الرئيسية > اخبار وتقارير > بعد تقسيمه زمانياً.. ما سرّ الغرف الزجاجية داخل الأقصى؟

بعد تقسيمه زمانياً.. ما سرّ الغرف الزجاجية داخل الأقصى؟

في ظل الموقف العربي والإسلامي الذي يراه المقدسيون ضعيفاً، والاستنكار الخجول الذي لا تتجاوز أهميته كلمات الإدانة التي تُكتب في بيانات الشجب ضد ممارسات الاحتلال الخطيرة بحق المقدّسات الإسلامية، كما يؤكدون؛ تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مخططاها التهويدية ضد المسجد الأقصى المبارك على قدم وساق.

"إسرائيل" التي أخذت من ضعف المواقف العربية "ضوءاً أخضر" لاستمرار ودعم خطواتها العنصرية والتهويدية ضد المسجد الأقصى، الذي بات وحيداً يواجه مصيره المجهول والمخيف لما يجري في أسفل الأرض وعلى سطحها، باتت الآن تسابق الزمن للانتقال للمرحلة الأكثر خطورة.

المرحلة الجديدة تتمثل في التقسيم المكاني للمسجد الأقصى المبارك، بعد نجاحها في التقسيم الزماني، الذي يواصل الفلسطينيون وأهل مدينة القدس التصدي له بكل ما يملكون من قوة، لكن الاحتلال كان هذه المرة أقوى، في ظل بيانات "ناعمة" تخرج من دول عربية لتستنكر وتحذّر.

- مخططات خطيرة

الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل (عام 48)، وصف المرحلة التي يمر بها المسجد الأقصى الآن في ظل المخططات الإسرائيلية السرية والعلنية المحيطة به بأنها "الأخطر والأشد" منذ سنوات طويلة.

وأكد الخطيب، في تصريح خاص لمراسل "الخليج أونلاين"، أن حكومة الاحتلال المتطرّفة تصل الليل بالنهار، وتسير على قدم وساق من أجل تنفيذ أخطر مخططاتها في المسجد الأقصى المبارك؛ بالتقسيم المكاني بعد نجاحها في التقسيم الزماني.

وأوضح أن الاحتلال يسير على خطه خطيرة للغاية أسفل الأرض؛ من حفريات كبيرة تحت المسجد الأقصى المبارك، وصلت إلى مرحلة خطيرة للغاية، وعلى سطح الأرض؛ من فرض سياسة التقسيم الزماني للزيارات، والاقتحامات اليومية من قبل المستوطنين المتطرّفين، والآن بدأ بمرحلة التقسيم المكاني؛ عبر وضع "غرف زجاجية مشبوهة" داخل باحات المسجد الأقصى المبارك.

وحذّر الخطيب من تنفيذ الاحتلال مخطّطات التقسيم المكاني، مؤكداً أن الأمر بات خطيراً للغاية الآن، والسماح للاحتلال بتنفيذ تلك المخططات العنصرية والخطيرة يعني السماح لهم بالسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، وسرقته بالكامل.

ويقصد بـ "التقسيم الزماني" "تحديد أوقات معيّنة في المسجد الأقصى تكون مخصصة لدخول اليهود فقط، وأوقات أخرى للمسلمين، حيث يُجبر المسلمون على مغادرة الأقصى الساعة 07:30 حتى 11:00 صباحاً؛ لتخصيص هذا الوقت لليهود، ويسمح بعدها بدخول المسلمين".

أما "التقسيم المكاني" فيقصد به "الاستيلاء على عدد من مصليات المسجد الأقصى، وتحويلها لكنس يهودية لأداء صلواتهم التلمودية".

وبحسب خبراء ومتابعين فإن الخطوات الإسرائيلية المتسارعة تؤكّد إصرار الاحتلال على المضي قدماً في مخطّطه للتقسيم الزماني للمسجد الأقصى بين المسلمين واليهود، كخطوة استباقية للتقسيم المكاني للمسجد، كما حدث منذ 22 عاماً تقريباً مع الحرم الإبراهيمي بمدينة الخليل".

من ينصر الأقصى؟

في ذات السياق، أكّدت منظمة التعاون الإسلامي في فلسطين، على لسان ممثلها أحمد الرويضي، أن السلطات الإسرائيلية بدأت بتنفيذ التقسيم المكاني للمسجد الأقصى المبارك؛ من خلال وضع غرفة زجاجية في ساحته.

وقال: إن "إدخال غرفة زجاجية إلى ساحة المسجد يقصد بها الانتقال للتقسيم المكاني، بعد فرض التقسيم الزماني من خلال الاقتحامات اليومية للمستوطنين، مؤكداً أن الممارسات الإسرائيلية من اعتقالات بصفوف المرابطين، والحفريات، والاقتحامات، ومنع الأوقاف الإسلامية من ممارسة عملها، إلى جانب وضع غرفة زجاجية، يؤكّد بدء تنفيذ مكان مخصص للصلوات التلمودية اليهودية".

وحذّر الرويضي من استمرار السلطات الإسرائيلية في عمليات حفر الأنفاق أسفل البلدة القديمة والمسجد الأقصى، مضيفاً: "لا نعلم حجم هذه الأنفاق التي يواصل العمل فيها، ونخشى تعرّض المسجد للانهيار في حال وقوع هزة أرضية طبيعية أو مصطنعة"، مبيناً أن الحفريات تهدّد نحو 20 ألف منزل فلسطيني في وادي حلوة جنوبي الأقصى.

من جانبه، وجه محمد حسين، مفتي القدس والديار الفلسطينية، نداءً عاجلاً للأمتين العربية والإسلامية بالتحرّك لوقف تصعيد الاحتلال في المسجد الأقصى المبارك، وبدء خطوات التقسيم المكاني بالقوة بداخله.

وأكد حسين لمراسل "الخليج أونلاين"، أن الأوضاع داخل المدينة المقدّسة باتت تغلي ومشحونة للغاية؛ بسبب خطوات حكومة الاحتلال التصعيدية ضد المقدسات، من حفريات تحت الأرض، واقتحامات للمسجد الأقصى من قبل المستوطنين المتطرفين، والاعتداء على المرابطات والمرابطين، وإدخال غرف خطيرة وسرية داخل باحاته.

وأضاف: "الاحتلال يريد أن يزيّف التاريخ ويطمس الهوية الفلسطينية والإسلامية للمسجد المبارك، وإدخاله للغرف المتنقّلة في المسجد تعدٍّ خطير للغاية؛ لما تشكّله تلك الغرف من أجهزة مراقبة وتصوير لكافة الفلسطينيين والمرابطين والمرابطات، ومتابعة الأنفاق والحفريات التي تجري أسفل الأقصى".

وحمّل المفتي حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن إشعال الأوضاع في مدينة القدس المحتلة؛ في حال واصلت خطوات التقسيم المكاني للمسجد الأقصى، مؤكداً أن هذا المخطط الخطير يجب علينا جميعاً التصدّي له، والاحتلال سيتحمّل المسؤولية عن النتائج.

وكان مصلّو وحراس المسجد الأقصى تصدّوا لمحاولات شرطة الاحتلال إدخال غرفة متنقّلة إلى المسجد الأقصى من باب المغاربة، وأغلق المصلون والحراس أبواب المسجد لمنع إدخالها. والغرف المتنقّلة هي مظلات تستخدمها شرطة الاحتلال للحماية من الأمطار في الشتاء.

- الحرب القادمة

بدوره قال الخبير في الشؤون المقدسية، الدكتور جمال عمرو: إن "ما جرى من محاولة إدخال غرفة متنقلة يأتي في سياق الحرب القائمة على المسجد الأقصى من حفريات وأنفاق وتهويد محيطه"، معتبراً أن هذه الخطوة تهدف للسيطرة الكاملة على الأقصى بتعزيز البنية التحتية لشرطة العدو؛ من خلال السطوة الأمنية والقبضة الحديدية على كل مكوّنات ساحات المسجد المبارك.

وأشار عمرو إلى أن شرطة الاحتلال تحاول السيطرة على سطح المسجد الأقصى، خاصة أنه كان يوجد مقر لشرطة العدو متطوّر في صحن قبّة الصخرة من الجهة الشمالية، وتمَّ حرقه قبل عامين من قِبل متظاهرين غاضبين في شهر رمضان آنذاك، وأعيد ترميمه بشكل أفضل من قبل شرطة العدو التي حاولت رفع العلم الإسرائيلي عليه، إلا أن هذه الخطوة قوبلت بالرفض من المقدسيين ودائرة الأوقاف الأردنية، ومنعت رفع علم العدو".

وتابع: "شرطة الاحتلال تتمادى في سطوتها على المسجد الأقصى، وترفض أي اعتراض من قِبل الأوقاف الأردنية وطاقم الحراس، وتهددهم بالقمع والاعتقال والإبعاد، والفراغات الموجودة في ساحات المسجد الأقصى تحاول شرطة العدو السيطرة عليها من خلال غرف متنقلة معزّزة بأدوات إلكترونية ومراقبة، كما أن الاستخدام المزدوج لهذه الغرف المتنقّلة يشمل استخدامها من قِبل ما تسمى سلطة الآثار، وهم مجموعة من المتطرفين المجرمين، ولا علاقة لهم بعلم الآثار لا من قريب ولا بعيد".

دائرة الأوقاف الأردنية من جانبها أصدرت بياناً صحفياً أكّدت فيه أن الاحتلال يحاول إدخال معدّات للمسجد الأقصى بزعم استخدامها لأفراد شرطته، وهذا الأمر مرفوض بشكل كامل.

يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يحاول سحب الوصاية على المسجد الأقصى من دائرة الأوقاف الأردنية؛ بزعم أن ساحاته "عامة وأملاك دولة"، في حين تجري اقتحامات يومية للمسجد لنشر خرافة "الهيكل" المزعوم، رغم صدور قرار من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، أكد أحقّيّة المسلمين بالأقصى وقبّة الصخرة وساحاته، وليس هناك أي حق لليهود فيه.

وقبل أيام قضت ما تسمى بـ" محكمة الصلح" في القدس، أن المسجد الأقصى، مكان مقدّس لليهود ويحق لهم الصلاة فيه، في حين لا يحق لأي كان منعهم من الوصول إلى ساحاته والصعود إلى ما أسمته (جبل الهيكل)".

وكانت إذاعة الاحتلال كشفت أن الكنيست الإسرائيلي، ناقش في مايو/أيار عام 2013، إقرار قانون يسمح بزيادة عدد المستوطنين اليهود الذين يسمح لهم بدخول المسجد الأقصى المبارك، في الوقت الذي تحذّر فيه جهات فلسطينية ودولية تعنى بشؤون القدس من تقسيمه مكاناً وزماناً كما هو الحال مع المسجد الإبراهيمي.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)