الأمريكيين للخطر أيضاً، في ضوء الصواريخ التي أطلقت في اتجاه البارجة الحربية. وتضيف أن الغضب والعداء الذي برز في مرحلة ما بعد الهجوم على مجلس العزاء تجعل من الصعوبة بمكان احتواء التنافس الإقليمي الذي خرج عنه طوره في كل أنحاء الشرق الأوسط وبالتالي إقناع الأطراف اليمنية التوصل لتسوية سياسية. 
وتقول إن مقتل عبدالقادر هلال، عمدة صنعاء يعتبر خسارة خاصة أنه كان يحاول التوصل لوقف إطلاق النار بين المتحاربين قبل أيام من مقتله.

حرب مجنونة

وهاجمت صحيفة «فايننشال تايمز» التحالف السعودي في افتتاحيتها وقالت إن إلغاء الدعم الغربي للتحالف ما كان بحاجة لمجزرة يقتل فيها 140 شخصاً، فهناك مجازر أخرى ارتكبت خلافاً للقانون الدولي وتسهم كلها في خلق المجاعة في اليمن. 
وتقول إن هذه الحرب التي تجري على هامش الحرب السورية لم تثر انتباه المجتمع الدولي. وتعتقد أن هجوم صنعاء والقصف الحوثي للبارجة الأمريكية قد يغير كل هذا. 
ويجب أن يعرف السعوديون وحلفاؤهم الغربيون أن مخاطر انتقال الحرب باتت محتومة. خاصة أن الحملة لم تحقق ما تطلعت إليه من الناحية العسكرية والسياسية ولا احتواء التأثير الإيراني. 
ورغم محاولة السعوديين السيطرة على اليمن من خلال التحالفات المتغيرة مع القبائل والساسة اليمنيين إلا أن الصحيفة ترى غياباً لجهود المساعدة ببناء الدولة ومواجهة الإحتياجات الماسة خاصة أن اليمن يعد من أفقر دول المنطقة من ناحية المصادر المائية. ولم ينجح السعوديون في جهودهم العسكرية ولا حتى القوى التي تدعمها في اليمن. 
ورغم التعقيدات التي تطبع علاقة الولايات المتحدة مع السعودية وتباين الأهداف بينهما إلا أن الاتفاق النووي مع إيران والقانون الذي أقره الكونغرس لمقاضاة السعودية في قضايا تتعلق بدور في هجمات 9/11 زاد من صعوبة العلاقات. ولكن الصحيفة ترى أن دعم الحملة السعودية وجرائم حرب فيها يحرج أمريكا خاصة أنها هاجمت إيران وروسيا واتهمتهما بارتكاب جرائم حرب في حلب. وترى أن استمرار الولايات المتحدة دعم الحرب في اليمن قد يؤثر على موقفها الأخلاقي. 
وتقول إن أمريكا في حاجة الآن لجعل دعمها اللوجيستي للسعودية مشروطاً. ويجب على بريطانيا وفرنسا وهما بلدان مزودان هامان للسعودية بالسلاح، الوقوف مع الولايات المتحدة والضغط على الرياض لوقف إطلاق النار ونشر قوات حفظ سلام تابعة للأمم وتشكيل حكومة إئتلاف تعمل من أجل مواجهة المتطرفين الذين يعتبرون الآن المستفيد الأول من هذه «الحرب المجنونة».

الأثر الإيراني

وبعيداً عن الهجوم الذي برز في صحيفة «فايننشال تايمز» رأت «وول ستريت جورنال» في التطورات الأخيرة على الملف اليمني نتاجا للإتفاق النووي الذي منحت فيه إدارة أوباما تخفيفاً في العقوبات عن الملالي الذين ردوا الجميل بإطلاق الصواريخ على المدمرة ميسون. وتعلق الصحيفة أن إيران تتمنى نهاية التحالف الأمريكي- السعودي الذي يعود لسبعة عقود. ومن هنا لم تكن مصادفة أن يتم الهجوم على البارجة الأمريكية بعد حادث صنعاء. 
وذكرت الصحيفة إن الهجوم وإن كان كارثة إلا أن الجيش الأمريكي ارتكب أخطاء مماثلة وعلى الإدارة التفكير قبل أن تتوقف عن دعم الرياض «ولو لم تكن الولايات المتحدة غير مرتاحة مع السعودية كصديق فستجد آخر لن تقبله لو تحولت المملكة إلى عدو». 
وتقول إن الهجوم على سفن البحرية الأمريكية التي يعمل عليها مئات من البحارة الأمريكيين هو تذكير آخر بأن الإتفاق النووي لم يعمل سوى تشجيع إيران لمواصلة طموحاتها وليس دفعها للإعتدال رغم التنازلات الأمريكية المتتالية». 
وكشفت الصحيفة في الشهر الماضي أن الإدارة وافقت سراً على رفع العقوبات عن مصرفيين إيرانيين أسهما في تمويل برنامج الصواريخ الباليستية.
وسمحت الإدارة قبل فترة لشركتي إيرباص وبوينغ ببيع إيران طائرات ركاب وفي الأسبوع الماضي أصدرت تعليمات حول تسهيل التعاقد مع الشركات الإيرانية. وتخلص الصحيفة للقول «تقوم الإدارة بمنح الملالي تنازلات لم تذكر في الصفقة النووية ويردون بالهجوم على الولايات المتحدة». 
وفي هذا السياق دعا كل من القائد جيرمي فوغان ومايكل أينستاد ومايكل نايتس في مقال نشره موقع «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» الإدارة لاتخاذ إجراءات تمنع من الحيلولة دون تحرك السفن الأمريكية قرب الشواطئ اليمنية. ويؤكد الكتاب أن كل الأدلة تظهر أن الحوثيين استهدفوا عن قصد البارجة الأمريكية. وقالوا إنهم قد خرقوا قاعدة ذهبية في حروب الوكالة «لا تضرب راعي عدوك إلا في حالة جروك لمواجهة مباشرة». 
ورغم أن الهجوم على البارجة كان فعالاً إلا أنه يجب وقف كل الهجمات على الملاحة وبشكل كامل. وعلى الولايات المتحدة إرسال رسالة للحوثيين أنهم لا يستطيعون ضرب المصالح الأمريكية والدول الحليفة دون خوف من العقاب. كما يجب إرسال الرسالة نفسها إلى إيران بأنها لا تستطيع استخدام الحوثيين للهجوم على الملاحة الدولية.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)